أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد عبد الرحمن يونس - السياسيون وشهادة الدكتوراه














المزيد.....


السياسيون وشهادة الدكتوراه


محمد عبد الرحمن يونس

الحوار المتمدن-العدد: 1756 - 2006 / 12 / 6 - 11:53
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



تسهم أطروحة الدكتوراه إسهاما واضحا في تحسين مستوى معديها، علميا ومعرفيا، وتوسّع من خبراتهم البحثية والمعرفية، وهي بلا شكّ تحتاج إلى صبر طويل، وجهد كبير في إعدادها و تبويبها، و هذا الجهد الكبير يسهم بدوره في أن يجعل الباحث صبورا, ومتأنيا، و أكثر قدرة على التبويب والتنظيم، وإعمال الفكر، والتحليل والنقد للنصوص والأبحاث التي بين يديه. ومن هنا تأتي أهميتها، و بالإضافة إلى ذلك تقدّم زادا معرفيا خصبا لمن يعدّها، فسنوات التحضير الطويلة التي يقضيها الباحث في إعدادها كفيلة بأن تقدّم له زادا معرفيا لا بأس به، غير أنّها تقلل من الحسّ الاجتماعي عند الباحث، و تفرض عليه نوعاً من العزلة والابتعاد عن الناس ـ نسبيا ـ لأنّ انهماكه في إعدادها يدفعه قويا لأن يعتزل الناس، ويكون مقلا من حيث واجباته الاجتماعية تجاه أقربائه وأصدقائه، وحتى أهل بيته، ومن مزاياها: أنّها تدفع معدّها إلى مزيد من التأمّل، و تمنحه لذة الاكتشاف كلّما وصل إلى رأي يراه جديدا، أو حقيقية جديدة.
غير أن كثيرا من أفراد المجتمع أخذوا في الآونة الأخيرة ينظرون إليها نظرة شك وريبة، وبخاصة بعد أن صارت تمنح لكثير من الذين لا علاقة لهم بالبحث العلمي، و بعد أن دخلت السياسة فيها، إذ أخذ السياسيون العرب يتهالكون للحصول عليها، لا حباً في العلم والمعرفة، وتطوير البحث العلمي، و تطوير مجتمعاتهم وتحضيرها، بل تزيّنا بها، وافتخارا، وعجرفة في بعض الأحيان، و منافسة لحامليها الحقيقيين، وإبعادهم عن مراكز القوى والقرار.
لقد أخذ بعض السياسيين، في الآونة الأخيرة، يتوجهون إلى جامعات معيّنة، ويشترون شهادات الدكتوراه منها، من دون أن يخطّوا حرفا واحدا من حروفها. وقد أتيح لي قبل ثلاث سنوات من مقابلة أحد الحاصلين عليها، بطريق الغشّ والتزوير، في مكتبه الوثير، فبدأ الرجل يتعالى، ويفتخر بشهادة الدكتوراه التي حصل عليها بدرجة امتياز من إحدى جامعات المعسكر الاشتراكي سابقا، وعندما سألته: ما هي أهم موضوعات أطروحتك؟ قال: لا أعرف ... لقد نسيت. وصرّح لي أحد معارفي الذي يعرف هذا الرجل جيدا، أنه غير حاصل على أي شهادة من شهادات الدراسات العليا، بل لقد حصل على شهادة الليسانس بالغشّ والتدليس، فعندما رأى القوم يحصلون على هذه الشهادة ثارت حميته، واستنفر قواه، و حمل معه مبلغا ماليا غير قليل، وتوجّه إلى إحدى جامعات المعسكر الاشتراكي، و اشترى منها هذه الشهادة.
و بعد أن حصل على شهادة الدكتوراه كثير من الأميين والجهلة، والذين لا يعرفون أيّ أسس من أسس البحث العلمي و مناهجه، و بعد أن ابتذلت هذه الشهادة، قلّت مصداقيتها في كثير من الأوساط الاجتماعية. هذا و قد أسهمت الجامعات العربية ـ إلى حدّ بعيد ـ في التقليل من أهمية الباحثين الحقيقيين الحاصلين عليها، بتعبهم وكدّهم، و صبرهم، وذلك بالعمل على تهجيرهم قسريا ومحاربتهم .
وهناك كثير ممن يحملون درجة جامعية، أقل من الدكتوراه، أكثر قدرة على العطاء المعرفي، وأكثر قدرة على الإسهام في خدمة البحث العلمي و تطويره، و لذا لا يمنع من أن يناقش حاملو هذه الدرجة ـ من الذين لا يحملون شهادة الدكتوراه ـ أصحاب أطاريح الدكتوراه المعدة للمناقشة، إذا كان لهؤلاء الأساتذة غير الدكاترة السبق المعرفي، ومشهود لهم بالخبرة والمعرفة والدراية.
ومن هنا نجد على سبيل المثال ـ لا الحصر ـ أن هناك بعض الأساتذة الصينيين في الجامعات الصينية يشرفون على رسائل الماجستير وهم لا يحملون شهادة الدكتوراه، و يشاركون في مناقشة أطروحات الدكتوراه، و هم لا يحملون هذه الشهادة. وأعرف أستاذا صينيا مرموقا في جامعة بكين يشرف على أطروحات الكتوراه وهو لا يحملها، و علما آخر في جامعة الدراسات الأجنبية في بكين ترقّى إلى مرتبة أستاذ(( بروفيسور)) وهو لا يحمل شهادة الدكتوراه. و أعرف أستاذا آخر في جامعة اللغات والثقافة في بكين يحكّم أبحاث الدكاترة راغبي الترقية إلى ربتة أستاذ وهو لا يحمل هذه الشهادة، إذا العبرة ليست بشهادة الدكتوراه، بل بمدى عطاء الشخص و إبداعه، و نتاجه المعرفي وإسهامه في خدمة البحث العلمي، بغض النظر عن شهادته، لأن كثيرا من غير حاملي شهادة الدكتوراه هم أكثر كفؤا من الذين يحملونها، هذا إذا عرفنا أن كثيرا من الذين يحملونها، لا يحملونها عن جدارة بل حصلوا عليها بطرق ملتوية، كأن يكونوا مسؤولين كبارا في الأحزاب السياسية أو في دوائر الدولة ومرموقين في مؤسساتها، إذ يجد مثل هؤلاء ألف طريق للحصول على هذه الشهادة، حتى ولو لم يكتبوا سطرا واحدا من سطورها. ومن هنا لا يمكننا أن نعتبر ـ ولا بأي شكل من الأشكال ـ أن حملة شهادة الدكتوراه هم مرجعية علمية عليا، و لا يجوز لغيرهم أن يكونوا أكثر علما وخبرة.
إن القضية الأساسية تتركز وبالدرجة الأولى، في ما يقدّمه الشخص للبحث العلمي والثقافة والمعرفة بغض النظر عن شهادته ومركزه الوظيفي والحكومي والسياسي.



#محمد_عبد_الرحمن_يونس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السرد بين النظرية والتراث
- ذكريات مع الراحل الدكتور أسد محمد
- العدد الواحد والتسعون من مجلة الكتب وجهات نظر
- العدد الجديد من مجلة الكويت عدد حزيران يونيو 2006م
- لمحة تاريخية عن مدينة القاهرة
- الفضاء الروائي و المرأة في الرواية اليمنية المعاصرة
- حوار مع القاص والروائي والباحث د. محمد عبد الرحمن يونس
- في حوار حول الثقافة والأدب والسياسية في الصين
- سفر قصة قصيرة
- الشعر العربي المعاصر بين الوطن و المنفى
- مدخل في الأسطورة و أهميتها
- الأسطورة في الشعر والفكر
- كوابيس
- العلاقة بين الكاتب العربي والناشر العربي
- الواقعي والتخيلي في ألف ليلة وليلة
- العدد الثاني من مجلة عالم الغد ـ النمسا
- ملامح المدينة العربية والإسلامية
- جريدة الخليج تكتب عن كتاب محمد عبد الرحمن يونس ـ رحلة إلى ال ...
- إلى جميع المفكرين والباحثين والأكاديميين ـ دعوة للكتابة في م ...
- العدد الأول من مجلة عالم الغد في النمسا


المزيد.....




- منشور يشعل فوضى في منتجع تزلّج إيطالي.. ماذا كتب فيه؟
- -أم صوفيا-.. سلمى أبو ضيف تنجب طفلتها الأولى
- رداً على تصريحات ترامب بشأن -تهجير- أهل غزة، دعوات إلى التظا ...
- اللجنة المحلية للحزب في الديوانية: ندين الاعتداء على المحتجي ...
- حادث مطار ريغان يربط موسكو وواشنطن في مباحثات إنسانية
- غزة.. انتشال 520 جثة من تحت الأنقاض منذ وقف إطلاق النار
- الدفاع الروسية تعلن تحرير 6 بلدات في كورسك ودونيتسك وخاركوف ...
- وقفة صامتة أمام السفارة الأمريكية في تل أبيب للمطالبة بالإفر ...
- بيسكوف: التعليق على تكهنات حول -قوات كوريا الشمالية في كورسك ...
- فنلندا.. منع طالب من زيارة محطة نووية بسبب جنسيته الروسية


المزيد.....

- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد عبد الرحمن يونس - السياسيون وشهادة الدكتوراه