إلياس شتواني
باحث وشاعر
الحوار المتمدن-العدد: 7812 - 2023 / 12 / 1 - 17:40
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
تكمن أهمية صموئيل ألكسندر (1859-1939م) في كونه من رواد أهم مدرستين فلسفتين في القرن العشرين: الواقعية الجديدة و التطورالإنبثاقي. الذهن، في نظر ألكسندر، هو عبارة عن تنظيم إنبثاقي لأشياء موجودة بشكل مستقل عنا في الواقع. ما يدركه العقل الإنساني عبارة عن إنطباعات موجودة بصورة مستقلة عنا، فما ندركه هو جزء منظور من الحقيقة، و ليس نسخة عقلية خالصة.
يفرق ألكسندر بين "التأمل الخارجي" (Contemplation)، و "نشوة التجربة الداخلية" أو "الإستمتاع" (Enjoyment). فالإنسان يتأمل موضوعات متنوعة من حوله قد تكون خارجة عنه و عن بعضها البعض، و يتأمل أيضا أجزاءا داخلية تشكل جزءا من طبيعته المادية و السيكولوجية. لكن الإنسان، عندما يمارس الرياضة على سبيل المثال، فإنه يستمتع بالرجفة و النشوة الداخلية التي تسببها حركاته، كما أنه في الواقع يدركها و يتأملها.
الألوهية، من منظور ألكسندر، هي المستوى الأعلى في التطور الإنبثاقي الذي يلي المستوى الذي وصلناه في الحاضر. فالله لم يكتمل بعد، فهو مايزال ينبثق و يتطور. عالمنا الحالي يمضي للأمام لكي يحقق الألوهية، فالعالم المادي يشكل جسم الله الذي يتجه نحو الألوهية الصرفة. الله لامتناه، و دائم الوجود، و أزلي، و يشمل كل من الماضي، و الحاضر، و المستقبل. الكون بالتالي ليس له خالق بالضرورة لأنه ينتج نفسه و يتطور على إثر ذلك. أصل الكون و العلة الكافية للوجود يوعزها ألكسندر لثنائية المكان-الزمان، و التي لا يربطها ألكسندر بالمفهوم الكلاسيكي اللاهوتي أو حتى بمفهومه الخاص بالله.
يجب على الإنسانية، يعتقد ألكسندر، أن تتعاون و أن تكون شريكة مع الله في إدارة شؤون الحياة. لا يمكن لنا أن نجعل الألوهية مسؤولة عن الشرور و النواقص الموجودة في عالمنا اليوم، لأن الألوهية الفعلية لم توجد بعد. البشرية مسؤولة إلى حد كبير عما ستكون عليه الألوهية، و هي مساهمة بشكل كبير في طبيعة الخير و الشر اللذان سيشكلان عالمنا في المستقبل. فنستطيع بذلك، أي بمساعدة الألوهية، أن نجعل العالم مكانا أفضلا للعيش، و نحدث في نهاية المطاف الإنبثاق الحقيقي لله.
مرجع السلسلة
وليم كلي رايت، "تاريخ الفلسفة الحديثة".
#إلياس_شتواني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟