أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد بدلوي - المراهنة على الوزراء المهندسين بالمغرب:نجم آفل أم رهان خاسر ؟شكيب بنموسى نموذجا















المزيد.....


المراهنة على الوزراء المهندسين بالمغرب:نجم آفل أم رهان خاسر ؟شكيب بنموسى نموذجا


سعيد بدلوي

الحوار المتمدن-العدد: 7823 - 2023 / 12 / 12 - 00:13
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لعل الباعث الرئيس على تعيين السيد شكيب بنموسى كوزير تقنوقراطي في الأصل على هرم وزارة التعليم هو إصلاح هذا القطاع ليَسُوسُه سائس محايد يسمو فوق المزايدات السياسية و الصراعات الأُدلوجية و التقاطبات الحزبية ،إنه التعيين الذي استحالت معه وزارة التعليم وزارة سيادية و كأننا أمام إشارة سياسية مُضمرة تعلن عن رغبة ملحة في إصلاح هذا القطاع الذي فشل الوزراء المنتمون سياسيا في إصلاحه ، لكن يبدو أن الفشل كان مُحصًلة السياسة العمومية التي انتهجها الوزير في تدبيره للقطاع ،فما الذي حصل ؟ وما هي الفرضيات و المداخل الممكنة لقراءة وضعية الأزمة التي يعيشها القطاع الآن؟ وأيهما أنجع في تدبير الشأن العمومي؟الوزراء المنتمون سياسيا أم الوزراء التقنوقراط؟ وهل التعليم فعلا ملف استراتيجي للدولة بمرامي و غايات ممتدة زمنيا؟ أم إنه ملف عادي يراهن على تدبير يومي و لحظي واعتيادي وبدون أفق استراتيجي ؟ و هل هو ملف سياسي كبير ام إنه ملف تقني خالص ؟ وهل ترغب الدولة فعلا في الاستثمار في الانسان و المعرفة لتحقق أفضل عائد أم يحكمها الجانب المحاسباتي المرتبط بالتوازنات المالية؟ وهل يمكن تأطير الفعل التعليمي داخل نص تشريعي أم إنه فعل إنساني متعدد الأبعاد ينفلت من التقنين ؟

الظاهر أن مسار السيد شكيب بنموسى القادم من مدينة فاس كمدينة ارتبطت في المخيال السياسي المغربي بقدرتها على صناعة النخبة السياسية بالمغرب و سيرته الذاتيه الحافلة بالشواهد و المؤهلات الأكاديمية لم تسعفه في إدارة قطاع التعليم ، فشَتَّانَ بين الإسمنت و الإنسان!!!! صحيح أنه خريج المدرسة الوطنية للجسور والطرق بباريس ( École nationale des ponts et chaussées)‏ وهي مؤسسة جامعية مرموقة وواحدة من أعرق المدارس الفرنسية الكبرى ، لكن التكوين في الجسور و de القناطر لم يعبِّد له طريق إصلاح التعليم و كأننا أمام معضلة لا حلّ لها!!! فكيف لرجل متمرس له خبرة واسعة في إدارة الشأن العمومي عن قرب وقدم نفسه ربما كخبير و مفكر استراتيجي بترؤسه للجنة النموذج التنموي أن يحصد كل هذا الاحتجاج في سياسته لوزارة التعليم ؟
يبدو أن مشروع الوزير تَمخض فوُلد مُشوها، وكأنه بنى صُروحًا في الهواء، صَرْحًا من الورق مُعلَّقا بالأوهام، فَنَفَقَ النفقُ ومات فانهارت قناطر وصُروح المدرسة العموميةوتعطلت على يد مهندس الجسور "بنموسى" الذي لم يستوعب ربما الفرق بين تشييد القناطر و الاستثمار في الانسان فغدت سلطة المكاتب و الخبراء نقيضا للديقراطية وذلك نتيجة أسباب متنوعة و متداخلة يمكن إجمالها في العوامل التالية:
_أولا: شخصية الوزير الصامتة التي تنقصها المشروعية الكاريزمية فهو رجل هادىء و كتوم يتقن الإنصات أكثر من الكلام والحال أنه يستوزر قطاعا اجتماعيا يغلي و يضم أكبر عدد للموظفين المدنيين بالمغرب ،إنه قطاع يتطلب مُحاورا سياسيا مُقنعا و مُفوّهًا يتقن الخطابةو الإقناع ،فالوزير كنخبة سياسية حاكمة يُنتج سياسة عمومية لكنه ينتج أيضا خطابا سياسيا كجملة من المنطوقات و الملفوظات تؤدي وظيفة التواصل و الإفهام و الإخبار ، والحال ان التكوين الفرنكفوني لبنموسى جعل لغته العربية رديئة غير مقنعة بل طافحة بالأخطاء اللغوية و بعيدة عن الاستمالة و الإقناع.
_ثانيا:طول أمد الانتظارية (أكثر من عقدين من الزمن ) و تراكم الملفات دون حلحلتها ، علاوة على التكلفة المالية الهزيلة لتنزيل مشروع النظام الأساسي الجديد والممتدة زمنيا لأربع سنوات أخرى بمعدل سنوي يصل فقط لحوالي 2,5 مليار درهم مقارنة مع المليارات التي تصرف في قطاعات أخرى كالرياضة مثلا....ناهيك عن انتظار الشغيلة التعليمية بشغف ملامسة الوعد الانتخابي لحزب التجمع الوطني للأحرار بزيادة 2500درهم دون جدوى، فانتشرت مشاعر الإحباط و اليأس و الرفض....
_ثالثا:غياب العدالة الأجرية و المساواة الحسابية في التعويضات أفقيا و عموديا أي بين موظفي القطاع و مقارنة مع سلالم الأجور في الوظيفة العمومية، ذلك أن رواتب موظفي التعليم هي من بين الأضعف في الوظيفة العمومية رغم أن معظمهم حاصل على درجة الأستاذية انطلاقا من شهادة الإجازة فما فوق بحيث لم تعد لمهنة التعليم أية جاذبية، كما استفادت الأطر الإدارية و التأطيرية من المنح والتعويضات دون تعميمها على هيأة التدريس و هي الدعامة الرئيسة لتصريف أي إصلاح.
_رابعا:الحمولة المقاولاتية لمشروع النظام الاساسي من خلال ربط التحفيز بتحسين مردودية وجودة التعلمات و هزالة وغموض الاستفادة من منحة التميز (833درهم شهريا بشروط) وكأننا أمام مقولات تجعل المدرسة كشركة تجارية ، بحيث يغدو الأستاذ مستخدما، والتلميذ زبونا، والمؤطر التربوي كمفتش للشغل، والمدير كرئيس للشركة بل والتعليم كأصل تجاري أو كسلعة تقبل التثمين و التسعير ، والحال أن التعامل مع المدرسة لا يمكن أن يتم بمنطق المقاولة التجارية التي نتخلص منها بمجرد الخسارة في الربح.
_خامسا: غياب الديمقراطية التشاركية سواء في إعداد مشروع النظام الاساسي او لحظة التنزيل، كما أن العزوف و الاستنكاف عن العمل النقابي قوّض تمثيلية النقابات التي لم تعد محاورا قويا وفاعلا موثوقا فظهرت التنسيقيات كبديل يستمد مشروعيته المباشرة من القواعد ،والحال أنه في غياب رجال و نساء التعليم يبقى أي إصلاح خارج الفصل الدراسي.
_سادسا:الخلفية الضبطية للنظام الأساسي وطابعه العقابي و الزجري الذي ولّد التوجس و الخوف وانعدام الطمأنينة فغاب الشعور بالأمن المهني و الوظيفي لدى نساء و رجال التعليم.
_سابعا:إضافة مهام جديدة وبصيغة آمرة و مُلزمة بل وبدون تعويضات بحيث أصبح الأستاذ بدون هوية مهنية ترسم حدود وظيفته ،بل أصبح مدرسا و مصححا و مربيا ومعالجا نفسيا و مصاحبا سوسيولوجيا و منشطا ثقافيا و حارسا أمنيا و مساعدا إداريا......
يبدو أن أزمة التعليم بالمغرب قد أعلنت نهاية الأطروحة التي تراهن و تعول على كفاءة خبرة التقنوقراط بالمغرب فالتعليم ليس قضية تقنية محضة، وكأن التاريخ السياسي المغربي يعيد نفسه عبر ذوات أخرى، فرغم اختلاف الأحداث و الشخوص إلا أن زمن إصدار النظام الاساسي الجديد للتعليم و ما تبعه من أزمات تذكرنا بلحظة سياسية فارقة في الحياة السياسية المغربية و هي إعلان اول حالة استثناء بالمغرب المعاصر يوم 23 مارس 1965، بمدينة الدار البيضاء، حين خرج المتظاهرون احتجاجا على قرار وزير التربية الوطنية حينذاك يوسف بلعباس بطرد أي تلميذ تجاوز سنه السابعة عشر
وبعد أسبوع من القلاقل بدأت حملة اعتقال وإقالة الكثير من المدرسين في جميع الأسلاك.... فهل نحن أمام تاريخ سياسي مغربي يتكرر و يرتد و يعود القهقرى ؟؟؟
بالمحصلة، إنها لفكرة آسرة و جذابة تلك التي طرحها المحلل السياسي و الخبير الجيواستراتيجي المغربي« سعيد الخمسي» مؤداها ماذا لو اعتبرنا التعليم قطاعا منكوبا أصابه الزلزال و خصصنا له 120 مليار درهم كما هو الحال مع زلزال الحوز؟؟؟....حيث تعاضد الجميع لتجاوز الكارثة......آنذاك لم يجرؤ أحد على التشكيك أو المزايدة ....فإما أن نستثمر في العلم و المعرفة و الإنسان أو ننقشف فنحصد الجهل والدهماء والغوغاء الرعاع ،والحال أن غَداً لنَاظِرِهِ قَرِيب.

*بداوي سعيد
أستاذ الفلسفة بالثانوي التاهيلي وباحث مهتم بالفلسفة السياسية.



#سعيد_بدلوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- شون -ديدي- كومز يواجه ضحيتين أخريين في لائحة اتهامه
- ترامب يتحدث عن السبب في حادث اصطدام الطائرتين في واشنطن
- رئيس الوزراء العراقي يعلن القبض على قتلة المرجع الديني محمد ...
- معبر رفح: متى تخرج أول دفعة من الجرحى من غزة ومن سيدير المعب ...
- أول ظهور لتوأم باندا نادر في حديقة حيوان في برلين يثير إعجاب ...
- هل خطط المحافظين في ألمانيا بشأن الهجرة قانونية؟
- هل -يستعين- ميرتس بأصوات البديل مجددا؟
- استعدادات لفتح معبر رفح ونتنياهو يهدد باستئناف القتال مع حما ...
- إسرائيل تنفذ ضربات على مواقع لحزب الله في لبنان وتقول إنها م ...
- -الويب تون-.. قصص مصورة نشأت في كوريا الجنوبية وتتطلع لغزو ا ...


المزيد.....

- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد بدلوي - المراهنة على الوزراء المهندسين بالمغرب:نجم آفل أم رهان خاسر ؟شكيب بنموسى نموذجا