أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - الفلسفة واللغة














المزيد.....


الفلسفة واللغة


سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي

(Saoud Salem)


الحوار المتمدن-العدد: 7941 - 2024 / 4 / 8 - 14:14
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


أركيولوجيا العدم
العودة المحزنة لبلاد اليونان
٧٤ - الفلسفة واللغة

لقد رأينا بخصوص فكرة الـ "ما " اليابانية، أهمية اللغة وعلاقتها بالفكر وتشكيل الفضاء الخيالي والرمزي الذي يحيط بالإنسان الذي يمارس هذه اللغة. وبالتالي هناك بالضروة علاقة وثيقة تربط الفلسفة والنظم الفلسفية باللغة المستعملة. فاللغة هي التي تحدد ما يمكن وما لا يمكن التفكير فيه، فهي جانب أساسي من المعرفة. وهكذا يسأل فيتجنشتاين نفسه في الرسالة المنطقية الفلسفية Tractatus logico-philosophicus عما يمكن التعبير عنه من خلال اللغة ويوضح أن المعاني الأخلاقية والجمالية للعالم على سبيل المثال من الصعب إيصالها ونقلها من شخص إلى آخر، لدرجة أن الفلسفة تحكم على نفسها بالصمت من خلال السعي للكشف عن أفخاخ اللغة، ذلك أن اللغة تُستخدم للتعبير عن "حقائق" العالم ، وتعجز عن الإحاطة بما وراء ذلك. من خلال الكلام، ينتج الإنسان «قائمة - tableaux » للحقائق، بمعنى أن تمثيلاته تنقل الواقع من خلال ربط عناصره ببعضها البعض. في الواقع، يرى فيتجنشتاين أن العالم هو «مجموعة من الحقائق، وليس الأشياء- l’ensemble des faits, non pas des choses » ، لأن الأشياء تظهر دائمًا في علاقة معينة (مثل العلاقة بين الشيء ولونه). ومنذ ذلك الحين، أصبحت اللغة تتلخص بالضرورة في ذكر الحقائق: "التفاحة حمراء"، "المزهرية على الطاولة"، إلخ. ومع ذلك، لكي يتوافق الكلام بشكل جيد مع الواقع، يجب أن يكون للغة بنية على غرار بنية الواقع، وهذا يعني أن القضية الحقيقية لها بنية مماثلة لبنية الحقيقة التي تصفها. بالمقارنة، الرياضيات تقتصر على قول ما نعرفه أساسا وهو نوع من الحشو tautologies أو تحصيل حاصل. على سبيل المثال، قول "2 + 2 = 4" لا معنى له لسبب بسيط هو أن 4 لا تضيف شيئًا إلى 2 + 2، وهو ما يعادلها تمامًا وبالتالي فهي مجرد طريقة أخرى لقول ذلك. ولذلك يؤكد فيتجنشتاين أن العلوم الطبيعية وحدها هي القادرة فعليًا على قول ما هو صحيح وما هو خطأ. ومن ناحية أخرى، فإن كل شيء خارج العالم (القيم، الخير، الجمال، الله، إلخ)، على الرغم من أهمية كل هذه المفاهيم، لا يمكن التفكير فيها أو قولها. وهذا يقودنا مرة أخرى إلى بارمينيدس والفلسفة اليونانية ما قبل سقراط، ويؤيد ما قلناه سابقا عن فكرة العدم والعدمية بإعتبارها تكونت وتبلورت في أحضان الحضارة الغربية عموما وبالذات في ثنايا اللغة اليونانية التي أخترعت الكلمة أو المفهوم الذي يجمع داخله عشرات المعاني والتركيبات والإيحاءات وهو كلمة "الكينونة" بكل تفرعاتها وإشتقاقاتها. غير أن هذا لم يمنع ثقافات أخرى من خوض معارك مشابهة بوسائل مغايرة وبلغات مختلفة، كالفلسفة البودية على سبيل المثال والقائمة أساسا على فكرة قريبة من مفهوم العدم والفراغ واللاشيئية.
اللغة اليونانية كانت تتميز بخصائص معينة مكنتها من مواصلة مغامرة الفكر الفلسفي وتطويره إلى ما لا نهاية. وأول هذه الخصائص وجود أداة التعريف التي بواسطتها نأكد على الفرد أو مجموعة من الأفراد الذين تعنيهم الكلمة ولكن نشير بواسطتها إلى معنى الكلمة وجوهرها. أما الخاصية الأخرى والتي تعبر عن روح هذه اللغة وعبقريتها فهو وجود فعل الكينونة الذي يستعمل كرابط بين المسند والمسند إليه أو بين المبتدأ والخبر. ويتفق أغلب المؤرخين على أن خصوصية اللغة اليونانية كانت أحد العوامل الأساسية في تطور الفلسفة في إتجاه معين يختلف إختلافا جذريا عن الإتجاه الذي أخذته الفلسفة الهندية على سبيل المثال.

يتبع



#سعود_سالم (هاشتاغ)       Saoud_Salem#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فلسفة - الزمكان في اليابان
- فيكتور هوغو وطفل اليونان
- الكتابة عن الدم والأشلاء
- فلسفة الفراغ اليابانية
- الفكر المنغلق
- عن فلسفة النقل
- من بقايا أوراق السيد نون
- السؤال الذي يقتل
- الفلسفة بين الشرق والغرب
- التصوير أثناء الحرب
- الذي يكون والذي لا يكون
- الرصاصة ورقصة الغجرية
- أوليس وقوة الخداع
- أليس وأوليس
- عودة إلى ظاهرة الإرهاب
- الشعر وفلسفة التكوين
- الفكر والخيال واللغة
- المقص يأكله الصدأ
- تجار الحشيش وشيوخ النفط
- إنتحار الكلمات


المزيد.....




- -حماس- تصدر بيانا بشأن فلسطينيين تتوقع الإفراج عنهم مقابل 3 ...
- عمدة مدينة اسطنبول أمام القضاء وسط هتافات المؤيدين ودعوات لا ...
- أكبر تجمع للمسلمين بعد الحج .. مهرجان ديني على ضفاف نهر تور ...
- مشغلو المسيرات الروس ينقذون جنديا روسيا معتقدين أنه أوكراني ...
- لماذا يخشى ترمب تخلي -بريكس- عن الدولار؟
- ترامب: سأفرض رسوما جمركية على السلع الأوروبية لأن بروكسل تعا ...
- إسقاط 7 مسيرات أوكرانية فوق مقاطعة بريانسك الروسية
- فرق الطوارئ الأمريكية تنتشل جثث 41 ضحية في حادث تصادم الطائر ...
- زاخاروفا: روسيا قدمت بديلا للكتل السياسية العدوانية على السا ...
- المغرب واليمن.. توقيع 7 اتفاقيات لتعزيز التعاون


المزيد.....

- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - الفلسفة واللغة