علوان حسين
الحوار المتمدن-العدد: 7946 - 2024 / 4 / 13 - 00:51
المحور:
الادب والفن
في المقهى دارت الرؤوس كلها نحوي بغتة بعد أن شهقت بالضحك . هكذا دونما مقدمات رحت أضحك ودونما سبب ٍ واضح . لم أستطع منع نفسي عن الضحك ومنع الآخرين عن الإنتباه العميق والتحديق بي بشيء من الغرابة والإستهجان بل والسخرية من حالتي الشاذة بالنسبة إليهم . غادرت المقهى إلى الشارع تتبعني نظرات الآخرين الساخطة . في الشارع داهمتني نوبة ضحك جديدة لم أستطع كبحها . إبتعدت عن الناس صوب النهر المهجور , هناك في عزلة ٍ جلست مع نفسي ورحت أضحك بمرارة ٍ وغيظ . ضحك لا يقل بؤساً عن البكاء . أردت أن أبكي بحرقة لكن الضحك سبق البكاء . ترى ما الفرق ما بين البكاء والضحك ؟ لماذا يشفق الناس على الشخص الذي يبكي ولا يشفقون على من يضحك ؟ لعلهم ظنوا ضحكي نوعاً من مسرة , لا لوم عليهم لهم ما يظهر لهم إذ كيف يعلمون بما أشعر وهم يروني أمامهم مستغرقاً بالضحك ؟ أراني سكران بالضحك . أسبح في نهر من الضحك . أنام ضاحكاً وأنهض من الضحك ليس من النوم !
حينما أشعر بالنبذ وبأني مقطوع من شجرة كالمصاب بالجرب لا أحد يقربني أجهش بالضحك . وحين أخاف خوفاً غامضاً وأرتاب من كل شيء تدوي الضحكة بأعماقي حد الإنفجار . وحينما تطاردني الكوابيس في يقظتي ومنامي لا ملاذ لي سوى الضحك . وحين يكون الحبل قريباً من رأسي والشرطي يبتسم لي بلؤم وشماتة أقذف ضحكتي كالبصقة في وجهه منتشياً من الضحك .
لا أخون حزني إنما أغلفه وكي يبدو أنيقاً أغسله بماء الورد وأحتويه بحنان وضحكة لطيفة تنساب كالدمع . أرتبك كالطفل , كعاشق ٍ أمام معشوقته حين يباغتني الضحك وأنا في حالة شرود ٍ أو هدوء سادر في حلم ٍ أترك لخيالي العنان يأخذني مني ولا أستفيق من ذاكرتي إلى حيث النسيان . يعصف الضحك بقلب ٍ هش ٍ لا يقوى على تذكر المأساة . أشد السعادة من شعرها , تجري خلفي ضاحكةً . نجلس في محطة اليأس نضحك معاً , يضحك معنا العالم بكل مآسيه وتضحك الشعوب المقهورة والقاهرة نشرب نخب إله يضحك منا أو معنا وعلينا ونشهق بالدمع ضاحكين .
#علوان_حسين (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟