أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فوز حمزة - جميل وسناء














المزيد.....

جميل وسناء


فوز حمزة

الحوار المتمدن-العدد: 7841 - 2023 / 12 / 30 - 10:58
المحور: الادب والفن
    


لم يكن أمام سناء سوى الذهاب إلى بيت جارتها زهرة بعد المشاجرة التي حدثت بينها وبين زوجها لتنتهي مشاجرتهما مثل كل مرة بالتراشق بالألفاظ وتبادل الاتهامات، لكن هذه المرة تجاوز الأمر الحد حينما تلقت صفعة مباغتة من زوجها متوعدًا إياها بالمزيد إن لم تكف عن الكلام.
ما في سناء من غضب وحزن، منع عنها الإحساس بحرارة الشمس التي تجاوزت تلك الساعة من النهار الخمسين درجة.
سارت ثلاثمائة متر قبل أن تنعطف يمينًا حيث تسكن زهرة ذات الصدر الحنون والأذن الصاغية، فهي ليست جارتها فقط، بل صديقتها منذ أيام الدراسة.
الباب الخارجي كان مواربًا على غير العادة. زهرة شديدة الحرص جراء أمور كهذه، تمتمت سناء بهذه الكلمات قبل مسحها حبات العرق المزعجة المتصببة من جبينها وهي تقطع الممر الطويل باتجاه باب المطبخ.
استرجعتْ مع نفسها كيف بدأت المشاجرة مع الأخرق زوجها لتعيد سردها على زهرة التي ستسأل عن كل التفاصيل كعادتها، زهرة مهووسة بعلم النفس ودائمًا ما تقول إنها حللت الكثير من أفعال الجارات حتى أنها تمكنت من إيجاد سبب رفض جارتهم باسمة استقبال أي امرأة في بيتها بوجود زوجها، وبرغم من أن السبب لم يبدُ لها منطقيًا إلا أنها أعلنت إعجابها بما قالته زهرة تجنبًا للتوبيخ والتهكم.
كانت سناء تنظر للنباتات الجميلة المزروعة في الأصص قرب المطبخ حينما تلقت ضربة قوية مباغتة على مؤخرة رأسها. توقفتْ عن السير متحسسة مكان الضربة، بعد مرور ثوان ، ظنت أن هلاوس من شدة الحر قد تمكنت منها، فإذا بضربة بذات المكان تتلقاها، لكن هذه المرة يرافق الضربة صوت لم تستطع معرفة ما هو.
تلفتتْ لترى الفاعل الذي حاول المزاح معها بهذه الطريقة المزعجة، لكن ضربة أخرى في منتصف ظهرها كانت كفيلة لإرباكها وتشتيت أفكارها. ليس الأمر كما ظنت، بل هو أخطر من ذلك!
دارت حول نفسها دورة كاملة قبل فقدانها القدرة على البصر حينما تلقت ضربة على وجهها كفيلة بنشر الرعب داخلها. وقفت لثوانٍ تحاول بلع ريقها واسترجاع أنفاسها وهي تنظر لما حولها، لكن ضربة أقوى من الأولى أوقعتها على الأرض الساخنة.تأوهتْ بينما عيناها على وشك البكاء!
لم تقو على الوقوف إلا بصعوبة، ولولا قطرة دم سالتْ من جبينها لظنت أن ما تمر به مجرد كابوس.
بدأتْ بنفض الغبار الذي علق بثيابها ثم بحثتْ عن فردة نعالها التي لا تدري كيف قفزت أربعة أمتار واستقرتْ قرب شجرة التين؟
تذكرتْ زوجها، ربما هو من فعل ذلك، حتى لو كان الأمر صحيحًا، فأين هو زوجها، أيعقل أنني جننت؟ سألت نفسها ثم نفتْ بسرعة هذه الفكرة الغبية التي هدتها للاتصال به، فكرامتها الآن تسمح لها بطلب المساعدة منه، بل كانت مستعدة لمسامحته واستئناف الحياة معه من جديد مقابل أن ينتهي هذا المشهد المرعب .
أخرجتْ الهاتف من جيب تنورتها، لم تستطع إكمال المهمة، فثمة شيء كان يكيل لها الضربات من كل الجهات لتجد نفسها وقد التصقت بالجدار الذي يفصل بيت زهرة عن بيت عواطف المعلمة في المدرسة الأبتدائية. فكرت في مناداة عواطف، لكن زهرة التي كانت تسميها النمامة، وقفت بينها وبين تنفيذ الفكرة، لكن أين زهرة؟!
خدوش فوق ذراعها اليمين كانت حصيلة المعركة غير المتكافئة التي حدثت قبل قليل. حزنها لم يكن فقط بسبب انتصار عدوها ، بل لأنها لا تعرف هوية هذا العدو، هذا التبرير كان عزاءها الوحيد لنفسها.
وجدتْ في الجدار ملاذًا لحماية ظهرها أما وجهها وباقي جسدها ستتكفل هي بهم. رأسها الذي لم تحسب حسابًا له، شعرت كأن شيئًا يعتصره وثمة شيء ناعم غطى وجهها، ولأنها لا تملك ما تخسره فقد قررت دخول المعركة حتى لو لم تكن تملك السلاح، فبدأت تلوح بيديها بكل الاتجاهات لتمسك وبحركة سريعة، بالمخلوق الذي فوق رأسها، ضغطت عليه بقوة، قاومها بشدة ليفلت من قبضتها، لكنه فشل بعد أن نتف قطعة لحم صغيرة من كفها.
إنه جميل! صرخت سناء وهي تواجه عدوها الإرهابي لأول مرة وجهًا لوجه.
هذا أنت يا جميل؟! أيها الجاحد اللئيم، هل نسيت كيف كنت أطعمك، لقد كانت زهرة محقة حينما فكرت في ذبحك الأسبوع الفائت ولولاي لأصبحت مرقة حمراء. جميل وبعد أن تيقن من خسارته المعركة، لوى رقبته الصغيرة معلنًا استسلامه.
سارت سناء صوب الفناء الخلفي لبيت زهرة حيث أقفاص الطيور والدجاج لترمي الديك جميل في قفصه وتحكم القفل عليه.
التفتتْ لتلقي نظرة شامتة على جميل الذي فقد في تلك اللحظة هيبته أمام دجاجاته.
عادت سناء إلى بيتها بعد أن عرفت أن زهرة غير موجودة. وهي في طريق العودة كانت تفكر في تلفيق قصة تبرر فيها وجود الجروح في وجهها ويدها وساقها، قصة لا تثير ضحك وسخرية ديكها الذي في البيت على ما فعله ديك زهرة.



#فوز_حمزة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خيوط وأبواب
- علامة أستفهام
- أيتها البصرة ..عليكِ السلام
- ثقب الباب
- وجهان لامرأة واحدة
- رسائل من سيدي المطر
- حين يحضرون
- دعوة ساتيفا
- لقاء مع الكاتبة والأديبة القاصة فوز حمزة حاورها / الكاتب وال ...
- وقلت أكتب لك
- فاصل ونعود
- فوز المفارقة وتقنيات أخرى، دراسة عن مجموعتي القصصية ( صباح ك ...
- قراءة نقدية لنص أنا وبطلات قصصي بقلم الدكتور علي سلطان
- أنا وبطلات قصصي
- تلك العجوز .. كانت شابة
- تأويليلة النص في ( رذاذ زهرة الأوركيد ) للكاتبة فوز حمزة بقل ...
- تحت شجرة الجوز
- مناجاة
- رسالة بالصمت
- حبيبي


المزيد.....




- الجزيرة 360 تطلق برنامجها الساخر -الشبكة-
- ثبتها الآن.. تردد قناة كراميش للأطفال 2024 على القمر الصناعي ...
- جيمس كاميرون يشتري حقوق كتاب تشارلز بيليغريمو لتصوير فيلم عن ...
- كأنها خرجت من أفلام الخيال العلمي.. ألق نظرة على مباني العصر ...
- شاهد.. مشاركون دوليون يشيدون بالنسخة الثالثة من -أيام الجزير ...
- وسط حفل موسيقي.. عضوان بفرقة غنائية يتشاجران فجأة على المسرح ...
- مجددًا.. اعتقال مغني الراب شون كومز في مانهاتن والتهم الجديد ...
- أفلام أجنبي طول اليوم .. ثبت جميع ترددات قنوات الأفلام وقضيه ...
- وعود الساسة كوميديا سوداء.. احذر سرقة أسنانك في -جورجيا البا ...
- عيون عربية تشاهد -الحسناء النائمة- في عرض مباشر من مسرح -الب ...


المزيد.....

- توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ / وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
- مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي ... / د. ياسر جابر الجمال
- الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال ... / إيـــمـــان جــبــــــارى
- ظروف استثنائية / عبد الباقي يوسف
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- سيمياء بناء الشخصية في رواية ليالي دبي "شاي بالياسمين" لل ... / رانيا سحنون - بسمة زريق
- البنية الدراميــة في مســرح الطفل مسرحية الأميرة حب الرمان ... / زوليخة بساعد - هاجر عبدي
- التحليل السردي في رواية " شط الإسكندرية يا شط الهوى / نسرين بوشناقة - آمنة خناش
- تعال معي نطور فن الكره رواية كاملة / كاظم حسن سعيد
- خصوصية الكتابة الروائية لدى السيد حافظ مسافرون بلا هوي ... / أمينة بوسيف - سعاد بن حميدة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فوز حمزة - جميل وسناء