عمر حمش
الحوار المتمدن-العدد: 7979 - 2024 / 5 / 16 - 19:37
المحور:
الادب والفن
أصَمُ هو، وأبكمُ، وهي كذلك، حياتهما صمتٌ كامل، وفي تلك الليلةِ كانت ذبالةُ شمغةٍ تُرقّصُ نورا باهتا، لم يعرفا ما كان يدورُ في الخارج، كانا نظرا من النافذةِ، ورأيا صفوًا راق، وقد أبهرتهما السماء بلونُ الرماد الفسيح، وظنّا سكون الدنيا الصامتة هدوءا حلّ، وأقام.
كان هو صنع خيطا دقيقا، وليس غيره يراه، يمدّه ما بين الفتيلة والقمر المعلّق، ويسير عليه بعينيه، متنقّلا باستئتاس، وهي بجواره ترقبه، واستأنست الأخرى؛ فتوردتْ .. رمقها؛ فراقتْ له، وعاوده الوهج الذي غاب، وابتسم.
لاحظته؛ فقامت؛ انتفضت ناثرةً شعرها، ودارتْ به؛ حتى صنعت طبقا أسودَ، صار يجري حول وجهها، وعلى أنغام موسيقا قلبها؛ هزّت خصرها، ولوّت ذراعيها، وأسقطت ضحكات إليه، سمعها بالقلبِ، وبالقلبِ وصلها صدى صفقِ كفيّه، وأثملها ترنّحُ كتفيه، وكان هو أيضا ثملَ، وحلّقا، وظلا يحلقان؛ إلى أن اسقطتهما أولى موجاتِ الدخان، وأطفأت شمعتهما، وعبأتْ المكان.
كانت رأته حين قام؛ ليهرول، وتعثرت وهي تلحق به، وعلى النافذةِ كانا يشهقانِ، ويسعلان، وهما يحدّقانِ في بيت الجيران، الذي أمسى كومة حطام، وفي ضوء القمرِ كان يطلقُ الدخان، واللّهب.
بعدها اهتزّ بيتهما الصغير ..
كانت رأته صرخ، ولم تسمعه، ورأت قبضةَ كفّه عندما انبسطت، وعيناه من بعيدٍ ترمقانها، من خلف كومة باطون.
وكان رآها صرخت، ولم يسمعها، وبرز له نصف قدمها، وشعرُها انبسط، ليدفق سائلا لزجا، يخضّبُ خصلاتِها بالأحمر.
#عمر_حمش (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟