عبد السلام الزغيبي
الحوار المتمدن-العدد: 7858 - 2024 / 1 / 16 - 20:11
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في مذكراتها سألت انديرا غاندي وهي أول امرأة تشغل منصب رئيسة وزراء في بلادها الهند التي اهتزت على وقع حادثة اغتيالها أواخر شهر أكتوبر 1984، - والدها الزعيم جواهر لال نهرو ـ ماذا يحدث في أي حرب ـ رد عليها: ينهار الاقتصاد... قالت له: ماذا يحدث لو انهار الاقتصاد ـ أجابها: تنهار الأخلاق... قالت له: وماذا يحدث أيضا لو انهارت الأخلاق رد عليها بمنتهى الحكمة: وما الذي يبقيك في بلد انهارت أخلاقه، وقال أيضا: يستطيع الإنسان أن يتعايش في أي مجتمع فيه بعض النقص الغذائي والاقتصادي والثقافي والترفيهي التي فيها إلا انعدام الأخلاق حيث يسود الأيام وتذهب الأعراف والقوانين ويتبخر الخير ويتحول كل شيء إلي غابة ولهذا تصبح الحياة الكريمة شبه مستحيلة.
تتأثر الاخلاق بشكل الحكم السائد في ذاك البلاد أو تلك، وفي كتاب طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد شخص "عبد الرحمن الكواكبي" ما سماه" داء الاستبداد السياسي":"
الاستبداد يتصرف في أكثر الأميال الطبيعية والأخلاق الحسنة، فيضعفها أو يفسدها أو يمحوها فيجعل الإنسان يكفر بنعم مولاه، لأنه لم يملكها حق الملك ليحمده عليها حق الحمد، ويجعله حاقدا على قومه لأنهم عون لبلاء الاستبداد عليه، وفاقدا حب وطنه، لأنه غير آمن على الاستقرار فيه ويود لو انتقل منه، وضعيف الحب لعائلته، لأنه ليس مطمئنا على دوام علاقته معها، ومختل الثقة في صداقة أحبابه، لأنه يعلم منهم أنهم مثله لا يملكون التكافؤ، وقد يضطرون لإضرار صديقهم بل وقتله وهم باكون. أسير الاستبداد لا يملك شيئا ليحرص على حفظه، لأنه لا يملك مالا غير معرض للسلب، ولا شرفا غير معرض للإهانة. ولا يملك الجاهل منه آمالا مستقبلة ليتبعها ويشقى كما يشقى العاقل في سبيلها.
ويضيف:"أقل ما يؤثره الاستبداد في أخلاق الناس، أنه يرغم حتى الأخيار منهم على ألفة الرياء والنفاق ولبئس السيئتان، وأنه يتعين الأشرار على إجراء في نفوسهم آمنين من كل تبعة ولو أدبية، فلا اعتراض ولا انتقاد ولا افتضاح، لأن أكثر أعمال الأشرار تبقى مستورة، يلقي عليها الاستبداد رداء خوف الناس من تبعة الشهادة على ذي شر وعقبى ذكر الفاجر بما فيه.
أحمد شوقي،أمير الشعر العربي وبيته الشهير عن الأخلاقِ، يؤكد أنَّ الأخلاقَ هي أساسُ حياةِ الأمم، وسبيلُها إلى العظمةِ والمجد، وأنَّ رقيَّ الأممِ مرتبطٌ بزيادة أخلاقِها، وعلى العكسِ من ذلك، فإنَّ اضمحلالَ الأمم، مقترنٌ بتخلّيهَا عن الأخلاق.
وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت.
فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا
و إذا أصيب القوم في أخلاقهم.
فأقم عليهم مأتما و عويلا
صلاح أمرك للأخلاق مرجعه.
فقوم النفس بالأخلاق تستقم
#عبد_السلام_الزغيبي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟