أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد الله مزرعاني - الأميركي، «وسيط» أم عدوّ؟!















المزيد.....


الأميركي، «وسيط» أم عدوّ؟!


سعد الله مزرعاني

الحوار المتمدن-العدد: 7918 - 2024 / 3 / 16 - 10:02
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    




بوتيرة تساوي وتيرةَ تدفق أبرز قادة دول الأطلسي إلى الكيان الصهيوني، لإعلان دعم شامل وغير مسبوق لعدوانه على غزّة (بذريعة «حق الدفاع عن النفس»)، تدفقت وفود غربية، من مسؤولين في تلك الدول، إلى بيروت، ولا تزال. أمّا الهدف فمزدوج: الأول، الحؤول دون إقدام المقاومة اللبنانية على فتح جبهة لبنان تضامناً مع غزّة. الثاني، إحكام الحصار على القطاع وتصوير مقاومته ومواطنيه مرتكبين ومعزولين، ويستحقون أقصى وأقسى عقاب على يد آلة التدمير والإبادة الصهيونية. من شعار عدم «توسيع الحرب» (والمقصود استفراد غزّة ومقاومتها وشعبها) إلى تعطيل مجلس الأمن والأمم المتحدة ووكالاتها الإغاثية العاملة وذات الصلة، وخصوصاً «الأونروا»، انخرطت واشنطن في حماية العدوّ وتوفير كل أشكال ووسائل الدعم له على أمل أن يتمكن جيشه من تحقيق إنجاز، عزَّ، حتى بعد أكثر من خمسة أشهر، بسبب تضحيات وبطولات مدنيّي القطاع ومقاوميه، ما منع العدوّ من تحقيق أيٍّ من أهدافه رغم هول ما ارتكبه من مجازر وما توسّله من أساليب همجية.بعد تبرير العدوان والمشاركة في قيادته وتنفيذه (إلى حدٍّ كبير)، واكبت واشنطن خطواته ومراحله، بتمثيل دور «الوسيط»: من أجل تكريس نجاحاته في حال انتصاره، وتدارك خسائره وتقليصها، في حال انكساره! السياسة الأميركية ذات خبرة مديدة وتقاليد عريقة في هذا السياق: على مستوى المنطقة عموماً، وعلى صعيد الصراع الفلسطيني الإسرائيلي خصوصاً. أسّست واشنطن لهذا الدور، منذ العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 (بعد تأميم قناة السويس) الذي استغلّته واشنطن من أجل تحجيم ووراثة نفوذ الاستعمارَين الإنكليزي والفرنسي... بعد ذلك، وإثر فشلها في «تحييد» القائد التحرري الكبير جمال عبد الناصر، بالاحتواء أو بالتصفية، أنجزت اختراقها الكبير (بعد وفاته المبكرة والمثيرة للتساؤل!) عبر خليفته أنور السادات الذي استبدل حرب التحرير بحرب «التحريك»، متحوّلاً إلى الحضن الأميركي بوصف واشنطن حاملة «99% من أوراق» لعبة الصراع في المنطقة: فكان «كامب ديفيد» وكانت المعاهدة المصرية الإسرائيلية (26 آذار 1979)!
مذ ذاك، استأثرت واشنطن، تقريباً، برعاية العدوّ الصهيوني وتوجيهه ودعمه، وتأمين تفوّقه العسكري الذي بات ركناً محورياً في سياستها الشرق أوسطية. واكب ذلك، دائماً، عمل سياسي وديبلوماسي وإعلامي، مقترناً بضغوط متنوّعة، لتحقيق الجوهري من أهداف الصهاينة في فلسطين والمنطقة: (1) تكريس الاحتلال والتوسّع فيه إلى كامل الأراضي الفلسطينية (2) إدماج «إسرائيل» في المنطقة، قوة محورية في نطاق خطة الهيمنة الأميركية الشاملة عليها (3) مناهضة وتشتيت كل جهد فلسطيني أو عربي يذهب في غير اتجاه تصفية القضية الفلسطينية وإخضاع المنطقة العربية والشرق أوسطية عموماً للنفوذ الصهيو - أميركي. وقع دور «الوساطة» الأميركية، دائماً، في خدمة تلك السياسات والتوجهات. سهّل ذلك التواطؤ الرسمي العربي، ما عزّز الاستفراد الأميركي وإبعاد كل الفرقاء الآخرين: الأمم المتحدة وهيئاتها – الاتحاد الأوروبي – روسيا... نجم عن ذلك اتفاقيات «السلام» مع دول الطوق وم. ت. ف، واستفراد الأطراف وتشتيتها، وتحقيق إنجازات صافية لمصلحة العدوّ مع «دول الطوق»، والتراجع عن وعود وبنود في الاتفاقيات لمصلحة القضم والضمّ وتوسيع الاستيطان... وصولاً إلى حلقات التطبيع (خصوصاً مع دول الخليج) التي تمّت كلها بـ«وساطة» واشنطن وضغوطها. ثم إن واشنطن، وفي مجرى محاولات بعض رؤسائها وإداراتها لترسيخ مشروعها الإمبريالي العولمي وتعزيزه، أحلّت الشرق الأوسط، أحياناً، في مقدمة اهتماماتها. وهي صاغت للسيطرة على مصيره ومقدراته مشاريع محددة، بدور محوري للكيان الصهيوني، وبتناغم مع تطلّعات بعض قادته (ومنهم بيريز): «الشرق الأوسط الكبير» (بوش الابن)، و«صفقة القرن»(ترامب)...
سمحت واشنطن، بمواقفها وعلاقاتها وضغوطها، بأن يكون الصهاينةُ حاضرين على طرفَي الحدود والجبهات: سياسياً، وحتى عسكرياً أحياناً!

في الاختبار الغزاوي الفلسطيني الراهن، تواكبُ واشنطن، منذ البدء، وبحضور طاغٍ، عملية الإبادة، موجّهة وشريكة: في الميدان بحراً وبراً وجواً، وفي السياسة والديبلوماسية والإعلام والمنابر الدولية، كما في قاعات المفاوضات وكواليسها. هي تدير حملاتها باستخدام «شركاء» معلنين أومحجوبين، هم، عموماً، تابعون وأدوات لها. هذا ينطبق على «رباعية» باريس أو القاهرة حالياً. قد تفرض وقائع ومجريات الحرب، كعجز العدوّ وكاستخدامه للتدمير والتجويع والإبادة ضد المدنيين، أن تتمايز واشنطن حرصاً على بعض المظاهر أو لتقليل الخسائر وترشيد الأداء. إلا أنها لا تتخطّى أو «تخطئ» في الأساسيات! إذ هي تسارع إلى التأكيد على أنها، مهما تعاظم الارتكاب والإجرام الإسرائيليان، لن تتخلّى أبداً عن الدعم الشامل لمعركة العدوّ. ويحدث الآن، وبعد تفاقم فشل إسرائيل وخسائرها، رغم المجازر المروّعة، وبسبب الحملة العالمية الهائلة شجباً لهمجيّته ولداعميه، أن واشنطن لجأت إلى التضليل والتهريج عبر المساعدات المجوقلة: تغطية للحصار الصهيوني القاتل بالمجازر والتجويع، ولتهدئة نقمة انتخابية، ضدّ المرشح بايدن المتعثر في السباق الرئاسي إلى البيت الأبيض.
وفَّرت واشنطن، بمواقفها وعلاقاتها وضغوطها، وبتنكّرها بدور «الوسيط» خصوصاً، أن يكون الصهاينةُ حاضرين على طرفَي الحدود والجبهات: سياسياً، وحتى عسكرياً أحياناً! في السياق، وصل إلى لبنان قبل أسبوع وفد وزارة الخزانة الأميركية الذي هدَّد وأنَّب لأن رواتب لـ«حماس» و«حزب الله» تأتي وتوزع من لبنان، ما يمكّن هؤلاء «الإرهابيين»، حسب التوصيف والتصنيف الأميركيين، من استمرار القتال! لم يعترض أحد على هذه المهمة القذرة! بل إن الوفد التقى جهات رسمية، سياسية ومالية، وجهات غير رسمية («القوات»، و«مدنيّة» متعاونة مع السفارة الأميركية: «كلّنا إرادة»...)، لمواكبة مهمته وتعزيزها بحملة سياسية وإعلامية ضد «حماس»، وضد طرف لبناني هو جزء من السلطة الشرعية في البلد! أمّا الوسيط و«ملك لبنان» كما وصف نفسه، عاموس هوكشتين، فقد كرَّر زياراته مستنداً إلى نجاحٍ أحرزه في ملف الترسيم البحري الذي حقق للعدوّ مكاسب مهمة، كانت، أكبر بكثير لولا تدخل المقاومة مهدِّدة مجمل المفاوضات آنذاك. الرجل إسرائيلي خدم في أثناء غزوه للبنان. وهو جاء لهدف محدَّد: التهديد بحرب شاملة ما لم تهدأ جبهة لبنان، ويتمكن المستوطنون (يكلّف إيواؤهم الدولة الصهيونية 30 مليون دولار يومياً)، وفق ترتيبات أمنية وآمنة لمصلحة العدوّ! لكن «الوسيط» المزعوم اصطدم بصلابة موقف المقاومة في ربط وقف النار في لبنان، أولاً، بوقف الحرب على غزة.
يطرح كل ما تقدم، بين أمور أخرى، أحد أكبر الأسئلة: هل يجوز الاستمرار في التعامي عن حقيقة الدور العدواني الأميركي المتعاظم والوقح والخطير، والتعامل مع واشنطن، في لبنان والمنطقة، على أنها وسيط فريد ومتفرّد، ونزيه، أيضاً؟!



#سعد_الله_مزرعاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وليمة القتل بين بايدن ونتنياهو
- ماذا عن تلكؤ «الشارع» العربي؟
- جوهر التحرّر العربي: مواجهة مشروع الصهاينة وحماتهم
- خطة الاحتواء الأميركية قيد التطبيق
- بلينكن: خطّة استفراد غزّة وعزل إيران
- حرب بلا قواعد!
- الخاسر الأكبر
- إجرام الصهاينة: التفوّق على الذات!
- قمّة الاحتواء والتمييع
- معادلة الجزء والكل: واشنطن العدو الأساسي
- غزة العُظمى!
- مفارقات ما بين اللجوء والنزوح
- نظام اللامحاسبة
- السيادة في بازار الفئوية والارتهان
- خلل وتجاهل وعِبر
- بين سيئ وأسوأ
- أسباب وآفاق التحولات السعودية
- فتى الكتائب... مغامراً!
- عشرينية الاحتلال الأميركي: تغيير الوسائل وثبات الأهداف
- واشنطن... لمحات من مسار الهيمنة!


المزيد.....




- هيغسيث: إسرائيل حليف مثالي للولايات المتحدة
- علماء يكشفون كيف وصلت الحياة إلى الأرض
- ماسك يرد على ترشيحه لنيل جائزة نوبل للسلام
- برلماني أوكراني: زيلينسكي يركز جهوده على محاربة منافسيه السي ...
- رئيس جنوب إفريقيا يحذر نظيره الرواندي من عواقب الفشل في وقف ...
- مستشار سابق في البنتاغون: على واشنطن وموسكو إبرام اتفاقية أم ...
- منعا للتضليل.. الخارجية الروسية تدعو إلى التحقق بعناية من تص ...
- ترامب -يعلن الحرب- على دعم فلسطين داخل المؤسسات التعليمية
- لوبان لا تستبعد استقالة ماكرون
- ترامب يوقع أول قانون بعد عودته إلى المنصب


المزيد.....

- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد الله مزرعاني - الأميركي، «وسيط» أم عدوّ؟!