لوالي سلامة
الحوار المتمدن-العدد: 1758 - 2006 / 12 / 8 - 11:32
المحور:
حقوق الانسان
السياسةهي عشق للحرية بإمتياز،يصنعها إنسان يعيش من أجل السياسة، وليس من السياسة (2) كما أنها محراب للوطن المحمل بكثافة رمزية تستعصي دلاليا على الذهنية القانونية الممعنة في غبائها وتنطعها الفقهي. أما الوطن، فهو رفض مطلق للقهر بكافة مفرداته وتلاوينه، يؤسس له وجوبا، الإنسان المتحرر من شروط وجوده. كما أنه بنية تمثلية، وإمعانا صوفيا ووجدانيا لايرضى إلا بالحلول والتماثل المطلق، يمكن رؤيته مشعا ، جامحا ،عصيا ، شامخا وهائما في إشراقة إنسانية يؤسس لها الإنسان، ليس أي إنسان،لأن هذا اللفظ ليس مشاعا، بل إستحقاقا. . .جغرافية الوطن الجريح- الصحراء الغربية- ، بتعقيداتها وتمفصلاتها يرسمها إلإنسان المتحرر من قيوده الوهمية، المتعالي على شروط وجوده ، لأنه لاوجود للذة الحرية إلا في مقارعة الإحتلال ، برموزه ، وادواته وسلوكه. الإحتلال إخضاع ونفي معممان للإنسان، يرعب ألأفراد وينزوي هؤلاء في خشوع، وخضوع بينما يندهش ويرتبك وينصاع لإرادة الإنسان . كم منا صادف إنسان في وجوده ؟ الإنسان الذي تكمن قدرته في القضاء على كل الطغاة (3) ألإنسان الغير قابل للتشييء ، المنعتق من إستلابه، المتحرر من قيوده، الإنسان التراندستالي، الجامح عن القطيع ، المنصهر في كمياء إنسانيته ، الإنسان الواعي ذي البنية الداخلية الخالصة كما يقول ديكارت. . المامي أعمر سالم بلغة الروح والجسد وبتيمات المطلق، والمتعدد واللامتناهي، وبقداسة الواحد والأحد، إنسان وليس فردا ،لأن هذا الأخير مجرد شيئا ، تراكما عبثيا وركاما جينيالوجيا للأشياء أو ضمنها، والمامي جوهر يتسامى على الأشياء. ، لمنحها معنى الوجود الإنساني الخالص . أكتب عن إنسان لم يسبق لي معرفته،إلا أنه " أرغمني" بإنسانيته أن ألملم الحروف المبعثرة وأرمم مسافات اللغة لعلها ترقى وتصبح معنى لإنسان ، مع علمي أن كل لغة ، هي إغتيال للمعنى لعجزها البنيوي، كما أنه لاوجود للحرية إلا خارجها لأنها عنف وإكراه معممان. . تعرض المامي أعمر سالم للتعذيب والإعتقال وألإختطاف،إلا أنه كل مرة يهزم الجلاد المغربي، وينتصر للوطن، يريده الإحتلال جبانا، طيعا خاضعا منصاعا،ذليلا ويصر المامي علىالإستشهاد واقفا ، عملاقا في حجم الوطن والشهيد.
رأيت المامي في مظاهرة حاشدة ، بكثافة ومعاييرالإنسان،شامخا ب "دراعته" منتصرا على خوفه ، جميلا بعنفوانه ، متساميا على قيوده ، غاضبا ، مزمجرا في وجه الإحتلال، ممتشقا وطنا.ليس ككل الأوطان بل وطننا العصي على الإندثار، ماأروع أن تري الإنسان في أعمق تجلياته،ما أجمل روعة الحلول في الوطن. قرأت بعد ذلك قصاصات الوطن، التي حملت أخبارا عن إعتقال المامي، ورأيته بعد ذلك مدرجا بدماء الوطن، ثائرا كعادته، غاضبا، مزمجرا بكل تيمات الحرية، أليست هذه الأخيرة شرط وجوب للوجود الإنساني على حد تعبير كانط(4.). . المامي أجمل من بشاعة الإحتلال المغربي، أكبر من دساتيره، وأحزابه أعرق وأشرف من ميلادات وأعراس وجنازات ملوكه وأمراءه، وأميراته، وأكبر بكثير من قصوره المتبرجة كليل الغانيات، المامي وطن، وليس فردا ، كما يريد له الإحتلال، المامي إختزال لتاريخ أهل الصحراء الغربية في أعمق وأدق تجلياته، وتمظهراته، المامي نفي بأفعال الحاضر والماضي والمستقبل للإستعمار المغربي ، وإستئصال مشع لجذوره اللاأخلاقية.المامي إنسان، حريته تمنحه العقل، والمخزن غريزة أو بالأحرى غرائز بلهاء ساقطة ومتساقطة و متهافتة تؤسس لها حيوانية البلاط أو الماخورالملكي. . .
بعد جولة الشرف في الوطن، سنرى المامي، وحيدا،جريحا مشردا ،عاريا،إلا من الإنسان، رابضا على تخوم الوطن، بعد تعذيبه من طرف جيش المواسير أو المواخير الملكية ، ومصادرة جواز سفره، وأوراقه الثبوتية. إلا ان الإحتلال ظل عاجزا عن إستئصال الوطن الكامن بعمق في المامي الإنسان، أبعد المامي قسريا عن الوطن لأن المخزن، لايحتمل إلا الأفراد، ويرعبه الإنسان. . المامي الإنسان يطارد كل من لم يتعلم منا، كيف يصبع إنسانا، لأن التخلي عن الحرية، والإنصياع لإرادة الإحتلال إسقاط لإنسانية الفرد. معاركنا ....حروبنا مع الإحتلال ، إنتفاضاتنا، صمودنا في المعتقلات السرية والعلنية ،وقفاتنا السلمية، كتاباتنا على الجدران، أعلامنا الوطنية المشدودة إلىالأسلاك الكهربائية الشامخة ، كلها محطات ننتصر فيها لإنسانيتنا، حتى يكتمل الإنسان/المطلق بداخلنا. . المامي الإنسان، إنتصر لنفسه وللوطن، وإختزل في جوهره كل قيم الإنسان من كرامة وحرية وعقل، لكن هل إنتصرنا نحن لإنسانيتنا ، عندما تركنا المامي ، وحيدا جائعا مشردا على تخوم الوطن ؟ أصدرنا بيانات...عتادها اللغوي تنديد، وذخيرتها دعم ومساندة وإنتهى ألإنسان، لماذا كلما إستعصى إغتيال الإنسان على الإحتلال،إلا وسارعنا نحن بإغتياله بصمتنا. . المامي،كان مرابضا على تخوم الوطن، مقاتلا في جبهة الإنسانية، ضد ورم سرطاني علوي لازلت قرارات الأمم التحدة ،عاجزة عن إستئصاله. ولازال أبناء الوطن يسائلون تاريخ الشعوب وتجاربها عن أنجع وسائل علاجه، الكي أم الإستئصال؟ كان المامي وحيدا شاردا ملهما بعشق الوطن، مصمما على إنتزاعه ولو بالأظافر،عازما على إختراق تخوم الوطن، لأن المامي أكثر من "أسطورة" إنه إنسان.
المامي ، كان في حاجة إلى إمتدادات حقوقية وسياسية،وإعلامية للإجهازعلى الإحتلال المغربي، وكشف سياساته الإجرامية، كان في حاجة إلينا كلنا لتغدية صموده ، لكننا تركناه وحيدا يخوض حروب الوطن عاريا إلا من بياناتنا ؟ .
المامي صبرا قد فقدناك، وأفتقدناك، ونحن نتابع بألم وحسرة مجازر الوطن على أيدي الإحتلال ، وشلالات الدم الوطني الرافض للإحتلال ، ومع ذلك تبقى عصيا على النسيان، وبطلا وطنيا وإنسانيا. المامي، رفاق الوطن ،كل الوطن ، ورفاقك في الداخلة حصن الثورة والإنسان قادرين على إكمال المسير، حتى إنتزاع الوطن
وفي الأخير ندائي إلى كل الوطنيين ،لايمكن بل يستحيل أن نعشق هذا الوطن إن لم نحب بعمق وتفاني هؤلاء الرجال والنساء، الذين يرسمون تضاريس الوطن بالكثير من الألم والجراح ولكن كذلك بكثير من العزم والإصرار،عشقنا لهؤلاء دليل عرفاننا ووفائنا للشهداء.. وبرهان ساطع على تقديرنا لجريح الثورة وللمقاتلين الرابضين على تخوم الوطن. . لنترك "خلافاتنا" الصغرى،ونتصدىلأعداء الوطن، وطننا الجميل الصحراء الغربية. . المامي لن ننساك بعد اليوم لإنك عصي على النسيان، وأتمنى أن تغفر لي ولنا هفواتنا لأنك إنسان.
-1- لم يسبق لي أن عرفت الوطني المامي أعمر سالم عن قرب إلا أني تابعت كبقية الوطنيين الصحراويين لرحلة المجد والعذاب التي رسمها بكثير من نكران الذات، كما اني شاهدت " فيديو" يوضح بعمق شجاعته، يمكن رؤيته في الرابط التالي.
- http://www.youtube.com/watch?v=LMq5YVoXNJs&mode=related&search=
- 2- Max Weber (1864-1920) Le savant et Le politique
- 3-"Qu est-ce que l homme ? [...] Il est cette force qui finit toujours par balancer les tyrans."
(Albert Camus / 1913-1960 / Lettres à un ami allemand)
- 4-Kant, Critique de La raison pratique, Préface, note "La liberté est sans doute la raison d’être"
5-Spinoza, Ethique, LV, LXVll "L’homme libre c est-à-dire qui vit selon le seul commandement de la raison
"-Qui est conduit par la crainte et fait le bien pour éviter le mal, n est pas conduit par la Raison."
(Baruch Spinoza / 1632-1677 / Ethique IV, proposition 63)
#لوالي_سلامة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟