رعد مطشر
الحوار المتمدن-العدد: 1757 - 2006 / 12 / 7 - 06:00
المحور:
الادب والفن
كانت جثث العصافير والبلابل والعنادل والشحارير واليمام تتبعثر فوق الورق اليابس الساقط في الغابة السوداء المغطاةِ بريشٍ مبتلًّ بالدم والأنين، وعلى مقربة من تلك الجثث كانت الطيور الطنّانة تضحك من صرخات الرؤوس المغدورة, المعلّقة على الجذوع، أما النسور والصقور، فكانت ترقب نهاية المشهد، لعلّ الطيور الطنّانة تسقط أيضاً في معركةٍ تخلقها الغربان والببغاوات والبومات الكئيبة، فيخلو لها المكان ويبتسم لها الزمان بوليمةٍ جديدة ، بعد أن هاجرت السنونوات خلف حدود الغابة المظلمة، وتبتعها الخطاطيف والبازيات وما تبقى من اليمام والعصافير والعنادل وبعض الشواهين والنسور المعمّرة، إلى محميّات مسوّرةٍ بالخوف وبيع الريش والذمم، وبعد أن انفردت الغربان بقيادة الغابة، تساعدها الببغاوات ببياناتٍ تألّب الكلَّ ضد الكلَّ، وتشكّك الكلَّ بأصولهِ وفروعه وريشه الذي نبت على جلده منذ أن ولد في هذه الغابة، رغم أنَّ ريش اليمام لا يقبل أن يكون على جلد نقار الخشب ؛ الذي تحوّل في غيـبة الضياء إلى نقّار للجثث، مبرّراً فعله هذا بأن الأشجار قد هاجرت وأن الجذوع قد صارت رماداً ولا حيلة له في نشر السلام سوى نبش اللحم بحثاً عن عظامٍ ينقرها بهناءٍ ورخاء، وهذا ما شجـّع طائر الحسّون الذي يعتاش على الحشائش والأعشاب أن يقتات على لحمٍ جاهزٍ لجثث تتوزّع تحت مخلبيه الصغيرين، وشجّع بالتالي الطيور المقيمة على الهجرة بعيداً عن رائحة التفسخ في الجثث، وساعد الطيور المستوطنة على التشرّد بفعل انتمائها إلى تراب الغابة الخالد، ومكّن الجوارح الداخلة مع الغرباء من أن تقود مجاميع الطيور الخائفة إلى تصفية ثاراتها القديمة بخداع الطيور، هاتفة أمامها: (إنَّ الطيور التي في ريشها فرحٌ) لا مكان لها في الغابة (السعيدة).. وإنما المكان الآن لغربان تلبسُ ملابسَ موسيقيين سادرين في عزف الموت، والزمان لبوماتٍ توزّع أرديتها السود، وأناشيد ضيعتها في طرقات الغابة وأزقتها، وما بين الزمان والمكان ساحة الغابة ستكون مهيأةً لنسورٍ تمسك مطرقة الفتنة , وصقور تهيّئ سندانها المتضور من جوعِهِ وانفصامه البعيد, ومابين المطرقة والسندان يغفو ريش الطيور ويحلم بموتٍ جديد !!!!!
#رعد_مطشر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟