عبد الله خطوري
الحوار المتمدن-العدد: 7887 - 2024 / 2 / 14 - 22:43
المحور:
الادب والفن
وَصَلَتْ أهازيجُ آلمفازات المضطربةُ وآلأنحاءُ تُرددها آلأسماعَ كلها .. هكذا خلتُ آلأمر، هكذا توهمتُه، كذلك عاينتُه بأمِ أذنيّ .. لقد كان حقيقةً .. مَــنْ يدري .. لمْ أجرؤْ ولو للحظة أنْ أنحُـوَ برأسي جهة شلالات " تاشراراشت " الصادحة بِـصدى ( آهَـااااوَى ) تصِيتُ بها بَحّاتٌ إناث تنطُّ في آلخلاء بشكل يثير آلشجا ويدعو آلأقدام إلى مراجعة خطواتها لتقف رهينة رَجْع ينبجس من قاع الوادي كذرات تتناثر في الهواء ثم تجتمع في كتل موحدة، كتلة تتلو أخرى تتابع تُعَـرِّج على الدور صاعدةً .. تتخلل وُرَيْقات آلدفلى حسك الدلب عريشات آلصفصاف الحور والعنب وأفنان التين والزيتون .. تنحدر جهة الجثت التي هناك تتفسخُ في مبيتها آلخالد .. كنتُ واقفا مسمرا أصخي السمع لِــ ( مَـااااعْ ) جوقة قطيع آلعناز، وكلب الراعي (كسّاب) ينبح وجلجلةَ آلجراء، ولِـأتـان عمتي تجحش، ولحشرجةٍ لازالت تَرَدَّد في أبدان ضأن منهارة مستسلمة تنتظر في عذاب أفـولا لا يجـيئ ... كان صوتهم وحده الذي أبصرُه .. أعلمُ علم اليقين أنه يطوقني من كل مكان، أنه قد وصل ناحية منزل أخّام الواقع فويق الأطلال الدوارس ( الخوارب نْ سَنَّـجْ )، وشرع يهبط التلة جهة منعرج يُـظْهِـرُ _ في النهار _ ملامحَ دور البلدة بمقابرها المشرفة على وادي (المشرع)؛ أما في تلك اللحظة، فكل شيء كان غارقا في سواد قاتم عَـدا آلأنوار التي كانت ورائي تتخبط في مكانها كبقايا خيوط اللهب تطفر من خلالها عيونٌ جاحظة حانقة راصدة تحفر أظافرُها المعقوفة الأتربةَ ومنابت عروق الأدواح المُعَمرة تتحينُ تترصد تتصيدُ .. عبثا تحركتُ واضعا راحتيّ في طَبْلَتَـيَّ .. كنتُ أسمعُ كل شيء .. لَمْ أبال .. يجب عليَّ أن لا أستسلم .. قالت نفسي لنفسي .. أنْ لا أنـظـرَ .. لا بد ذلك ما ينتظرون ... عليَّ أَنْ لا أسقطَ في فخاخهم المنصوبة - كما يروي الناس - لعابري السبيل .. اِستمـرْ .. اِسـتمـرْ .. سِرْ .. لا تقفْ ..!!..
#عبد_الله_خطوري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟