|
نداء من أجل إطلاق سراح الشباب المعتقل في السجون السورية
فلورنس غزلان
الحوار المتمدن-العدد: 1750 - 2006 / 11 / 30 - 11:31
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
أن تكون مواطناً سورياً وتعيش هول المرحلة وتحس بالهم اليومي لمعاناتك ومجتمعك، غدا الأمر سبة ولعنة سلطوية تقع على رأسك وتكون نتيجتها وبالاً عليك وعلى أسرتك ومعارفك وأصدقاءك، وخاصة لو كنت تملك قليلاً من الجرأة وشيئاً من الحس الوطني، وتؤمن بقدرك على مواصلة الكفاح من أجل وطن يتسع للجميع على اختلاف مشاربهم وانتماءاتهم الفكرية والمذهبية، أو الإثنية، فهذا يعني تجاوزك لحدود رُسمت لك منذ ولادتك وقدمت كتعليمات وقوانين تعتبر مقدسة ومن واجبات المواطن الأب والأم إرضاعك نهجها وتلقينك أصولها ليتسنى لك الحياة بسلام الحيوان في أقفاص الحدائق المعدة للمواطنة الصالحة !!، وإلا فمصيرك المحتوم هو جهنم أقبية الأمن وملاحقات كلابهم في كل زاوية ومحفل ، في الجامعة كما في المكتب، في الحي كما النادي، في البيت مع أهلك وفي المقهى مع أصدقائك، وتحاط بك شبكة عنكبوتية من التجسس والمراقبة، ويخصص لك وحدك وحدة من وحدات ( الساهرين على أمن البلاد) خوفا من أمثالك من المارقين والمرتكبين المعاصي بحق ...سلطة البلاد ، التي تحكمك بالحديد والنار وسلاسل العبودية.. الأمر يظل عرضة للمناورة هنا وهناك وإمكانية النفاذ بهذا القدر أو ذاك لمن كان كهلا ومخضرما مثلنا، وعاش حياته يقارع الاستبداد وأنظمته الشمولية، لكنه ليس على هذه الصورة عندما يتعلق بشبابنا..طلابنا ممن رباهم نظام الحزب القائد للدولة والمجتمع على الصياح والترديد والتهليل والتطبيل للقيادة الحكيمة ولحزبها ابن الشعب الكادح!! كديكة المزابل ، منذ ساعات السنوات الأولى لمراحل الدراسة حتى آخر عام من تحصيلك الجامعي فهذا يعني فشل تربيتهم العقائدية وأسلوبها " الكوري الشمالي ــ السوري " فشلا لم يكن في الحسبان، وأن هناك من يشذ على القاعدة، ويستطيع ذووه أن ينقذوه من براثن التحصين البعثي والحصار السلطوي، وهنا تصبح مأساته أكبر ، وتمسك به أيدي الطاغوت لتحيل مصيره إلى جحيم ومستقبله إلى كحل وعتمة، وتلفق له كل تهم الإدانة والجحود والنكران للمكتسبات الثورية التصحيحية، التي لم ترها ولم تلمسها عيونهم الشابة الباحثة عن الحقيقة، والتي تنبش بعمق وتَبَصُر وترى مقدار الألم والحسرة في نفوس أهلهم وأصحابهم، وتكتشف الفساد في كل دائرة تمر أوراقهم بها، ومع كل درس يتلقونه ويكتشفون زيف المظهر والمضمون التعليمي وخراب حركة العلم ومساره على أيدي صناع الثورة ومتنوريها!! فيحس بعضهم، ممن لا زال يملك الحس العام ويؤثر المنفعة العامة على الفردية والأنانية ويتجاوز الوصولية والطفيلية ، التي رباهم النظام التعليمي البعثي ليضمن ولاءهم، لكنهم تمردوا على الولاء ، واختاروا الوطن...وفكروا وتباحثوا فيما بينهم ، كيف يمكن لهم أن يحاربوا الفساد، وكيف يمكنهم أن يرفضوا الطاعة العمياء، وكيف يمكن لهم أن يكونوا أحرارا كما هي حال أمثالهم في بقية شعوب وممالك الأرض قاطبة، خاصة بعد أن دخل النت ودائرته الواسعة أبواب بيوتهم وأماكن وطرق تعلمهم، وفتحت أعينهم على عالم مختلف وأكوان لا تعرف شعارات البعث، تقول ولا تفعل وتمارس عكس كل الشعارات المطروحة والمفرغة من كل محتوى..هذا بالضبط ما جرى لبعض شبابنا النقي .... هذا بالضبط ما حصل لكل من :ــــ
عمر العبدالله ــــ علام فخور ــــ أيهم صقر ـــ ماهر إسبر ـــ حسام ملحم ـــ علي نذير علي ـــ دياب سرية ـــ طارق ماجد غوراني.. وقد تم اعتقالهم منذ بداية العام الحالي، فقد تم اعتقال كلا من " نذير العلي وحسام ملحم منذ منتصف كانون الثاني لعام 2006". وطارق الغوراني منذ أواسط شباط لعام 2006 ، وأيهم صقر وعلام فخوري وماهر إسبر وعمر العبدالله ودياب سرية منذ 18/3/2006 ، علماً أنهم قبل الاعتقال تعرضوا لحرب نفسية متواصلة واستدعاءات أمنية متكررة دامت أكثر من 25 يوما!!. هؤلاء الثمانية، ألقت بهم أيدي الطاغوت في غياهب السجن وحرمتهم من مقاعد الدرس والتحصيل العلمي، ومنعت عنهم زيارة الأهل والاتصال بذويهم، وكل ذنبهم ، الذي اقترفوه، أنهم سمحوا لأنفسهم باستخدام العقل، أنهم فكروا بالوطن وطريقة مغايرة لما تريده السلطة، أنهم تداولوا النقاش والبحث بكيفية الإصلاح، وطرق النهوض بالبلاد، لكنهم لم يتآمروا ولم يقيموا تنظيما، أو يتصلوا بغريب ...تريد سلطات الأمن محاسبتهم على ...النــــوايـــــــــــا! فالمواطن السوري، يجب أن يوطن النفس على أن يسمح للمخبرين والعسس بدخول جلده، والنفاذ إلى عقله وتفكيره، ومحاسبته على ما ينوي فعله ..والشك بكل نواياه، واعتبارها نوايا سوداء تريد الهلاك للوطن!!! كل ما اقترفته أيديهم الغضة وقلوبهم النقية المفعمة بالطيبة والمليئة بالأمل في غد أكثر إشراقا، وأوسع صدرا للنقد والحوار والنقاش وغسل العفن والأدران ، والقضاء على الفساد وخراب البلاد ، فهل أجرموا حين تداولوا شؤون البلد؟، هل كفروا حين تساءلوا لماذا نعيش كل هذا العسف؟، هل ضلوا طريقهم ، حين سولت لهم نفوسهم الشابة، بأن الغد لا يمكن أن يكون ظلاما بظلام، ولا يمكن أن يكون ظلما واضطهادا مستمرا، ولا يمكن أن يكون إلا بالمساواة بين كل الفئات وشرائح المجتمع على اختلافها؟!...هل تعني لقاءاتهم الصغيرة وتدوالهم بين بعضهم تآمرا على الوطن؟ ..هل شكلوا حزبا؟ هل نظموا مظاهرة؟ هل نظموا تجمعا أو عقدوا مؤتمرا يسيء للوطن وحتى للسلطة؟ هل شكلوا جمعية مناهضة للدولة ومعادية لخططها الخمسية والعشرية، هل خالفوا قانون الأحزاب والتنظيمات والجمعيات الحر والنزيه ؟ هل دخلوا بأحلاف وتنظيمات معادية للوطن؟ هل التقوا بأعداء الوطن؟ كل جرمهم يقف عند حدود المداولة فيما بينهم والنقاش ومحاولة الفهم لما يعيشونه وما يجري حولهم كمواطنين ليسوا بعثيين!! لكنهم كطلبة في الجامعات ــ وحسب عرف السلطة والنظام ــ محرم عليهم كل التحريم ومتهمون حتى نقي العظام، أن يخرجوا عن طاعة الحزب القائد، وأن يبحثوا أو يفتحوا على موقع يكتب لغير صالح نظام البلاد القائم..محرم عليهم أن يتابعوا أخبار الكون، وأن يهتموا بمجريات الحدث..محرم عليهم أن يفكروا ويتمنوا ويأملوا...إنهم مسجلون ومطوبون في خانات وأضابير الأمن ..مواطنون موالون ..مواطنون يُصلون ويحمدون رب السلطة وحُماة النظام وعليهم أن يبجلوا ويرددوا ويصفقوا ، وإلا فكل التهم جاهزة ومعدة لإدانتهم وللزج بهم في غياهب السجون، ليكونوا عبرة لكل طالب علم تسول له نفسه أن يفكر، أو ينوي التفكير بغير مخطط السلطة وبغير تعليمات رجال الأمن.. هاهم يحاكمون اليوم وتوجه لهم تهما باطلة زائفة في محاكم استثنائية ومن خلال قوانين جائرة ، باتت معروفة ومحفوظة عن ظهر قلب من أصغر مواطن سوري ، لأنها عبارة عن ( كليشيهات )..يختم بها القاضي ويبصم عليها دون أي رادع من ضمير ، ودون أن يعمل العقل والمنطق، ويرى في هذا الشاب الماثل أمامه ابنا له يُحرَم من تحصيله العلمي، ومن إتمام دراسته وهو متيقن من أنه لم يحمل سكينا لتقطيع البصل، ولم يشهر سلاحا بوجه جار أو زميل، ولم ينتهك عرضا، ولم يسرق مالا لأحد، ولم ينهب المال العام...كل مافعله..فكر وسأل وتساءل مع زملاء مثله، إلى ماذا ستؤول حاله ومستقبله وكيف يمكن لهم أن يعيشوا في وطن يتمتعوا فيه بحقوقهم ومساواتهم، بكل تآخ ومحبة وأمام قانون عادل يتساوى فيه المواطن السوري مع أخيه دون تمييز لعرق أو جنس أو انتماء سياسي... فهل كــــفـــروا؟ كليشيهات...وأختام...مكتوبة وجاهزة للتلفيق وإلصاق التهم، متوفرة وتزود بها مكاتب التحقيق العسكري والأمني المدني، ولدى كل قاض يتخذ منها إدانة وحججا ، يعلم مسبقا ، أنها باطلة، ومع هذا ينفذها..ويعود لمنزله وبين أولاد بنفس عمر هؤلاء الشباب ويتناول طعامه معهم...لكنه ينام قرير العين ، وملء جفونه !!!دون أن يأتي على ذكر ما فعله نهارا، وما أجرم فيه بحق أبناء وطنه ..فهل نناشد من بقي فيه ضمير منهم؟!!! ثم يعود في اليوم التالي لينطق بأحكام التهم ، التي لقنت إليه ووضعت بين يديه...لينال منهم ويكون له وسام السلطة في الزج بهم وقتل حقهم في الحياة، وحرمانهم من الحرية ومتابعة الدرس وبناء المستقبل...ولا يتوانى عن ترديد وإشهار التهم أمام أوليائهم المنتظرين فرجا وأملا على يد القضاء ( العادل)!! يتهم هؤلاء الشباب الصغار ب:ـــ 1 ــ تعريض سورية لأعمال عدائية وفق المادة 278 من قانون العقوبات السوري. 2 ــ نشر أخبار كاذبة من شأنها النيل من هيبة الدولة وفق المادة 287 من قانون العقوبات السوري. لكني من موقعي كمواطنة ترفض الانصياع للذل والظلم وترفع صوت الحق بوجه الباطل، لا أوجه اللوم للقضاء وحده، ولا للنظام وحده، ولكن لتقصير المعارضة أيضا، والتي لم تقم بجهد واضح وصريح من أجل هؤلاء الشباب الضحية، والذين سعوا حسب إمكانياتهم وقدراتهم لشق طريق الحق، ففي الوقت الذي يجب فيه على المعارضة أن تفتح صدرها وتحتويهم وتنفتح عليهم وتتبناهم وتتبنى قضاياهم ، نجدها بعيدة ومستسلمة لأقدارها واهنة وضعيفة ...خالية من الشباب وبعيدة عن معاناتهم...أما آن الأوان لننتفض وننفض عنا هذا الكابوس المقيت، كابوس الذل والخوف والصمت ، وحماية الرأس على طريقة أغنية وديع الصافي ( حايد عن ظهري بسيطة)!! أرفع صوتي وأصرخ بالنيام والمرعوبين من أبناء الوطن نساء ورجالا..شيبا وشبابا، أن يطالبوا بإطلاق سراح هؤلاء الشباب وعودتهم إلى مقاعد العلم والدرس، وإلى إطلاق سراح كل سجناء الرأي ووقف محاكمتهم وإخلاء سبيلهم فورا ليعودوا مواطنين فاعلين أوفياء لوطنهم، وبنفس الوقت أطالب العالم وذوي الضمير وكل منظمات المجتمع المدني عربية وعالمية ، وكافة المنظمات الحقوقية والتي تعني بحقوق الإنسان، أن تقف إلى جانب حق هؤلاء الشباب في إطلاق سراحهم وعودتهم إلى ذويهم ودراستهم، وحق كل سجناء الرأي في سورية أيضا، أن ينعموا بحياة حرة وبحرية تضمنها الشرائع والقوانين الدولية وكما يضمنها الدستور السوري، الموضوع على الرف، ويحكم المواطن اليوم بتهم ملفقة وبعيدة كل البعد عن قوانين الحق والعدل...أرجو من كل ذي ضمير أن يكتب لسلطة النظام السوري مستنكرا ومنددا بالحملة النكراء على هؤلاء الشباب ، وأن يرفع صوته التضامني لإطلاق سراحهم .. باريس 29/11/2006
#فلورنس_غزلان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
في اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة - المرأة العراقية ن
...
-
نعزيك يا لبنان ونعزي أنفسنا بك
-
المرأة ستكون صانعة القرارات الدولية في المستقبل القريب
-
يا معارضة..الوطن يغرق، من سينقذه؟
-
الموت العربي الرخيص
-
أين أقف؟
-
في كل الحروب.......المرأة ........هي من يدفع الثمن
-
المواطن السوري بين قبضة النظام، والسياسة الدولية في المنطقة
-
العراق بين المحتل والوطني!
-
بيني وبين الشيطان...بينه وبين الله
-
هل تقرر الانتخابات الأمريكية سياسة المنطقة في شرقنا الأوسط؟
-
نعيش دفئاً ونموت اشتعالا
-
كيف يرى العرب والمسلمون قضية الاندماج في الغرب؟
-
من يقف وراء إشعال الصراع بين حماس وفتح؟
-
أسألك ........ لماذا؟
-
متى تبدأ السعادة الزوجية ومتى تنتهي؟
-
كيف نفهم لغة الحوار في بلاد العرب والإسلام؟!
-
ليس لي...............وليس لكم
-
صرخة في وادي النوم السوري من أجل معتقلي الرأي
-
الطوفان يغرقنا ونحن لا نجيد العوم ولا استخدام المجداف
المزيد.....
-
أمريكا تكشف معلومات جديدة عن الضربة الصاروخية الروسية على دن
...
-
-سقوط مباشر-..-حزب الله- يعرض مشاهد استهدافه مقرا لقيادة لوا
...
-
-الغارديان-: استخدام صواريخ -ستورم شادو- لضرب العمق الروسي ل
...
-
صاروخ أوريشنيك.. رد روسي على التصعيد
-
هكذا تبدو غزة.. إما دمارٌ ودماء.. وإما طوابير من أجل ربطة خ
...
-
بيب غوارديولا يُجدّد عقده مع مانشستر سيتي لعامين حتى 2027
-
مصدر طبي: الغارات الإسرائيلية على غزة أودت بحياة 90 شخصا منذ
...
-
الولايات المتحدة.. السيناتور غايتز ينسحب من الترشح لمنصب الم
...
-
البنتاغون: لا نسعى إلى صراع واسع مع روسيا
-
قديروف: بعد استخدام -أوريشنيك- سيبدأ الغرب في التلميح إلى ال
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|