|
أونطة الإيمان الاحتياطي
داليا الحديدي
الحوار المتمدن-العدد: 7987 - 2024 / 5 / 24 - 14:34
المحور:
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
لم يكن الإلحاد متفشيًا –بعد- في حقبة الثمانينات، ويوم قابلته، كنت بالعمر الذي إن سُئِلت فيه عن سني، أعده على أصابعي. وكان "فلان" أول من عاينت إشهاره لإنكار وجود الخالق. كانت صدمة إنكمش لها عضدي كقٍط وَجِل، إرتفع له سنَم في ظهره، فقد حُقنّا منذ نعومتنا بمضادات الخوف من الآخر..آي آخر. يقال "ألحَدَ عن الشئ" أي مال عنه، لكن قبل التسعينات، كان كل من يميل لإعلاء العقل عن الخرافة، يصنف ملحدًا. لاحقًا، أدركت الفروقات بين الغير مقتنع بوجود خالق بعد بحث وشكوك وعدم اطمئنان للعبادة بالوراثة... وبين "اللاديني" أو "الربوبي" الموقن بوجود اِله، لكنه رافض لخزعبلات يرفضها المنطق والأخلاق وإن نسبت للدين، سيما أن رفضهم جاء بعد معايشة لتاريخ حافل بصور النفاق في مجتمعات تتشدق بالثراء الروحاني رغم كونها تعيش إفلاسًا إنسانيًا على أرض المعاملات. ثم انفرط العقد حين وصلني وجود زهاء 4000 دين في المعمورة، عدا اللاادريين الذين يقرّون بجهلهم للحقيقة رغم بحثهم عن الله. واللااكتراثين الذين ما عادوا يكترثون –أساسًا- بالبحث عن الخالق أو بالتحقق من الشبهات بقدر اكتراثهم للعيش في محيط إنساني آمن. ■ ■ ■ ورغم دعاوي التسامح في كل الملل، إلا أن الممارسات –غالبًا- إقصائية كون البعض يرفع مقام الرُسل ليقاربها بمقام الخالق، بل يتزلف لمقابر أقارب الرسل توهمًا منه أنه يتودد لله. والمؤسف أن هناك من يتقرب للخالق بكراهية مخلوقاته لأنهم وصلوا إليه عن طريق أوتوستراد "روما سكاي واي" لا "الحجاز سكاي واي". أكانوا يستعيضون بمشاعر الحب والكراهية المجانية عن العبادات المُكلفة؟ ■ ■ ■ اِعتدت وجود هذا "الفلان" وأدركت أنه ليس ربوبيًا، رافضًا لهرطقات مدسوسة لتشويه الأديان، إذ لم تصدر انتقاداته من داخل مربع الإيمان مثل د.فرج فودة الذى أزهقت روحه لمحاربته للأحاديث الموضوعة عن مفاخذة الرضيع أو إرضاع الكبير وبول البعير وغيرها من سفالات لا علاقة لها بالسماء، بل كان شمسًا تنكر رَبّ المشارق، في وقت كان التعرض فيه للشمس .. حارقًا. لم يُقابل "فلان" برفض من محيطه رُغم تفشي تمظهرات التدين في تلك العوائل من وسوسات تخرج من مسابح للرياء ونُسك مفصولة عن الخُلق ومعاملات تعسعس عن تخريجات للنجاة من النص. ذو حيثية كان، أميل للثراء، واسع العلاقات،غير مُدّعي للفضيلة، بل سكيرًا بالظهيرة، عربيدًا كل مساء. لم يخجل من إطلاعنا بقيامه بدهانه "لصفر" لوحة "المرسيدس" بالأبيض، تهربًا من المخالفات، فضلًا عن مجاهرته بسفره للعمرة تلبيًة لدعوة أمير عربي وإنتهازًا لعرض الإقامة بجناٍح ملكٍي، مدفوعًا بولعه لتفرص الفرص. وساعة سُئل:أحلقت شعرك للتحلل؟ أجاب:أي تحلل يا زول؟ لم أفرط في شعرة صاحوا: إذن، لن تنفع العمرة فأبدى إبتسامة الهزء المرير، وطفق يُصيح بكلمة شطرها على مقطعين تفصلهما شهقة :ونفعت، والمسيح الحي "نِ فعت" والكعبة الشريفة "نِ فعت". أقسم تارة ببيت المقدس، وأخرى بالبيت العتيق! .. المفارقة، أن أسرته كانت تعُج بالسلفيين الذين إستساغوا تمرير نزواته العقائديّة والجسدية، عدا سعيهم لإثبات صلاحه بحثًا له عن مخرج، بينما لم يكن هو يشعر بأي مأزق يتطلع للخروج منه، فكان يُرابي، يُعَشِّر، ويَستدين، يَسهر، يَسكر، يُسافح، يستغل، ويستحل دون مُرَاجعات، والغالبية تطلب وده شهيقًا بالتوازي مع طلب هدايته زفيرًا، لكنّني أشهد لعدم إيوائه لقناعاته داخل صمٍت رخيم ولم يستجر بإيمان مخنث، لكنه لم يُشْهِر معتقده على الشاشات. واستمر الجميع يتصالحون معه لمصالح، فيما تربح هو المكانة، الرِفعة ومآّرب أخرى. .. مولج رأسه في الدَّنّ ومنتشلها ورائحة النبيذ تثور من فمه وعربدته تتدرع دراهمه وهَزْو عتيد، شهيد، على قلٍب بات حليقًا من الإيمان .. لم يكن مفوهًا ليُحاجِج بدواعي إنكاره لوجود الخالق، لكني سمعته يعترف بحذوه حَذْو الساسة والفلاسفة، أما الشعوب، فقطعان يسير بها صوت الرعاة، كما أخبرنا "جبران". ■ ■ أربكني حرصه على ذبح الأضاحي مع إنتشائه بلقب رجل البِرّ أكثر مما أربكتني دوافع محيطه في التزلف له زهوًا برتبة حاشية السلطان، لكنهم وَدُّوا لو كفّ عن المجاهرة بالإستهزاء بمقدساتهم، فالمزح يحملُهُ مقالُ الهازي -كما أفاد معاوية- وبدورهم، لن يسألوه من منطلق "لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ". ■ ■ ■ قابلت والدته ذات الأصول التركية ولم آنس منها حظًا من التعليم، فقد ولدت لعائلة رجعية تهدئ جوع نقائصها بالتعزية، أسرة عالقة بالدين كمنجاه، كتميمة أو –فقط- كحجاب واقي من بئس المصير. كانت أسرتها تُزين بناتها للذكور حين يَؤُول عمرهن لرقمين، فالزواج للفتايات كما الجيش للفتيان، فتزوجت ثم ترملت لجمع مذكر غير سالم، فقد لاقى الرباعي حتفه، بما فيهم والد "فلان" الذي قضى غرقًا، تاركًا تلك الأناضولية البيضاء حبلى. حفظت "الواقعة" لجلب الرزق، و"يَس" لقضاء حوائجها، وتمتمت بأذكار الصباح كحرز.. وكي ينجب ابنها، زارت الأديرة ورشت الشيوخ بيد غريق تلوح للمنقذين.. دون جدوى. خرجت على قومها في زِينَتِهَا، وتربعت على كرسي مذهب "بارجير" مُحمّلة بمصاغها، أساور ذهبية، يُقال لها "ثُعبان" وقلائد ماسية "پوندونتيف"، وأدارت مع إبنها هذا الحوار الذي هلّت من شذاه طلاسم "أبي ماضي" :لكم نصحتك، بُحّ صوتي، ثم ماذا يضيرك يا بني لو تؤمن، احتياطيّ؟ لا شيء مضمون، لم تُحدِثنا القبور، لم تُخبِرنا الرِمَام، وصَمتَ من رقدوا من مليون عام، فهب قضيت، فتبين أن هناك اِلَه، وجنّة وجهنّم، فستخسر، أمّا لو قلتها كلمة، احتياطي، فعِش كما يحلو لك، فإن رحلت وانكشف السّرّ عن محو،عن دثور، وتبين أن لا اِلَه، ولا نشور، فلن تكسب فراديس ولن تهنأ بحور، لكنك لن تخسر.. فالأسلم أن تُسلم، احتياطيّ! صدّق الحضور على منطقها ليباهتهم "فلان" بقوله :عشت معكم بين ركوع وسجود، إعتكفت بصوامعكم، ونسيت وجوه المليحات من قريباتي المنتقبات، لكنني أوقن أنه لو كان لأحدكم ذرة شك –لا أقول إيمان- بأنه سيقابل يومًا معاون نيابة الأزبكية، لا رب الكون، ما كان ليتلاعب بعقيدته مثلكم، فلطالما حشرتم المنطق في الخرافة، تلقون بشقف عقائدكم علفًا لمصالحكم، وتتداولون "خذ منه ما شئت، لما شئت". أرأيتم تلاعب بالمقدس أخس من هذا؟! تقتبسون إيمانكم عن أسلافكم، ثم تراهنون على الميراث المقتبس وتشربون نخب رهان إيمان احتياطي بالإله؟! إن نُسخَتِكم عن الدين حبلى بالاعيب تتناسب مع قياسات خصر ضلالكم، فلكم ضيّقتم دائرة المباح نهارًا، ووسّعتم بقعة الحرام بعَتمة الدّياجِي. تتواصلون مع سمائكم كمرتزقة يمرّون أمام شرفات الصرّاف السماوي، تلقون بالتحايا وتتقربون لفتحات الشرفة الضيّقة على أمل تحصيل النقد من صاحب المصرف، فلمّا غنمتم، مررتم دون تحايا.. لا الليل ساتر ريائكم، لا ولا دُثر الكهّان! أمّا أنا، فلو تيقنت أن زورقي جاث لديه، وأني منه وأني إليه، لآمنت به مهما راعني الوَجَل، لكني أرفض إيمان لاعب سيرك يقفز على الحبلينّ.. احتياطيّ إن هاله خَطر. قد يكون صوابي في حيرة، لكنني واثق أن زعمكم حوار وأن النظر للوراء عار فحلقت في سماء التطور وقلت: هذا ربي هذا أكبر. إنكم لتجترون تمائمكم كدِروع تَستَجيرُون بِهِا، ولكم يُسيئني فحيح دعائكم وضجيج شعائركم، ترجمون إبليس وتنسون أن الحجارة قلوبكم، ثم تتسائلون عن السِّرّ وراء هَجري دينُكم؟ ■ ■ ■ كان نهار ضاجًا بالاحتمالات وقد تبعثر في شاشات ادراكي مشهد ترائي فيه الحق والفُجر كوني تعرفت في فجر حياتي لأول مرة على نظرية "الإيمان الاحتياطيّ" أو Faith for Just in case يومها لم أكن امتلك فكرًا نقديًا، فقد كنت انتمى لسنوات خضراء بأرض اليباب، وعلى هذا، باغتتني مُفردة "أونطة"، لشعوري أن "الإيمان الاحتياطيّ" بمثابة احتيال لإستغفال الخالق بتقديم عرض "صيني" على الباقة الإيمانية.. فيما يتعارض مع حقيقة مفردة الإيمان التي تستتبع شعور بالأمن و الأمااااااااااااان والإطمئنان للمعتقد. فأنا كمخلوقة أرفض أن أكون دمية لعاشق أو لقالي، يضعني على الرف، احتياطيّ، كي لا يخسرني إن احتاجني. -سئلت إبنتي، اتقبلين أن أحبك لاحتمال ثرائك في المستقبل؟ رفضت الصغيرة علاقة مع أمها قوامها المقامرة بالرهان على احتمالية ثرائها. أفيقبل الخالق أن تعبده احتياطيّ؟ أتَخِيل "الأونطة" على الله؟ أبُليَت عُقولهم أم قلوبهم آسنات؟! ثم كيف يُقبل ال"بين بين" كمستند نهائي في وزن العقائد؟ وهب راهنّا على جهل الإنسان ومآله لرفات، أفنراهن على علم الله الباقي؟! عجزت يومئذ عن صياغة مشاعري، لكني تيقنت أن إنكار واضح، أشرف من إيمان احتياطيّ، وأن قلب مملوء بالشك أنظف من عقل مبرمج للتصالح مع المصالح. لاحقًا، قابلت شخصيات "لا دينية" خلوقة ومستنيرة، كما تعاملت مع شخصيات "متدينة" خلوقة ومحترمة.. لكن كلما سافر شراع العمر وترك منحوتاته على ميناء جبيني، ألمس في نفسي تقديرًا "لللا أدريين"، لإعترافهم الواضح بأن عقولهم –بعد بحث- عشيت عن الوصول لعنوان الحقيقة، عِوضًا عن إدعاء إيمان موروث أو على سبيل الحَيطة. ■ ■ ■ ببداية الألفية الجديدة، درست نظرية الإحتمالات النسبية لعالم الرياضيات "باسكال"، والتي بني عليها رهان طريف عُرِف "برهان باسكال"، ومفاده أفضلية الإيمان بالله بشكل احتياطيّ، لأن مغَبّة الكفر أشد ضراوة من عاقبة إيمان زائف، بغض النظر عن اعتقادك بكون الله موجودًا بالفعل أم لا! ساعتئذ، ادركت أن فكرة الأم الأناضولية مستمدة من "رهان باسكال" الصادر بالقرن السابع عشر، والذي يمكن اختصاره في نقاط أربع: 1-إن آمنت بالله وكان الله موجوداً، فجزاؤك الخلود في الجنة، والنجاة من النار، فربحك غير محدود. 2- إن لم تؤمن بالله وكان موجودًا، فجزاؤك الخلود في جهنم، وخسارتك غير محدودة. 3- إن آمنت بالله وكان غير موجود، فلا جنة لك، وتلك خسارة محدودة. 4- إن كفرت بالله ولم يكن موجود، فلن تُعاقب أو تثاب، لكنك ستعيش حياتك بلا قيود عقائدية، وهذا ربح محدود. ■ ■ ■ الشاهد، كثٌر يؤمنون بالله من باب الاحتياط، وأضعافهم يكرهون المخالفين لعقائدهم أو يحاربونهم -أيضًا- من باب الاحتياط.. وهناك من يحيا طيلة حياته مُسَجّى على نعش الاحتياط، وإن لم يسمع ببرهان "باسكال"، لكنه يبتلع الترّاهات ويبتهل بالخرافات..احتياطيّ. -فجارتي تصرخ وتسارع بعدل أي حذاء مقلوب، لا هوسًا بالنظام، لكن احتياطيّ، فلربما يكون حرام. -والبروفيسورة تهاتف إبنتها من الجامعة الأمريكية لتتحرى عدم تركها المقص منفرجًا، احتياطيّ، فلربما كان سببًا في مشاجرتها بالأمس مع زوجها! -وقالت نسوة في المدينة ان إلقاء الماء الساخن فى المراحيض جالب لغضب الأسياد، فإمتنعن ..احتياطيّ. -يُحْجِم آخرون عن قص الأظافر ليلًا أو حلق الشعر سوى بمنتصف الشهر العربي، احتياطيّ، فقد تناهي لهم أن الأمر به شبهة ضرر، كما يؤمن البعض أن صوت الكروان يعني أن غائبًا سيعود وأن هناك امكانية للتبصر بتفل القهوة لمعرفة خبايا المستقبل وأن رفّة العين نذير شؤم، فيتجنبون الخروج من البيت..احتياطيّ! يبدو أن الناس عبيد مخاوفهم، أما آن أوان إستخدام مبيدات القمل الفكري الذي حطّ وتناسل في رؤوس العباد؟ ■ ■ ■ - ويبقى الحديث عن أم الخرافات "العين" والتي تندرج تحت بند "الباراسيكولوجي" المصنّف في الأوساط العـلمية كعلم زائف يحتاج بحسب د.سيد القمني:"لشخص يؤمن بعجز قدراته العقلية لينصاع لفكرة اللا عقل، كما يحتاج لنشر الخرافة في المجتمع كحلول إعجازية لمشاكل البشر". لذا، يستريح البعض لتفسيرات "العين والمس" ولحلول من بخور أو رقية لمشكلاتهم مع "الدعبسة" عن سند شرعي لها في آية يتم تأويلها على هواهم أو حديث وإن مُختلق. - ندر في محيطي من لا يخشى العين، ولو من باب الاحتياط. - فهذه تعلل طلاقها من زوجها لنشرها صور إحتفالية عيد زواجهما. أليس هذا أيسر من الإعتراف بالفشل؟ -وهذا يعزو رسوب إبنه لإقامته حفلاً لعيد ميلاده "بماكدونالدز" بحضور زميله الحسود. -طبيب يؤمن أن سبب إصابته بالسرطان هو نشره لصور رحلته "بدبلن"، لا لشراهته في التدخين! -زوج صديقتي سخوط، يشعر بفوقية آلامه، ويستريح لترانيم التذمر من الأسعار، الدار، الجار أو الزوار، الفواتير، المخالفات متحسرًا على كل ما فات، وشعاره، القادم أسوأ. سألتها عن إستمرارها مع هذا المتشاوف، الكنود؟ أخبرتني بأن شريكها يؤمن بكونه مُنَعم، لكنه هَلُوع من فكرة فقدانه لأرزاقه، فيؤثر السخط ..احتياطيّ. فالتُقية تَبُث فيه الطمأنينة، فقد ورث عن والدته جينات الحذر من النقّ، وديانة الخوف من العين، على مذهب التبرم، فإعتادا تبادل نخب التوجس، ليرتشفا من كأسه سلافة الأمان. هكذا مواطن لا يجرؤ على تجاهل وساوس محيطه خشية سحب جنسيته المعتمدة من أسرته، وإدراجه في قوائم "الضد"، حتى ورد عن نيتشة قوله: "إذا أردت البقاء مع الناس فشاركهم أوهامهم، أما الحقيقة، فيقولها الراغبون في الرحيل". ■ ■ ■ فالعائلات كما الدول تختلق العدو الوهمي لتجييش مشاعر التعاضد، فالشكوى رُقية، باب خالق للمعاذير، بحيرة شجون صيّادة للتعاطف، صوان عزاء واعد بالمُوَاسَاة، وإن لم تُدِر أرباح، إلا أنها بلا خسائر، منتج مجانيّ، كنسل فلاح يذريه في أرضه كسحائب دخان تعمي العيون عن محصوله. وهناك تفسير "لبافلوف" عُرِف بقانون التعميم، مفاده أنه حين يتم اشتراط الإستجابة لمثير معين، فإن المثيرات المشابهة للأصلي تستدعي نفس الإستجابة.. وقد استشهد بتجربة الكلب والجرس. كذلك، فالطفل الذي نشأ على وجود "ارتباط" بين نظرة أو تعليق أحدهم على متعلقاته وبين إتلافها، سيربط سبب أي تلفيات تقع بممتلكته في المستقبل بسماعه لتعليق عنها أو بنظرات أحدهم. ■ ■ ■ - قابلت صديقة لدى"عبد الصمد القرشي" أثناء شرائي لعود كمبودي، فصممت أني أشتري البخور لطرد الشياطين، ولم تقتنع بأني أرفه عن أنفي بعطر لارتابط البخور في وعيها منذ الصغر بالجِنّ. -هناك صعوبة لدى البعض في التفرقة بين خرافة العين وبين مشاعر الحقد لتبوّء زميل منصبًا أو مكانة عالية، شهرة، ثراء، أو سفرات، فيحقد عليه محاولًا التشهير به لطعن سمعته سعيًا لحسد ما لم يحصد. وهناك من ينفتحون في البوح مع من يرتاحون لهم، لكنهم يختصرون إن شعروا أن المحادثة حبلى بأهداف استخباراتية، لا خوفًا من العين، بل لإفتقادهم للهدف من التواصل الإنساني لآخر إستخباراتي. ولأن التفرقة صعبة بين الحقد، وبين التوهم بقدرة البعض على الإضرار بالنظر، لذا، فهناك من يستسهل، فيرادف بين خرافة العين، وبين الحقد، فيؤثر إخفاء ورقته عن زميله .. احتياطيّ. ■ ■ -حتى الحكومات تنطلق من فكر الحَيْطَة، فمهما تباينت تـُهم المشتبه فيهم من جرائم قتل أو فكر، يحق لوكلاء النيابة إحالتهم إلى الحبس ..الاحتياطيّ. ■ ■ -هيمن الهوس بالأبراج على عقول شرائح هائلة من مجتمعنا، وراجت برامج الأبراج، وبات من المستحيل إقناع المشاهدين أن الأمر لا يعدو خزعبلات في ظل منجمين يؤكدون أن الأسد كريم، والسرطان رومانسي، والجوزاء متقلب، والحمل طفل الأبراج، وهلمّ هَطَل، هلمّ هَطَل، هلمّ هَطَل. لكم أُصدم لدى لقائي بشخصيات رفيعة، فتسألني عن برجي، تقصيًا عن هويّتي، ثم عن برج زوجي لقياس مدى إنسجامنا! -أيخطر ببال هؤلاء أن هناك توائم، أحدهم جواد، فيما الآخر صلد، مسِّيك؟ -اتحفني وفسِّر لي كيف أن هتلر "طفل الأبراج" ولد بنفس اليوم الميلادي لأحد الرسل؟! -كيف نَبَا بَصَرُك عَنِ حَقِيقَةِ وجود عدد من السفاحين ينتمون للسرطان الرومانسي؟ -بحسب د.عدنان إبراهيم "من الصعب معرفة برجك الحقيقي لتزحزح الأبراج عن مواقعها، فقبل ألفي وستمائة عام، عرف الحمل كأول برج، حيث حُدِّدت به النُقطة الأولى، لأن الاعتدال الربيعي يحدث حين تكون الشمس في هذا البرج. أما اليوم، فالاعتدال الربيعي يحدث حين تكون الشمس في برج الحوت لا الحمل، لأن مواقع الأبراج تزحزحت عن مواقعها. فالأرض لها ثلاث حركات:الأولى حول محورها، والثانية في مدار طويل "إهليلجي" وليس دائرياً حول الشمس، وحين تتحرَّك الأرض حول الشمس في المدار "الإهليلجي" يكون لها نُقطة حضيض، فتكون أسرع للإفلات من قبضة الجاذبية، ثم يكون لها نقطة أوج فتكون أبطأ. إذن، سرعة الأرض في مدارها حول الشمس مُتفاوِتة، كذلك، سرعة الشمس مُتفاوِتة. لذا، فحلول الشمس ومكوثها في الأبراج يختلف، فالشمس لا تمكث في برج العقرب سوى سبعة أيام، لا ثلاثين يوماً، في حين تمكث في برج العذراء أربعة وأربعين يومًا". -الآن، أتجرؤ على مصارحة صديقتك أنها ليست "عذراء"؟ -أتقدم على تغيير عقيدة أختك التي تعزو كرم زوجها لكونه من سلالة "الأُسد" أم تصمت "احتياطيّ" خشية ثورتها من عبثك بثوابتها؟ ■ ■ ■ لقد قابلت من يستسهل إقصاء صديقه والعيش بهوية زائفة عن إعمال عقله،وكأن الخضر قد حذره: إنك لن تستطع معي فكرا. يبدو أن عقد قران الخوف بالحَيْطة يدمغ حقيقة أن -بعض- الناس يؤمنون بالسماء احتياطيّ لكنهم – في الأرض- يعبدون مخاوفهم. ■ ■ ■
#داليا_الحديدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أحببت مسيحياً
المزيد.....
-
وزارة العدل الأمريكية تتهم إيران بالتورط في خطة اغتيال مأجور
...
-
-لحظة إصابتها وسقوطها-..الحوثيون يعرضون مشاهد لإسقاطهم مسيّر
...
-
نيبينزيا: مؤسسات الرعاية الصحية الروسية تتعرض بانتظام لهجمات
...
-
ضجة في إسرائيل عقب أحداث أمستردام
-
إيران: امتداد المواجهة مع إسرائيل دولي
-
فوز ترامب يخيم على قمة بودابست
-
كيف سيتعامل ترامب مع إيران وبرنامجها النووي؟
-
وزارة العدل الأمريكية تتهم إيرانيا بالتخطيط لاغتيال دونالد ت
...
-
إشكال دبلوماسي قديم جديد بين فرنسا واسرائيل ..ما الرسائل؟
-
ما جدوى مقترح -تقدم- بإنشاء مناطق آمنة لحماية المدنيين بالسو
...
المزيد.....
-
قراءة ماركس لنمط الإنتاج الآسيوي وأشكال الملكية في الهند
/ زهير الخويلدي
-
مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومة: طريقة لخروج الرأسمالية م
...
/ دلير زنكنة
-
عشتار الفصول:14000 قراءات في اللغة العربية والمسيحيون العرب
...
/ اسحق قومي
-
الديمقراطية الغربية من الداخل
/ دلير زنكنة
-
يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال
...
/ رشيد غويلب
-
من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها
...
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار *
/ رشيد غويلب
المزيد.....
|