أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - فتحي البوكاري - تأثير أفكار ابن خلدون في الحضارة العربية والغربية














المزيد.....

تأثير أفكار ابن خلدون في الحضارة العربية والغربية


فتحي البوكاري
كاتب

(Boukari Fethi)


الحوار المتمدن-العدد: 7982 - 2024 / 5 / 19 - 14:29
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


ولد عبد الرحمن بن محمد، ابن خلدون، في تونس في القرن الرابع عشر، وألّف المجلد الأول من تاريخه في قلعة ابن سلامة في الجزائر، وذلك قبل انتقاله إلى مصر ليشغل خطّة رئيس للقضاة المالكيّة حيث أنهى تأليف بقية أجزاء الكتاب، وبالمقدّمة اشتهر، فهي تنفرد عن مؤلفات المؤرخين الإسلاميين التقليديين التي تمّ التركيز فيها على الأحداث التفصيلية للتاريخ السياسي والديني، باهتمام الدارسين، إذ أنّها العمل المؤسس لعلم الاجتماع وفلسفة التاريخ، تدرس صعود وسقوط الحضارات الإنسانية والقوى السياسية وتطوّر والأفكار الجديدة وموتها، وتقدم نظرية للتاريخ، وتحلّل الأنماط الاجتماعية الكامنة وراء الأحداث التاريخية، حيث تولد سلالة وتنمو وتنحط فيتم غزوها من قبل سلالة جديدة.
تلك الملاحظات النظرية والواسعة جدًا، لدرجة أنها غالبًا ما تعتبر تاريخًا عالميًا، كان لها تأثير دائم على العرب والغرب بسبب المقارنات التي أجراها بين نظرياته والنظريات الموجودة في أعمال علماء الطبيعة والمأخوذة أيضا من علماء الحديث عندما درسوا عادات شخص ما سيجمعون الحديث منه قبل أن يقوموا حتى بتحليل النص للتأكد من توافقه مع القواعد واللغة والمحتوى مع مجموعة نص الحديث المتاح، وكذلك لأن تحليلاته للتغير الاجتماعي تركز على تحديد الآليات التي تعمل، بدلاً من النظر إلى السمات الفريدة لأي فترة معينة من التاريخ، وفي هذا السياق قام ابن خلدون بتحليل ديناميكيات العلاقات الجماعية وأظهر كيف تؤدي المشاعر الجماعية إلى تقدم الحضارة الإنسانية وتيارات التاريخ، ومنها طور مفاهيم العصبية (التضامن الجماعي) والعمران (الحضارة) كوسيلة لشرح نجاح وفشل المجتمعات والسلالات. يمكن القول أن هذا التحول في التركيز من الخاص إلى العام والمجرد يمثل نقطة تحول بين نماذج التحليل التاريخي في العصور الوسطى والحديثة. وكانت هذه الخطوة لدراسة الأحداث التاريخية في سياق المبادئ العلمية العامة وتأثيرها على المجتمع الإنساني ثورية في ذلك الوقت، وشكلت نقطة تحول في العلوم الاجتماعية سواء في العالم الإسلامي أو في الغرب، خاصّة في القرنين العشرين والحادي والعشرين، حيث تم إنتاج ترجمات أكثر في المائة عام الماضية مقارنة بالقرون الخمسة السابقة، لأنه في البداية، تم تجاهل المقدمة وفصلها عند وفاته عام 1406.
ولا يمكن تجاهل تأثير ابن خلدون في الفكر السياسي العربي، تحتوي المقدمة على العديد من النظريات السياسية المدروسة بناءً على تجاربه كرجل دولة ودبلوماسي وقاضي. وفي ظل غياب التأريخ الإسلامي والعربي، سعى المثقفون العرب والمفكرون المعاصرون، بالإعتماد على أفكار ابن خلدون حيث تشكل مقدمته حجر الزاوية، إلى إعادة دراسة القضايا التي ابتليت بها الأمّة، ولا تزال تعصف بها إلى اليوم، لتفسير سبب سقوطها وتأخر ركبها، بعيدا عن مستخلصات تفسير الآخر الغربي، التي لا علاقة لها بالثقافة والمجتمع العربي، وبالإضافة إلى ذلك فإنّ الكتابات التاريخيّة العربيّة التي ألّفت بعد مقدّمة ابن خلدون قد جاءت على غرارها،متأثّرة بها.
وفي العالم الغربي، عُرفت أفكار ابن خلدون وأعماله على نطاق واسع في القرنين التاسع عشر والعشرين، وعُرضت مقدمته بشكل خاص كمثال بارز لفلسفة التاريخ، نظرًا لظهور علم الاجتماع كفرع من فروع المعرفة في الغرب في ذلك الوقت، وقد تم إعادة اكتشاف قدر كبير من أبحاثه حول المجتمع والثقافة أثّرت في مثقّفي ومفكّري وعلماء الغرب من مختلف التخصصات منذ أول لقاء مباشر لأوروبا مع مقدمة ابن خلدون من خلال ترجمتها إلى الفرنسية في أوائل القرن التاسع عشر، وحتّى في صانعي السياسات، فقد قرأها نابليون بونابرت، أثناء منفاه إلى جزيرة سانت هيلانة، ومن خلال أعمال الفيلسوف الألماني فريدريش راتزل وعالم الاجتماع الفرنسي مونتسكيو بدأت أفكاره في جذب انتباه الأوساط الأكاديمية الغربية في العصر الحديث، قام راتزل بدمج هذه الأفكار في عمله حول الجغرافيا البشرية ووضع الأسس للمدرسة الجيوسياسية الألمانية، في حين طبق مونتسكيو مفاهيم الحتمية البيئية لصياغة فكرة الحتمية المناخية في جزر الهند الغربية وأمريكا.
. لقد وجد أنه مقدمة عميقة للمبدأ الحديث لعلم الاجتماع، الذي ضعفت سمعته وتعرفت على أفكاره وتلقى منحته الدراسية في أوروبا الغربية عبر إيطاليا وعلى مراحل عديدة..
وها هو براوننج يقول في زمن العولمة: "إن الأفكار واضحة ومباشرة وهي على الأقل في جزء منها رسومية ومقنعة؛ فالحضارة تميل إلى التراجع، وهي تفعل ذلك لأنها متأصلة في طبيعة المجتمعات البشرية"، وبناءً على دراسته لابن خلدون، أبدى توينبي الملاحظة التالية: "إن فشل الحضارة في البقاء كان نتيجة لعدم قدرتها على الاستجابة للتحديات الأخلاقية والدينية، وليس للتحديات المادية أو البيئية"، ويقول أرنولد توينبي: "إن نجم ابن خلدون يضيء أكثر سطوعًا على النقيض من رقائق الظلام التي يومض عليها؛ لأنه في حين أن ثوسيديدس ومكيافيللي وكلارندون يمثلون جميعًا عصورًا وأماكن رائعة، فإن ابن خلدون هو نقطة الضوء الوحيدة في ربعه من السماء"، وما يزال تأثير ابن خلدون على التخصصات الأكاديمية الأخرى قائما، فهو على الرغم من أنه لم يستخدم أبدًا الأدلة التجريبية بنفسه، إلا أن كتاباته ألهمت أمثال إميل دوركهايم وماكس فيبر، وكلاهما من آباء علم الاجتماع الحديث، يقول سورتال: "إن مفاهيم خلدون الاجتماعية ومنهجه التاريخي تسبق تحليل إميل دوركهايم للتماسك الاجتماعي وتقسيم العمل وتتفوق عليه في بعض النواحي".



#فتحي_البوكاري (هاشتاغ)       Boukari_Fethi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طوفان العصر(*)
- إنعكاس الخطاب السياسي في رواية -المغتصبون- لسمير ساسي (2)
- انعكاس الخطاب السياسي في رواية -المغتصبون-(1) لسمير ساسي(2)
- غزّة، يا كبدي!
- خبزة البصّيلة
- علاقة الذات بالمكان في رواية: رقصة أوديسا، مكابدات أيّوب الر ...
- حوار مع أبي يعرب المرزوقي
- الممثل
- يا جابر الحال
- خنساء لمحمد عز الدّين الجّميل، رواية أوجاع الذاكرة
- الزحف
- فصول نحوية
- لا توجد في البيت امرأة
- حوار مع أيقونة القصّة التونسيّة نافلة ذهب
- سَرَقَةُ الدّم
- سترة أبيكم
- البحث عن الحياة المثلى في رواية أحمد طايل، -متتالية حياة-
- الفَتَاةُ الإِنْسُوبُ *
- حوار مع الناصر التومي حول إصداره الجديد «الخسوف»:
- أم دارب


المزيد.....




- -عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
- خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
- الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
- 71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل ...
- 20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ ...
- الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على ...
- الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية ...
- روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر ...
- هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
- عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - فتحي البوكاري - تأثير أفكار ابن خلدون في الحضارة العربية والغربية