|
هواجس في الثقافة مقتطفات 41
آرام كربيت
الحوار المتمدن-العدد: 7871 - 2024 / 1 / 29 - 18:09
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
القضية الفلسطينة والعرب لو أن العرب تعاملوا مع القضية الفلسطينية على أنها قضية سياسية بامتياز، دون حمولات ثقافية أو تاريخية أو دينية أو طائفية أو قومية، لوضعنا خارطة الطريق أمامنا بوضوح ورؤية حقيقية، وبنينا عليها رؤية وهدف من أجل الحل. إن التشتت والبعثرة الذي مارسته الأنظمة العربية، كان مقصودًا ومدروسًا من قبلها، لأنها وضعت مصالحها، ووجودها فوق وعلى حساب هذه القضية العادلة. واضفت على الصراع حمولات ليس منها، وأنما جاء لمصلحتها، مصلحة الأنظمة، من أجل استمرار بقاءها وتسيدها فوق الهرم، من أجل ابتزاز الداخل بشكل لا يوصف عبر توجيه الأنظار نحو الخطر الخارجي، إسرائيل، من أجل التغييب المقصود للحريات الفردية والجماعية، وتغييب الدولة الحديثة، فصل السلطات، احترام أدمية الإنسان ووجوده، والبيئة والطبيعة. اليوم نرى الخراب في كل مكان، وما زال الخطاب العربي الخشبي مستمرًا، تمارسه الأنظمة والمعارضة في كل مكان. نذهب مع الفنان ناجي العلي عندما أخبرنا في أحد رسوماته: هذه شواربي راح أقصها إذا حرر العرب شبر واحد من فلسطين. هذه الأنظمة حولت الإنسان العربي إلى حشرة لا قيمة معنوية أو سياسية أو إنسانية له. علاقة الحكومات أو الأنظمة العربية مع إسرائيل جارية ومستمرة تحت الطاولة منذ تأسيس هذه الأخيرة وإلى اليوم، واللعب والكذب والنصب والاحتيال هو على الناس والمجتمع لتغييب وجودهم، وتضييع فرص العيش الكريم عليهم.
الحب حقيقة خالدة الحب ينتمي إلى الحقائق الخالدة، والعشق أيضًا. إنه يهزنا، يقلبنا رأسًا على عقب. إنه يريد منّا أن نعي ذاتنا. إنه يأخذنا من يدنا إلى البراري العذبة والعوالم الموحشة وإلى عوالم لم نألفها. ففي ألمه لذة ووجع، دونه لا نستطيع أن نبقى ومعه نرتعش ونضيع. إنها جدلية الحياة والبقاء والاستمرار. ففي اهتزاز القلب نطير ونحلق وفي صمته نخمد. إنه البركان يخمد فترات ويثور مرات، لكنه باق في ذاته.
جدي لا أعرف بالضبط ما الذي يربطني بجدي! هل هي حالة متفردة؟ حالة نادرة؟ قلق وجودي؟ قال لي يومًا عندما كنت في السادسة من العمر: ـ تعال وعش معي، لدي غنم وبقر ومعز وأرض، سيكونون لك، دع عنك الآلة، أنها حديد، قاتل. كل شيء يتحرك دون روح، مدمر، مخرب للحياة. مرات كثيرة، أسأل نفسي: ـ لماذا يعود جدي إلى ذاكرتي بين الفينية والأخرى، يعشعش فيها؟ لماذا أشعر بالانتماء إليه؟ إن الذي بيني وبينه، لم يعد له وجود، لم يعد هناك أي شيء يربطني به. هو في عالم، وأنا في عالم أخر. بيد أن السؤال يقول: ـ لماذا هو مهيمن علي؟ ساكن في بيتي، يتناول فطوره معي على الطاولة ذاتها وينام على مسافة قريبة مني. ومع أن المسافات بيننا بعيدة، بيد أنني ذاكرتي صنعته من ذاتي، على مقاسي، بعد أن أقلمه وأعيد خلقه ليصبح كتلة معجونة بمذاقي، ورؤيتي، لأستطيع أن أسوق ذاتي في ذاته.
في السياسة في السياسة يتم تقييم القوى والأحزاب السياسية والشخصيات السياسية سياسيًا. بمعنى نبعد الشخصنة عن السياسة، ونقول: الساقط سياسيًا ساقط أخلاقيًا. عندما أقييمك سياسيًا أنزع عنك موقفك الأخلاقي والإنساني، أجردك من كل الحمولات الجانبية وأضعك في ميزان الحسابات السياسية. نجاح أو فشل برنامجك السياسي وما تقدمه سواء على الصعيد الوطني أو الحزبي هو الذي يجب أن يقيم سلبًا أو إيجابًا. الشريف سياسيًا عندما يحمل الهم السياسي لوطنه وبلده ويعكسه في برنامج سياسي واضح وصريح عبر حزبه أو خطه السياسي. ممكن يكون فلان من الناس إنسانًا نزيهًا على المستوى الشخصي والأخلاقي، بيد أن تقييمه يتم سياسيًا.
التنظيم ربما ما سأطرحه فيه خيال، وربما أتفق مع مارتوف. عصرنا لم يعد يتحمل التنظيم السياسي أو الأحزاب السياسية كما كان سابقًا ما سأقوله كاقتراح: إن يكون هناك تنظيم سياسي مصغر مؤلف من مجموعة حكماء على درجة عالية من الثقافة ونكران الذات، يقرؤون الواقع قراءة موضوعية عبر استخدام التقنيات الحديثة، كالفيس بوك أو أية منصة، ويتم طرحه على العام، ويشارك فيها جميع المواطنين المهتمين، لخلق بيئة سياسية تهيء المجتمع للمشاركة في المصير، مصائر الدولة والمجتمع. التضحيات الفردية الذي قدمناها ذهبت أدراج الرياح، لم نغير أي شيء، ولا زال القمع قائم يحصد ملايين الناس بطريقة بربرية دون أي تغيير يذكر، بل يلغي كل شيء شيء. بحجة السرية برز على السطح الزبد كبكداش وفيصل وغيرهم من النكرات أو الفقاعات التافه. إن الطرح الفكري والفلسفي والسياسي على العام أفضل من احتكار الخاص لحزب ما، كالمكتب السياسي أو اللجنة المركزية، احتكار الشأن السياسي العام وفرضه على الصغار فكرا وممارسة، وان لا نسمح لهؤلاء المحتكرين أن يفرضوا واصاياهم، أو فوقيتهم على غيرهم، حتى لا يضع مصلحته الخاصة فوق مصلحة العام، ويقرر بنيابة عن الجميع. هذا اقتراح. لنتذكر اننا نعيش في بيئة ثقافة غارقة في الماضوية، بنيتنا النفسية مخلخلة، تحتاج إلى قراءة، قراءة تعشق السرية والبعد عن الانكشاف. إن السرية تنسجم مع العقل القبلي والعشائري ونابذة للعقل المدني والعقلاني. المازوخية أو السادية، هي أحد اكتشافات علم النفس الحديث في الغرب. النفس الإنسانية مريضة، في حالة انتقالات كثيرة، وتأخذ أشكال مختلفة، كالكآبة أو الحزن العميق أو الانتحار، الوسواس القهري، العصاب، الذهان، البرانوية، الشيزوفرينية. هذه الحالات موجودة في الشرق كما الغرب. الحضارة التي نعيش في كنفها، تخلق أمراضها منها وفيها ومعها وتتوسع طردا مع الأيام. يمكن اللطم أبسط أنواع الأمراض الدونية الظاهرة للعيان، بيد أنها تصبح أقسى مع الكآبة والانفصال عن الوجود.
الصنم الصنم الذي صنعته بيدي ما زال قائمًا ومستمرًا. إنه حي يرزق. في البدء عشقته، ركعت عند قدميه مرات وغنيت له مرات وبكيت مرات ومسحت دموعي في دموعه مرات كثيرة. لم تتعب النفس من هذه العبادة. وتفنت في محاولة صنع الأجمل والأكثر صلابة وديمومة. نثرت عليه الألوان الجميلة والمبهجة والشفافة، ليتماهى مع السماء والأشجار والبحار والأنهار حتى لا يتغير ويتبدل. إنه حال الزمن والحياة مع كل بدء. ففي كل محاولة من محاولات النقش بالأزاميل لتشكيل الأنقى والأكثر ديمومة وبقاء، أرى طحلب سام صغير نبت من داخل الصنم وانتشر وتمدد وشكل له الكثير من الثقوب الكبيرة والصغيرة ينذر بأن بقاءه لا رهان عليه. وخرابه منه وفيه. قلت لنفسي: ـ إن عشق الصنم منّا وفينا، أنه يجول في داخل داخل كل واحد منّا، يسرح ويلعب. مهمتنا الوحيدة لنبقى على مسافة، أن نشغل أنفسنا في عدة أصنام حتى لا يأسرنا واحد محدد ويخنقنا. الصنم حقيقة واقعة وواقعية وعلينا التعايش معه. وعلى كل واحد منّا الجلوس معه والتعرف عليه بشكل جيد ويتعاون معه.
لا حاجة لي بالخلود طالما سأغادر هذه الحياة في يوم من الأيام، فلا حاجة بي إلى الخلود بعد الموت. أحب أن أعيش حياتي كما أراها وأقتنع بها، دون أبعاد ميثولوجية. الخلود هو خلود الكون وسليله المسمى الزمن، ولا خلود غيرهما. الزمن مرتبط بوجود الكون، الزمان والمكان خالدان طالما الكون موجود، الكون مشكل من كلاهما
الحيازة الأعضاء الجنسية لدى الإنسان هي حيازة له، وهبتها الطبيعة له، لامتاع نفسه والآخر. أغلبنا يظن أنه ملك نفسه، لكن عمليًا أن نفسه كامن في الآخر، دونه الحياة خواء. عندما نذهب إلى الآخر، نكون محملين برؤية مسبقة أننا نذهب إليه من أجل أنفسنا، أن نمتع أنفسنا به، وهذا صحيح، لكن عمليًا أن الآخر يأخذ منا على قدر المسافة الذي نأخذ منه. كلانا، الأنثى والذكر، لديه رؤية مسبقة عن نفسه، رؤية غير ناضجة، تتعلق بالملكية والحيازة. والحياة حيازة وليست ملكية، تعطى لتسيير شؤون الوجود والبقاء.
عن المظلوم يتحمل المظلوم جزء كبير من الظلم الواقع عليه، لأنه لم يعمل على إدارة حياته وتغييرها وتطويرها، لم يفكر في نتائج الظلم الذي يحمله وسيحمله لأبناءه من بعده. لا يكفي أن نضع الحق على الظالم وحده، أليس الغباء ظلم، انعدام الوعي ظلم، البحث عن السلامة الأنية ظلم، البعد عن معرفة سبب الظلم الواقع عليه؟ أول من يهرب من مجابة الظلم هو المظلوم نفسه، لا يريد وجع الرأس أو تعريض حياته للخطر المباشر، لهذا يؤجل مظلوميته إلى الأمام، إلى المستقبل، بعدها يحملها لأولاده. لقد ارتضى المظلوم أن يبقى هامشيًا، تافهًا، لا قيمة سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية له. مسؤولية الخراب الاجتماعي، الانقسام الاجتماعي، هو مسؤولية الظالم والمظلوم، وعلينا أن لا نحمله لجهة واحدة، وأن المظلوم هو السبب الأول الخراب الذاتي له،. علينا أن لا نعفي المظلوم من المسؤولية، أنه صراع، ومن يهرب من الصراع شريك في هزيمة نفسه.
عن الديمقراطية لقد نظرنا إلى الديمقراطية على أنها طريق خلاصنا الأكيد. نظرنا إليها من زاوية مصلحية ضيقة، انتخابات ـ برامج اقتصادية وسياسية، لم نفكر إلا في هذان الجانبان؟ وماذا عن بناء الإنسان، الثقافة، المعرفة؟ هل يكفي أن نجهز الإنسان ليدخل سوق العمل ويتحول إلى آلة هاضمة للذات ومجهزة لهضم الآلة؟ لهذا نرى المجتمعات الديمقراطية، هيكلية جامدة متآكلة، جافة القلب والرؤية، التضامن فيها سياسي اجتماعي نخبوي، الإنسان فيها بعيد جدًا عن معرفة بنية الدولة وأبعاد حساباتها على المستوى المحلي والعالمي. الديمقراطية ليست صندوق انتخابات، ووصول سياسيين براغماتيين قذرين مثل أورسولا فون دير لاين او بايدن أو جيك سولفان أو غيرهم إلى سدة الحكم، وكفى الله المؤمنين شر القتال. الديمقراطية هي بناء الكائن، المعرفة، عمق الانتماء إلى الكون والكائن على مدار الكرة الأرضية، والحرص على الكائنات الأخرى بما فيها البعوض والذباب. الديمقراطية الانتقائية هي لعبة النخبة المالية والسلطة، هي إدارة السلطة. سيقول البعض، أن الديمقراطية لا زالت الخيار الأنسب في عالم اليوم، إن الاستبداد الآسيوي والديكتاتوريات المسعورة نخرت عالمنا كله، لا يمكن أن يكون الاستبداد هو الخيار الانسب؟ هؤلاء المستبدين ليسوا خيارا، الاستبداد منظومة أبوية قميئة ومدمرة ولا يمكن أن أضعها في حسابي عندما أتكلم أو أكتب عن الديمقراطية. لقد شرب الاستبداد دمي كله أو ما تبقى منه. ربما الملايين لم تعشه بشكل مباشر لم تعشه، أما أن فقد عشت في سجن تدمر وأعرف ماذا يعني أن تنام خائفا، وجودك كله يرتعش من الخوف. المستبد كائن متوحش لا قلب له ولا ضمير، ودولة الاستبداد انتجت هذا الكائن المشوه الذي شوه الحياة كلها
#آرام_كربيت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هواجس في الثقافة ـ مقتطفات ـ 40 ـ
-
هواجس في الثقافة مقنطفات 39
-
هواجس في الثقافة مقتطفات ـ 38 ـ
-
هواجس في الثقافة مقتطفات 37
-
هواجس في الثقافة مقتطفات 36
-
هواجس في الثقافة مقتطفات 35
-
هواجس في الثقافة مقتطفات 34
-
هواجس في الثقافة مقتطفات 33
-
هواجس في الثقافة مقتطفات ــ 32 ــ
-
هواجس في الثقافة مقتطفات 31
-
هواجس في الثقافة مقتطفات ــ 30 ــ
-
هواجس في الثقافة مقتطفات ـ 29 ـ
-
هواجس في الثقافة مقتطفات 28
-
هواحس في الثقافة مقتطفات ــ 27 ــ
-
هواجس في الثقافة مقتطفات 26
-
هواجس ثقافية مقتطفات ــ 25 ــ
-
هواجس في الثقافة مقتطفات 24
-
هواجس في الثقافة مقتطفات ـ 23 ـ
-
هواجس في الثقافة مقتطفات 22
-
هواجس في الثقافة مقتطفات ـ 21 ـ
المزيد.....
-
لاستعادة زبائنها.. ماكدونالدز تقوم بتغييرات هي الأكبر منذ سن
...
-
مذيع CNN لنجل شاه إيران الراحل: ما هدف زيارتك لإسرائيل؟ شاهد
...
-
لماذا يلعب منتخب إسرائيل في أوروبا رغم وقوعها في قارة آسيا؟
...
-
إسرائيل تصعّد هجماتها وتوقع قتلى وجرحى في لبنان وغزة وحزب ا
...
-
مقتل 33 شخصاً وإصابة 25 في اشتباكات طائفية شمال غرب باكستان
...
-
لبنان..11 قتيلا وأكثر من 20 جريحا جراء غارة إسرائيلية على ال
...
-
ميركل: لا يمكن لأوكرانيا التفرّد بقرار التفاوض مع روسيا
-
كيف تؤثر شخصيات الحيوانات في القصص على مهارات الطفل العقلية؟
...
-
الكويت تسحب جنسيتها من رئيس شركة -روتانا- سالم الهندي
-
مسلسل -الصومعة- : ما تبقى من البشرية بين الخضوع لحكام -الساي
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|