أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مكارم المختار - قشور المانجا














المزيد.....


قشور المانجا


مكارم المختار

الحوار المتمدن-العدد: 7955 - 2024 / 4 / 22 - 19:59
المحور: الادب والفن
    


قشور المانجا....
( أكلها أنا حتى لا تأكلها أنت )
قصة حقيقية وعبرة :

يقول أحد الأخوة : في طفولتي عندما كان يدخل موسم فاكهة المانجا، كان أبي يحضر منها كمية للبيت، وكنا نجلس حوله لنشاركه طعمها العذب، كنا نحب هذه الفاكهة كثيراً، فكان يعطينا اللبّ منها، ويقوم هو بأكل قشورها !!

كنت أراقب هذا التصرف الغريب منه دون أن أعلم السبب ؟!
سألته يوماً : لماذا تأكل قشور المانجا يا أبي ؟!

نظر إلي بابتسامة وقال : ( أكلها أنا حتى لا تأكلها أنت )

لم أفهم معنى كلامه في وقتها، وبرّرت الأمر بأنها قد تكون عادة قديمة اكتسبها من أيامه التي عاشها في طفولته بين أحضان الفقر القاسي، وخصوصاً أن طعم قشور المانجا ليس سيئاً، ولكنه بصراحة لا يقارن بما هو تحت تلك القشور .

المهم : مع الأيام نسيت أمر قشور المانجا، كما نسيت الكثير من الذكريات بين صفحات كتاب الزمن، إلى مدة قريبة عندما أهداني صديق لي فاكهة مانجا، جلبها لي كهدية من بلد بعيدة ..
كنت أمنّي نفسي بالإستمتاع بطعمها الذي ينافس شهد النحل طوال الطريق وأنا متجه الى بيتي، وبمجرد أن وصلت البيت بدأت في تقطيع تلك المانجا وهي تتفجر بين يدي بما تحتويه من لبّ ذهبي، وعصير ملكي !!
الحقيقة أني أحب تلك الفاكهة كثيراً !!

وقبل أن أضع أول قطعة منها في فمي، اقتربت إبنتي الصغيرة مني وقالت : أبي، أريد قطعة ؟
ابتسمت من طلبها واعطيتها الجزء الذي كان بيدي
وعلى الفور إقترب إبني يطلب مثل ما حصلت عليه اخته
ولحقتهما أختهما الثالثة تطلب حصتها تماماً كما حصَّل إخوانها .

كانت فرحتي بالنظر لهم وهم يمرغون وجوههم بقطع المانجا، والسعادة والفرح تشع من أعينهم كشمس الصباح الدافئة بعد ليلة شتاء قارص !

وفي لحظة وجدت نفسي أمام صحن خالي إلا من بعض قشور المانجا التي مازال عالقاً بها أجزاء صغيرة من فتات الفاكهة الأصلية ..

بدأت بالتهام قشور المانجا دون تفكير الى أن توقفت فجأة لأتذكر كلمات أبي رحمه الله !!

الآن فقط بعد كل تلك الأيام والسنوات اتضحت لي معنى كلماته وماذا كان يقصد بعبارته، وغصّت اللقمة في فمي وهطلت الدموع من عينيّ.

الآن فقط علمت أن سعادة أبي الحقيقية لم تكن يوماً في أكل قشور المانجا، وإنما كانت سعادته الحقيقية في رؤيتنا ونحن ناكل أفضل جزء منها أمامه .
كانت فرحته الغامرة وهو يشاهدنا ونحن نحصل على أفضل وأنقى وأجود ما كان يقدمه إلينا في لحظتها

وتساءلت حينها والدموع في عيني :
يا هل ترى، كم من مانجا قدمها لنا أبي واكتفى هو بمجرد قشورها ؟!

وأنا هنا لا أقصد تلك الفاكهة بذاتها، ولكن أقصد كل ما ترمز له في هذه الحياة !!
فالمانجا قد تكون ملبساً، أو بيتاً، أو فراش، أو نوماً مريحاً، أو تعليماً، وقد تكون أيضاً لمسة حنان على الكتف، أو قبلة على الوجه، أو مسح دمعة من على الخد !!

(( والله، مانجا الأهل لا حدود لها، ولا يمكن لأحد أن يقيِّم سعرها ))

- أنظر إلى من حولي لأجد أبناء لا يقدرون أهلهم حق القدر، ولا يوفون حقهم، وكأن وظيفة الأهل في هذه الحياة هي في اختلاق الذرائع التي من شأنها أن تكدر صفو حياتهم

- أرى أبناء قد تملكهم الغرور حتى حسبوا أنهم يفوقون أهلهم علماً وفكراً ومنطق

- أرى أبناء يقدسون كلمة الزوجة في مقابل دموع الأم أو الأب

- أرى أبناء يهجرون أهلهم في ديار رعاية بعيدة ويتركونهم لرحمة الغرباء

- أرى أبناء قد يقاطعون أهلهم سنيناً طويلة

- أرى أبناء يتمنون زوال أهلهم من هذه الدنيا عاجلاً ليس آجل من أجل أن يرثونهم

- أرى كل ذلك وفي نفسي لو كان الأمر بيدي، لدفعت عمري كله ثمناً حتى يعود بي الزمن لأجلس مع أبي يوماً واحداً أسبقه حينما يحضر فاكهة المانجا، لالتهم قشورها بدلاً عنه ليتبقى له فقط أفضل ما فيها .

حتى اذا سألني لماذا أحب أكل قشور المانجا ؟
فأقول له :
( أكلها أنا حتى لا تأكلها أنت )

إهداء الى كل من مازال أباه على قيد الحياة، عسى أن تجد الى قلبه دليلاً

اللهم اغفر وارحم آبائنا وأمهاتنا واجعلهم من أهل الفردوس الأعلى برحمتك يا أرحم الراحمين

اللهم ألبس لباس الصحة والعافية كل من هم على قيد الحياة من الآباء والأمهات
واعفوا عنهم ولا تقبضهم إلا وأنت راض عنهم يا سميع يا عليم .

منقول



#مكارم_المختار (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مباركة و تمنيات بحلول شهر رمضان المبارك
- وَ كفى....
- نُدبة....
- التعارض بين حرية الإستخدام وحرية الخدمة
- مَدى....
- هَل صَحِيح....؟!
- البيوت أسرار....!؟
- يَكفِي أن يَكون لِي تَأثِير...
- جَديلةٌ يُسافِر مَعَها المَدى....
- نَفسٌ ثائَرة... وَصَوتٌ يَنساب
- الهروب من واقع ليس حبا برحيل
- صبغة شاخصة...
- في الصميم ... !
- فتاة إختاروا لها في الحياة/ إلألم ...!
- تحت عنوان واحد ؛ ق . ق . ج .
- إتجاهات متناقضة...!
- إيقاعات ....
- إيقاعات ..!
- توصيف في ... ق . ق . ج .
- على أية حال....


المزيد.....




- حسام حبيب يكشف تفاصيل صادمة عن حلاقة شيرين عبد الوهاب شعرها ...
- مأساة فيلم -Rust- في فيلم وثائقي جديد
- مجلة (هوية).. ملف خاص عن الشاعر خالد الأمين
- منشور تركي آل الشيخ يشعل أزمة بين صلاح الجهيني و-سعفان-.. ما ...
- إميل حكيم لـCNN عن توقيع اتفاق بين الحكومة السورية وقسد: اعت ...
- من الرواية إلى الشاشة.. كيف نقل مسلسل -شارع الأعشى- ماضي الر ...
- مخرج -تيتانيك- جيمس كاميرون يستعد لعرض -أفاتار: النار والرما ...
- غيث حمور: أدب المنفى السوري وجد طريقه أخيرا للوطن
- بوتين يكلف الحكومة بإحياء الذكرى الـ200 لميلاد الكاتب الروسي ...
- بعد الجدل حول -إش إش-.. مي عمر توضح موقفها وترد على الاتهاما ...


المزيد.....

- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مكارم المختار - قشور المانجا