|
الزائرة
صبيحة شبر
الحوار المتمدن-العدد: 1758 - 2006 / 12 / 8 - 11:33
المحور:
الادب والفن
تضعين المقلاة ،، على نار حامية ، تشتعل أفكارك مع اللهب المندلع ، تتابعين بترقب ،، أحاديثهما عبر النافذة ، بانتباه شديد ، علها تأتيك بفكرة صحيحة ، عن القضايا التي تشغلهما ، وتجعلهما يتبادلان الحديث همسا ،تسخن المقلاة ،، تضعين كمية من الزيت ،، قادرة على غمر الأقراص ،، وتحميرها ،،تنتظرين ، ان يسخن الزيت ،،أقراص من الرز المطبوخ ،، تنتظر ان تضعيها في الزيت المغلي ،، تصيخين السمع ، لا قدرة لديك لالتقاط بعض الكلمات ، فما زالت الهمسات ،، تسيطر على الموقف ، بتعبك الترقب ، ويمضك الغموض ، لماذا يتهامسان ؟؟ وأنت لم تمنعينهما من الكلام ؟؟ رحبت بقدومها ،، وها أنت تلبين طلبها ، بتحضير الصنف الذي تحبه ،، من ألوان الطعام ، يسخن الزيت ،، تضعين الأقراص المحشوة بعناية ،، يرتفع صوت الزيت المغلي ،، يستمر ترقبك ،، للأحاديث الممنوعة عنك ، والتي لا يراد لك ان تسمعيها ،، والا لماذا يتحدثان ،، وأنت مشغولة بتجهيز الطعام ؟؟ يرغبان بعدم إطلاعك على ما يدور بينهما من حديث ،، تحاولين الإصغاء ، ولكن محاولتك تفشل ، النافذة المفتوحة ، على المطبخ ،، بعيدة عن مكان جلوسهما ،، تصيخين السمع ، ولا من كلمة تأتيك ، فتبدد ما يعتريك من قلق ،، أشياء كثيرة تجمع بينهما ، وتجمعك معهما أيضا ، هوايات مشتركة ،، اهتمامات متبادلة ، قضايا عامة ، تستغرق تفكيركم ، تنظرين الى الأقراص ، المعرضة لحرارة النيران المشتعلة ، إنهم لا يحبون لها ان تحترق ،، يكفي ،ان يدركها اللون الزاهي ،، المشوب ببعض الحمرة ،، تشتعل بك رغبة جارفة ، في إماطة اللثام عن المستور ، ما زالت الأقراص بعيدة ، عن النضج ، بامكانك ، ان تنظري اليهما ، لتعرفي ماذا يفعلان ،، في تلك اللحظة ، بعيدين عن فضول العيون ، واثقين انك في منأى عنهما ، في مطبخك العتيد ،، تسيرين على أطراف أصابع قدميك ،، تتوجهين نحو الصالة ، وأنت حريصة على عدم إسماع صوت خطوك المتخفي ، المترقب ، انهما يتبادلان الحديث باهتمام ، كتاب بيديها ، وهو ينصت لها ، لم ينتبه لك كلاهما ، أحزنك انهماكهما المشترك ، واستغراقهما في حديث ، لا تعلمين عن حقيقته شيئا ، يجري بالقرب منك ، وتحت سمعك وبصرك ، وأنت ساهية ،، ترى ماذا يخططان ؟؟ لم يسبق لك ان وجدته مستغرقا ، في لحظته تلك ، كما هالك ان تريه الان ،،فماذا جرى ، تميد الأرض تحت قدميك ، وأنت تجهزين الطعام سادرة ، في غفلتك ،، تعودين الى مطبخك بسرعة ، خشية من احتراق وجبتك اللذيذة ،، تقلبين الأقراص على الجانب الثاني ،، تتصل بك هاتفيا ،، ثلاث مرات في الأسبوع ،، طالبة ان تحضر ،، لزيارة بيتكم ،، وأنت كريمة كالعهد بك ،، لا تحبين ان ترفضي طلبا بالزيارة ، عودوك ان تستقبلي ضيوفك بترحاب ،، وان تجهزي لهم أصناف الطعام التي تعرفين أنهم يحبونها ،، هل يمكنك ان ترفضي طلبا بالزيارة ؟؟ وقد عرف المقربون منك انك ترحبين ،، باشة مستقبلة ، ينطلق لسانك بكلمات التهليل والترحيب ،،تقفين أمام المقلاة وفكرك مشغول ،، ماذا يمكن ان يقولا ،، لماذا يحرصان على اللقاء هنا ؟؟ وفي بيتك ،، هل يرغبان في الإساءة إليك ، والى جرح مشاعرك ، ولماذا ؟؟ والأماكن كثيرة ، وبامكانهما ان يلتقيا ،، بعيدين عنك ، ولكن من يكرمهما ، ويقدم لهما آيات الترحيب سواك ؟؟ الأقراص يتحول لونها زاهيا جميلا ، يحرصان على تناول ما يطيب لهما من طعام في بيتك ، وأنت المرهقة من عناء العمل ،، تحلمين ببعض ساعات من الراحة ،، تتصل بك هاتفيا ،، لتخبرك انها مشتاقة لكم ، وتريد اللقاء بكم ، وأنت ترحبين ،، ماذا يجري لو قلت لها انك مشغولة ، الجواب تعرفينه حتما ،، لقد جربت مرة ،، ان تعتذري ،، فأجابتك ،، وكأنها قد أعدت جوابها ومهدت له : - لست غريبة ،، انتم أهلي وعائلتي ،، لا تتعبي نفسك بإعداد أصناف جديدة من الطعام ، الأقراص يزهو لونها ،، منظرها يغدو شهيا ، قليلا وتخرجينها من المقلاة ،، لماذا أنت مشغولة ؟؟ تفكرين بنوع الأحاديث التي تجري في الخفاء ؟؟ الم تبعديه عن فكرك ،، الم تقرري انك سوف تسدين نوافذ قلبك بوجهه ، وانه سبب لك الكثير من المتاعب والآلام ؟؟ لماذا تطيلين التفكير فيما يمكن ان يجري بينهما ،، وقد حرصا على اللقاء ،، تحت سمعك وبصرك ،،هل يستخفان بك ؟؟ ويتبادلان الحديث همسا عن عذابات الروح ، ولوا عج الفؤاد ، التي تمنعينها أنت من ان تتوقد شعلتها البهيجة ،، مشغولة انت هنا في مطبخك ،، تهيئين لهما الطعام اللذيذ وألوانا من السلطات ،، سم زعاف لهما معا ،، لماذا تفكرين ؟؟ وتشغلين عقلك بما يدور بينهما ،، وانت قد أزمعت مرارا انك سوف تبعدينه عن قلبك ، لتصفو حياتك ، ويبرأ فكرك عن معاناته ،، من هموم طويلة ما فتئت تلم بك ، ابعدي سموم الغرام عن ذهنك ،، ما الذي جد وأعاد الأفكار الى رأسك ،، دعيهما يتبادلان التهام التفاحة بينهما ،، وأنت تحضرين لهما أطايب الطعام ،، لماذا لا تعتذرين ، بألم مفاجيء الم بك ، واضطرك الى المغادرة ، لرؤية المعالج ،، اخرجي من المنزل لأي حجة كانت ،، لماذا تخشين من تركهما منفردين ،، ما الذي يمكن ان يجري ؟؟ دعيه يمر ،، الم تقرري ان تبعدي حبه من قلبك ، وان توصدي أبوابك بوجهه ،، مانعة إياه من الدخول والتربع ،÷، على عرش قلبك ،، ماذا جرى ؟؟ تقشرين الطماطم والخيار ، والجزر لعمل السلطة المحببة ، ، مازال فكرك مشغولا ،، تريدين ان تعرفي ، ليكن ما يكون ،، تسيرين على أطراف أصابعك ، ماذا يمكن ان يدور بينهما ، هو جالس في مكانه الأول ، وهي غيرت جلستها وأضحت قريبة منه ، يتحدثان بهمس دون ان يعيراك انتباها ، وكأنها تحضنه ، تلمحك ، تعود الى مكانها الأول ،لماذا أنت غاضبة ؟؟ ما شانك بهما ؟؟ الم تقرري ان تبعديه عن قلبك ، أحاطتك الهموم حين تعرفت عليه ، لم تعرفي طعم الراحة ، ولم تتذوقي حلاوة النعيم ، أرهقك إرضاؤه ، كثير الشكوى والتبرم وانه المهموم ، ان أبديت به اهتماما ،، اتهمك بتقييد حريته ، وان كبت عواطفك وتظاهرت بعدم المبالاة واخفيت تساؤلاتك في داخلك ولم تخرجيها ،، جاءك مستنكرا : أنت لا تهتمين بي ولا تسألين عني ، ولا تبالين بخروجي او عودتي ما شأنك بهما ؟؟ لماذا يشتعل الغضب فيك ؟ظ الم تقرري مرارا ان تبعدي حبه عن قلبك المتعب ؟؟ تعودين الى المطبخ ، والغضب يستبد بك لماذا أنت غاضبة ، أنسيت قراراتك وتصميمك ؟، اخرجي ،، اتركيهما ،، انفذي بجلدك ، ماشأنك ان تناولا الطعام ،، او ماتا جوعا ، وماذا يجديك كرمك ؟؟تصفين طبقات الباذنجان والبصل واللحم في قعر القدر ، ، تسكبين الرز المطبوخ ، تضعين الجميع على نار هادئة ،، لماذا لا تخرجين الآن من المنزل ؟ انفذي بجلدك ،، دعيهما ،، أبعديه تماما عن فكرك ،، احسبيه ميتا ،، لا تبالي ،، كلي الطعام كله ، أطعميه لجيرانك ،، ارميه بالمزبلة ،، لماذا ترهقين نفسك ؟؟ ما شأنك ان أكلا او عضهما ناب الجوع بأسنانه ،، اخرجي الان ،، الباب أمامك ،، لا تتعبي نفسك ، ولا ترهقي قلبك ، وأنت المكدودة من تعب النهار ، تجلسن في المطبخ وهما يتناجيان اخرجي من المنزل ،، لا ،لا لا تخرجي ،، لم تخرجين والمنزل لك وهم الضيوف ؟؟ ، الأصناف أعدت ، يأتيك صوته : - بعثتني سميرة كي أساعدك ، أتحتاجين لأي مساعدة ؟؟؟
صبيحة شبر الرباط 27 – 9 - 2006
#صبيحة_شبر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حول المواقع الالكترونية والابداع
-
هل الصراع طائفي ؟؟
-
أريد حلا
-
تعدد الزوجات
-
العقاب : قصة قصيرة
-
الابداع النسوي والابداع الرجولي
-
معايير التقدم والتأخر
-
العودة الى الوطن
-
طفل يصرخ : قصة قصيرة
-
تراجع عن قرار : قصة قصيرة
-
ساعة من فراغ
-
عتاب : قصة قصيرة
-
رد فعل : قصة قصيرة
-
نتائج الحادي عشر من ايلول
-
شخصية المعلم بين التقدير والاتهام
-
قراءة في قصيدة : غريب على الخليج
-
المرأة والجلاد
-
الجمال ؟ ما هو ؟
-
النشر الالكتروني والسرقات
-
من يوميات امرأة محاصرة
المزيد.....
-
-ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
-
-قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
-
مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
-
فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة
...
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|