أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي الجنابي - همسةٌ في رمضانَ معَ -أبي عدنانَ-















المزيد.....

همسةٌ في رمضانَ معَ -أبي عدنانَ-


علي الجنابي
كاتب

(Ali . El-ganabi)


الحوار المتمدن-العدد: 7939 - 2024 / 4 / 6 - 21:09
المحور: الادب والفن
    


(النص هو صفحة مقتطعة من كتابي " حواري مع صديقتيَ النملة")...

- مَن ذا أبو عدنانَ، أصَديقٌ هوَ لكَ أم نديمٌ، أم هو صَاحبٌ حميمٌ لكَ بودٍّ وحنان؟
- ليتني تَحَلَّيتُ بصُحبتِهِ في هذهِ، وتَجَلَّيتُ بصُحبتِهِ يومَ هَولِ صِراط فتَّان، بل أبو عَدنان هذا هوَ شَيخٌ أميٌّ تَناوشَ الثَّمانينَ وعَليها اثنان. ولقد قعَدتُ وإيَّاهُ ولا غيرَنا مَعنا في المَكان، جلَسنا أسفلَ منبرِ المَسجدِ فإصَّعَدنا مُحَلِّقِين في العَنان، فَفَقَدنا ساعتَئذٍ حقائقَ المكان وفَقَدَتنا دَقائقُ الزَّمان. أبو عَدنانَ هذا هوَ رجلٌ عَن عِبادةِ خَالقِهِ لا يَسأمُ ولها مُتَعَطِّشٌ ظَمآن، وتَريْنَهُ عَن بعدٍ بهيئةِ رَاكعٍ وَلهان، فظَهرُهُ مُحدَودَبٌ كعُرجون نخلةٍ في بُستان، ذاكَ انَّهُ يأبى الصَّلاةَ قاعِداً إلّا بهيئةِ قائِمٍ هَيمان، إنَّهُ القائِمُ بأمرِ اللهِ ﷻ المُتَنَسِّكُ الرّهبان. هكذا أحسَبهُ وذلكَ هوَ وصفُ أبي عَدنان. ثُمَّ إنّي قد قَصَفتُ بسَهمِ سؤالي مُقلَةَ عينِهِ المُفعَمَةِ بالأمان؛
- "إيهٍ أبا عدنانَ، كيفَ لكَ أن تَعبُدَ مَعبوداً بذا حَنانٍ، وتناجيَ رَبَّاً مَخفِيّاً فيما وراءَ سُحبٍ ودُخان"؟ فبَرَقَتْ في أبي عدنانَ المٌقلتَان، وردَّنيَ أبو عدنانَ بفزعٍ غيرِ ذي جَزعٍ وافتنان؛
"ويْسَ مَسمَعي وما سَمِعَ منِ استِبيان! أفلا أعبدُ ربيَ اللهَ، الفاطِرَ أهلَ التَّقوى والغُفران، خَالقي المُهيمنُ الحَكيمُ الرَّحمَن ﷻ". فرَدَدتُ مِن فَوري بِشَماتَةٍ على أبي عَدنانَ؛
"مادامَ رَبُّكَ مُهيمنٌ حكيمٌ رَحمن، ويرجو منكَ تَعبّداً كلَّ حينٍ وآن، وأرسلَ لكَ رسولاً يَصدَحَ في أُذُنِكَ سبعةَ أيامٍ بخَمسٍ من آذان، فلمَ إذاً كتبَ عليكَ المَوتَ ولم يَجعلْ التَعَبُّدَ بتأبيدِ أعوامٍ رَغدٍ وسَعدٍ حِسان، وما مِن حَاجةَ لقَصِّ قَصَصِ استخلافٍ وشَجرةِ تَخليدٍ وإغواءِ شَيطان"؟

واهٍ! قد غَمَّتْ غُيومُ سؤالي نَظَرَةً لأبي عدنان نقيةَ اللَّمعَان، وتِيكَ نظرَةٌ من مَنابِع ربِّها مُستَلهِمةٌ لِلمَعَان، بل قد سَمَّتْ سمومُ سُؤالي نبرَةً لأبي عدنان تَقيةَ المَعان، وذيكَ نبَرَةٌ بينَ أصَابِع ربِّها مُستَسلِمةٌ بأمان، وبَدَا ليَ لومضَةٍ أنَّ أبا عدنانَ كأنَّهُ حَيرانٌ بما أملَيتُ عَليهِ من تِبيان، وللمضةٍ كأنَّيَ أفحَمتُ فؤادَهُ بما أقحَمتُ فيهِ من غثاءٍ وغَثيان. ثُمَّ مُتَبسِّماً هَمْهَمَ أبو عدنانَ بخَلجَاتِهِ بعدَما لَمْلَمَ دَمعتَينِ من مُقلتَيهِ على وجنتَيهِ نَزلَتا بإيمان، ثمَّ مثلُهُ أنا مِن مُقلَتيَّ على وَجنَتيَّ نَزَلَت دَمعَتان...
لاريبَ أنَّهُما مِن أبي عدنانَ دمعَتا خُشُوعٍ وإيمان، ولكن أكانتا دَمعتايَ عن تَعاطفٍ مَعهُ أم كانتا عن إيمان. لستُ أدري يا نُمَيلَتي ومُحالٌ عليَّ أن أحيطَ بما في نفسي مِن شَأنٍ وشَنآن. وأظنُّ أنَّ التَّعاطفَ هو الأقربُ فلومَا دمعتاهُ لمَا نزَلتْ من عينيَّ الدَّمعَتان. وهل يَتَنَزَّلُ الدَّمعُ من فُؤادٍ رحَّالٍ بِبُهتان. هَمَسَ ليَ أبو عدنان بلهجةِ قُرويٍّ من ريفٍ وبِوِدٍّ وحنان؛
"لا أدري يا أُخَيَّ، بيدَ أنّيَ أعلمُ أنَّ رَبِّي غَنيٌّ ﷻ ورَحيمٌ بالإنسَان، وأنَّ ٱللَّهَ یُرِیدُ أَن یَتُوبَ عَلَیۡنا وَیُرِیدُ ٱلَّذِینَ یَتَّبِعُونَ ٱلشَّهَوَ ٰ⁠تِ أَن نَميلَ مَیۡلًا عَظِیمࣰا بِخُذلان. یُرِیدُ ٱللَّهُ أَن یُخَفِّفَ عَنَّا وَخُلِقَ ٱلۡإِنسَـٰنُ ضَعِیفࣰا ما بينَ هَوانٍ وطُغيان، وما مِن أحدٍ على ظَهرِها إلّا وهوَ فقيرٌ لِرَحماتٍ مِنَ الغَنيِّ بهَديٍ ودَرْس، ولبرَكاتٍ مِنهُ حين يَضُنُّ الغَرْس، ولعَطفٍ بشفاءٍ حينَ يأنُّ الضِّرْس، ولِلُطفٍ منهُ بوجاءٍ حينَ يَرنُّ التَّرْس بعُدوان. أنا لا أدري أُخيَّ بيدَ انّي أعلمُ أنَّهُ هوَ الغَنٍيُّ ﷻ عن شَجرٍ وحَجَرٍ وعنِ حَيوان، وعنِ مَلَكٍ وجَانٍّ وإنسَان". ثُمَّ تَنَهدَ أبو عدنانَ..
"أوَتُسائلُني أخيَّ لمَ إذاً كتبَ ﷻ عليَّ المَوتَ ولم يَجعلْها ألفَ ألفَ عامٍ رَغداً حِسان. لا أعرفُ أُخيّ، رُبَما رَحمتُهُ ﷻ صَيَّرتِ الالفَ ألفَ عامٍ مِئةً بنقصَان، لكيلا يَجعلَ في الدِّينِ من حَرَجٍ وفينا العاجِزُ والمُستَضعَفُ والكَسلان. ثُمَّ يَتَوفانا ﷻ فيَجعلُها عندَهُ هنالكَ سَرمداً في الجنان، فيرويَنا ﷻ مِن كَوثرٍ رَيّان، ويأويَنا على سُرُرٍ مَرفوعةٍ مع حُورٍ حِسان، في غُرَفٍ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٍ عاليةِ البُنيان، ويُمْدِدَنا من لَدنهُ بفاكهةٍ ونخلٍ ورمَّان، وقبلَ كلّ أولئكَ سَوفَ يَهَبُنا ﷻ نعمةَ عَفوٍ وغفرانٍ، ثمَّ تأتي منهُ سبحانَهُ المِنَّةُ الكبرى مِنَّةُ الرِّضوانِ، ويَومَئذٍ وحَسب تَسعدُ النَّفسُ المُطمَئِنةُ السَّعادةَ الحقَّ بأمان، ولسَوفَ نَعبدُهُ جميعاً هنالكَ عبادةَ أنبياء أخيارٍ بإمتِنان، لا عبادةَ أغنياءَ تجّارٍ بإفتِنَان، وستَعلمُ النَّفسُ أنَّ السَّعادَةَ في الأولى ما كانَت إلّا هَوسَاً وهَلسَاً وطَلسَاً أسوداً في حالكٍ من دُخان".
- قد أتاكَ أبو عدنانَ بجَوابٍ يا سَيِّدي من القُرآن. ولقد سَمِعتُ المذياعَ في غُروبٍ يصدحُ بآيةٍ في جَوِّ ذا البستَان، يَشرَحُ فيها الرَّحمنُ بلطَيفِ البَيان؛ "مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَٰكِن يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ "، ولعمري إنَّ هذا لخِطابٌ كَريمِ منَ القرآنِ، أتَى هُنا ليَنفيَ شَنَّةَ العَبادةِ ويَضفيَ مِنَّةَ اللهِ ﷻ عليكُم بإحسَان، وما بَدا هًنا أنَّهُ خِطابُ أوامِرَ مِن عباداتٍ بل كتابُ بَشائِرَ مِن رَحماتِ تُضفي بهَديٍ مُنيرٍ وشَرحٍ للدَّرْس، كما أَنبَأَكَ مِن قبلُ أبو عدنانَ بنَبيلِ هَمْس، كي تَتَكاثَرَ البرَكاتُ والقطفُ بهناءٍ حين يَضُنُّ الغَرْس ، وتَتَناثَرُ العافياتُ والعَطفُ بشفاءٍ حينَ يأنُّ الضّرْس، وتَتَواتَرُ الانتصاراتُ بلُطفٍ وبهاءٍ حينَ يَرنُّ التَّرْس. بينَما أمَدُ ما فُرِضَ فيهِ عَليكم من نُسُكٍ لا يَستَغرق في اليومِ إلّا كعَطسةِ رَضيعٍ في طَستِ غَطْس. نُسُكٌ عَفيفٌ أنزِلَ من فوقِ سَمواتٍ ذاتِ حُبُكٍ وحَرس. نُسُكٌ خَفيفٌ لكنَّهُ شَريفٌ ومُفَصَّلٌ عَلَىٰ عِلْمٍ، وهو هُدًى وَرَحْمَةٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ بالحقِّ وينأوْنَ عمّا هو عَكْس.



#علي_الجنابي (هاشتاغ)       Ali_._El-ganabi#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اسبينوزا الحَنين
- الصحافة بظرافة
- [ إنتخاباتٌ بينَ الشَّاةِ والفتاتِ ]
- بَغداديات؛ تَحْتَ مَوْسِ -عَادِلَ- الحَلاق
- النبي الأمين وغزة فلسطين
- رَقيُّ ديجيتالٌ رَقميٌّ
- عن رحيلِ -كريم العراقي-
- [ أنَا وَصَدَّامُ وَمُظَفرُ النُّواب ]
- [ مِن عَليِّ الجَنابي إلى عَليِّ السُّودانيّ مع التَّحية ]
- أنا والشَّيخُ محمَّدُ الغَزالي
- - بلْ لا قيمةَ للفَهمِ بلا أَدَب -
- عَصفُ الغَيْبِ وريحُ الشَّيبِ
- الشِّعرُ الحرُّ أبنٌ غيرُ نجيب
- تجَّارُ الجَمالِ الزَّائِف
- ما الأمرُ بِنُمُوٍّ بلِ إنقِلاب
- وأولئِكُمُ القَوْمُ العَبَث
- (القَولُ الفَصلُ في القَلبِ والعَقل)
- هَلّا دَرَيتَ أنَّك النّوْفَلُ النَّفَلُ
- مُناجاةٌ : (مَاذا عَسَانِي)
- صديقتي الخالة


المزيد.....




- عن -الأمالي-.. قراءة في المسار والخط!
- فلورنس بيو تُلح على السماح لها بقفزة جريئة في فيلم -Thunderb ...
- مصر.. تأييد لإلزام مطرب المهرجانات حسن شاكوش بدفع نفقة لطليق ...
- مصممة زي محمد رمضان المثير للجدل في مهرجان -كوتشيلا- ترد على ...
- مخرج فيلم عالمي شارك فيه ترامب منذ أكثر من 30 عاما يخشى ترح ...
- كرّم أحمد حلمي.. إعلان جوائز الدورة الرابعة من مهرجان -هوليو ...
- ابن حزم الأندلسي.. العالم والفقيه والشاعر الذي أُحرقت كتبه
- الكويت ولبنان يمنعان عرض فيلم لـ-ديزني- تشارك فيه ممثلة إسرا ...
- بوتين يتحدث باللغة الألمانية مع ألماني انتقل إلى روسيا بموجب ...
- مئات الكتّاب الإسرائيليين يهاجمون نتنياهو ويطلبون وقف الحرب ...


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي الجنابي - همسةٌ في رمضانَ معَ -أبي عدنانَ-