أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد رباص - مناوشة الذاكرة: أمازيغية عجوز تتراجع عن إسكاني














المزيد.....

مناوشة الذاكرة: أمازيغية عجوز تتراجع عن إسكاني


أحمد رباص
كاتب

(Ahmed Rabass)


الحوار المتمدن-العدد: 7831 - 2023 / 12 / 20 - 00:16
المحور: الادب والفن
    


وبينما أنا على أهبة استئناف حديث الذاكرة، تبين لي أن الطريقة التي أسرد بها يومياتي شبيهة بالطريقة التي يتبعها الفلاح أثناء حرث حقله. أكيد أن كل من عاين عن قرب الفلاح وهو يقود جراره المجهز بمحاريث لا بد وأن يلاحظ أن الفلاح الحارث يشرع في عملية الحرث انظلاقا من أحد أطراف حقله لكنه سرعان ما يتجه الى أبعد طرف من فدانه لحرثه ثم يقفل راجعا الى الجهة التي بدأ فيها عمله.
في بداية السنة الدراسية (1991-1992) من مسيرتي في دنيا التدريس، التحقت بالمدرسة الفرعية آيت املكت لأجل الحلول محل معلمة انتقلت للتدريس بإحدى المدارس القريبة من المنطقة التي يقيم فيها أهلها وذووها. لا يختلف دوار آيت املكت في شيء عن باقي دواوير "الحراطنة" على طول وادي درعة، إلا أنه الدوار الوحيد الأقرب من جهة الشمال إلى دوار آيت خلفون، القلب النابض لبلدة أفرا-آيت سدرات وموطن المقر الطيني لإدارة م/م آيت خلفون ولمدرستها المركزية.
تقع مدرسة آيت املكت في سفح جبل كيسان. أمامها يمتد بلاط الطريق غير المعبدة الرابطة بين سائر دواوير الضفة الشرقية للنهر والمؤدية رأسا إلى قنطرة تانسيخت.تتكون هذه المدرسة من ثلاث حجرات دراسية مسقفة بالزنك وجدرانها مكونة من صفائح من الإسمنت المسلح وقابلة للتفكيك، هذا، وقد اصطفت الحجرات جنبا الى جنب في وضع جعلها مقابلة للواحة الشاسعة الأطراف، الدائمة الاخضرار والتي كانت تظهر لي بكامل معالمها بفضل الرؤية البانورامية التي كان يسمح بها ارتفاع الجبل عن مجرى النهر.
بهذه المدرسة، أربعة معلمين، بمن فيهم عبد ربه، ولا يتوفر بها سوى سكن وظيفي واحد يقيم فيه معلم أعزب، وهذا ما جعلنا نحن الثلاثة نخوض تجربة البحث عن سكن قريب من المدرسة. أسفرت محاولتنا عن نتيجة تمثلت في إيجاد منزل طيني حديث البناء يقع خلف المدرسة في مكان من الجبل قريب من المدرسة وأكثر ارتفاعا.
قبل البداية الفعلية للدراسة بأيام معدودة، سمح لي عون المؤسسة بالمبيت مؤقتا في إحدى زوايا مطعم المدرسة المركزية.
في غمرة الاستعداد للدخول المدرسي الجديد، طلبت من صديقي الحارس التوسط لفائدتي لدى السكان من أجل البحث عن سكن يقع في محيط المدرسة. قبل العون أن يمد لي يد المساعدة وبدأ عملية البحث عن السكن مستثمرا لصالحي إلمامه بمعطيات ومعلومات توفرت لديه بحكم نشأته بهذه البلدة. وهكذا تكللت مساعيه بالنجاح حيث استطاع إقناع امرأة عجوز كانت قيد حياتها مقيمة بدوار آيت إسحاق الخاص بالأمازيغ من ذوي البشرة البيضاء.
كبر الحارس في عيني وتيقنت من علو مكانتي لديه خصوصا لما أخذني معه إلى البيت الذي سأسكن فيه على سبيل الكراء لألقي عليه نظرة ولكي أرى إن كان يليق بمقامي. عندما دخلنا منزل المراة العجوز، وجدته قديما كقطعة أثرية ذات تاريخ موغل في القدامة. صعد الحارس إلى الطابق الأول فتبعته ثم فتح بابا ودخلنا بيتا صغير المساحة، غير أني وجدته وافيا لغرض إيوائي فقبلت عن رضى وطواعية الإقامة فيه وقد استقر في خلدي الإحسان لمالكته التي تسكن فيه بمفردها ومعاملتها بالتي هي أنسب لسنها..
عند خروجنا من المنزل، أعطاني الحارس مفتاح المنزل واتفقنا على أن نقل الأمتعة إليه لن يتم إلا في المساء تحسبا لنظرات ووشوشات الفضوليين "البركاكة". لكن طمأنينتي على هذا المستوى لم تعمر طويلا، إذ سرعان ما عاد إلي العون ليأمرني بان أعطي إياه المفتاح مادا لي في نفس الوقت ورقة من فئة مئة درهم كنت قد أرسلتها للعجوز كعبربون وتسبيق.
كان صديقي الحارس جادا في كلامه غير مازح ما جعلني أسرع في تسليمه المفتاح. ولما سألته عن سبب تراجع العجوز الشمطاء عن الاتفاق الذي جرى بيني وبينها على الكراء، أجابني بأن جماعة من ساكنة دوار آيت إسحاق رفضوا تواجدي بين ظهرانيهم بسبب كوني أعزب ورغم خلو سابق عهدي بالمنطقة من أي سابقة تنم عن سوء أخلاقي وقلة تربيتي..



#أحمد_رباص (هاشتاغ)       Ahmed_Rabass#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خلاصة اجتماع النقابات التعليمية الأربعة مع اللجنة الوزارية م ...
- قراءة في محاضرة -أصل العمل الفني- لمارتن هيدجر
- لماذا تفاقم التوتر بين فلاندا وروسيا؟
- رواية -الطاعون- لألبير كامو قصة أدبية عن الوباء
- قراءة في كتاب -أصل العمل الفني- لمارتن هيدجر (2/2)
- مطاردة الساحرات: فايار تسحب من المبيعات كتاب -التطهير العرقي ...
- وأخيرا.. وزارة بنموسى تقبل الجلوس مع نقابة الإفنو والتنسيقيا ...
- قراءة في كتاب -أصل العمل الفني- لمارتن هيدجر (2/1)
- فولتير ينتقد لايبنتس انطلاقا من فلسفة الأنوار
- قراءة في محضر الاتفاق الأخير بين الحكومة والنقابات وبوادر ال ...
- ملاحظات وجيزة عن محضر الاتفاق الأخير بين الحكومة والنقابات ا ...
- رسالة من المعلم محمد الجعدي إلى الأستاذ الجامعي عمر الشرقاوي
- رسالة من معلم مضرب ألى عمر الشرقاوي
- شكيب بنموسى في مؤتمر اللجنة التوجيهية رفيعة المستوى حول حكام ...
- قراءة في محاضرة -تصوراتنا للعالم- لمارتن هيدجر
- تعليق مارتن هيدجر على شذرة أناكسيمندر
- برنامج النسخة الثامنة من مهرجان الأغورا للسينما والفلسفة بفا ...
- برنامج النسخة الثامنة من مهرجان الأغورا للسينما والفلسفة (ال ...
- برنامج النسخة الثامنة من مهرجان السينما والفلسفة بفاس (الجزء ...
- اليوم الخامس بعد الهدنة الإنسانية: مقتل ثلاثة شبان فلسطينيين ...


المزيد.....




- مصر.. تأييد لإلزام مطرب المهرجانات حسن شاكوش بدفع نفقة لطليق ...
- مصممة زي محمد رمضان المثير للجدل في مهرجان -كوتشيلا- ترد على ...
- مخرج فيلم عالمي شارك فيه ترامب منذ أكثر من 30 عاما يخشى ترح ...
- كرّم أحمد حلمي.. إعلان جوائز الدورة الرابعة من مهرجان -هوليو ...
- ابن حزم الأندلسي.. العالم والفقيه والشاعر الذي أُحرقت كتبه
- الكويت ولبنان يمنعان عرض فيلم لـ-ديزني- تشارك فيه ممثلة إسرا ...
- بوتين يتحدث باللغة الألمانية مع ألماني انتقل إلى روسيا بموجب ...
- مئات الكتّاب الإسرائيليين يهاجمون نتنياهو ويطلبون وقف الحرب ...
- فنان مصري يعرض عملا على رئيس فرنسا
- من مايكل جاكسون إلى مادونا.. أبرز 8 أفلام سيرة ذاتية منتظرة ...


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد رباص - مناوشة الذاكرة: أمازيغية عجوز تتراجع عن إسكاني