أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نهاد ابو غوش - حرب غزة الكاشفة (2 من 2)














المزيد.....

حرب غزة الكاشفة (2 من 2)


نهاد ابو غوش
(Nihad Abughosh)


الحوار المتمدن-العدد: 7878 - 2024 / 2 / 5 - 12:36
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لم تقتصر آثار حرب غزة الدولية على كشف طبيعة النظام الدولي السائد، بل جاوزت ذلك لتطاول السياسات الوطنية واصطفافات القوى في كل دولة، فها هي تؤثر على الانتخابات الأميركية وفرص إعادة انتخاب الرئيس جو بايدن، وها هم المحتجون يلاحقون الرئيس ووزير خارجيته بلينكين وباقي فريق الإدارة أينما ذهبوا ويقاطعون خطاباتهم مطالبين بوقف إطلاق النار. وها هي مظاهرات عارمة بمئات الألوف تجوب معظم المدن والعواصم الغربية وتتسبب بازمات حكومية في بعض البلدان مثل بريطانيا، وباتت غزة موضوعا رئيسيا على أجندة الأحزاب والقوى الاجتماعية الأوروبية والغربية عموما.
ومن الأمور الصارخة التي كشفتها حرب غزة، مدى تهافت النظام الرسمي العربي وهشاشته، وعجزه عن التأثير في معادلة الحرب إلى درجة العجز عن إدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية التي تكدست في مدينتي العريش ورفح المصرية من دون أن يتمكن أحد من إدخالها إلا وفق الاشتراطات التعجيزية الإسرائيلية. عبّر النظام الرسمي العربي عن هذه الحالة بتأخير عقد القمة العربية الاسلامية المشتركة 35 يوما عن تاريخ بدء الحرب، ثم عبر تباطؤ الأداء العربي وانقسامه واكتفائه بالبيانات والمناشدة دون أن يفكر أدنى تفكير في مجرد التلويح باستخدام الإمكانيات العربية الهائلة، البشرية والاقتصادية والدبلوماسية للضغط على إسرائيل. حال الشارع العربي لم تكن في حال أفضل من الموقف الرسمي مع استثناءات قليلة، وهو أمر يمكن ان يعزى لسيطرة منظومات القمع أولا، ولضعف الأحزاب والقوى الاجتماعية التي يمكن أن تستوعب المشاعر الشعبية المتأججة وتحولها إلى فعل سياسي ضاغط يلزم الحكومات ويدفعها إلى الخروج من دائرة المراقبة والفرجة.
ينطبق كل ما سبق وبشكل أكثر فداحة وأسى على الموقف الرسمي الفلسطيني الذي تمثله قيادة السلطة ومنظمة التحرير الفلسطينية، وهي ما زالت تنظر إلى حركة حماس كمنافس لدود لها وليس كشريك وطني. اتسم الموقف الرسمي الفلسطيني بطابع انتظاري، وكأن ثَمّة من ينتظر إذنا بعودة السلطة لتسلم مهماتها في غزة، وصدرت رسائل وبيانات ومواقف هي أقرب للتضامن الذي يبديه الأخ البعيد والصديق منها لمن يتحمل مسؤوليات سياسية وقانونية وأخلاقية تجاه شعبه الذي يذبح ويباد، والأنكى من ذلك صدور عدة تصريحات بائسة يعتبر بعضها أن الأمر هو مشكلة بين حماس وإسرائيل، ويلوم بعضها الآخر (حماس) ويدعو لمحاسبتها، ووصل الأمر بأحدهم إلى درجة وصف الحركة بأنها "إرهابية" في ظل استهدافها الدموي من قبل إسرائيل. المفارقة أن كل هذه المواقف الهزيلة لم تشفع للسلطة في إرضاء الأميركي والإسرائيلي ولا في تحسين صورتها، بل ظلت محل اتهام من قبل الأميركيين بأنها فاسدة وبحاجة إلى إصلاحات جوهرية، كما أنها مهما فعلت ليست مقبولة من الإسرائيليين الذين يرفضون اي صيغة مهما كانت لإعادة توحيد الفلسطينيين ضمن اي أداة سياسية أو كيان.
كشفت هذه الحرب مدى زيف المؤسسات الإعلامية الكبرى، ومخالفاتها الفظة للمبادئ المهنية التي تقوم عليها الصحافة، فهي تبنت الروايات الإسرائيلية الملفقة بشأن "الفظائع" التي ارتكبتها المقاومة يوم السابع من أوكتوبر، ورددتها وبنت عليها روايتها وتغطيتها من دون الحد الأدنى من وسائل التحقق والتوثيق، لا بل ظلت مصرة على تجاهل الوقائع المادية والاعترافات والشهادات الإسرائيلية التي توالت عن مسؤولية الجيش الإسرائيلي في قتل العدد الأكبر من "المدنيين" الإسرائيليين إما بسبب الفوضى وانهيار المنظومة الأمنية، أو بسبب تطبيق بروتوكول "هانيبال" الذي يقضي بقتل الأسرى، ومن يأسرهم للحيلولة دون استخدامهم كورقة مساومة. لقد ثبت أن وسائل الإعلام الغربية الكبرى تتبع مصالح مالكيها ومراكز القرار في الغرب، فتنشر ما ينسجم ومصالحها وتهمل ما يتعارض معها، ويعود الفضل إلى انتشار "صحافة المواطن" وتقنيات الاتصال الحديثة في نقل الحقائق الدامغة عن معاناة الفلسطينيين والجرائم الإسرائيلية.
من أهم ما تجلى في هذه الحرب، الأكثر قسوة في العصور الحديثة، إعادة التأكيد على معادلات الصراع بين قوى غير متكافئة في إمكانياتها العسكرية والمادية، فهذه الحرب هي بين دولة تملك واحدا من اقوى جيوش العالم، ومدعومة بكل شيء من قبل أكبر وأقوى قوة عالمية في مقابل شعب محاصر ومخنوق ومحروم من أبسط مقومات الحياة الإنسانية. لكن القوة العسكرية الهائلة ليست وحدها في الميدان، وثمة دائما حدود لقدرتها على حسم المعارك، بينما القوة الشعبية البسيطة الإمكانيات المسلحة بإيمانها بقضيتها وبحقوقها، وبإرادتها في الحياة والحرية، يمكنها الصمود ومواجهة القوة الغاشمة، وتستطيع ابتداع أدوات بسيطة ومؤثرة مما يشبه العدم، وها هي تصمد في الميدان أكثر مما صمدت جيوش جرارة ودول، وتدخل إسرائيل في متاهات الأسئلة الصعبة عن معاني الانتصار وفرص البقاء والاستمرار.



#نهاد_ابو_غوش (هاشتاغ)       Nihad_Abughosh#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حرب غزة الكاشفة (1 من 2)
- تصفية وكالة الغوث على طريق شطب قضية اللاجئين الفلسطينيين
- التحركات الأميركية والإقليمية ومكانة القيادة الفلسطينية منها
- الفلسطينيون وقرار محكمة العدل الدولية
- رؤية للخروج من أزمة الشلل القيادي الفلسطيني
- تحولات خطاب حماس بعد وثيقة طوفان الأقصى
- الحالة الفلسطينية المأزومة وخيارات اليوم التالي للحرب
- تداعيات اغتيال العاروري فلسطينيا
- نقاط كثيرة سجلتها جنوب افريقيا بدعواها ضد إسرائيل
- ضربة قضائية لنتنياهو تفاقم من أزمته الداخلية
- أهداف عسكرية وسياسية لاجتياحات الضفة
- الحرب على غزة ترتبط بالضغط الأمريكي
- جائزة نوبل للسلام لنتنياهو!
- تجديد السلطة بين شروطهم ومصالحنا
- عن التباينات الأميركية الإسرائيلية
- كل هذا القتل والدمار والحقد على غزة!
- نتائج تجاهل الفلسطينيين وإنكار كونهم شعبا
- اغتيال المدينة والإنسان والحضارة
- بين الأهداف المعلنة والحقيقية للحرب على غزة
- عن الحرب والأخلاق بين دولة الاحتلال والمقاومة


المزيد.....




- ماكرون يطرد 12 موظفا في الدبلوماسية ويستدعي سفير بلاده في ال ...
- ابنتا بوعلام صنصال تطالبان ماكرون السعي لإطلاق سراح والدهما ...
- الجميع -هدف مشروع-.. محللة توضح أهمية الفاشر لـ-الدعم السريع ...
- إسرائيل: لن تدخل أية مساعدات قريبا إلى غزة للضغط على حماس
- عباس إلى دمشق الجمعة المقبل للقاء نظيره الشرع
- الداخلية التركية تعلن القبض على 89 إرهابيا يشتبه بهم بالانتم ...
- إسرائيل تفرج عن 10 أسرى فلسطينيين من قطاع غزة
- الحكومة اللبنانية تطلق مشروع إعادة تأهيل طريق المطار
- شاهد.. -سرايا القدس- تعرض مشاهد من قصف استهدف الجيش الإسرائي ...
- بكين تمدّ جسورًا مع جنوب شرق آسيا


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نهاد ابو غوش - حرب غزة الكاشفة (2 من 2)