|
الرحمه أهم من الحب
يسريه سلامه
الحوار المتمدن-العدد: 7849 - 2024 / 1 / 7 - 18:10
المحور:
الادب والفن
الرحمة أهم من الحُب.. .. تسربت الأيام والليالي سريعًا، ومر العمر وكأنه غفوة، فجأة ومع بداية عام جديد لاحت لي بعض الذكريات لأيام يحن إليها القلب حنين الليل إلى مطلع الفجر. تذكرتُ تلك الفتاة الجميلة التي لم تنل قسطًا وافرًا من التعليم، ولم يتجاوز عمري حينئذ الخمس سنوات، وقد أرغمها والدها على الزواج من ابن عمتها - المهندس الراقي الخلوق - لكنها لم تكن تُحبه، ربما تُحب شخص آخر لا أعلم، وأنا التي لا تعلم عن الحب سوى ما تعلمته من شادية وصباح، وفاتن حمامة، وعبد الحليم حافظ من فيلم كل خميس الذي كان يُعرض على القناة الثانية، فيستمر الحب بمنتهى التفاني والإخلاص لسنوات طويلة (خلال ساعتين متواصلتين هي مدة الفيلم) ويكون أبطال الفيلم في واقعهم قد أحبوا وتزوجوا مرتين أو ثلاث على الأقل، لكن لديهم إصرار على تصدير صورة أخرى مُغايرة تمامًا وكانت الحقيقة ممتعة بالنسبة لي، ونحن كأسرة مصرية كنا نرضخ طواعية أو كرهًا لإرادة الأب في متابعة نشرة التاسعة، وحديث الروح، وبرنامج العلم والايمان للدكتور مصطفى محمود، ومباراة الأهلي، ولم يتطرق أحدهم لمناقشة موضوع الحب على الإطلاق. أقول قد أحبها المهندس حبًا جمًا برغم الفوارق الفجة بينهما لكن الحُب ديكتاتور لا يُبرّر ولا يُمنطق، فهو أحبها لأنه أحبها فإذا كانت جميلة فسيصف جمالها على أنه من دواعي حبه لها، وإذا كانت ذكيه فسيقدم ذكاءها على إنه هو السبب، وإذا كانت قصيرة أو طويلة، إذا كانت مغرورة أو متواضعة فهو يحب ما هي عليه وسيفصل صفاتها على أنها أسباب حُبه لها، لكنها في الحقيقة لم تكن هي الأسباب، فهو أحبها لأنه أحبها، ولا يقبل الحبيب النُصح ولا يأخذ المشورة فيمن يُحب، وهذا الحب المفرط صعب مُؤلم مؤرق طعمه لاذع حار، عذاب مقيم كما لو كان لعنة يُخشى معها الانقلاب ضده لأنه زاد عن حده كقانون متوارث متعارف عليه. أعود لتلك الفتاة الجميلة وقد كُنت بصحبة والدتي التي حاولت مواساتها واقناعها بما هي مُقتنعة به ذلك الحين أن والدها يعرف مصلحتها جيدًا وأن اختياره هو الصائب والصالح لها. وبالرغم من تأثري ببكاء هذه الجميلة المتواصل ودراما الموقف إلا أنني كنت أقاوم ضحكة بريئة رغمًا عني من مشهد الأب وهو يرتدي بيجامة من قماش نفس لون وخامة الطاقية، ونفس القماش الذي ترتدي منه الأم روب، ونفس القماش الذي يرتدي منه الأولاد البيجامات، ونفس قماش ملايات السرير، حقيقة إلى الآن لا أعلم ما هو مصدر هذا التوب من القماش الذي صنع كل هذا! وقد اعتبر والدها أن ابن أخته المهندس قد تفضّل عليه باختياره لابنته، وتجاهل كل الفوارق بينهما كزوجة وفضّلها على زميلاته في الجامعة. وإذا عُدنا إلى بداية الخلق فالرجل خُلق من الأرض وأصله فيه قوة الأرض لكن المرأة لم تخلق من الأرض، ومع قوته كان رحيمًا بها، فقد تزوجها ودامت حياتهما عشرات السنين إلى الآن، وكان ثمرتها اثنان من الأبناء أحدهما طبيب، والآخر مهندس، وعاشت أم جميلة في كنف زوجها الرحيم بأنوثتها وأحبته لدرجة لم تكن تتخيلها، فالأنوثة ليست مجرد مقاييس جسدية فقط، بل هي الرحمة والحنان والأمومة، فقابلها بالرحمة كما أوصاه الله، والرحمة هي الشفقة والعطف هي النور، القوة، الشجاعة، والقسوة هي الظلمة الضعف والجُبن. إن المودة والرحمة أهم وأعمق من الحب كما قال الله عز وجل في كتابه ﴿وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً َۚ﴾ الروم: 21، فلم يقل (وجعل بينكم حب) لأن المودة والرحمة تجلبان الحب،وإذا كان الحب مع القسوة فهو عين العذاب، المودة والرحمة هي عين متاع الدنيا. إن الحب يدوم بالمودة الرحمة، أما قصص الحب التي عاشت عبر التاريخ مثل قيس وليلى اعتقد أن أمرها مختلف، وأن قيس إذا كان قد تزوج ليلى ربما كان سيعشق داليا، فديمومة الحب اساسها الرحمة. ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ﴾ آل عمران 15
#يسريه_سلامه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
علبة القطيفة
المزيد.....
-
مصر.. قرار عاجل من النيابة ضد نجل فنان شهير تسبب بمقتل شخص و
...
-
إنطلاق مهرجان فجر السينمائي بنسخته الـ43 + فيديو
-
مصر.. انتحار موظف في دار الأوبرا ورسالة غامضة عن -ظالمه- تثي
...
-
تمشريط تقليد معزز للتكافل يحافظ عليه الشباب في القرى الجزائر
...
-
تعقيدات الملكية الفكرية.. وريثا -تانتان- يحتجان على إتاحتها
...
-
مخرج فرنسي إيراني يُحرم من تصوير فيلم في فرنسا بسبب رفض تأشي
...
-
السعودية.. الحزن يعم الوسط الفني على رحيل الفنان القدير محم
...
-
إلغاء حفلة فنية للفنانين الراحلين الشاب عقيل والشاب حسني بال
...
-
اللغة الأم لا تضر بالاندماج، وفقا لتحقيق حكومي
-
عبد الله تايه: ما حدث في غزة أكبر من وصفه بأية لغة
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|