فوز حمزة
الحوار المتمدن-العدد: 7946 - 2024 / 4 / 13 - 15:43
المحور:
الادب والفن
بعد أن سألها الطبيب عن أعمارنا .. أجابته وثمة قلق في عينيها :
- سيكمل الأربع سنوات بعد شهرين.
أمسكتُ يده بشدة وقلت له: لا تتركني لوحدي معهما في الغرفة!
أدرك أن وجودهما قربي بدأ يزعجني .. سيما وأن نظرات الطبيب كانت موجهة صوبنا .. وتلك المرأة التي تقول إنها امي تبكي طوال الوقت .. حاول أن يشتتَ انتباهي عنهما فقال لي : انظر إلى تلك اللوحة .. هل يعجبك ذلك الزورق التائه وسط الأمواج .. هل تعرف مَنْ يكون ذلك البحار؟ أنه أنتَ ..
سرقني منه صوت المرأة وهي تسأل الطبيب :
- ما الذي أثار انتباهه في اللوحة ؟! هكذا هو طوال الوقت .. عيناه تتكلم وشفتاه صامتتان ..
التفتتْ إليّ تحدثني والدموع في عينيها :
- انظر إليّ حبيبي .. أنا أمك!
قاطعها الطبيب:
- هو لا يسمع إلا نفسه .. متوحد معها قبل أن يولد..
- صدقت يا دكتور .. هو لا يعرف حتى اسمه!
شدني صديقي بقوة من يدي ليهمس في أذني : أبقَ معي .. لا تلتفت إليهما ..
ثم سحبني من يدي وسرنا معًا صوب غابة كبيرة .. تسلقنا شجرة جوز عملاقة .. هربت العصافير حينما بدأت الأغصان تهتز .. شعرنا بفرحة كبيرة ونحن نرى حبات الجوز تتساقط فوق رؤوسنا .. انشغلنا بعدها بالجري وراء أرنب أبيض سرعان ما اختفى بين الحشائش .. ضحكنا كثيرًا حين رأينا سلحفاة وقد انقلبت على ظهرها.. لكن طائر عملاق وضعنا فوق ظهره ليحلق بنا فوق الجبال .. كانت الغيوم تملأ السماء .. سألني صديقي وهو يحيط كتفي بذراعيه: هل أنت سعيد برؤية النهر؟ لم أرد .. كنت مشغولًا بمراقبة النوارس تحلق فوق سفينة وبينما الشمس توشك على المغيب .. تركنا الساحل لنعود من حيث أتينا.
كانت أمنا والطبيب بانتظارنا .. سألت صديقي:
- مابها أمنا .. لماذا تبكي؟!
ردّ بعدم اكتراث :
- إنها حزينة ..
- ماذا يعني حزينة ؟!
قال وقد بدا محتارًا من سؤالي: لا أدري! هكذا سمعتها تقول له ..هؤلاء مجانين .. يريدون التفريق بيني وبينك .. لا يعرفون أن سعادتنا تكمن في بقاء أحدنا داخل الآخر .. إياك أن تتركني .. لنغادر عالمهم فنحن لا نتحدث لغتهم .. دعنا نذهب إلى النهر ونركبَ ذلك القارب .. نهرب به بعيدًا عن الضفة ..
#فوز_حمزة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟