أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جاسم المطير - الاختطاف في الواقع و السينما ..















المزيد.....


الاختطاف في الواقع و السينما ..


جاسم المطير

الحوار المتمدن-العدد: 1751 - 2006 / 12 / 1 - 07:46
المحور: الادب والفن
    


في الوقت الحاضر يعتاد العراقيون على آفاق أسلوب يملكه بالفعل عدد غير قليل من القوى السياسية الظلامية والقوى البائدة والإرهابية ممن فقدوا توازنهم اثر سقوط الدكتاتورية في التاسع من نيسان 2003 فلجئوا إلى أسلوب اختطاف مواطنين أو قادة سياسيين أو صحفيين عراقيين وأجانب ودبلوماسيين وغيرهم ، بهدف الحصول على منافع مالية ( الفدية ) أو تحقيق مآرب سياسية معينة تتلازم مع الظروف الجبرية القاهرة التي يمر بها العراق ، وقد شاهدنا وسمعنا عن تبني منظومة من عصابات إرهابية متوترة تمارس قتل المختطفين وقطع رؤوسهم بسرعة وبراعة وسرية تفوق الخيال أحيانا .
يبدو أن أسلوب اختطاف المواطنين لم يعد بالنسبة للعراقيين شيئا فضوليا لكثرة ممارساته اليومية في العراق الجديد فكل مرة نسمع عنه أو نشاهد أخباره في الفضائيات التلفزيونية يدفع المشاهدين إلى الشهيق بألم ممض .
سؤالي هنا هل سيجد الاختطاف في العراق تفاعلا ما بنوع من العلاقة في التوثيق الأدبي أو الفني ، وبشكل خاص أحصر السؤال : هل يأتي يوم نرى فيه السينمائيون العراقيون يدخلون إلى جوف الإرهاب وقلاعه لكشف غلاف عمليات الاختطاف التي مارستها بآلاف الأنشطة الهمجية ، باسم الدين تارة وباسم محاربة الاحتلال تارة أخرى ، رغم أن موجات الاختطاف تطال الأطفال والمراهقات من طالبات المدارس والجامعات والموظفات حتى صار الاختطاف صورة متفجرة متكررة ، كل يوم ، في كل خبر عراقي . ثم انهي سؤالي المباشر بإشارة معدلة عن كيفية فتح باب الجدل السينمائي لتوليد نوع من التوثيق لهذه الجرائم الغريبة التي نراها في المنظر العراقي المعاصر .
ربما من الضروري الإشارة أيضا إلى أهمية التقاط تجربة سينمائية فرنسية جديدة تظهر لنا تفصيلات بعض خطوط عملية اختطاف القائد المغربي المهدي بن بركة المليئة بسلسلة طويلة من الأسرار التي لم تكشف حتى الآن رغم مرور عقود عديدة من السنين على حدوثها ، وظلت طوال هذه العقود تحت ضوء الجدل في فرنسا وفي المغرب وفي أماكن عديدة أخرى من العالم .
وقد انساب هذا الجدل نحو طرقات الفن السينمائي بل هيمن لزمن غير قصير وبتنويعات مختلفة على فصائل كثيرة من المثقفين الفرنسيين بأفكار وخاصية مؤهلة للعمل السينمائي على اعتبار ان السينما تحمل وسيلة مقنعة بحيويتها التوثيقية .
على سبيل المثال ، فكثيرا ما أثارت السينما الفرنسية جدلا واسعا بين المتخصصين، ليس فقط عن طبيعة الأغراض التي تسعى وراءها، بل أيضا عن خصوصية اختباراتها الأسلوبية الفنية المتنوعة.
اليوم، تشهد المجلات والصحافة الفنية في فرنسا جدلا متواصلا حول فيلم عنوانه شاهدت مقتل بن بركة الذي أخرجه سيرج لو بيرون، وهو الفيلم الذي عرض بمهرجان الإسكندرية في سبتمبر الماضي، تناول قضية واحدة من قضايا الاختطاف السياسي الذي أصبح الآن عنصرا رئيسيا، كما يبدو، من عناصر الضغوط السياسية في عقيدة بعض المنظمات والأحزاب والقوى التي تعتمد في بعض فاعليتها السياسية الاختيارية على هذا الأسلوب. هذه الاختبارات السياسية تقوم على افتراضات بوجود إمكانات معينة تعطي ثمرات سياسية معينة أيضا، لكنها لا تظل محدودة التأثير في نتائج الحركات الشعبية والإنسانية عموما، كما يظن صانعوها.
نتذكر أن ما حدث بلبنان في تموز 2006 من تدمير البنية التحتية الوطنية وقتل أكثر من ألف مواطن لبناني وتشريد مئات الآلاف من مساكنهم كان منطلقه الإسرائيلي هو الانتقام لخطف جنديين إسرائيليين من قبل حزب الله اللبناني .
قبل ذلك بشهرين أعادت 300 دبابة إسرائيلية احتلال قطاع غزة وقتل 300 فلسطيني، حتى الآن، إنما سببه ومنطلقه هو اختطاف جندي إسرائيلي من قبل منظمة إسلامية في فلسطين.

بعد ذلك سمعنا عن اختطاف جندي أميركي من أصل عراقي في منطقة الكرادة ببغداد فأصبح هذا الاختطاف، كما تشير البيانات والأخبار الرسمية وغير الرسمية، سببا مؤهلا لتطويق جيش المهدي بتكريس من قوات الجيش الأميركي في فرض حصاره على مدينة الثورة الشعبية وهي اكبر مدن العاصمة العراقية ولا احد يتكهن بما يمكن أن تؤول له نتائج الحصار.
هذه وغيرها الكثير من حوادث اختطاف صحافيين أمريكان، وفرنسيين، وايطاليين، وعراقيين، يمكن أن تكون في المستقبل عنصرا أساسيا دراميا في سيناريوهات سينمائية تكون عاملا مؤثرا في الرأي العام السينمائي والثقافي، تماما كما فعل فيلم شاهدت مقتل بن بركة من استدلالات سياسية حتى في مرحلة متأخرة من وقوع حادث اختطاف الزعيم المغربي المعارض المهدي بن بركة.
كان لهذا الحادث الذي وقع يوم 29 أكتوبر 1965 عن طريق البوليس السري الفرنسي الذي اعد خطة محكمة بالتعاون مع البوليس المغربي لاعتقال المناضل المهدي بن بركة. وقد أصبح الاختطاف مثار النقاش والجدل المحتدمين في فرنسا وفي العالم اجمع، في الستينات والسبعينات من القرن الماضي، وكان لذلك الجدل أثره الكبير في توجيه الأنظار إلى السياسة الاستعمارية الفرنسية والى إمكان تسخير العمل المخابراتي لمصلحة السياسة الفرنسية.
لمواجهة مثل هذه القناعات السياسية لدى بعض الحكام ومن اجل كشف الحقائق فقد انتظم سيناريو فيلم شاهدت مقتل بن بركة ليحكم العلاقة بين جريمة الاختطاف وكلفتها الواقعة على فرنسا ذات الحساسية والخصوصية الثقافية في العالم اجمع وفي بلدان العالم الثالث على وجه التحديد.
وظف المخرج إمكاناته السينمائية داخل منهج سينمائي مبتكر يعتمد في الأساس على نظرية الوثيقة باعتبارها من أهم نظريات تنمية معارف المشاهدين في تقديم الإجابات الصحيحة عن أسئلة كثيرة تتعلق باختبارات العمل السياسي القائم على المخابراتية أو اعتماد عمل المخابرات السرية على منطقية الحاجات السياسية وما يعكسه ميكانيزم التفكير السلطوي على خصائص النظام الفرنسي وريث الحريات والمبادئ الديموقراطية وحقوق الإنسان، بينما صارت عملية اختطاف بن بركة، احدى النقاط السوداء في حكومة ديغول وجلبت عليها العار ولطخت سمعتها بالوحل.
قدرات المخرج، وقوة السيناريو وإحساساته الداخلية المحكمة، جذبا أطرا سينمائية من فرنسا واسبانيا والمغرب في إنتاج مشترك لكي يظهر موضوع الفيلم بأقصى درجة من القدرة الإنتاجية لإنضاج مفردات السينما المتجددة في فيض ضخم من الأجهزة والمثيرات الفنية، الإخراجية والتمثيلية، للتعامل مع الكم الهائل من المعلومات الغامضة لكشف تفاصيل الاختطاف والاغتيال، اذ شارك في بطولة الفيلم كبار الوجوه السينمائية الفرنسية بادوار البطولة كل من سيمون ابكاريان و شارل بيرانج وجون بيارليو.
الفيلم صور في فرنسا والمغرب، يحكي عن القضية التي شغلت الرأي العام العربي والفرنسي منذ عام 1965 ولم تكشف ملابساتها، بعد، وهي قضية اختفاء الزعيم المغربي المعارض المهدي بن بركة في ظروف غامضة في باريس.
يلعب الممثل الفرنسي شارل بيرانج دور فيجون الذي عثر عليه ميتا بعد أسبوع من نشره مقالة في صحيفة الاكسبريس الفرنسية بعنوان شاهدت مقتل بن بركة وأثبتت التحقيقات بعد ذلك انه مات منتحرا.
اما دور المخرج الفرنسي فراتجو فقد اسند إلى الممثل الفرنسي جون بيار ليو في حين مثل دور المعارض المغربي بن بركة الممثل الفرنسي المعروف سيمون أبكاريان. إذ أجاد في دور المهدي بن بركة كقائد للمعارضة المغربية وأحد مؤسسي حزب الاستقلال واسهم بعد ذلك في إقامة الاتحاد الوطني للقوى الشعبية، وحكم عليه بالإعدام غيابيا مرتين في المغرب الذي هرب منه ليقيم مع عائلته في القاهرة . كان يذهب إلى المغرب سرا بين الحين والآخر لمتابعة النضال السري إلى أن اختطف في 29 أكتوبر 1965 في باريس.
استند المخرج سيرج لو بيرون في انجاز فيلمه إلى مجموعة من الوثائق الحكومية التي رفعت السرية عنها من قبل وزارة الدفاع الفرنسية، التي جعلت الفيلم مثيرا جديدا من مثيرات الإبداع السينمائي، مبتعدا عما فعله سابقا المخرج الفرنسي ايف بواسيه في فيلم الاغتيال المنتج في سبعينات القرن الماضي. اعتمد سيناريو شاهدت مقتل بن بركة على تجربة فريدة في تدوين ذكريات عن مثيرات أدبية وسياسية واجتماعية صاحبت فترة الخمسينات من القرن الماضي مما عزز مهارة الإخراج والتمثيل في تحويل الخاص الثقافي في الوضع الفرنسي إلى العام السياسي مقدما تفسيرا أفضل للظواهر السياسية التي قادت إلى الاختطاف والاغتيال، كأسلوب من أساليب وقف حركات شعوب العالم الثالث نحو التقدم إلى أمام عبر هذه الوثيقة السينمائية العميقة والواسعة الأفق التي فحصت الجريمة الفرنسية بدقة جميع عناصرها المتداخلة والمختلطة.
إن القيمة الأساسية لموضوع هذا الفيلم الفرنسي ليس في كونه وثــّق واقعة من الوقائع السياسية التي ذاع صيتها في العالم اجمع بل يمكن القول أن جدارة هذا الفيلم قامت على " كشف " بعض أصول هذه الجريمة وأسبابها وتفصيلاتها مما يقدم بنية سينمائية راسخة يمكن أن تقدم قدرة فنية فاعلة لسينمائيين عراقيين يمكنهم أن يضطلعوا بمسئولية " توثيق وكشف " الكثير من أحداث ووقائع العراق الحالي إذا ما امتلكوا إرادة حرة وتفكيرا تأمليا متخلصا من التشويش المفاهيمي الحالي السائد في عراقنا خاصة التشوش السياسي .



#جاسم_المطير (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأغنية كالماء والهواء يمكن أن تكون ملوثة ..!مسامير 1232
- مسامير جاسم المطير 1231
- فاروق لا تتعجب .. فاروق لا تتراجع .. فالأرض تدور..!مسامير 12 ...
- الفنان هو الذي يقول سوف أموت غدرا ..! مسامير 1229
- مسامير جاسم المطير 1228
- مسرح
- مسامير جاسم المطير 1227
- أيها المسلمون العراقيون : أين الله ..؟مسامير1225
- سندويج المنطقة الخضراء ..!مسامير1226
- مظلومة يا بغداد .. مشطوفة يا بغداد ..!! مسامير 1224
- النجف مدينة الملائكة والشياطين ..!!مسامير 1222
- مسامير جاسم المطير 1223
- لن يضيء مصباحك إن أنت أطفأت مصابيح الآخرين ...مسامير 1221
- أجاثا كريستي .. غابت ذكرى ميلادها ورحيلها لكنها حاضرة بيننا ...
- الإعدام .. عذاب لصدام حسين استحقه بجدارة ..!!مسامير 1220
- مسامير جاسم المطير 1218
- ادب
- هل تستطيع السينما الفلسطينية. محاورة المشاهد الأوروبي؟
- وقاحات الثعالب ..!!مسامير 1215
- مسامير جاسم المطير 1213


المزيد.....




- ميغان ماركل تثير اشمئزاز المشاهدين بخطأ فادح في المطبخ: -هذا ...
- بالألوان الزاهية وعلى أنغام الموسيقى.. الآلاف يحتفلون في كات ...
- تنوع ثقافي وإبداعي في مكان واحد.. افتتاح الأسبوع الرابع لموض ...
- “معاوية” يكشف عن الهشاشة الفكرية والسياسية للطائفيين في العر ...
- ترجمة جديدة لـ-الردع الاستباقي-: العدو يضرب في دمشق
- أبل تخطط لإضافة الترجمة الفورية للمحادثات عبر سماعات إيربودز ...
- الأديب والكاتب دريد عوده يوقع -يسوع الأسيني: حياة المسيح الس ...
- تعرّف على ثقافة الصوم لدى بعض أديان الشرق الأوسط وحضاراته
- فرنسا: جدل حول متطلبات اختبار اللغة في قانون الهجرة الجديد
- جثث بالمتاحف.. دعوات لوقف عرض رفات أفارقة جُلب لبريطانيا خلا ...


المزيد.....

- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جاسم المطير - الاختطاف في الواقع و السينما ..