فوز حمزة
الحوار المتمدن-العدد: 7934 - 2024 / 4 / 1 - 12:21
المحور:
الادب والفن
رائحة الدم فوق ثيابه .. أيقظت مشاعر خوف قديم كان يظّن إن النسيان قد التهمها .. فإذا بها تكشر عن أنيابها .. أخذ يبحث عن مهرب في خيط نور تسلل عبر المنفذ الوحيد لها ليستقر إلى جانبه.
صوت خطوات تقترب منه بعد أن فُتحتْ الباب .. وهمسٌ لرجال تناهى إلى سمعه .. لم يتبين وجوههم .. شمَّ من ثيابهم رائحة الألم الذي يشعر به الآن .. هم أنفسهم من كانوا يعذبونه قبل ساعات .. لم تصدر منه سوى كلمتين قالها والخوف جعله يسحب ساقيه نحو صدره:
- من أنتم؟
جاءه صوت أحدهم:
- هل ظننت أن بمقدورك النجاة بما فعلت؟ لم أعهدكَ غبيًا .. أو لعل حدسي خانني هذه المرة .. هل تدري؟ أن حروفك لطالما كانت تروق لي .. أذكر جيدًا موهبتك في الكتابة..
كان يستمع للصوت وهو يراقب خيط النور المفترش أرض الغرفة .. لقد عرف صاحب الصوت .. أنه من الماضي .. الأيام التي سخر منها .. تسخر منه الآن .. ودون أن يبعد عينيه عن النافذة .. سأله:
- مَنْ أنت؟
الصوت لم يأبه له واستأنف يقول :
- كنت إنسانًا إلى أن قدمت نفسك قربانًا لأفكارهم .. استغلوا قلمك لينفثوا سمومهم في مدادك .. تلوثتْ كلماتك لتقتلك أنت أولًا فوق سطورك .. بعدها .. مات فيك الإنسان!
رائحة السجائر الرخيصة ملأت المكان .. حملته بعيدًا وألقتْ به في دهاليز ذكريات لا يسمع فيها سوى صدى لضحكات صبيين افترقا عند أول منعطف للحياة .. تحسس بقع الدم على ثيابه .. لقد يبستْ وأصبحت قاسية .. لكنها ليست أشد قسوة مما هو فيه الآن .. بدأت جراحه تستيقظ .. أشياء كان يعرفها لم تعد كما هي .. الكلمات التي يحسن قولها فقدت معانيها .. صور ما زال يحتفظ بها في مخيلته .. اختلطت ألوانها فضاعت بينها الملامح ..
كلمة نعم التي قالها في الماضي مقابل قلمه.. غيرت الوجوه والأماكن وتاهت بعدها الخطوات ..
انبعث صوت يعرفه من الزاوية الأخرى قائلًا: الطريق التي اخترت السير فيها ضيقة جدًا .. ولا تسمح بالعودة لأنك لم تبتع تذكرة الغفران ..
الخطوات وهي تدنو منه أخبرته بالنهاية .. أنفاس باردة اقتربت لتهمس
#فوز_حمزة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟