أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالجبار خضير عباس - الفوضى الخلاقة والفوضى المضادة : بناء الديمقراطية في العراق















المزيد.....

الفوضى الخلاقة والفوضى المضادة : بناء الديمقراطية في العراق


عبدالجبار خضير عباس

الحوار المتمدن-العدد: 1756 - 2006 / 12 / 6 - 11:53
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بعد فشل التجربة الاشتراكية لمجموعة الاتحاد السوفيتي السابق، وانتهاء الحرب الباردة، حدثت انعطافة تاريخية كبرى، إذ شهد العالم متغيرات سياسية هائلة، وعمدت الولايات المتحدة الاميركية الى تغيير استراتيجيتها، حسب متطلبات المرحلة واشتراطاتها، فانتقلت أميركا من مرحلة الردع والاحتواء إلى موقع الهجوم، إذ أزيلت كل الكوابح والمعرقلات، بعد أن كانت الرأسمالية التي طالما تبحث عن عدو لتجدد نفسها، جاءت واقعة 11 ايلول 2001 لتمنح الفرصة التاريخية لأميركا، واستغلالها، وإطلاق عدة مشاريع منها الضربة الاستباقية، أي منح الحرية والمشروعية لها في ضرب أي مكان في العالم تشعر انه يهدد مصالحها وأمنها حتى لو جاء ذلك عبر ظنون اوقناعات غير مؤكدة، وهذه سابقة خطيرة لم يحدث لها من مثيل، ولا يعني ذلك أنها لم تتدخل في ما مضى عسكريا، كما حدث في بنما وكوبا ودول أخرى إلا أنها هذه المرة شرعنت توجهها هذا، ثم أعلنت عن مشروع الشرق الأوسط الكبير، الذي يمتد من الصين شرقا إلى المغرب وموريتانيا غربا ومن الجمهوريات الإسلامية في الاتحاد السوفيتي السابق شمالا إلى اليمن والصومال جنوبا، إذ تعد الولايات المتحدة الاميركية الشعوب الإسلامية ولاسيما العربية منها عقبة إزاء العولمة.
يقول المفكر الاميركي برنارد لويس: إن هذه الشعوب، هي (نقيض لإمكانية التكيف مع معطيات العصر والتساوق مع ما وصل إليه العالم المتمدن من تطور هائل تكنولوجيا وثقافيا وديمقراطيا ،وان هذا العالم كاره للديمقراطية والحضارة ويجب تحضيره بالقوة) فهذه المجتمعات بحاجة إلى إعادة تشكيل جذري ، ونسف النمط الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والسياسي، بما يتلاءم مع فروض العولمة، فهم يرون أن العالم غير مستقر وبحاجة إلى تغيير وأنها تمتلك الإمكانية لاجتراح واقع ترسمه هي وتتحكم فيه، إذ أنها الإمبراطورية الوحيدة التي تمتلك التكنولوجيا والعلم وتتحكم بالاقتصاد العالمي.
وهذا النزوع نحو تفكيك العالم وإعادة تشكيله، دفعهم باتجاه مشروع الفوضى الخلاقة، يقول د.محمد احمد النابلسي: (ربما كانت الثورة الفرنسية أولى سيرورات الفوضى الخلاقة القابلة للطرح النظري كمرجعية للمقارنة، وهي انطلقت من شعارات حرية- مساوات-وهذا الأنموذج المثالي للفوضى لا يرقى فوق المحاذير القاتلة للفوضى.) وأول من ردد مفهوم الفوضى الخلاقة من الساسة الاميركان وزيرة الخارجية كونداليزا رايس، توظيفا لفكرة مايكل ليدن(التدمير البناء)، وما يعنيه المفهوم ،هو فوضى عارمة واضطرابات وتفكيك للبنى الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وتسقيط وتسفيه أخلاقي وفكري للقيم المتعارضة، عبر وسائل عسكرية وفكرية وإعلامية، فهم يعتقدون أنهم يتحملون مسؤولية أخلاقية،فضلا عن إيمان عقائدي، لإعادة ترتيب الشرق الأوسط .وبعد هذه الأوليات التي سقناها عن الفوضى الخلاقة.
معطيات الفوضى الخلاقة في العراق
يقول د.سيار الجميل: (ان مجتمع العراق اليوم ،يعبر عن حالات عقيمة نتيجة أفظع الاهوال التي مر بها ،وقد اجتمعت عنده ركامات من التناقضات وافتقد بعضا من انسجاماته ومتعايشاته القديمة بحكم تفاقم اسباب وتفاعل عوامل داخلية وخارجية على امتداد خمسين سنة مضت. نرى منتهى الطيبة والوداعة يقابلها منتهى التوحش والقساوة..اروع التعابير والجماليات واخصب العواطف يقابلها، اقبح الكلمات واسوأ التعابير والشتائم. اقوى العلاقات الحميمية يقابلها سلوكيات عدوانية وكراهية واحقاد..عشق للعمل وتفان في اداء الواجب وحب الوطن يقابله فقدان الشعور بالمسؤولية وتنصل عن القيم وكره لروح المواطنة..الخ كان عراقا مزيفا مزينا وكأنه خارج للتو من الف ليلة وليلة من دون ان يدرك الخلق ان العراق هو واحد من اكثر المجتمعات المعقدة في هذا الوجود) قاد الحركات القومية العربية فيه من اصول غير عربية ساطع الحصري من اصل تركي، وسامي شوكت من اصل قوقازي ورشيد عالي الكيلاني من كيلان.. وهذا البلد الذي عاشت فيه تنوعات بشرية كثيرة، ابتداء من السومريين والبابليين والكلدانيين والكيشيين والكوتيين والاشوريين والسريان ،وصابئة،واتراك وكرد وفرس وقزوينيين وارمينيين وجورجيين وشركس وقوقازيين وافغان وداغستانيين وسلاجقة وصفويين، وقبل الفتوحات الاسلامية كان العراقيون من الجنوب الى الشمال اغلبهم خاضع للكنيسة النسطورية ويتحدث السريانية، وبعد الفتح ودخول خمسين الف فارس الى العراق الذي يضم سبعة ملايين، انصهر الجميع في هوية المنتصر العربية.
وهذا الخليط العجيب والمتناقض لاتستطيع اهم الدراسات الانثربولوجية سبر اغواره وتفكيكه.ولا نظريات لاكان في معرفة السايكولوجية الجمعية التي تحركه!!-
وبالنسبة للتجربة العراقية فان الكثير من العراقيين كان يحلم بعالم جديد، بعد سماع الوعود التي أطلقها الساسة الاميركان، بشأن إعادة اعمار العراق، ونحن إزاء أوسع المشاريع نطاقا منذ الجهود التي شهدتها أوروبا واليابان بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، وستبنى العمارات وتحل أزمة السكن...وسنشهد أضخم مشروع اميركي في العالم بعد مشروع مارشال في أوروبا، وتحدثوا عن إنفاق المليارات، لكن الذي حدث، هو تفكيك للدولة وتدمير شامل لما تبقى من بنى تحتية، وتحولت التصريحات باتجاه تحويل العراق إلى ساحة عالمية لمحاربة الإرهاب العالمي.
وشيئا فشيئا يزداد الوضع الأمني سوأ، ويتفاقم الوضع الاقتصادي،ويتمزق النسيج الاجتماعي، السؤال الكبير، هل أرادت أميركا أن يفشل مشروعها؟ أو بالتحديد هل كانت تخطط لمثل هذا الوضع؟ يقول توماس فريدمان-كيف واجه فريق بوش مركز السياسة الاميركية،العراق منذ البداية، ففي الوقت الذي ابلغ فيه الفريق، الرأي العام الاميركي- صدقا من وجهة نظري- (القول لفريدمان)، (أن تشييد نموذج لمجتمع متسامح متعدد ديمقراطي في قلب العالم العربي الإسلامي، أمر في غاية الأهمية، في حرب الأفكار ضد الإسلام الراديكالي العنيف) فان الإدارة الاميركية تصرفت وكأن الأمر سهل التطبيق، إن ماسعت اليه الإدارة الاميركية من خلق الفوضى الخلاقة التي تبدأ بالتدمير لإعادة تشكيل نموذجها في المنطقة ،ومحاولة تعميمه،وان الدول الدكتاتورية والظلامية حلفاء الأمس ضد الشيوعية، سيتهاوون الواحد تلو الآخر،لكن الذي حدث، أن هذه الدول ولاسيما دول الجوار،خاضت مع الاميركان الفوضى المضادة،فكل دولة استطاعت وعبر احتضانها لبعض الأحزاب عقد الصفقات مع بعضها،والمفارقة الفوضوية،ان القوى الرافضة للاحتلال ذات التوجه القومي والإسلامي توجهت نحو سوريا، كذلك دعمت سوريا بشكل سافرالعناصر الإرهابية، لإفشال المشروع الاميركي، وهذه القوى تتهم الأحزاب الإسلامية الجنوبية في الغالب بالولاء الي إيران وبعظهم يصفها بالصفوية، وكأن هؤلاء لا يعرفون أن هناك حلفا عسكريا يجمع بين إيران وسوريا، ومن سمات هذه الفوضى الغرائبية، أن يجتمع اليساريون والقوميون المناهضون للإمبريالية، في دول مثل الأردن ومصر ولبنان والسعودية يشتمون العملاء في بغداد، ولاسيما من قناة الجزيرة في قطر، التي توجد فيها اهم القواعد الاميركية التي تعد من اكبر المخازن للأسلحة للولايات المتحدة الاميركية في العالم ومنها استخدمت قنابل الأعماق والقنابل الذكية التي استخدمت في ضرب لبنان (وقد احتجت منظمة العفو الدولية على ذلك) ومنها تطير طائرات B52 اذ لا يوجد مطار في الشرق الأوسط يستطيع استقبال مثل هذه الطائرات سوى قاعدة في ديغوغارسيا، وعلى الرغم من ذلك، يمارسون شتمهم الثوري من دول يرفرف عليها العلم الاسرائيلي وتأخذ مساعداتها من الإمبريالية الاميركية.!! ومن معطيات هذه الفوضى الغرائبية هو انه لأول مرة نجد بعضاً ممن يحسبون نفسهم على المقاومة يدمرون مؤسسات الدولة وبناها التحتية ويقتلون علماءها ويفجون كنائسها والجوامع والمساجد ،وتفجر الأعراس والمآتم والجنائز والأطفال!!جميع هؤلاء يفعلون باسم الدين ومحاربة الإمبريالية وإسرائيل لكن السؤال الكبير لماذا تأتي هذه الفوضى الخلاقة بإرادة طرف واحد ؟ ومن منحها الحق لتسوق فوضاها؟ كما أن هذه الفوضى غير معنية بالانعكاسات والتداعيات الإنسانية من مآس وعذابات وقتل وترويع وجوع وتهجير، ومنح الفرصة لأناس يطلقون التصريحات السياسية ويتدخلون ويعبثون بمقدرات العراق!! ثم من يا ترى يحدد السقف الزمني لهذه الفوضى،وكم من الوقت سيمضي حتى يصبح في العراق تيار لبرالي ديمقراطي، وكل يوم يمر تنحسر فيه الطبقة الوسطى ويهجر البلد المثقف والأكاديمي؟ متى سننتهي من كيل الاتهامات بعضنا لبعض،وكم من الوقت سنحتاج لنعرف أننا أخوة نعيش في هذا البلد،وان الذي يحدث هو عملية تدمير لنا ولمستقبل أبنائنا؟وهل ستنتهي هذه الفوضى بفعل داخلي أم خارجي؟أسئلة تزداد تعقيدا،وتستعصي إجاباتها بمرور الزمن.!! وهل يعني ذلك فعلا اننا كارهون للحداثة، والديقراطية عصية علينا؟!



#عبدالجبار_خضير_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- دام شهرًا.. قوات مصرية وسعودية تختتم التدريب العسكري المشترك ...
- مستشار خامنئي: إيران تستعد للرد على ضربات إسرائيل
- بينهم سلمان رشدي.. كُتاب عالميون يطالبون الجزائر بالإفراج عن ...
- ما هي النرجسية؟ ولماذا تزداد انتشاراً؟ وهل أنت مصاب بها؟
- بوشيلين: القوات الروسية تواصل تقدمها وسط مدينة توريتسك
- لاريجاني: ايران تستعد للرد على الكيان الصهيوني
- المحكمة العليا الإسرائيلية تماطل بالنظر في التماس حول كارثة ...
- بحجم طابع بريدي.. رقعة مبتكرة لمراقبة ضغط الدم!
- مدخل إلى فهم الذات أو كيف نكتشف الانحيازات المعرفية في أنفسن ...
- إعلام عبري: عاموس هوكستين يهدد المسؤولين الإسرائيليين بترك ا ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالجبار خضير عباس - الفوضى الخلاقة والفوضى المضادة : بناء الديمقراطية في العراق