|
بالقذافي و صدام و الأسد و بدونهم ، نحن دول و شعوب فاشلة
مازن كم الماز
الحوار المتمدن-العدد: 7859 - 2024 / 1 / 17 - 22:12
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تتحول دولنا و مجتمعاتنا إلى دول و شعوب فاشلة تباعًا و سريعًا و لا يهتم أحد لفهم ذلك أو لتحليله و هذا مفهوم ، يقول ماركس أن البشر يطرحون على أنفسهم الأسئلة التي يمكنهم الإجابة عنها و إذا صدقنا الرجل فنحن اليوم نتهرب من السؤال لأننا لا نملك إجابة عنه أو لأن الإجابات مؤلمة و قد لا تطاق … تقدم النظرة الميتافيزيقية لواقعنا صورة عنه باللونين الأبيض و الأسود ، بالنسبة للأنظمة تكمن مشكلتنا أو مشكلتها بالأحرى في المعارضات و المشكلة هنا أن هذه المعارضات عاجزة و ضعيفة و متهالكة لدرجة أن الزعم بأنها قد تشكل مشكلة لأحد هو محض هراء ، و المعارضات أيضًا تقول نفس الشيء عن الأنظمة فهي تعدنا بجنات عدن بمجرد سقوط الأنظمة أما في الواقع فعندما تسقط الأنظمة تتبعها مجتمعاتنا إلى الحضيض : سقط القذافي ، أطيح به أو بالأصح أطاح به الناتو لكن ليبيا اليوم أفشل مما كانت في عهد الأخ القائد و سوريا الحرة الخارجة عن سيطرة الأسد ليست بأفضل حال من سوريا الأسد و التخلص من ديكتاتور كسياد بري أو صدام حسين جاء فقط بأمراء الحرب و زعماء الميليشيات مكانهم و لم تصبح الدنيا وردية ، لم تزهر الأشجار و لم تزقزق العصافير ، لا حرية و لا عدالة و لا غيرها ، لا حقوق إنسان و لا أسعار رخيصة و لا حتى كهرباء أو ماء و لا أحد يعرف لماذا أو حتى يهتم بمعرفة لماذا أو كيف أو أين ذهبت الحرية و العدالة و أين اختفت العصافير و الأزهار و أين أو كيف نجدها مرةً ثانيةً … أما الغرب فلا تفهم ماذا الذي نريده منه ، إذا أسقط صدام و القذافي نتهمه بالتدخل و العنصرية و الاستعلاء و إذا لم يسقط الأسد و السيسي نتهمه بنفس التهم لكن هذه المرة لأنه لم يتدخل ، و سواءً تدخل أم لم يتدخل فالنتيجة نفسها : استبداد عسكري أو ديني و حروب أهلية و طائفية و مذهبية و عشائرية علنية أو كامنة و انهيار دولنا و مجتمعاتنا إلى دول و شعوب فاشلة لا تستطيع شيئًا سوى الشكوى و التسول تتناهبها عصابات شتى ، إننا نرى الغرب كعدو و كمخلص في نفس الوقت و هذه مشكلة لنا أكثر مما هي مشكلة للغرب و نحن اليوم نطالبه بعبء الرجل الأبيض و بأن يتصرف كمستعمر حسن السيرة و السلوك … أما "التيار اليساري" في معارضاتنا اليوم فهو تيار حقوقي مشغول بالتنظير "لحقوقنا" المفترضة و في مقدمتها حقوقه هو أولا دون أن يحتاج للتفكير و لو للحظة بكيفية حصوله أو حصولنا أو "منحنا" هذه الحقوق ، هذه ليست مشكلته و لا تشغل هذه القضية و لا حتى دقيقة من تفكيره ، هذا ليس مستغربًا كما أعتقد أنكم تتوقعون فهذه و غيرها هي مشكلة الغرب ، نفس الغرب الاستعماري الاستشراقي العنصري الذي نتحدث عنه طوال الوقت ، إننا نتصرف و كأننا لسنا في عالم زاخر بانعدام العدالة حيث يجب فرض العدالة فرضًا ، في عالم يقوم على الصراع و النضال حيث علينا أن نناضل فيه كغيرنا من البشر لننتزع ما نعتقد أنه حق لنا بل كأننا في مطعم أو سوبر ماركت ليس علينا سوى أن نطلب و ننتظر الطلب أو نلقي باللوم على صاحب السوبرماركت … لا أعرف كم قد يعزينا أننا لسنا وحدنا في هذا المستنقع فكثير من دول امريكا الجنوبية و أفريقيا و آسيا تشاركنا هذا المصير ، استعمرنا معًا و تحررنا معًا و نفشل سوية اليوم معًا أيضًا … لا شك أن طريق أوروبا إلى ما هي عليه اليوم كان معقدًا و مليئًا بالتراجعات و الآلام و الدماء لكننا نتراجع على طول الخط و الأروع هنا أننا لم نغد نرى تخلفنا تخلفًا و لا تراجعنا تراجعًا ، إذا كنا نتقدم فإننا نتقدم إلى هاوية تبدو حتى اليوم بلا قعر … هل أدلكم على ما هو أفضل من الشكوى و البكاء و الصراخ كأطفال ، حاولوا أن تجيبونا لماذا جاء ألف قذافي بعد القذافي و ألفا أسد بدل الأسد و لماذا أصبحنا دولًا و شعوبًا فاشلة و أصبحنا أكثر عجزًا و تخلفًا و استبدادًا بعد التخلص من طغاتنا أو أين نجد طغاة مستعدين للتنازل بسهولة أو جاهزين لأن يساعدونا في رعاية منظمات المجتمع المدني و تطوير أحزاب المعارضة و تعزيز الحياة السياسية و إذا لم يكن الغرب لا مصباح علاء الدين و لا بديل الاله الذي سيحقق لنا كل ما نريد و نحن قاعدون بمجرد أن نتمناه ، فمن الأفضل ، على مستوى الجماهير على الأقل ، أن نبدأ بمواجهة واقعنا كما هو و عالمنا كما هو مهما كانت الاستنتاجات و التفسيرات مؤلمة ، أن نبدأ بالتفكير بحلول أخرى غير انتظار هبوط الحل من السماء ، من الغرب هذه المرة … كان ماركس على حق مرة أخرى : فالدين أي انتظار الحل من السماء أية سماء ، هو أفيون الشعوب
#مازن_كم_الماز (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حوار مع اليسار الديمقراطي و المعادي للستالينية عن حماس
-
قالها العفيف الاخضر
-
تأملات في المستقبل
-
عن العقد الاجتماعي للإدارة الذاتية في شرق و شمال سوريا
-
حوار مع الرفيق محمود الحمزة
-
غزة و فلسطين كإيديولوجية
-
حماس و إسرائيل و الشعب الفلسطيني
-
هل نسمع أنفسنا
-
بعد ملحمة 7 أكتوبر و مستشفى الشفاء : انتصارنا وشيك , اقرب من
...
-
عن السكان الأصليين و الغرباء و المحتلين و الإبادة الجماعية
-
من فضل الشهادة
-
كفرت العرب
-
هؤلاء الأوروبيون الاسلاموفوبيك و العنصريون
-
احمل أوطانك و شعوبك و آلهتك و شهداءك و ارحل بعيدا
-
عن تسمية الفلسطينيين بالحيوانات , إلى الرفاق الأعزاء في مجمو
...
-
عندما أصبحنا ملزمين بالدفاع عن القتلة و إجرامهم
-
كلمتين عن حقوق الإنسان
-
أحزاب الله و حماس و الكفار و حقوق الإنسان
-
أنا أخشى حماس كما أخشى نتنياهو و أخشى على الفلسطينيين منها ك
...
-
المعارضات و الجماهير : ماذا عن الاقتصاد
المزيد.....
-
مقتل يحيى السنوار.. ما عليك معرفته من التعرّف عليه عبر سجل ا
...
-
قبرص: حريق في بافوس يتسبب في تدمير جزء من مبنى تاريخي يعود إ
...
-
الحزن يعم بوينس آيرس: عشاق باين من فرقة -ون دايركشن- يودعون
...
-
أبرز 4 أهداف في -الضوء الأحمر- ضمن قائمة الضربة الانتقامية ا
...
-
الولايات المتحدة تفرض عقوبات جديدة ضد شبكة -لتمويل- الحوثيين
...
-
برلماني أوروبي: الدعم لنظام كييف قد ينخفض إذا فاز ترامب
-
بعد اغتيال السنوار.. الجيش الإسرائيلي يحدد هدفه التالي
-
نتفليكس تتوقع مضاعفة أرباحها بعد إضافة 5 ملايين مشترك جديد
-
حقيقة فيديو حريق في ثاني أكبر مصفاة نفط إسرائيلية
-
قارنت ردة فعله بصدام حسين.. إيران تعلق على مقتل يحيى السنوار
...
المزيد.....
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
-
التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري
/ عبد السلام أديب
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
المزيد.....
|