أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جيلاني الهمامي - في ذكرى 20 مارس يأتينا الدرس من النيجر















المزيد.....

في ذكرى 20 مارس يأتينا الدرس من النيجر


جيلاني الهمامي
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 7922 - 2024 / 3 / 20 - 04:50
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في ذكرى 20 مارس يأتينا
الدرس من النيجر

أعلن متحدث باسم حكومة النيجر يوم 16 مارس الجاري ما يلي "إن حكومة النيجر إذ تأخذ في الاعتبار تطلعات ومصالح شعبنا تقرر بكل مسؤولية إنهاء الاتفاق المتعلق بوضع الافراد العسكريين التابعين للولايات المتحدة الامريكية والموظفين المدنيين التابعين لوزارة الدفاع الامريكية على أراضي جمهورية النيجر. وسيتم ارسال مراسلات ديبلوماسية إلى الطرف الأمريكي في هذا الشأن" نيامي في 16 مارس 2024. (1)
الدرس يأتي هذه المرة من النيجر. وتتعاقب الدروس وتتوالى من غزة إلى جنوب لبنان إلى اليمن إلى النيجر. دروس تشير كلها الى اتجاه واحد وهو رفع التحدي في وجه صعلوك العالم l’Etat voyou.
ان القرار النيجري صفعة جديدة في وجه جبابرة العالم الامريكان الذين كانوا يعتبرون صحاري وسهول وجبال وكل تضاريس افريقيا فسحة مفتوحة امام جنودهم واعوان مخابراتهم وشركاتهم وسماسرتهم. هذا القرار جاء ليقول لهم لقد ولى ذلك العهد وذهب أو ليشير على الأقل بأن عهدا جديدا قد انبلج ومن النيجر تحديدا.
بالعودة الى التاريخ القريب كان النيجر عرف في جويلية من السنة الماضية انقلابا عسكريا تم بموجبه عزل الرئيس السابق محمد بازوم وأعلن الجنرال قائد الحرس الرئاسي عبد الرحمان تشياني قائدا للمجلس العسكري الحاكم للبلاد. وكان قادة الانقلاب برروا مبادرتهم بالحيلولة دون "خطة عدوان ضد النيجر من خلال تدخل عسكري وشيك في نيامي بدعم من بعض الدول الغربية" كما جاء في تصريح المتحدث باسم المجلس العسكري الحاكم الجديد في نيامي.
لاقى الانقلاب صعوبات جمة خاصة على الصعيد الافريقي والدولي حيث ندد العديد من الأطراف به مثل "المجموعة الاقتصادية لدول غرب افريقيا" والاتحاد الافريقي والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الامريكية وفرنسا وغيرهم كثيرون كانوا هددوا جميعهم تقريبا بسحب المساعدات العسكرية والاقتصادية و"الإنسانية" كما هددوا بسحب استثماراتهم ومشاريعهم وخبرائهم. ولكنه في المقابل من ذلك نال دعم الجماهير الشعبية النيجيرية وخاصة في العاصمة نيامي. كما نال مباركة الأنظمة الجديدة في البلدان المجاورة مالي وبوركينا فاسو التي عرفت هي الأخرى تطورات مماثلة. وقد توطدت علاقات هذا الثلاثي مع مر الأيام حتى أعلنوا في شهر فيفري الماضي عن إنشاء اتحاد جديد "تحالف دول الساحل" بعد أن كانوا أعلنوا في جانفي الماضي اتفاق هذه الدول الثلاث على الانسحاب من "المجموعة الاقتصادية لدول غرب افريقيا" (ايكواس) رغم كل التحذيرات والتهديدات.
فهل نستطيع القول إن قرار النيجر يعطي إشارة انطلاق عصر التمرد الافريقي على كبريات قوى الاستعمار؟ أم هل هو مجرد تفصيل لا يزيد عن إجراء ظرفي وشكلي وغير ذي أهمية بالنسبة إلى سمات وخصائص الأوضاع هذه المنطقة وإفريقيا بشكل عام في فك كماشة القوى الهيمنية التقليدية إضافة إلى القوى الجديدة التي باتت لها أطماع جدية مثل الصين وروسيا والكيان الصهيوني؟
لنا عودة للإجابة عن هذه الأسئلة ولكن لنتوقف قليلا عند الدرس الذي يمكن أن نستشفه من القرار النيجيري والذي قد يكون فيه لتونس فوائد جمة لو أخذت به. إن المثال النيجري يضع الخطاب الرسمي التونسي الجديد منذ مجيء قيس سعيد للحكم، خطاب "السيادة الوطنية" ونبرة التمرد على المحك.
ترتبط تونس بعديد الاتفاقيات المعلنة والسرية مع القوى الاستعمارية الغربية، الأوروبية والأمريكية خصوصا وهي اتفاقيات منها القديم الذي يعود تاريخه إلى عهد الاستعمار الفرنسي المباشر (عهد الحماية كما يصر على تسميته الرئيس قيس سعيد) ومنها ما أبرم بعد 56 بما في ذلك اتفاقيات حكومات ما بعد الثورة (الاتفاقية السرية التي امضاه محسن مرزوق مع الإدارة الامريكية نيابة عن الباجي قائد السبسي).
الغالبية العظمى من هذه الاتفاقيات جاءت لتكرس الهيمنة الامبريالية على بلادنا وتسلّم بها وتذعن لها. وتمثل الاتفاقيات ذات الطابع العسكري وخاصة الاتفاقية التي أرسيت بموجبها "اللجنة العسكرية التونسية الامريكية المختلطة" من أخطرها على استقلالية القرار الوطني. أنشئت هذه اللجنة سنة 1980 على إثر أحداث قفصة. تجتمع هذه اللجنة بشكل دوري كل سنة وفي إطارها يقع الاتفاق على الشراكات الأمنية والعسكرية برامج "التعاون" لمكافحة التهديدات إلى جانب الاجتماعات الأخرى في مستوى وزراء الدفاع والخبراء كان آخر اجتماع بتاريخ 12 فيفري الماضي وقد جاء في بلاغات صحفية أن هذا الاجتماع تناول "التعاون الأمني وبناء القدرات المؤسسية وأمن الحدود ومراجعة برامج بناء القدرات الدفاعية لتونس التي تبلغ قيمتها ملايين الدولارات والتي تمولها الولايات المتحدة" إلى جانب تقييم الأنشطة العسكرية المشتركة ومنها " نجاح التدريبات العسكرية المشتركة الأخيرة، والتزام الولايات المتحدة بتعزيز أمن الحدود التونسية ومكافحة التهديدات الإرهابية، فضلا عن التحديات الدولية ذات الاهتمام المشترك بما في ذلك عدم الاستقرار في منطقة الساحل وخارجها".
في إطار هذه الاتفاقية (اللجنة العسكرية المشتركة) تتولى الامبريالية الامريكية تقديم مساعدات سنوية منها مساعدات مدنية لبرامج اقتصادية واجتماعية متنوعة ومنها المساعدة العسكرية السنوية والتي بلغت من سنة 2005 إلى 2010 "94 مليون دولار، أي 19 مرة حجم المساعدات المدنية" (2). أما بعد الثورة فقد تراوحت هذه المساعدة بين 29.5 مليون دولار سنة 2012 وبين 129 مليون دولار سنة 2016 واستمرت على ذلك النسق تقريبا (121 سنة 2017 و100 سنة 2018 و103 سنة 2019) فيما تم حذفها تماما سنتي 2021 و2022. (3)
اليوم ونحن نحيي ذكرى ما يسمى بـ"الاستقلال" نتأكد أكثر فأكثر، في ظل العولمة الشاملة، والتسابق بين القوى الامبريالية نحو إعادة اقتسام العالم إلى مناطق نفوذ، أن بلادنا وهي تعاني من أزمة حادة وعنيفة على جميع الأصعدة والمستويات تقع في "عين العاصفة الامبريالية". فهي في أكثر من مستوى خاضعة لإرادة كبريات الدول والاحتكارات ومنجرة في اصطفاف لا مصلحة لها فيه ومستقبلها مرتهن بإرادة هذه الدول والاحتكارات وقرارها السيادي غير مصان. ففي مثل هذه المناسبة ما أحوجنا، والحال أن الدعاية الشعبوية وظفت وتوظف كما لم يحصل من قبل مسألة السيادة الوطنية، إلى استيعاب الدرس النيجيري ومحاكاة قراره القاضي بإلغاء كل حضور عسكري أمريكي من على تراب الوطن. ما أحوجنا أن تكون حماية السيادة والكرامة الوطنية بقرارات فعلية وعلى رأسها الغاء هذه اللجنة العسكرية المختلطة التي تكرس حقا الهيمنة العسكرية الامريكية على بلادنا لا بمجرد خطب وشعارات تتنافى تماما مع الواقع والحقيقة.
جيلاني الهمامي

الهوامش :
(1) – بلاغ اعلامي متلفز من الحكومة النيجيرية منشور على الانترنت
(2) نص لمعز الباي على الرابط التالي
النفوذ الأمريكي في تونس: كيف أُنفقت ملياراتُ الدولارات تحت غطاء المساعدات؟ (alqatiba.com)
(3) – نفس المصدر



#جيلاني_الهمامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رمضان: شهر الاستهلاك المفرط بجيوب مثقوبة
- التطهير العرقي في فلسطين (1)
- حرب الإبادة الجماعية الإعلامية
- التجمّع العمالي 2 مارس ثم بعد؟
- تجمع 2 مارس : محطة نضال وليس فاصلا في حملات التسخين والتبريد
- المفاوضات بين الكيان الصهيوني والمقاومة لكل حساباته من أجل ت ...
- الاتحاد العام التونسي للشغل أزمة في الأفق: من المسؤول؟ وما ا ...
- تاريخ الحركة النّقابيّة التّونسيّة تاريخ أزمات
- من أخضعها اخضع سواها ومن ملكها هان عليه تملك غيرها (1)
- دفاعا عن اليسار النّقابي
- تفاقم أزمة البيروقراطيّة النّقابيّة
- اتّحاد الشّغل ومعركة الحرّيّة: أيّ دور؟
- المنتديات الاجتماعية، إجابة العصر المنقوصة
- استقلالية القرار النقابي: المظاهر والعوائق والآفاق( 1 )
- حول تمويل البنك المركزي لميزانية الدولة مباشرة
- حصيلة الثورة التونسية بعد 13 سنة: إلى ما قبل نقطة الصّفر
- حول بداية تحرير الدينار وأثاره الاقتصادية والاجتماعية
- قراءة سريعة في آخر تطورات الوضع السياسي في تونس
- الثورة التونسية: طابعها، آفاقها ومعيقات تطورها
- في الجدل حول الثورة ام الانتفاضة ومسائل أخرى


المزيد.....




- خريطة محدثة تكشف مجريات أحداث عملية إطلاق النار خلال تجمع تر ...
- رئيس الوزراء العراقي يقدم تعازيه بذكرى عاشوراء
- مسيرات حاشدة في عدد من دول العالم إحياء لمراسم عاشوراء (فيدي ...
- -اختيار الجمهوري فانس كمرشح لمنصب نائب الرئيس يثبت أن -الترا ...
- التطورات في البحر الأحمر رفعت أسعار السلع.. هل من حل في الأف ...
- هل يمكن أن يكون قطع العلاقة مع الأهل الحل الوحيد للضغوط العا ...
- استطلاع: نحو نصف سكان ألمانيا يخشون حربا مع روسيا بسبب نشر ص ...
- سيناتور أمريكي يشير إلى -أسوأ قرار- لقمة الناتو في واشنطن
- -حزب الله- يرد على مقتل 3 أطفال بجنوب لبنان بقصف مستوطنتين
- الجيش الإسرائيلي يعلن استهداف بنى تابعة لحزب الله جنوب لبنان ...


المزيد.....

- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جيلاني الهمامي - في ذكرى 20 مارس يأتينا الدرس من النيجر