أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - اسماعيل داود - رثاء بحق الصديق الكبير عقيل الخزاعي - أبو ذر














المزيد.....

رثاء بحق الصديق الكبير عقيل الخزاعي - أبو ذر


اسماعيل داود

الحوار المتمدن-العدد: 7835 - 2023 / 12 / 24 - 20:38
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
    


من الصعب وصف الصديق العزيز عقيل الخزاعي بكلمات بسيطة، إذ كان إنسانًا غير عادي، وقد ترك رحيله أثرًا عميقًا في نفوسنا مصحوبًا بحزنٍ كبير. وما يُزيد من هذا الحزن والألم هو عجزي عن وداعك يا صديقي، فآخر لقاء بيننا كان في بغداد منذ فترة طويلة، حين شاركتني خطتك لتعلّم الحاسوب وحرصك على استخدام الهاتف الرقمي للبقاء على اتصال دائم مع الأصدقاء.

بعد ذلك، اقتصر تواصلنا على المكالمات الهاتفية، كنت تسأل دائمًا عن أحدث تطورات اليسار في أوروبا. تسألني وبشكل مكرر: "ماهي اخبار اليسار الجديد؟"، و "ماهي اخبار حزب إعادة التأسيس" و"ماذا حل بإرث الحزب الذي اسسه غرامشي"! كنت دائمًا في حيرة عند الرد، كي لا أزيد من أثقال قلبك بهموم العالم، أو ان يُسهم جوابي في إحباطك تجاه مستقبلٍ غير مؤكد!

وجودك كان يملأ حياتنا بالمعنى، وسنفتقدك كثيراً يا عزيزي. كنت الصوت الواعي الذي يُنبه الناس إلى قيم الحياة والمبادئ. منذ البداية، عندما تعرفت عليك بواسطة صديقنا المشترك "باسل" في نهاية تسعينيات القرن الماضي. كنت أتساءل كيف يمكن للكثيرين ممن تعودوا الاسترسال بالتفاخر وحتى الادعاء، بأنهم يستسلمون بهذه السهولة أمامك، أمام صراحتك، وكأنك الضمير الذي يختبرنا جميعًا!

حتى اليوم، أتخيل دخولك لشارع المتنبي المزدحم لتكون لحظة فارقة، حيث يختفي صخب الكاذبين، ويتلاشى النقاب، ويبتهج قلب الناس البسطاء. حتى عناوين الكتب الجادة وان كانت مجرد استنساخ، كانت تجد في دخولك القوة، وتتفوق على العناوين الغنية بالألوان والورق الفاخر، فتُصبح هي البطلة!

كنت رمز للتضحية والايثار. أتذكر يومًا في زمن الحكم الفاشي البعثي، مررت بي في "محل الورد" في "عمارة الرصافي"، مكان اجتماعنا ومكان توزيع الكتب الممنوعة والمستنسخة لحلقة من الأصدقاء والرفاق. كالمعتاد، حملت كتبًا مستنسخة، وكنت متوترًا بشكل غير مألوف. سألتك، فأجبتني بقلق: "أحدهم يراقبني منذ دخولي لشارع المتنبي، حتى خروجي بالكتب المحظورة." نصحتك بأخذ الحيطة والحذر، وأن تهدأ، لكنك أجبت بثقة: "أحمل مسدسي ولقمته برصاصة." قلت لك: "لكن ما فائدة هذه الرصاصة أمام الحشود وكل اجهزتهم القمعية!؟ "لا إسماعيل" اجبت:" أنا لا أهتم بهم، ولكن هذه الرصاصة لأضع حدًا لحياتي أنا، إذا مسكوني بهذه الكتب، فأنا لا أتحمل التعذيب ولا أريد أن أخون أحدًا أو أعرّض الآخرين للخطر."

كنت خيط الحرير الذي ربط خرز حلقتنا التي امتدت لتشمل كثير من الناس، منهم السياسيين والمفكرين والمناضلين وغيرهم كثير. أذكر جيدًا كيف كان الدكتور سليم الوردي ينقل بواسطتي تحياته لك، يشكرك بحرارة في كل مرة يَصلُه منك عنوانٌ جديد. وكان يقول: "يا اخي، هذا الرجل صاحب فضل علينا ، هذا الرجل اسطورة في زمن ليس فيه اساطير".

كانت بساطتك تحمل عمق محير لنا كلنا، وكانت خياراتك المميزة دائمًا ذات معنى، ولذا علينا جميعا ان نعيد التفكير وان نحترم كل مواقفك وخياراتك حتى النهاية! لطالما فكرت بسبب اختيارك لاسم ابنك المستوحى من شخصية "أبو ذر الغفاري"، الصحابي المعروف بالالتزام الشديد بالمبادئ والقيم. تشير السجلات التاريخية إلى أن حِدّته أثّرت سلبًا على علاقته مع الخلفاء وأصحاب السلطة في حينها. فقد كان أبو ذر زاهدًا وعالمًا وصف بانه: "كان الرأس في الزهد والصدق والعلم والعمل، قوي البيان بالحق، لا يأخذه في الله لومة لائم على حِدّته في الأمور." كأنك في هذه الاختيار الرمزي تُبرز لنا من أنت او إنك كنت تبحث عن ما هو اعمق، تبحث عن من يَتَبع سُنّتك في الزهد والصدق والوفاء، من الاهل والأصدقاء و الناس عامة ....

أرانا يا صديقي متُشَوقين لنكون تابعين لك في هذه السُنّة وهذا الطريق...

لكنه طريق صعب في زمان أصعب، طريقٌ قل من ثَبُتت عليهِ اقدامه واستمرت خطواته...
الطريق التي كنت تعرفها وتجيد السير بها، ليست طريقاً هينة، لكن هذه مشكلتنا يا عزيزي، اما انت فتَرجَل أيها الزاهد، تَرجَل أيها ألنقيّ.. فقد آن الاون لتستريح.



#اسماعيل_داود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صانع القرار و تَطَورات الموقف مِن سدّ مَكحول (2-3)
- صانع ألقرار والمسؤول في قضيةِ سَد مَكحول (1-3)
- بناء مزيد من السدود يهدد جنوب العراق بزيادة كارثة الجفاف وشح ...
- العراق و إتفاقية قانون إستخدام المجاري المائية الدولية في ال ...
- إشارة وزير الموارد المائية العراقي لسد اليسو خلال لقاءه مع ن ...
- بكل حرارة وألم أودعك، والدي العزيز وداعاً
- منظمات المجتمع المدني مطالبة بتطبيق إصلاحات (2)
- منظمات المجتمع المدني مطالبة بتطبيق إصلاحات
- سليم الوردي، تبكيك بغداد، يبكيك العراق
- غيبوبة “كوب 21 “ : قمة المناخ في باريس والمجتمع المدني العرق ...
- سر الحقيبة الأشورية!
- قراءة أولية في بنود حماية الاثار الواردة في قرار مجلس الامن ...
- المثلك يا ابو انيس هذا الوكت مطلوب!
- زكية جورج لم تكن مُدافعة عن حقوق المرأة ولكن !
- كُلّ ما حَولنا سياسة، والدليل زكيّة جورج !
- الى من هم احق بالاحتفال والتهنئة!
- صديقتي التونسية... تسال عن العراق! (2)
- صديقتي التونسية... تسال عن العراق!
- دَرسٌ في الكرامة
- مشكلة واستبيان!


المزيد.....




- عاجل: سفينة محملة بشحنات من الأسلحة نحو الكيان الصهيوني تحاو ...
- الجبهة المغربية ضد قانوني الإضراب والتقاعد FMCLGR تدعو للاحت ...
- إعلام غربي: العلاقات بين بريطانيا وأوكرانيا تدهورت في ظل حزب ...
- الحرية لشريف الروبي
- مصر.. وفاة قيادي بارز في التيار اليساري وحركة -9 مارس-
- ‌الخطوة الأولى هي فضح الطابع البرجوازي للنظام وانتخاباته في ...
- إخفاقات الديمقراطيين تُمكّن ترامب اليميني المتطرف من الفوز ب ...
- «الديمقراطية»: تعزيز صمود شعبنا ومقاومته، لكسر شوكة العدو، ي ...
- العدد 578 من جريدة النهج الديمقراطي بالأكشاك
- المحرر السياسي لطريق الشعب: أكتوبر ثورة العدل والحرية


المزيد.....

- سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول / ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
- سلام عادل -سیرة مناضل- / ثمینة یوسف
- سلام عادل- سيرة مناضل / ثمينة ناجي يوسف
- قناديل مندائية / فائز الحيدر
- قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني / خالد حسين سلطان
- الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين ... / نعيم ناصر
- حياة شرارة الثائرة الصامتة / خالد حسين سلطان
- ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري ... / خالد حسين سلطان
- قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول / خالد حسين سلطان
- نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - اسماعيل داود - رثاء بحق الصديق الكبير عقيل الخزاعي - أبو ذر