|
اليوم الأسود في ألمانيا يوم المطالبة بالحقوق
وعد جرجس
الحوار المتمدن-العدد: 7852 - 2024 / 1 / 10 - 14:23
المحور:
الادب والفن
في البلدان العربية أن نسمع أصوات مزامير السيارات هذا أمرٌ معتادٌ ولا يدلُّ سوى على الكثافة السكانية والفشل في السيطرة أحياناً على حركة المرور ولكنك حين تسمع أصوات المزامير في بلد أوروبي كألمانيا ذلك يعني أن الشعب ضاق ذرعاً من مطالب لم يُكتب لها التحقق . هذا ماحصل في بداية 2024 من شهرنا الحالي حيث تم التحضير لأكبر إضرابٍ يحدث في ألمانيا للمرة الأولى بعد سنوات طويلة من الركود ذلك حدث بسبب عدم استجابة وزارة الاقتصاد لمطالب استمرّ النداء لتحقيقها أكثر من عام فكان أن استنفرت أغلب القطاعات الالمانية تباعاً لهذا الإضراب الذي بدأ في 08/01/2024 وسيستمر خمسة أيامٍ إلى 12/01/2024 ويعد أطول إضراب يحصل إلى يومنا هذا فالاعطرادات السابقة لم تكن تتعدى مدة 48 ساعة فذلك إن دلّ على شيء فهو يدل على أن الكأس فاضت ولم تعد تستوعب قطرة 💧 أخرى . شمل هذا الإضراب جميع أنحاء ألمانيا بمدنها الكبيرة والمتطرفة متمثلاً بقطاع المواصلات بما فيها القطارات التي تصل للمدن البعيدة والقريبة أيضاً وقد يؤثر ذلك على الباصات الداخلية أيضاً الذين ينتمون إلى ذات شركات القطارات أيضاً شمل الإضراب سائقي الشاحنات والجرّارات الزراعية الذين ملؤوا شوارع ألمانيا بالقاذورات والأوساخ احتجاجاً على رفع ضريبة ثاني أوكسيد الكربون عليهم والتي ستؤثر بالتالي على دخلهم ومعيشتهم شمل الإضراب أيضاً مقدّمي الخدمات وموظفي الاستقبال وموظفي المطاعم والأطبّاء يعني تقريباً جميع القطّاعات المهمّة مشاركة اعطراداً على القرارات السيئة التي سنتها في الآونة الأخيرة وزارة الاقتصاد في حين أن هذه المطالب جميعها تصب في خفض الضرائب وزيادة الرواتب فالغلاء الشرائي أصبح لايطاق على جميع المستويات مقارنة بدخل المواطن فإذا كانت ألمانيا أقوى وأضخم الدول أمناً واقتصاداً وارتقاءً تعيش هذا الاضطراب الاقتصادي منذ سنواتٍ حتى خرج الشعب إلى الشارع بهذا الشكل الاحتجاجي العنيف ألا يجب إعادة النظر في بقاء العقول المخططة لسن القوانين الاقتصادية في أماكنها ؟! أم سيُترك هذا الغضب الشعبي مكبوتاً دون حلٍّ مما سيؤدي إلى تطوّر الإحتجاج الإقتصادي إلى مستوى أعلى وأوسع ليشمل نواحٍ حياتياً أخرى وحينها لن تستطيع الوزارة الخارجية ولا الداخلية ولا الاقتصادية ولا الشؤون الاجتماعية السيطرة على الدمار اللذي سيحصل في هذا البلد الآمن الذي التجأ إلى العيش في كنفه مئات الآلاف من الأجانب منذ عقودٍ مضت وإلى اليوم . وأنا أتكلم ككاتبة عربيّة مهاجرة منذ 14عامٍ من بلدي سورية مع اشتعال شرارة الثورة الكبرة فيها حين خرج الشعب إلى الشوارع يصرخ احتجاجاً على الجوع والرداء المعيشي بسبب السيطرة الاقتصادية والاحتكاريّة من أصحاب رؤوس الأموال والتجار والمناصب المسؤولية الإقتصادية الناطقة في الدولة فكانت بداية الدمار الإنساني الذي أباد بلد كاملةً بشعبها واعطى الفرصة لدخول أطرافٍ أخرى بمطالب وغاياتٍ مختلفة فاختلطت السياسة بالاقتصاد بالنزعات الدينية والتطرف واندلعت نارٌ لم يعد يستطيع أحد إخمادها إلى يومنا هذا . حقيقة حين أستحضر تلك الصورة في بلادي التي تحولت إلى رمادٍ وأرى بداية خروج الصرخة المكبوتة لدى المواطن الألماني أصاب بالهلع خشية أن يحدث ماحدث خلال السنوات الماضية في بلدان أخرى فشرارة انفجار الدمار في أي بلد على مرِّ العصور وإلى هذا اليوم تبدأ بسخط المواطن على الحال المعيشي وتجاهل المسؤولين لحاجته أذكر عبارة كتبتها في أقسى المقالات السياسية لي التي نُشرت مع بداية الثورة السورية وكانت بعنوان خبز وماء وضوء حيث كتبت في هذه العبارة نقلاً على لسان مواطنٍ سوريٍ فقيرٍ ( كل ما نفكّر فيه أن تكفي نقود اليوم لشراء خبزٍ وأدواتٍ كتابية بل أن يرجع سعر الخبز حتى لا يموت الشعب جوعاً نحن فقط نريد خبزاً وماءً وضوء ) . نحن ندرك بكل تأكيد أن الدولة الألمانية بجميع مؤسساتها دولة ديمقراطية ولدى الشعب فيها حق حرية التعبير والتظاهر فلن تقوم بقصف المتظاهرين وقمعهم مثلاً كما حدث في البلدان الديكتاتورية لكن عدم تنفيذ مطالبهم وإعطاءهم حقوقهم المعيشية التي هي أدنى الحقوق الإنسانية سيولّد مع الوقت والسنوات المتتالية أزمات أكبر وغضب أشد وربّما لن نرى هذه الديمقراطية الموجودة حالياً تستطيع لاحقاً السيطرة مما سيضطر الدولة للقمع الاضطراري بطرق شرسة ستفتح باباً من الجحيم على ذاتها والشعب ولن يستطيع أحد بعد ذلك إغلاقه بسهولة وهذا ما لانرجوه كمثقفين أجانب اعتبرنا هذا البلد ملجأنا الأخير وبلدنا الحقيقي انتماءً ووجوداً لنا ولجميع الساكنين فيها . فهل ستحمل ألمانيا مسؤولية شعبها الذي احتضنته بكافة أطيافه بحكمة وتقوم بمعالجة الوضع الاقتصادي له مثلما كانت دوماً أم يجب علينا الخوف من إعادة التاريخ مستقبلاً هذا مالانرجوه أبداً ! شاعرة وكاتبة سوريّة
#وعد_جرجس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أدونيس بقلمي وشهادة كبيرة منه للتاريخ
-
أَحِبَّني كما أنا فأنا وأنتَ واحدٌ !
-
إصدار كتاب مقالات جديد خبز وماء وضوء للشاعرة والكاتبة السوري
...
-
قصيدة الشّتا مُش ليه
-
الكلمة الافتتاحية للمهرجان الشعري الفني الأول برئاسة الشاعرة
...
-
صدور الديوان الثالث للشاعرة وللكاتبة السورية وعد جرجس
-
سيرة حب زهرة للشاعرة وعد جرجس
-
سحر عينيه
-
لاتَسلني !
-
يُنَاجِينِي ولايَدرِي!
-
جنون الشعر
-
مساحة مظلمة !
-
هاك روحي
-
قراءة لديوان شهقات ملونة للشاعرة وعد جرجس
-
كلمات في حب الوطن
-
صدور ديوان شهقات ملونة للشاعرة والكاتبة السورية وعد جرجس بقل
...
-
كلمات أغنية باللهجة السورية الجزراوية بعنوان ( لا تسمع)
-
عِبرَةْ !
-
إليك يا قدس !
-
مفقود !
المزيد.....
-
شباب كوبا يحتشدون في هافانا للاحتفال بثقافة الغرب المتوحش
-
لندن تحتفي برأس السنة القمرية بعروض راقصة وموسيقية حاشدة
-
وفاة بطلة مسلسل -لعبة الحبار- Squid Game بعد معاناة مع المرض
...
-
الفلسفة في خدمة الدراما.. استلهام أسطورة سيزيف بين كامو والس
...
-
رابطة المؤلفين الأميركية تطلق مبادرة لحماية الأصالة الأدبية
...
-
توجه حكومي لإطلاق مشروع المدينة الثقافية في عكركوف التاريخية
...
-
السينما والأدب.. فضاءات العلاقة والتأثير والتلقي
-
ملك بريطانيا يتعاون مع -أمازون- لإنتاج فيلم وثائقي
-
مسقط.. برنامج المواسم الثقافية الروسية
-
الملك تشارلز يخرج عن التقاليد بفيلم وثائقي جديد ينقل رسالته
...
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|