|
الثمن الذى ندفعه من أعصابنا ودمنا وسعادتنا لنأكل
منى نوال حلمى
الحوار المتمدن-العدد: 7899 - 2024 / 2 / 26 - 22:14
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
---------------------------------------- هل أنا حُرة فى هذا العالم ؟. راحت وجاءت أزمنة ، وأنا أزهو بأننى ذقت طعم الحرية ، منذ أن كنت جنينا فى بطن أمى . راحت وجاءت أزمنة ، وأنا أشبك وردة الحرية ، بين خصلات شعرى ، والثوب الذى يلف قوامى . أشم رائحة وردة الحرية ، فتسرى فى أنسجتى طاقة غامضة تدهشنى . أروى الوردة بدمى ، أطعمها بنور الشمس ، وفى المساء أدفئها ، أغنى لها ، وأنام وهى فى أحضانى . كسرت تحريم التبنى ، وأصبحت طفلتى الوحيدة المدللة ، منحتها اسمى ، وكل ما أملك ، ربيتها ، رعيتها ، كبرتها ، حتى أصبحت شجرة وارفة الظلال ، شهية الثمار . هل أنا حُرة فى هذا العالم ؟ . أحقا مشيت كل هذا الطريق الطويل ، المفروش بالأشواك ، لأصل الى واحة الحرية ، وأنال جائزتها الكبرى ؟. وهل يمكننى أن أكتب بكل ارتياح على قبرى : " هنا ترقد امرأة وُلدت حُرة ، عاشت حُرة وماتت حُرة " ؟. هل أنا حُرة فى هذا العالم ؟. سؤال يشاركنى دفء السرير ، كل ليلة . ******************************************** كل عام مع اقتراب رمضان ، تستعد فتيات ونساء مصريات ، أن يلحقن بأخواتهن المحجبات ، كنوع من اكتمال الهداية الدينية ، مع الصوم والصلاة . سمعت كثيرا جملة : " ان شاء الله هاتحجب فى رمضان .. خلاص نويت .. وربنا هدانى .. كله باذنه سبحانه وتعالى " . وانتشرت بين المحجبات وغير المحجبات ، مقولة : " الحجاب حرية شخصية " ، بحيث أصبح السؤال عن الحجاب ، بأى شكل ، هو نوعا من التعدى الصارخ ضد الحرية ، وتدخلا غير مقبول ، يواجه باستنكار ، واتهامات . أسأل ، أين كانت " الحرية الشخصية " للحجاب ، فى الخمسينات ، أو الستينات من القرن الماضى ؟ .ألم يكن هناك دين ، أو اسلام ، أو أخلاق فى مصر ، عندما كانت الفتيات والنساء دون حجاب ، سافرات الشعر والوجه ؟؟. ألم نعرف " الحرية الشخصية " ، الا على أيدى الاخوان ، وتوابعهم ، الخارجين من الجحور، منذ منتصف سبعينيات القرن الماضى وحتى الآن ؟؟. واذا كانت " حرية شخصية " ، لماذا يشن أشرس هجوم دينى ، على المعارضين له ، أو على منْ تقرر خلع الحجاب ؟؟. واذا كان الحجاب حرية شخصية ، لماذا أصبح الرجال المسلمون ، يشترطون فى الزوجة أن تكون " محجبة " ؟؟. اذا كان الحجاب " حرية شخصية " ، لماذا طلب مرشد الاخوان المسلمين من الرئيس " عبد الناصر " عندما تولى الحكم ، أن " يحجب "فتيات و نساء مصر ، ويلبسهن طرح ، ورفض " عبد الناصر " ، وتهكم على طلبه ، فى واحدة من خطبه الهامة والشهيرة ؟؟. المفروض أن " الحرية الشخصية " ، لا تتعارض ، ولا تتناقض ، مع توجهات المجتمع الذى أعيش فيه ، والا فلماذا تكتب الدول الدساتير ؟؟.ان الدستور المصرى ، يمنع استخدام الرموز الدينية بأى شكل ، لأنه تمييز دينى صارخ على الملأ . " الحرية الشخصية " ، لابد أن تكون متناغمة مع مصلحة الوطن ، واختياراته ، ومحاربة لأعدائه فى الداخل ، والخارج . ومنْ لا يعجبه توجه المجتمع ، فليذهب للعيش فى أفغانستان مثلا . " الحرية الشخصية " ، أمارسها فى بيتى ، بطريقتى ، متى أشاء ، وكيفما أريد ، ولهذا اسمها " شخصية " ، ومكفولة للجميع . لكن لا توجد " حرية شخصية "، اذا كانت رمزا لعدو الوطن ، وترسخ التفرقة بالأزياء الدينية ، وتخلق معانى خاطئة للأخلاق . اذا كان الحجاب " حرية شخصية " ، للمرأة ، لماذا تلبسه خارج البيت ؟. اذا اقتصر الحجاب على البيت ، لن يراه أحد ، وبالتالى ، سوف تنتفى الرسالة التى يوجهها للمجتمع . أيها النساء والرجال ، اقرأوا التاريخ ، قبل تسمية الأشياء بغير مسمياتها ، حتى لا تجرونا الى مناقشة أمور ، من المفروض أن ننتهى منها ، جذريا ، لنصنع الدولة المدنية المصرية الحديثة . اننى على يقين ، أنه لا توجد فتاة أو امرأة محجبة ، فى بلادنا ،قرأت كتابا واحدا عن تاريخ الاسلام ونشوء الأديان ، وعلاقة تغطية النساء ، بصعود الأصولية والرجعية الدينية على رأسهما الاخوان المسلمين ، منذ منتصف سبعينيات القرن الماضى وحتى الآن . لا أعتقد أن الفتيات والنساء المصريات ، لا يعرفن شيئا عن واحدة من أعظم الثورات فى تاريخ البشرية ، وقام بها الشعب المصرى ، هى ثورة 1919 ، والتى نحتفل بذكرى ميلادها المائة وخمس فى 9 مارس القادم . فى هذه الثورة ، انتفضت فتيات ونساء مصر فى مظاهرات حاشدة ضد الاحتلال الانجليزى ، وقمن بخلع الحجاب ، الذى بدأ مرحلة جديدة فى تحرير المرأة المصرية . هل كان الشعب المصرى حينئذ ، أقل اسلاما ، وأقل تدينا ، وأقل أخلاقا ؟؟. لقد انهزم الإخوان يوم 30 يونيو 2013، وقال أحد قادتهم حينئذ مبتسما : " على الأقل انتصرنا فى تحجيب فتيات ونساء مصر ". ******************************************** برامج اعلامية كثيرة ، تحذر الناس من الإفراط فى الأكل ، والاخلال بقواعد الوزن المثالى ، والجسم المثالى . وننسى أن الذين يفرطون فى الأكل نسبة ضئيلة، حيث ما يزيد على ٤٠٪ من الشعب المصرى تحت خط الفقر، فكيف إذن يفرطون فى الأكل ، وهم أصلًا " فى منتهى الرشاقة " ، بفضل الفقر . أما الأغنياء الذين يعانون من السمنة الزائدة ، لأن لديهم أشهى المأكولات بوفرة ، ويقدرون على الإفراط فى الأكل ، فهم إما مرضى بداء عضوى يجعلهم يأكلون أكثر من احتياج الجسد، أو يعانون من أمراض نفسية مثل الاكتئاب، أو يشعرون بالإحباط والملل وانعدام الهدف وخيبة الأمل ، والندم على قرارات وسلوكيات ، فات أوان تصحيحها. إن المرأة مثلًا التى تُفرض عليها أدوار حددتها الثقافة الذكورية ، لن تسعدها، لن تنفعها، طرق التخسيس . المشكلة ليست فى الأكل ، ولكن مع منْ تأكل هذه المرأة ؟ . وفى أى إطار تأكل ؟ . وما الثمن الذى تدفعه لتأكل؟. لو اتبعت كل نصائح التغذية السليمة ، وزوجها يعاملها كجارية كل وظيفتها الطاعة العمياء ، تحتمل الوطئ ، والتنظيف والغسيل ، وتربية الأطفال ، هل يمكن لهذه المرأة ، أن تصبح حقا " رشيقة " ؟؟. والرجل مثلًا الذى يشعر بالتعاسة وخيبة الأمل ، بعد زواجه بامرأة كان يحبها ، واتضح أنها قيد على حريته ، وعبء نفسى ومادى ثقيل خانق ، سوف يفرط فى الأكل ، تعبيرًا عن هذه الحالة ، وتنفيسًا عن عجزه فى إنهاء هذا الزواج. ننام ونصحو ، على أخبار الإرهاب والحروب والمجاعات والجرائم البشعة من أجل الفلوس أو الانتقام أو الشرف أو الثأر ، ويتكلمون عن الجسم المثالى ، والرشاقة !!!!. نعاصر عدم العدالة والفساد الذى يتحايل على القانون، والازدواجية الأخلاقية التى ترسخها العادات والتقاليد البالية، والتعصب العنصرى والدينى الذى أصبح متأصلًا فى الوجدان، والفن المتدنى ، والقيم المخربة للانسانية ، ثم نتكلم عن معايير السعرات الحرارية الصحية ؟؟. هل يمكن أن نعيش وسط كل هذه الأمراض ولا نمرض؟ . هل يمكن أن نتواجد على كوكب محترق دون أن تمسنا النار؟ . من المستحيل أن نكون أسوياء على كوكب مريض . ومن الصعب أن نشعر بالسعادة ، فى عالم يعيش على جثث الفقراء والمهمشين والنساء والضعفاء والنازحين من أوطانهم ، وأن نكون عقلاء ، فى حضارة مختلة المقاييس .
#منى_نوال_حلمى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
- أمى - ليست ناقصة عقل ودين
-
بائعة الفجل وبائعة الشِعر
-
نعش اللعنات .. استعباد قصيدتان
-
الشيطان .. حبيبتك السابقة قصيدتان
-
هيئة الكتاب أماتت ديوانى الشِعرى قبل ولادته
-
أحبها .. الفرح قصيدتان
-
الطبيب الرومانسى .. قُبلة الحياة قصيدتان
-
أحبنى قليلا .. قصيدتان
-
اضطراب خماسى القطب ... قصيدتان
-
ألا أشتهيك لحظة .. قصيدتان
-
رأس المرأة ,, رأس المال .. رأس السنة
-
لست غاضبة منك .. أربع قصائد
-
كان عنده غسيل .. ثلاث قصائد
-
ماذا أعطيك ؟ .. لم يبق لى شئ .. قصيدتان
-
حضارة - الثقب -
-
تمجيد وتخليد رابطة الدم
-
العواصف تسقط الأوراق الميتة عن الشجر
-
- حماس - الجهاد المقدس لاتأسيس خلافة اسلامية عالمية
-
لنتجنب الخطر الأكبر
-
- مايسترو - جسدى .. قصيدتان
المزيد.....
-
الجيش الأوكراني يتهم روسيا بشن هجوم بصاروخ باليستي عابر للقا
...
-
شاهد.. رجل يربط مئات العناكب والحشرات حول جسده لتهريبها
-
استبعاد نجم منتخب فرنسا ستالوارت ألدرت من الاختبار أمام الأر
...
-
لبنان يريد -دولة عربية-.. لماذا تشكّل -آلية المراقبة- عقبة أ
...
-
ملك وملكة إسبانيا يعودان إلى تشيفا: من الغضب إلى الترحيب
-
قصف إسرائيلي في شمال غزة يسفر عن عشرات القتلى بينهم نساء وأط
...
-
رشوة بملايين الدولارات.. ماذا تكشف الاتهامات الأمريكية ضد مج
...
-
-حزب الله- يعلن استهداف تجمعات للجيش الإسرائيلي
-
قائد الجيش اللبناني: لا نزال منتشرين في الجنوب ولن نتركه
-
استخبارات كييف وأجهزتها العسكرية تتدرب على جمع -أدلة الهجوم
...
المزيد.....
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
المزيد.....
|