أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الخميسي - هــمـوم قــبـطــيـة في أحـزان بـلـدنـا














المزيد.....

هــمـوم قــبـطــيـة في أحـزان بـلـدنـا


أحمد الخميسي

الحوار المتمدن-العدد: 528 - 2003 / 6 / 29 - 10:29
المحور: الادب والفن
    


   صدرت مؤخرا الرواية الرابعة للكاتب مكرم فهيم " أحزان بلدنا " . أولى رواياته كانت " هدير "  عام 1968 . هناك إذن نحو خمس وثلاثين سنة من الاستمرار في الكتابة بين الروايتين . وتفجر رواية مكرم فهيم الجديدة بصدق وموضوعية  أحزان بلدنا في مائة وأربعين صفحة يحلق فيها الكاتب إلي سماء الوطن بأكمله  انطلاقا من سماء المواطن القبطي الذي  تمزق وهو يفض اشتباكا مسلحا في الصعيد بين مصريين مسلمين ومسيحيين . لقد انتقل الوطن مما يسميه الكاتب : " سنوات التحدي الجسور " إلي اقتتال أبناء الوطن الواحد ، وتغيرت القيم بحيث أصبحت اللمعة الأخلاقية الوحيدة لأوراق البنكنوت ، والسيارات من طراز الشبح ، والصعود إلي أعلى على حساب أي شيء ، وبذخ القرى السياحية ، وكل ما تلخصه وهيبة راغب مسعد عندما تتحدث عن زوج شقيقتها قائلة : " عنده فلوس ، إذا رأينا فلوسا فوق البراز فإننا نلتقطها وننظفها " ! عالم جديد له لغة جديدة ، بينما تغوص في أحراش الضفة الأخرى : البطالة والجوع وسكنى المقابر مصحوبة بريح التخلف والتعصب التي هبت من كهوف الظلمة . على هذه الخلفية يقدم مكرم فهيم روايته ، أقرب ما تكون إلي البحث الأدبي والفني في وضع الأقباط منذ 1919 حتى الآن ، من خلال تطور أحوال أسرة راغب مسعد وأولاده وعبر علاقات الأسرة المتشابكة في الصعيد والقاهرة والمهجر . وفي سبيل تقصي الحقيقة لا يجد الكاتب بأسا في  الاستعانة بمقاطع من مقالات لمحمد حسنين هيكل وأحمد حجازي وغيرهما لإلقاء الضوء على الموضوع . السؤال الرئيسي هو وضع ومشكلات أقباط مصر صراحة . نقطة الانطلاق النسيج المصري القومي الواحد . نقطة الصراع الخلايا السرطانية التي تنهش ذلك النسيج ، وتمنع التفاعل الطبيعي الإنساني وتعطله ، فيعتل البدن الواحد . بؤرة الأحداث والذكريات مصرع أو اغتيال أو إذا شئت استشهاد المقدم نبيل يعقوب في المنيا بالصعيد وهو يفض اشتباكا مسلحا بين المسلمين والمسيحيين . يبكي والده متسائلا : " هل الأقباط أقلية مستضعفة ؟ هل هم جزء من نسيج الوطن ؟ أم أن الحديث عن نسيج واحد لم يعد سوى محاولة لصرف الأنظار عن التعدد ؟ ". من أين خرج التعصب والإرهاب وأصبح لرصاصه دوي مسموع في مصر كلها ؟ في فبراير 1994 عندما أطلق الإرهابيون النار على المصلين في كنيسة أبو قرقاص ؟ وفي غيرها من قرى الصعيد ؟ يتساءل الكاتب على لسان يعقوب نصر الله أحد ضباط الثورة : " هل أخطأ أقباط ثورة 19 عندما رفضوا اقتراح سعد زغلول بأن ينص دستور 23 على نسبة ثابتة للأقباط بمجلسي الشيوخ والنواب .. قالوا ندخلها كمصريين لا كأقباط .. هل أخطئوا ؟ " .. ومن المسئول عن المناخ العام الذي يولد الإرهاب ، ويجعل البعض يفتي صراحة بأن من يصافح قبطيا فقد كفر ؟ . من المسئول عن اعتماد الجامعات كرسيا للغة الأرمينية ورفضها اعتماد كرسيا للغة القبطية وهي تراث المصريين جميعا ؟ من المسئول عن استمرار ما يسمى بالخط الهمايوني الذي يمنع استصلاح الكنائس لدورة مياه إلا بإذن خاص ؟ . شهيد من نبيل يعقوب الذي سقط برصاص الإرهاب في المنيا ؟ . 

       والأقباط عند الروائي مكرم فهيم ليسوا صورة مثالية في مواجهة صورة أخرى ، فمن بينهم المتعصب الذي قتل أخته لأنها تزوجت مسلما ، ومن بينهم من يستشير جمعية الكتاب المقدس قبل أن يتنزه مع فتاته ، ومن بينهم محتالون ، وأصحاب علاقات خاصة مع أمريكا . إنهم من نفس العجين الذي خرج منه الآخرون ، لأن القضية في النهاية ليست قضية دينية ، لكنها بالدرجة الأولى مسألة اجتماعية واقتصادية وسياسية ، حتى لو كانت مشحونة بسطوة الأغلبية . وينتصر مكرم فهيم في روايته للتآخي ، والعقل ، والاستنارة ، حين تكلف الجماعة الإرهابية شابا مسلما من بينها باغتيال أحد الأقباط ، فيفيق ضمير الشاب ويرفض التكليف ، فيصبح هو الآخر ضحية للرصاص ، كما كان نبيل يعقوب من قبل ضحية لنفس الرصاص . يتأكد انحياز الكاتب لمصر كلها حين يقول إن الوجدان الشعبي يبتدع كل ما يعزز الأخوة والمحبة . وأن مصر حارة واحدة للجميع .

     لعل الملمح الأهم في رواية مكرم فهيم هو هذا الطرح الجريء الصريح لمشكلات النسيج الواحد . إذ لم يعد يكفي للحفاظ على ذلك النسيج أن نقول ونكرر إنه نسيج واحد . وقد أصبح من الضروري في الأدب والفن والثقافة من تحطيم  ذلك الصمت المطبق الذي يحيط بتقاليد وعادات وعالم الشخصية القبطية . ومن دون أن يقوم زملاؤنا وأخوتنا بتلك المهمة ستظل الشخصية القبطية رهينة الظلمة وبالتالي رهينة الخيال المريض يشكلها كيفما شاء . لابد للشخصية القبطية أن تخرج إلي النور بأدعيتها وطقوسها وقلقها ، لأنها نصف قلوبنا ونصف عقولنا ونصف تاريخنا العريق . تحية لمكرم فهيم – الذي لا أعرفه شخصيا-  روائيا وكاتبا وطنيا .

 

                                 ***

أحمد الخميسي – كاتب مصري

 



#أحمد_الخميسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بغداد التي في خاطري
- حكايات ألف ليلة وليلة للرئيس جـورج بـوش
- شموع على كف حوار متمدن
- 1948 الفرصة الضائعة
- الرئيس الأمريكي يعلمنا كيف نحيا
- الوطنية والديمقراطية في العراق


المزيد.....




- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الخميسي - هــمـوم قــبـطــيـة في أحـزان بـلـدنـا