عزالدين مبارك
الحوار المتمدن-العدد: 7982 - 2024 / 5 / 19 - 14:23
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بالمنطق والعقل لا يمكن لإله قادر وخير ورحيم أن يخلق كائنا شريرا ليدفع عباده لفعل الشر فيكون بذلك مسؤولا عما يفعله الشيطان وهذا يعد عبثا وغيابا للحكمة ولذلك فالشيطان خرافة صنعها الإنسان البدائي لتبرئة الإله من وصمة الشر وتحميل إبليس كل ما يفعله الإنسان من شرور وجرائم حسب إرادته الحرة والواعية. ولي طلب بسيط من يجد شيطانا يتجول في الشارع أو في بيته فليقبض عليه ويظهره للعموم لنتفرج عليه. فالشيطان هو الفكر الشرير في نفس الإنسان الذي عليه استعمال عقله ليفعل الخير فقط ولا يرمي بأفعاله الدنيئة على الغير أو على وجود إله خالق أو على عاتق كائن خرافي لا وجود له إلا في مخيلة من لا يستعملون عقولهم.فعجز الإنسان البدائي في فهم وتفسير الأمور والظواهر المحيطة به في العصور القديمة حيث كان العلم بسيطا وبدائيا هو الذي دفعه إلى صناعة مجموعة أفكار زمكانية في كل مجالات حياته ثم أعطاها صبغة تقديسية ليتم قبولها من عامة الناس ولذلك ورغم تطور الفكر الإنساني وتقدم العلم بقيت منظومة تلك الأفكار البدائية والتي تأكدت سخافتها وعدم صحتها راسخة ومستمرة في الأذهان وتتحكم في مصيره وتجعله مرتبطا بها فتكبله بقيودها الحديدية ولا يستطيع الفكاك والتخلص منها بسهولة فتجعله سجين وحبيس الماضي فتراه يمجده ويحن له رغم بؤسه وتعاسته لأنه عاجز عن بناء قطيعة معرفية كجسر ينقله من الماضي إلى الحاضر ومن البدائية إلى الحداثة. وهذا الفكر المتخلف والخرافي واللاعقلاني هو الذي ترك العرب في بؤس حضاري بحيث يعيش الإنسان حاضره جسديا ككائن غريزي مثل الأنعام أكل وشرب ونوم للبقاء والتكاثر فقط وعقله مخدر ومغيب في غياهب النسيان ودهاليز الماضي السحيق.
#عزالدين_مبارك (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟