أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مختار سعد شحاته - المخبر














المزيد.....

المخبر


مختار سعد شحاته

الحوار المتمدن-العدد: 7874 - 2024 / 2 / 1 - 14:22
المحور: الادب والفن
    


تمنيتُ لو أنّ الله خلقني مخبرًا، يرفعُ التقاريرَ إلى ربّ العباد، ويذيّل التقارير في الداخل بتقبيل أيادي "ولي النعم"، وعلى طرف المظروف أكتبُ "سري جدًا"، فلا تجرؤ عينُ ساعي البريد، ولا عين المعينين بالواسطة أن يفتحوا المظروف...
تمنيتُ لو أكتبَ التقارير عن مدرس الابتدائية الذي يصلبُ الأطفالَ في صليب ثورة العساكر والـ"يناير"، كأنه يطهرنا من الذين ضحوا، فنحن لا نستحق شرف الانتماء...
سأكتبُ في تقرير خاصٍ جدًا، أنَّ جارنا النطعَ الذي كلما مارس الجنسَ مع امرأته غصبًا، يشتمها ويخدش حياء الزعيم المُفدّى في لحظة النشوة بألفاظ بذيئة سيحمر وجهُ زعيمنا المؤدب متى يسمعها بأي حال...
لن أنسى الذين يصلون همزة القطع أو يقطعون همزة الوصل، ويكتبون الفعل "هزأ" بتحريف إلى (هزق)، في ادعاءِ تباسطهم السخيف، وهؤلاء الجالسين على البارات يسمعون الشعر ويزومون افتعالا...
سأكتب تقاريرَ في كل شيءٍ، في الماء، والكهرباء، والهواء، والمواصلات العامة، وطابور المدارس، وموظفي البصمة في المجالس المحلية بالقرى والمدن البعيدة، وفي باب المستشفيات، وفي كلاب الشوارع الواسعة، وسور كورنيش الإسكندرية البغيض، وآلاف البنات اللائي حررن شعورهن على المشاع عند سفح الهرم...
لن أنسى أطفال الشوارع، وباعة المناديل الصغار في الإشارات، والراغبين في النسيان في البارات، والمقتولين غدرّا على الأسفلت...
سأكتب في تقارير كثيرة عن الاقتصاد، وعبيد الدرهم والدينار، والذين غطسوا في براميل السخام، وما ماتوا، سأسب دين الدولار ومزارع شبعا المحتلة، وحزب الله والحشيش المغشوش، وكل الرتوش التي ظهرت في وجه عجوز ماتت من الرقص على باب لجان الانتخاب...
سأكتب تقاريرَ في الهواء الثقيل على صدور الفقراء، وفي الحياة التي تحاول أن تستقيم، وكيف لا تريد التوبة عن هذا الاعوجاج!!
سأكون مخبرًا مؤمنًا يصلي الجمعة والعيدين بانتظام، ويمسح وجهه بكفيه عند الدعاء، سألعب الطاولة، وأدخن الشيشة في انسجام واقتناع تامٍ أن الله اصطفاني لهذا الواجب المقدس، وكتابة مصير هؤلاء الناس...
ربما، أتزوج سرًا من امرأة تدَّعي الإخلاص للذين راحوا، وتُعاتب الأنذال على الدوام، وبين صلاتها ونهدها تنبتُ أمسيات من محال، تحاول أن تثبت للرجال قدرتها على الإغواء الطازج مثل طزاجة صوت طفل ينطق لأول مرة الكلام...
سأكون أنا المخبر الذي كلما نقلوا الكلام عنه استعاذوا بالله من النفاق، ورخص أيامنا التي ملَّت، سيفرح الناس كلما يجيء وكلما يمضي، سأكون المخبر السري الأول الذي يعرفه الجميع ولا يبالي...
سأكون قوادًا، سأكون صحافيًا، سأكون مدير بنك، وأحيانًا موظفًا في السجل المدني، ولن أمانع التدريس في فصول الكبار، أو الجلوس في جلسات فضّ النزاعات، سأمنح البراءات لمن يدفعوا ثمني، ولا أموت، فالمخبرون صاروا فكرة لا تموت...
سأكون سرمديًا، يمشي إلى جوار الدجال حين يأتي، ويكتب تقريره الأخير إلى عيسى، وربما المهدي، سأكتب التقارير في أهل النار، والشهداء، والصدِّيقين والأنبياء، سأكتب التقارير فيهم كِلهم، ولا أستثني أحدًا، حتى إذا رفعتْ الأقلامُ وجفّتْ الصحفُ، سيبقى تقريري أنا وحدي لوحًا محفوظًا وشاهدًا على العباد.



#مختار_سعد_شحاته (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في مديح طائر اللقلق
- سفينة نوح -نصّ بالعامية المصرية-
- ساندويتش كومبو
- إبراهيم
- أنا
- الأديب الذري الجائل -أديب القرية نموذجًا-
- قاهرة إنشراح التي هزمت ناصر
- المخبرون
- نوح
- بين أفخاذهن
- عربي 96
- الجنة
- رسالة إلى وزارة الأوقاف المصرية والأزهر.
- مصلوب
- عرفتُ
- حضرة الHR
- الصحاب يا رب.. نص بالعامية المصرية
- النصوص
- طابور النمل... (نص بالعامية المصرية)
- ATM


المزيد.....




- بأغاني وبرامج كرتون.. تردد قناة طيور الجنة 2023 Toyor Al Jan ...
- الرياض.. دعم المسرح والفنون الأدائية
- فيلم -رحلة 404- يمثل مصر في أوسكار 2024
- -رحلة 404- يمثّل مصر في -أوسكار- أفضل فيلم دولي
- فيلم -رحلة 404- ممثلاً لمصر في المنافسة على جوائز الأوسكار
- فنانون من روسيا والصين يفوزون في مهرجان -خارج الحدود- لفن ال ...
- اضبط الآنــ أحدث تردد قناة MBC 3 الجديد بجودة عالية لمتابعة ...
- كيف تمكنت -آبل- من تحويل -آيفون 16 برو- إلى آلة سينمائية متك ...
- الجزائر: ترشيح فيلم -196 متر/الجزائر- للمخرج شكيب طالب بن دي ...
- وفاة النجم الأمريكي الشهير تيتو جاكسون


المزيد.....

- توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ / وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
- مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي ... / د. ياسر جابر الجمال
- الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال ... / إيـــمـــان جــبــــــارى
- ظروف استثنائية / عبد الباقي يوسف
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- سيمياء بناء الشخصية في رواية ليالي دبي "شاي بالياسمين" لل ... / رانيا سحنون - بسمة زريق
- البنية الدراميــة في مســرح الطفل مسرحية الأميرة حب الرمان ... / زوليخة بساعد - هاجر عبدي
- التحليل السردي في رواية " شط الإسكندرية يا شط الهوى / نسرين بوشناقة - آمنة خناش
- تعال معي نطور فن الكره رواية كاملة / كاظم حسن سعيد
- خصوصية الكتابة الروائية لدى السيد حافظ مسافرون بلا هوي ... / أمينة بوسيف - سعاد بن حميدة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مختار سعد شحاته - المخبر