|
قصة للأطفال آدزانومي قصة طلال حسن
طلال حسن عبد الرحمن
الحوار المتمدن-العدد: 7824 - 2023 / 12 / 13 - 09:48
المحور:
الادب والفن
" 1 " ـــــــــــــــــــــ منذ أن تزوجت اويرهو ، بل وحتى قبل ذلك ، تمنت أن يكون لها ابنة ، لكن أمنيتها هذه لم تتحقق ، وبعد حوالي عشر سنوات توفي زوجها ، وبذلك إنتهى أملها أن يكون لها ابنة في حياتها . وخلال هذه المدة الطويلة ، وكلما زارها الفرح ، وهو قلما يزورها ، وخاصة في الأعياد ، كانت تقول في نفسها " آه لو كانت لي ابنة ، لأسميتها آدزانومي ، ولشاركتني الأفراح هذه " . وذات يوم ، خرجت اويرهو إلى الحقل ، لجمع بعض حبات البطاطا الحلوة ، وصادف أن اقتلعت مرة حبة بطاطا كبيرة ، ذات استقامة ، وشكل جميل ، فقالت : آه كم سأكون سعيدة ، لو أن حبة البطاطا هذه تتحول إلى ابنة صغيرة لي . وتحركت حبة البطاطا الحلوة ، بين يدي اويرهو ، وقالت : سأكون ابنة لك ، إذا وعدتني . فقالت اويرهو بحماس : أعدك بما تريدين ، فقط كوني ابنة لي . فقالت حبة البطاطا : عديني بأن لا تعيرينني يوماً ، بأنني كنت حبة بطاطا . فقالت اويرهو بلهفة شديدة : اطمئني ، أعدك بأنني لن أعيرك بهذا ، مهما كان السبب . وعلى الفور ، وكما تمنت اويرهو ، تحولت حبة البطاطا الحلوة ، إلى فتاة صغيرة ، لها نفس المواصفات التي تمنتها دائماً ، بيضاء البشرة ، ذهبية الشعر ، وعيناها زرقاوان كسماء الصيف . وفرحت اويرهو أشد الفرح بالطفلة الصغيرة ، وقالت لها : بنيتي ، سأسميكِ آدزانومي ، وهو الأسم الذي أردت أن أطلقه على الطفلة التي ستكون لي ، وها أنتِ لي .. يا آزدانومي .
" 2 " ــــــــــــــــــ كما تكبر فتيات الحكايات ، كبرت آدزانومي ، وصارت صبية ، تتألق حسناً وجمالاً ، وقد ازداد حسنها وجمالها تألقاً ، حين التقت بفتى في عمرها تقريباً ، أقبل من قرية تقع وراء الجبال البعيدة . وقد رأته لأول مرة ، في سوق القرية ، وهي تبيع البطاطا الحلوة ، بدل اويرهو ، فتوقف على مقربة منها محدقاً فيها ، فرفعت عينيها الزرقاوين إليه ، وقالت : لديّ بطاطا حلوة . فابتسم الفتى ، وقال : اسمي كويكو . وقالت آدزانومي : أتريد بطاطا ؟ فردّ كويكو قائلاً : أريدكِ أنتِ . وابتسمت آدزانومي ، وقلبها يخفق فرحاً ، لكنها لم تردّ عليه ، فقال : قريتي وراء ذلك الجبل البعيد ، ولي كوخ يطل على النبع ، تعالي وشاركيني العيش فيه . ونظرت آدزانومي إليه ، وقالت : لا أظن أن أمي توافق على طلبك . وأطرقت رأسها ، ولاذت بالصمت ، وتمنت بينها وبين نفسها ، أن توافق أمها اويرهو ، فتذهب مع كويكو ، وتعيش معه في الكوخ المطل على النبع . ومنذ ذلك اليوم ، وكويكو لا يكاد يفارق آدزانومي ، حتى تنتهي من بيع ما معها من بطاطا حلوة ، فتودعه ، وتعود وحدها إلى الكوخ . وذات يوم ، سار كويكو معها في طريق العودة ، حتى لاح الكوخ من بعيد ، واويرهو تقف بالباب ، فتوقفت آدزانومي ، وقالت : تلك أمي ، وأخشى أن تكون قد رأتنا ، اذهب الآن . وتوقف كويكو ، وقال : مهما يكن ، سأزوركم مساء اليوم ، وأطلب يدك منها . فقالت آدزانومي بصوت خافت : لا ، دعني أفاتحها بالأمر أنا أولاً . وتراجع كويكو بخطوات بطيئة ، وهو يقول : سأنتظرك غداً في السوق . وواصلت آدزانومي طريقها ، حتى وصلت باب الكوخ ، حيث كانت تقف أمها ، وتابعت اويرهو كويكو حتى غاب ، فنظرت إلى آدزانومي ، وقالت : ذلك الشاب الغريب لا يُطمئن . وتوقفت آدزانومي في مواجهة أمها ، وقالت : بالعكس ، إنه شاب طيب ، وهو يريدني زوجة له . واربدّ وجه اويرهو ، وقالت بصوت يشي بانفعالها : يبدو إنه ليس من قريتنا . وردت آدزانومي قائلة : إنه من قرية بعيدة ، تقع وراء الجبال ، وله فيها كوخ يطل على النبع . وجنّ جنون اويرهو ، وصاحت : لن تكوني له ، إنه .. إنه شاب غريب . ودفعت آدزانومي باب الكوخ ، ومضت إلى الداخل ، وهي تقول : إنه يريدني ، وأنا أريده أيضاً ، وسأذهب معه حيثما يذهب . ولحقت اويرهو بها ، وقد طاش صوابها ، وقالت بصوت منفعل : لا يمكن ، أنتِ لي ، اقتلعتكِ من حقلي ، وكنتِ مجرد حبة بطاطا . وصمتت اويرهو ، وقد أدركت أنها قالت ما لا يجب أن تقوله ، فاقتربت من آدزانومي ، وقالت : بنيتي ، أنا أحبكِ ، ولا أستطيع الحياة ، وأنتِ بعيدة عني . وعندئذ استدارت آدزانومي ، ومضت عبر باب الكوخ ، دون أن تلتفت إلى اويرهو ، وسارت مبتعدة بخطى ثابتة ، حتى غابت في الظلام .
" 3 " ـــــــــــــــــــ انتظرت اويرهو ، على أمل أن تعود آدزانومي ، وتعتذر منها مرة أخرى ، لعلها تسامحها ، وتعود علاقتهما إلى مجراها الأول . لقد أخطأت خطأ كبيراً ، خاصة وأنها وعدتها أن لا تعيرها ، لكن ماذا تفعل ، لقد جنّ جنونها ، حين علمت أنها ستبتعد عنها ، وتذهب مع كويكو إلى قريته ، وراء الجبال البعيدة . وجاء المساء ، وحلّ الليل والظلام ، لكن آدزانومي لم تعد ، وخرجت اويرهو من الكوخ ، وبحثت عنها في الجوار ، ثم في أكواخ صديقاتها ، ثم في محيط القرية ، لكن دون أن تقع لها على أثر . وفي اليوم التالي ، وطوال ساعات الصباح ، انتظر كويكو في السوق ، لتأتي آدزانومي كما اتفقا ، لكنها وعلى غير العادة لم تأتِ . وحلّ منتصف النهار ، ولم تأتِ آدزانومي ، لابد أن أمراً خطيراً قد حدث ، وإلا لأتت في الموعد المحدد ، والتقت معه في السوق . وبعد منتصف النهار ، لم يعد كويكو يحتمل الانتظار ، فترك السوق ، واتجه إلى كوخ آدزانومي ، وعلى مقربة من باب الكوخ ، رأى اويرهو مضطربة حائرة ، وما إن لمحته قادماً حتى أسرعت إليه ، وقالت : أين آدزانومي ؟ أخبرني . وردّ كويكو قائلاً : هذا ما جئت لأعرفه ، لقد وعدتني أن تأتي اليوم إلى السوق ، لكنها لم تأتِ . وأجهشت اويرهو بالبكاء ، وقالت من بين دموعها : لقد خرجت البارحة ، قبيل المساء ، من البيت غاضبة ، ولم تعد حتى الآن . ونظر كويكو إليها ، وقال : قلتِ إنها خرجت غاضبة ، لماذا ؟ ورفعت عينيها الغارقتين بالدموع إليه ، وقالت بنبرة مذنبة : لقد وعدتها ، حين رأيتها لأول مرة ، أن لا أعيرها بأنها كانت حبة بطاطا ، لكن .. وتمتم كويكو مذهولاً : حبة بطاطا ! وكفكفت اويرهو دموعها ، وقالت : لابد أنها ذهبت إلى الحقل ، الذي أخذتها منه . وسارت في خطى واسعة ، متجهة إلى الحقل ، القريب من القرية ، وهي تقول : سأعتذر منها ، وستسامحني ، لابدّ أن تسامحني وإلا متّ . وسار كويكو في أثرها ، دون أن يتفوه بكلمة ، حتى وصلا إلى الحقل ، وفجأة توقفت اويرهو ، وانحنت على الأرض ، ورفعت بيديها حبة بطاطا ، فيها ملامح آدزانومي ، فأجهشت في البكاء ، وهي تندب قائلة : بنيتي .. حبيبتي .. آدزانومي .. سآخذكَ معي إلى الكوخ .. وأبقيك إلى جانبي .. حتى النهاية . وفوجئت اويرهو بكويكو ينقض عليها ، وينتزع حبة البطاطا منها ، ويضمها إلى صدره ، وهو يقول : لن أدعكِ تأخذينها ، لقد أخلفتِ وعدك لها ، وخنتها ، سأخذها معي ، لتبقى إلى جانبي ، في قريتي التي تقع وراء الجبال البعيدة . واستدار كويكو ، وهو يضمّ إلى صدره حبة البطاطا ، التي تحمل ملامح آدزانومي ، وسار مبتعداً عن اويرهو ، حتى غاب عن الأنظار .
#طلال_حسن_عبد_الرحمن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رواية للفتيان تار والسندباد
...
-
نصان للفتيان الفقمة
...
-
مسرحية للأطفال الفقمة الصغيرة طلال حسن
-
رواية للفتيان دلمون الأعماق
...
-
مسرحية ريم للاطفال
-
رواية للفتيان الغابة طلال حسن
-
رواية للفتيان دموع رينيت طلال حس
...
-
قصة للأطفال آتٍ مع الشمس
-
رواية للفتيان ايتانا الصعود إلى سماء آنو
...
-
رواية للفتيان بدر البدور
...
-
قصة للأطفال اليمامة البيضاء والجرافة قصة
...
-
دموع رينيت كتاب جديد للفتيان
-
رواية للفتيان الرحلة الثامنة
...
-
رواية للفتيان المعجزة
...
-
رواية للفتيان الغيوم السوداء طلال
...
-
رواية للفتيان صخرة آي طلال حسن
-
مسرحية للفتيان اورنينا
...
-
رواية للفتيان الغزالة
...
-
رواية للفتيان السندباد البحري طلال
...
-
رواية للفتيان دروفا ـ نارانا
...
المزيد.....
-
شيرين عبد الوهاب تعلق على قضية تسريبات حسام حبيب عن أسرتها
-
الفنانة السورية كندة علوش تكشف تفاصيل إصابتها بمرض السرطان
-
بيان صادر عن تجمع اتحرك لدعم المقاومة ومجابهة التطبيع بخصوص
...
-
عقود من الإبداع والمقاومة.. فنانون ينعون الفلسطينية ريم اللو
...
-
فيديو جديد يزعم أنه يظهر الممثل بالدوين يلوح بمسدس ويشهره بو
...
-
إيران: إلغاء حكم الإعدام بحق مغني الراب توماج صالحي
-
إيران.. إلغاء حكم الأعدام بحق مغني الراب توماج صالحي
-
مبروك.. هنا رابط استخراج نتيجة الدبلومات الفنية لعام 2024 بر
...
-
مركز 3 بدور السينما.. فيلم عصابة الماكس كامل بطولة أحمد فهي.
...
-
هتابع كل جديد.. تردد قناة الزعيم سينما الجديد 2024 علي قمر ن
...
المزيد.....
-
خواطر الشيطان
/ عدنان رضوان
-
إتقان الذات
/ عدنان رضوان
-
الكتابة المسرحية للأطفال بين الواقع والتجريب أعمال السيد
...
/ الويزة جبابلية
-
تمثلات التجريب في المسرح العربي : السيد حافظ أنموذجاً
/ عبدالستار عبد ثابت البيضاني
-
الصراع الدرامى فى مسرح السيد حافظ التجريبى مسرحية بوابة الم
...
/ محمد السيد عبدالعاطي دحريجة
-
سأُحاولُكِ مرَّة أُخرى/ ديوان
/ ريتا عودة
-
أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة
/ ريتا عودة
-
صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس
...
/ شاهر أحمد نصر
-
حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا
/ السيد حافظ
-
غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا
...
/ مروة محمد أبواليزيد
المزيد.....
|