|
سليمان كرو إعلامي الإرادة الفولاذية!
إبراهيم اليوسف
الحوار المتمدن-العدد: 7934 - 2024 / 4 / 1 - 01:27
المحور:
الادب والفن
إبراهيم اليوسف
1-حكاية الرجل الذي هزم السرطان استيقظت اليوم، في وقت متأخر، بعد سهرة طويلة، لأجد أكثر من مكالمة هاتفية- فائتة- أولاها من قبل الفنان- حسين حاجي- الصديق المقرب إلى الصديق- سليمان كرو- ما دعاني لأعرف" ما الخطب؟"، قبل أن أقرأ رسالته إلي، وقبل أن أقرأ ما دون في مجموعات- الاتحاد العام للكتاب والصحفيين- التي يتواجد سليماننا في أكثرها، وكان له حضوره فيها على نحو لافت، سواء أكان ذلك من خلال الإدلاء برأيه، والتواصل مع الصديقات والأصدقاء، أو من خلال مشاركتهم أفراحهم وأتراحهم وتبادل الآراء معهم، بحيث يكاد لا يمر حوار بيني أو عام. أو مناسبة، ما إلا وتكون له مساهمته، رغم ثقل معاناته وعمق ألمه، بعد أن ابتلي بالسرطان اللعين. لم أعرف، ماذا أتصرف، وأنا تحت هول الصدمة، فقد رددت على هواتف بعض الصديقات والأصدقاء، على نحو سريع، وأنا أعيش سطوة ألم رحيل سليمان، فلا أكاد أستطيع أن أفعل شيئاً، فالزميل عبد الباقي حسيني أعد- النعوة- التي لا يمكن لي أن أدونها، إذ إن روح سليمان تحوم حولي. حواراتنا الواتسابية الخاصة تملأ هاتفي. صوته يملأ هاتفي: بلغ سلامي لأم أيهم وفائق وأسرتك فأرسل إليه هاتفيهما ليتواصلوا لقد تعرفت على الصديق سليمان في فضاء الحزب الشيوعي السوري، عن طريق إبراهيم كردي- سكرتير منظمة الرقة للشيوعي السوري- الذي قدمه في إحدى المناسبات، لأعرف أنه أحد مراسلي- صوت الشعب- الذين يرصدون شكاوى ومعاناة الناس ويرسلونها إلى الجريدة، في أخبار مكثفة أو مطولة، ولتتعزز تلك العلاقة أيام- الجندية الإجبارية- وتتعزز اللقاءات في حمص، وليزورني في بيتي، في التسعينيات ويقيم عندي- مدة من الزمن- وقد كتبت عن ذلك في كتابي- ممحاة المسافة-، باعتباره كان حاضراً عندما ارتمت ابنتي- هلبست- وكانت طفلة آنذاك في قدر مغلي على النار- للمربى البيتية- وكدنا نفقد أمل نجاتها، وشفائها، لولا حكمة الله، ما جعلنا ننتقل معاً إلى بيت الصديق سيامند ميرزو- المجاور- في فترة إجازة أسرته، ونمضي معاً ما اليومين الأخيرين من زيارته، كي يزورني بعد ذلك، مرة أخرى، بعد سنوات طويلة، وليظل تواصلنا مستمراً، لاسيما بعد بدء الثورة السورية، عندما كان في الأردن يقدم برنامجاً في أحد التلفزيونات الوليدة، وهو يحلم بالتغيير في مسقط رأسه. انتسب الصديق سليمان إلى رابطة الكتاب والصحفيين الكرد، منذ بداياتها، قبل أن يتحول اسمها إلى الاتحاد العام للكتاب والصحفيين الكرد 2016، ويكون أحد أبرز وجوه فرع الرابطة- الاتحاد، في إقليم كردستان الذي لجأ إليه، وأقام فيه إلى لحظة رحيله اليوم 31-3-2024، كي يوارى الثرى في مقبرة- داراتو- بعد أن عدل وصيته الأولى في أن يدفن في- كوباني- وكان من عداد الأعضاء الأكثر إخلاصاً لهذه المؤسسة. لقد انتسب إلى الرابطة عدد كبير من الصديقات والأصدقاء، المقيمين في هولير، في تلك المرحلة، وإن راح بعضهم ينضم إلى مؤسسات أخرى وليدة، لأسباب لا داع لذكرها، وليبقى في فرع الاتحاد في الإقليم عدد من الزميلات والزملاء المخلصين، ممن نعتز بهم ولم يلهثوا وراء الإغراءات، داخل هذا الفرع أو من حوله، بعد إعلان الحرب الذي تم على الاتحاد، وكان ذلك وراء انشقاقات عدة، قادها عدد من الباحثين عن- الامتيازات- في رسائل موثقة، إلى جانب بعض الأصدقاء والصديقات الذين تعرضوا للخدعة، إلا إن سليمان- وهو رجل الموقف العنيد- ظل وفياً للمؤسسة التي ينتمي إليها، وقد كان المشروع الذي تقدم به- نقابة الصحفيين الكرد 2013- الذي اختطف منه، أمام أعيننا، والذي ساندناه ورفاقه الأوائل- كرابطة أنا والزملاء جان كرد وعنايت ديكو وفدوى كيلاني وآخرون ما عدت أتذكرهم ، ضمن المؤتمر، وبعده، من دون أن نقاطع المؤتمر بعد وصول تهديدات من خلال بعضهم بدعوى أنها: من السليمانية و ب ك ك، وكنا في- الرابطة- من منحنا النقابة شرعيتها، كمؤسسة- من خلال عدم انسحابنا- وإن لم يتطور المشروع، وراحت الأحلام المعلقة عليه، كإطار جامع لمؤسساتنا الإعلامية، كما راح الراحل جوان ميراني يخطط لذلك، شأن كل مشروع سام ونبيل! لقد عرفت سليمان كرو- حتى في مرحلة انتمائه للشيوعي السوري- في الثمانينات وحتى أواخر التسعينات، من هؤلاء الشيوعيين الذين لا يتخلون عن همهم- القومي- ولقد سعى ضمن هذا الإطار، في مرحلة ما بعد الألفية، أو لنقل- ربع القرن الأول من الألفية الثالثة- لاسيما وانتسابه إلى- حزب آزادي- كقيادي، وعمله ضمن" ب د ك س" خلال فترة قصيرة، بعد تشكيل الجسم الجديد. كان سليمان كرو رجل- الطموحات الكبرى- رجل الأحلام الكبرى، إلا إنه في المقابل كان يعاني من ظروف حياتية جد صعبة: مرض الأب- مرض الزوجة- الهجرة- تردي الوضع الاقتصادي في فترة إقامته في الرقة، بسبب مرض الوالد. الوالدة. ومن ثم الزوجة، ومع هذا أسس جريدة- كردستان بيتنا- التي عثرت على بعض أعدادها مؤخراً، كما تخرج على يديه عدد من: الإعلاميات والإعلاميين الذين لم يتمكنوا من دراسة- الإعلام- لاسيما بعد مرحلة بدء الثورة السورية والحاجة الكبرى إلى: الإعلام، وقد استطاع بعض الذين تدربوا على يديه إيجاد فرص عمل لهم، في بعض المنابر الكردية المعروفة، ما دعاه للافتخار بهم. علاقتي بالصديق سليمان الذي كتبت عنه في كتابي- ممحاة المسافة- قديمة، وقد كان- بحق- أحد أكثر الأوفياء الذين عرفتهم، وهو لطالما كان يبوح بذلك لمن حوله، أتذكر أنه قبل إجراء عملية جراحية خطيرة له قال لي: حلمي أن أجري حواراً معك عبر بيف وكنت، كما مازلت أتهرب من الحوارات التلفزيونية- إلا إذا أكرهت على ذلك- فوافقت على ذلك- على الفور- كما يقال، وأجري معي حوار شامل مؤسس على الحب والصداقة العميقة العريقة، أعتز به، كأحد الحوارات الأثيرة التي أجريت معي من قبل مقربين من إعلاميينا. لقد كان سليمان جد غيور على مؤسسته- الاتحاد العام للكتاب والصحفيين- كما كان عضواً في منظمة حقوق الإنسان في سوريا-ماف، رغم ترجيحه العمل الإعلامي على أي عمل آخر. عندما اكتشف وهو في قامشلي إصابته بمرض السرطان، اتصل بي من هناك، وكانت أسرته تقيم في- هولير- ليعلمني بذلك، من دون أن ينقطع التواصل بيننا. يشرح لي مراحل مقاومته هذا المرض، ليكون أحد أكثر من أجريت لهم عمليات جراحية دقيقة بسببه، دون أن ييأس، فقد طلب منا قبل أسابيع أن يجري حواراً مع أحد ضيوف بيف وهو- عبدالرزاق محمد- مؤكداً أنه سيضاعف تناول المسكنات- الملطفة، رغم أنه ممدد على سريره، إلا إن الزميل عبدالباقي حسيني أقنعه بأن يعدل عن الفكرة، لأن صوته لم يكن يساعده على القيام بهذه المهمة.
لقد جهدت وعدد من الصديقات والأصدقاء من أجل تأمين رحلة علاجية له إلى- أوربا- كما حاولنا من قبل من أجل الصديق فرهاد عجمو رحمه الله- حيث كان سليمان يحلم بذلك، وتمت محاولات عدة، آخرها محاولة الصديق سيامند ميرزو الذي عمل بجدية من أجل ذلك، إلا إننا لم نفلح. إذ كنت أتمنى لو نحقق له هذا الحلم لأكثر من اعتبار، أول ذلك محاولة إنقاذ حياة- إنسان- وصديق-مع يقيني أن- ملوكاً وسلاطين ورؤساء ووزراء في العالم- لم يفلحوا في مواجهة هذا المرض اللئيم والخبيث! حياة سليمان كرو- رغم طيبته وبساطته وتواضعه- تعتبر بحق ملحمة من المعاناة والمواجهات، أمام شبح الواقع. شبح المرض.كابوس الهجرة. الغربة، رغم إنه بشهادة أحد زملائه أثناء الدراسة في" كري سبي- تل أبيض- الرقة- وهو الشاعر عمر بوزان- أنه كان الطالب الأكثر رفاهية وأناقة، من خلال معيشته، وملابسه، فقد كانا معاً في الثانوية، إلا إنه واجه منذ أول التسعينيات جملة متاعب، بعد مرض أبيه! حقيقة، ثمة الكثير الذي يمكن أن أكتبه عن- أبي فاضل- ووفائه، وإخلاصه لمن حوله ولمهنة- الإعلام- إذ إنه كان يعمل بشكل تطوعي، رغم حاجته القصوى إلى المال، مقدراً ظروف هذه المؤسسة التي كانت ولاتزال تعتمد في مواردها على تبرعات واشتراكات الأعضاء، لأن مرض السرطان- لاسيما مع حالة كحالته- يكبد أسرة المريض أموالاً غير ممكنة التحمل. جد حزين يا سليمان في يوم غيابك. جد حزين لأنني لم أتمكن أن أكون إلى جانبك في اللحظات الصعبة من حياتك. حزين لأن مناشداتي واتصالاتي لم تلق الصدى، وكان في الإمكان تحقيق حلمك لنلتقي هنا، وأرد إليك بعض جميل ودادك، عبرخدمتك، وهوما أملكه، إلا أني فشلت في ذلك، وانتصرت على هذا المرض الخبيث من دون أن تستسلم له، قبل أن ترقد هناك في- هولير- عنوانك الثاني، بعد كوباني. مسقط رأسك! يتبع.....
* تعازي إلى أسرته أم فاضل وفاضل والعزيزة خلات عمر وجميع ذويه أقربائه.
. .
#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عين الحياة: في رثاء الجارة الطيبة!
-
صفحات مطوية من انتفاضة الثاني عشر من آذار الكردية 2004- : من
...
-
صفحات مطوية من انتفاضة الثاني عشر من آذار (1-3).. إلى إبراهي
...
-
سبع عشرة سنة من الحفاظ على إحدى أهم المدونات الإلكترونية الك
...
-
الإعلام ما بعد الحداثي بين دورين متناقضين.. وسائل تواصل أم و
...
-
مؤسسات المجتمع المدني في دورها الكبير: الاتحاد العام للكتاب
...
-
فرهاد محمد علي صبري تسع عشرة سنة على الشهادة البطولية! إلى أ
...
-
جنديرس تناشد: ماالذي يمكن فعله؟
-
إيزيديو عفرين تحت ظل الاحتلال التركي.. جينوسايد وديانة مهددة
...
-
مابعد خطبة جنديرس: الدعوة لإجهاض الانتفاضة تحت ستار العلم
-
ثنائية الداخل والخارج في مواجهة الاحتلال التركي لعفرين
-
زنار عزام: لا، رجاء، لاتزال مواعد كثيرة في انتظارك!؟
-
مقالات: في محاولة وأد انتفاضة جنديرس.. دعوات الثأر من الضحية
...
-
رسائل انتفاضة جنديرس وهتك أكذوبة «المحرَّر!»
-
انتفاضة جنديرس: انتفاضة النار المقدسة
-
وابيشمركاه!
-
جنديرس تتزلزل، جنديرس تزلزل.. إلى آل بشمرك
-
السوشيال ميديا واستهداف الشخصية العامة:مقاربات التشخيص والمع
...
-
السوشيال ميديا: ونشر ثقافة الكراهية- في الدافع والمدفوع به!
-
استقلالية الكاتب -2
المزيد.....
-
-المتبقي- من أهم وأبرز الأفلام السينمائية التي تناولت القضية
...
-
أموريم -الشاعر- وقدرته على التواصل مع لاعبي مانشستر يونايتد
...
-
الكتب عنوان معركة جديدة بين شركات الذكاء الاصطناعي والناشرين
...
-
-لي يدان لأكتب-.. باكورة مشروع -غزة تكتب- بأقلام غزية
-
انطلاق النسخة السابعة من معرض الكتاب الفني
-
مهرجان الأفلام الوثائقية لـRT -زمن أبطالنا- ينطلق في صربيا ب
...
-
فوز الشاعر اللبناني شربل داغر بجائزة أبو القاسم الشابي في تو
...
-
الموصل تحتضن مهرجان بابلون للأفلام الوثائقية للمرة الثانية
-
متى وكيف يبدأ تعليم أطفالك فنون الطهي؟
-
فنان أمريكي شهير يكشف عن مثليته الجنسية
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|