أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سامح عسكر - جرائم إسرائيل بين الوصف والمعنى














المزيد.....

جرائم إسرائيل بين الوصف والمعنى


سامح عسكر
كاتب ليبرالي حر وباحث تاريخي وفلسفي


الحوار المتمدن-العدد: 7959 - 2024 / 4 / 26 - 04:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في الفلسفة دائما ما نحذر من (تأثير وخطورة المعنى)

يعني إيه؟

حضرتك إسرائيل لما هاجمت غزة كانت تحت دعاية لشخصنة الحرب أنها (ضد حماس الإرهابية الإخوانية النازية الداعشية..إلخ) وفقا للتوصيف الإسرائيلي

طب هذا التوصيف والحشد كان مقنعا؟

الجواب: (لا)

والسبب تأثير المعنى فلسفيا..

فما قامت به إسرائيل بالواقع هو انتقام مبالغ فيه من جماعة تقاوم احتلال أرضها، وصلت حدود ذلك الانتقام للقضاء على 40 ألف فلسطيني بين شهيد ومفقود، وأكثر من 100 ألف مصاب و2 مليون مشرد وتدمير 80% من مساكن قطاع غزة..

هذا المعنى المقصود وهو يتجاوز عقليا حد الوصف القائم على الشخصنة والميول..

فالذي صدق الوصف الإسرائيلي هو ممن يعاني من ميول مسبقة ضد الشعب الفلسطيني، وضد مقاومته، لكن الذي رفض ذلك الوصف (وهم أغلبية شعوب العالم) هم الذين ينظرون للقضية الفلسطينية بشكل مجرد، وينطلقون من نقطة صفرية يمكنهم رصد المخطئ الأول بسهولة..

كان من تأثيرات المعنى أن تحولت الحرب الإسرائيلية ضد حماس:

إلى ضربات عسكرية إيرانية ضد إسرائيل، وإلى تعرض إسرائيل لهجمات من 5 دول ومناطق (اليمن + سوريا + العراق + لبنان + الضفة الغربية)

اندلعت مظاهرات شعبية حول العالم تضمنت (مئات الملايين) ضد إسرائيل، وإلى تحوّل جامعات العالم منهم الولايات المتحدة إلى ثكنات عسكرية وانتفاضات طلابية ضد الإبادة الجماعية والمجازر الصهيونية التي حدثت..

تأزمت العلاقة الإسرائيلية مع مصر والأردن ووصولها لمنعطف خطير قد يقضي على اتفاقيات السلام بأي لحظة..وانقطعت علاقات إسرائيل بتركيا وأمريكا اللاتينية ووصولها لأدنى مستوياتها منذ اعتراف الأمم المتحدة بدولة إسرائيل في الأربعينيات..

إن حماس لم تكن في الواقع مجرد حزب إخواني كما ظنت إسرائيل، بل قضية أخلاقية وإنسانية وسياسية ودينية كبيرة متعددة الذروع والجوانب..فأصبحت دعايا إسرائيل بتكرار فزاعة حماس لتبرير مجازرهم وجرائمهم هو دوران في دائرة مغلقة، وحرب طواحين هواء واستهلاك لقوى إسرائيل الحقيقية في الفراغ..

إن تجاهل المعنى من الفعل الإسرائيلي هو الذي أدى للورطة الإسرائيلية الحالية..

بمعنى أنه كان ينبغي على قادة إسرائيل التفريق بين (الوصف والمعنى) فالأول: قدرة ذاتية على توصيف ورسم المفهوم، لكن الثاني: يحدث آليا دون أي تدخل..فهو ملك لعموم البشر لا يمكنك التحكم فيه أو تعديله، الأول: هو رأيك أنت، بينما الثاني: هو رأي الآخرين، الأول: لا تأثير له سوى على نفسك ومؤيديك، بينما الثاني: تأثيره على الأغلبية وعموم الناس والمجتمع..

كلما تمكن الفيلسوف أو القائد من تضييق الفارق بين الوصف والمعنى كلما حصل على الشعبية والقبول، وكلما حازت أفكارهم على شئ من السعة والانتشار، والعكس صحيح، أي كلما زاد الفارق بين الوصف والمعنى كلما صنع القائد أعداءا جُدد وتنوعت معاركه من لا شئ، وخاص صراعات عبثية كان يمكن تفاديها بمجرد تفكير بسيط..

إن القدرة الفلسفية هي التي تمكن مستشارين قادة إسرائيل على نصحهم بهذا الشئ، ويبدو أن نتنياهو لا يستمع للفلاسفة ولا المستشارين المتخصصين وذوي الخبرات السياسية، فالرجل متطرف دينيا ويعتمد في مشروعه السياسي منذ ظهورة منتصف التسعينات إلى (حشد اللوبي الصهيوني الدولي) بكافة عناصره سواء من المجتمع اليهودي أو الإنجيلي للصدام مع العرب والمسلمين..

يتغذى نتنياهو وفريقه على رفض العالم لمعاداة السامية، ويعتبرها سلاحا يمكن إشهاره في وجه كل من يرفض مشروعه التوسعي باستيطان كامل فلسطين وتصفية القضية نهائيا، ثم الانتقال إلى ما بعدها وفقا للحلم الصهيوني الكبير في الكتاب المقدس..

إن تعريف المعنى فلسفيا هو "الصورة المنطبعة في الذهن من أحداث وأفكار من السامع والمتكلم، أو من الفاعل والمفعول به" والمعنى الراسخ من قضية فلسطين هو (أن إسرائيل تحتل هذا الشعب منذ حوالي 80 عاما، وتقتل وتسجن كل من يرفض ويقاوم ذلك الاحتلال) هذا معنى لا يمكن تجاوزه أو القفز عليه، ولو كنت قائدا إسرائيليا لانتبهت لذلك المعنى قبل أي قرار.

نفس الفكرة التي دفعت داعش لإعلان دولتها الإسلامية..

إنهم تجاوزا المعنى المتأصل وراء إعلان الدولة، وقفزوا عن الخلاف حول ذلك المفهوم للدولة داخل المذهب السني نفسه، فضلا عن إشعاله حروبا شعواء ذات طابع ديني وأيديولوجي وقومي في منطقة تعج بالمتناقضات والتنوع الديني والطائفي والقومي بشدة، ولو كنت قائدا في داعش لنصحتهم أن يقيموا دولتهم في منطقة لا تتصف بهذه التناقضات، جزيرة مثلا وسط المحيط يمكنهم إقامة شريعتهم بهدوء..

إنما آفة المتطرف الديني أنه لا يحسب نتائج أفعاله ولا ينظر أبعد مما تحت قدميه..

لذلك فوجوده كان وسيظل أزمة في حد ذاته، أزمة تتجاوز قصة وتأثير المعنى ولكنه ستطال الوصف الذي اختاره لنفسه منذ البداية، ويغرس الشقاق حول ذلك الوصف وأحقية كل منهم به، ومن يتابع الخلافات والانشقاقات بين المتطرفين وصراعاتهم الداخلية يفهم تلك الجزئية..



#سامح_عسكر (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحيلة المكشوفة ونذالة الشيخ..قصة قصيرة
- الخروج من النار..قصة قصيرة
- ويسألونك عن الصهيوني العربي
- خطر التيار الكيمتي على الأمن القومي المصري
- خطأ أوسلو..ورهان المقاومة..ومصالح أبو مازن
- مفهوم النصر والهزيمة في غزة..من المنتصر ومن المهزوم؟
- الاستشراق كضرورة معرفية للتنوير
- حول مشروع نتنياهو بالتغيير الثقافي في غزة
- خطاب حسن نصر الله والدور المتوقع لحزب الله في حرب غزة
- قراءة في الانتخابات الرئاسية المصرية
- معنى الحاجة للاحتفال بالمولد النبوي
- حقيقة سلطة المحتسب وجماعات المطاوعة..القرآن يرد عليهم
- العرّاف توفيق عكاشة بين الواقع والخرافة
- الأخلاق في الدين الإسلامي..من سلسلة الرد على الإلحاد
- الوباء الأمريكي على الشرق الأوسط
- القرآن براء من السب والشتم
- الحدوث والخلق في الفكر السلفي
- عادل إمام ورسائل بين السطور
- من قصص التكفير في التراث الإسلامي...عجائز نيسابور
- صراع السلطات الدينية والسياسية..الطلاق الموثق نموذج


المزيد.....




- الخارجية الأمريكية توافق على بيع صواريخ -ستينغر- بقيمة 825 م ...
- إعلام غربي: أوديسا قد تصبح أرضا روسية وأمريكا لن تمانع
- رئيس مجلس النواب الأردني: العبث بأمن الوطن يعد جريمة وخيانة ...
- هيئة بحرية بريطانية تبلع عن تعرض إحدى السفن لحادث اقتراب مشب ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن إحباط محاولة لتهريب أسلحة من مصر إلى إ ...
- المتحدث باسم الخارجية القطرية يؤكد أهمية العلاقات مع روسيا و ...
- ترامب: لا يعجبنا تأثير الصين على إدارة قناة بنما
- وزير الداخلية السوري يستقبل رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي
- الرئيس السوري يزور الدوحة ويجري مباحثات مع الشيخ تميم بن حمد ...
- إسرائيل تقلص قوات الاحتياط بالجبهات و100 ألف يوقعون عرائض لو ...


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سامح عسكر - جرائم إسرائيل بين الوصف والمعنى