أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد المحسن - كثافة اللغة..وجماليات الصور الشعرية في كتابات الكاتبة والشاعرة التونسية السامقة أ-نادية الأحوليف














المزيد.....

كثافة اللغة..وجماليات الصور الشعرية في كتابات الكاتبة والشاعرة التونسية السامقة أ-نادية الأحوليف


محمد المحسن
كاتب


الحوار المتمدن-العدد: 7955 - 2024 / 4 / 22 - 11:20
المحور: الادب والفن
    


زر
قد لا يحيد قولي عن جادة الصواب إذا قلت أن الكاتبة التونسية السامقة أ-نادية الأحولي تكتب بلغة خاطفة مليئة بالإيحاء،توهم القارئ بتمام وحدة معناها لكنها تبقى مفتوحة على التأويل فتأخذ من القارئ مساحات تفكير أكثر مما تعطيه معنى جاهزاً.
"قهوة صباح الأحد لها مذاق مختلف، قهوة بطعم الدلال والغنج،تراقصك وتنحني لك ترحابا، قهوتي لا سكّر فيها لكن الأمل يجعلها تقطر عسلا،قهوتي لمن ارتشفها مرة، لكنها وكتابي جعلا الكون يقطر شهدا."
هذه الكاتبة الفذة تتقن (وهذا الرأي يخصني) فن الومضة التي تعتمدها غالبا في كتاباتها، وتنجح في استخدامها في كثير من الأحيان حتى في نصوصها الطويلة بعض الشيء،لأنها تعي تماماً وتعرف كيف تخطف المعنى في النص وإن كان طويلاً..فنصها ذو طاقة مكثفة قادرة على إطلاق دلالات،وقد تقوم لغته على المقابلة والتوازي والمفارقات تماماً كما هي قصيدة الهايكو اليابانية،التي تكتنز لحظة جمالية يمتزج فيها الساكن بالمتحرك وهما يلامسان حيوية الفكرة داخل الوعي الإنساني لها.في قصيدة الهايكو يبدو المشهد الشعري ساكناً إلاّ أنه يختزن طاقة حركية في داخلها،لذلك نستطيع القول إن شعرية الهايكو تكمن في هذا اللبس الكامن بين ظاهرها الصامت وحركتها المخبأة في الداخل.
-وهم وأمل
كانت ترتق ثوب الأمل،تترنّم بتعويذات جدّتها،في محاولة يائسة أن تطرد شيطان الوهم.
كان يلوّح لها من وراء سراب،لا عود بعد اليوم،فجواسيسهم تملأ خياشيمي نجاسة،لا تنتظريني فلا رجاء منّي.
ما أتقنت منذ الصبا إلى المشيب غير خذلانكِ وردّكِ وأنت تتجرعين نُدوب الخيبة"
في الحقيقة هناك ما يشبه الهايكو في-ابداعات أ-نادية حيث تتجلى نصوصها مقتصدة لغوياً لكنها تطلق دلالالتها المطلقة ذهنياً..
"..أعدك أيتها الطفلة الرابضة بأعماقي أنني سأصونك مدى العمر ولن يلوث براءتك وطهرك زمن ولا بشر.
أنا من أنارت الشمس نهاري
وأضاء القمر ليلي
ندية طرية من ثرايا ارتوت السنابل
اخضوضرت الدروب أينع الزهر.."
اللافت في كتابات أ-نادية هو اتقانها لعبة الإشارة،فهي تعرف متى تجعل نصها يصمت ومتى تلقي ورقة الدهشة فيه،إلى جانب الاشتغال الواضح على الفكرة التي تحاول إيصالها للقارئ،من دون تكلف لغوي،لذا نلاحظ أن لغتها لغة مكثفة ومضغوطة تشبه إيقاع الحياة وتوترها..
قد تكون قصيدة الومضة «الهايكو» وسيلة من وسائل تجديد النص الشعري،وشكلاً من أشكال الحداثة إلا أنها تبقى استجابة لصوت الشاعر الداخلي الذي يريد إيصال فكرته عبر لغة متجددة.
هذا النوع من الكتابة الخاطفة ليس سهلاً إذ يتطلب تركيزاً ذهنياً عالياً لطرح الفكرة وإيجاد مفارقة تختمها بتساؤل يظل يدور في ذهن المتلقي،فالشاعر لا يقدم آراء،بل رؤية كما قال نزار قباني،ونص -نادية-يعمل بهذا تماماً في جل ابداعاتها.
لا يقتصر اشتغال أ-نادية الأحولي على الومضة الخاطفة وحسب،بل تذهب بها إلى أبعاد بصرية تضيف للنص جمالية،خصوصاً أنه نص مختزل ومختصر لذلك يخرج بتنويعات مختلفة،ويأتى كدفقة شعورية واحدة متتالية على شكل قصيدة يلحق كل شطر فيها الآخر لتكتمل الفكرة التي غالباً ما تكون في نهاية النص،وبهذا يمكننا ان نطلق على نص -نادية-" النص الدائري"إذ يلتف على نفسه ليعطي المعنى المراد في نهاية النص..
أكتبني لحن حنين
انثرني سنبلة عشق
في السبع العجاف
ترتوي بي
على سبيل الخاتمة:
لأن قصيدة الومضة تختزل الموقف والمفردة والشعور كي تعطي للمعنى بعداً مغايراً،وتمنح الصورة روحاً تجعل القارئ يحلّق إلى حيث تشظياتها ليمسك بخيوطها لذا فهي قادرة على التوصيل للمتلقي كل دفقاته الشعرية والشعورية، ضمن تعبير متميّز يحمل الروح والفكرة والشاعرية بكل ألق وإبداع لكونها ترتكز على الشحنة الدافقة والتي من طبيعتها تدهش القارئ..
نلاحظ أن الكاتبة/الشاعرة أ-نادية الأحولي ترتكز في ومضاتها على مصادر الجمال الفنّي الذي ينبع بالدرجة الأولى من جمال الصورة التي ترسمها والقدرة الإيحائية والصدمة المتولدة.
لذا نقول إن قيمة الصورة الشعرية في قصيدة الومضة لدى الشاعرة أ-نادية الاحولي كغيرها من شعراء الومضة هي نوع من الاختزال الرائع والتوافق وهذا يدل على عمق التجربة الشعرية التي تتمتع بها الشاعرة/الكاتبة وقدرتها في الجمع بين كثافة اللغة والصورة الإبداعية..
وفي الختام نقول: القصيدةُ الومضية هي التي تتعدّد فيها الأصوات الشعريّة وتحيل إلى بنية جديدة ونسيج وعلامات وإشارات متعدّدة تنطوي ثناياها على علاقات متنوّعة فيها من الإثارة والإدهاش ما يجعلها تثير المتلقّي وتجذبُ انتباهَه،وهذا ما قامت به الكاتبة/ الشاعرة الفذة أ-نادية الأحولي،لذا كانت للصورة أهمية استثنائية في نصوصها الومضية لأنها تُلتقط في لحظة انبهار ضوئيّ يكشف جزئيات،وحساسيات ذهنية في غاية الحدة.
لها مني باقة من التحايا المفعمة بعطر الإبداع.



#محمد_المحسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نخبة من الشعراء العرب جعلوا من فلسطين..نبراسا يضيء عتمات الت ...
- الإبداع..بين حرية الإرادة..وهاجس الخوف من -عصا الرقيب -..!
- تجليات الحبكة والأسلوب في الخطاب الشعري..لدى الشاعر التونسي ...
- على هامش العرس الشعري التونسي : (الملتقى العربي لشعر المقاوم ...
- حين يناديني صوت الواجب النضالي..إلى ساحة الأدب المقاوم *
- حين تعزف قصيدة الشاعر التونسي الكبير د-طاهر مشي لحنا مقدَسيا ...
- حين تتحوّل الكلمات..إلى لوحة فنية بأنامل شاعر كبير بحجم هذا ...
- د-طاهر مشي شاعر تونسي كبير يغزل من خيوط العشق..قصيدة للمطلة ...
- حين تكتب المبدعة التونسية أ-نعيمة المديوني..برحيق الروح..ومد ...
- رمضان على لسان الشاعر التونسي الكبير د-طاهر مشي (قصيدة أقبلت ...
- الشاعرة الفلسطينية المغتربة أ-عزيزة بشير..تكتب لغزة بحبر الر ...
- الشاعرة التونسية د- فائزة بنمسعود : تتعامل مع النص بوصفه غاي ...
- وجه من النخبة الفكرية والثقافية التونسية: الشاعر التونسي الك ...
- عبق الشعر..وعطر الكلمة في قصائد الشاعرة التونسية د-فائزة بنم ...
- بلاغة الصورة..وَمَهارة اللغة الشعرية في قصيدة الشاعرة التونس ...
- إشراقات صورة الوطن..في قصيدة :-يا تونس الأحداق-..للشاعرة الت ...
- جمالية الومضة الشعرية في نصوص الشاعرة التونسية د-زهيرة بن عي ...
- حين تخترق الكلمة سجوف الصمت والرداءة..وتتحدى لهيب الجحيم (جم ...
- حين يذهب الشعر إلى المحرقة..يدخل أتونها يحترق بها ومعها (قصي ...
- شعراء تونسيون حملوا هم القضية،وكتبوا -فلسطين شعرا-،ساروا بها ...


المزيد.....




- زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
- مصر.. عرض قطع أثرية تعود لـ700 ألف سنة بالمتحف الكبير (صور) ...
- إعلان الفائزين بجائزة كتارا للرواية العربية في دورتها العاشر ...
- روسيا.. العثور على آثار كنائس كاثوليكية في القرم تعود إلى ال ...
- زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
- -الأخ-.. يدخل الممثل المغربي يونس بواب عالم الإخراج السينمائ ...
- عودة كاميرون دياز إلى السينما بعد 11 عاما من الاعتزال -لاستع ...
- تهديد الفنانة هالة صدقي بفيديوهات غير لائقة.. والنيابة تصدر ...
- المغني الروسي شامان بصدد تسجيل العلامة التجارية -أنا روسي-
- عن تنابز السّاحات واستنزاف الذّات.. معاركنا التي يحبها العدو ...


المزيد.....

- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / أحمد محمود أحمد سعيد
- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف
- الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال ... / السيد حافظ
- والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ / السيد حافظ
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد المحسن - كثافة اللغة..وجماليات الصور الشعرية في كتابات الكاتبة والشاعرة التونسية السامقة أ-نادية الأحوليف