|
نصان للفتيان الفقمة الساحرة طلال حسن
طلال حسن عبد الرحمن
الحوار المتمدن-العدد: 7809 - 2023 / 11 / 28 - 00:49
المحور:
الادب والفن
نصان للفتيان
الفقمة
طلال حسن
" 1 " ــــــــــــــــــــ منذ أن جاءوا به ، حوالي المساء ، قبل ثلاثة أيام ، وهو يرقد محموماً ، يهذي في فراشه ، دون أن يعي ما يدور حوله . وخلال هذه الأيام الثلاثة ، لم تفارقه أمه ، لا في الليل ، ولا في النهار ، تساعدها ابنة عمه الشابة ، التي كانت تسكن مع والديها ، في بيت قريب . وفي هذيانه المحموم ، كان الفتى يردد كلمات مضطربة ، لا رابط بينها ، البحر .. الأمواج .. الفقمة .. القارب ، ويصرخ مستغيثاً ، ثم يهدأ لحظات ، ليبدأ من جديد هذيانه المحموم ، وكلماته المضطربة . وتصغي أمه إليه ، قلقة دامعة العينين ، وتتوسل إلى إله البحر ، الذي يسبح عارياً في الأعماق ، ويثير الأمواج ، أن يرأف به ، ويعيده إليها معافى ، بعد أن انتشله من بين الأمواج ، ولم يترك تلك الفقمة اللعينة ، التي قلبت قاربه ، أن تغرقه في الأعماق . وتحدق أمه فيه ، بعينيها المحبتين الغارقتين بالدموع ، آه إنه عنيد كأبيه ، وسينتهي يوماً كما انتهى أبوه ، بين أمواج البحر ، التي يثيره إله البحر المرح ، وهو يحاول اصطياد فقمة ضخمة ، يظن أن لا مثيل لها ، في المنطقة المنجمدة كلها . وبعد مساء هذا اليوم ، أغمضت الأم عينيها الدامعتين المتعبتين ، وأغفت على الرغم منها ، بعد أن هدأ الفتى قليلاً ، واستغرق في النوم . وأفاقت الأم على دبيب الفتاة الشابة ، وهي تقترب منها ، ورفعت رأسها إليها ، فقالت الفتاة بصوت خافت : عفواً ، لقد أيقظتك . وقالت الأم مغالبة النعاس : لا عليكِ ، يا بنيتي ، هذا وقت العشاء ، سأعد له بعض الحساء ، لعله يأكل شيئاً منه إذا استيقظ . ومالت الفتاة الشابة عليها ، وقالت بصوت خافت : دعي هذا الآن ، لقد أعددتُ له حساء أرانب ، إنه يحب هذا النوع من الحساء . وابتسمت الأم ، وقالت بصوت خافت : سيؤنبك أبوك ، فأنت تقضين على الأرانب ، التي اصطادها في جولاته وسط الغابة . وابتسمت الفتاة ، وقد توردت وجنتاها ، وقالت : ليؤنبني ، مادام ابن عمي سيشفى ، وينهض سالماً . وهنا تململ الفتى ، فالتفتت الأم إليه ، وقالت : انظري ، يا بنيتي ، انه يفيق . وفتح الفتى عينيه ، وقال بصوت محموم مضطرب : تلك الفقمة اللعينة ، ربما كانت هي نفس الفقمة ، التي أغرقت أبي . ومالت أمه عليه ، وقالت : بنيّ ، دع ِ الفقمة الآن ، أنت لم تأكل شيئاً منذ يومين . والتمعت عيناه ، وهو يحدق في الفراغ ، وقال بصوت محموم : سأقتلها .. تلك الفقمة اللعينة .. لابدّ أن أقتلها .. مهما كلفني الأمر . وتمتمت الأم بصوت باكٍ : بنيّ .. وغرق صوتها في الدموع ، فمالت الفتاة الشابة عليه ، وقال : جئتك بحساء تحبه ، أعددته لك بنفسي ، حساء أرانب ، كلْ شيئاً منه ، وسترتاح . وتطلع الفتى إليها ، بعينيه المضببتين المحمومتين ، وقال : لن أرتاح .. إذا لم أقتل تلك الفقمة . كادت الأم أن تجهش بالبكاء ، لكن الفتاة الشابة أسرعت ، وجاءت بإناء الحساء ، وغرفت منه ملعقة ، أدنتها من فم الفتى ، وهي تقول بصوت هادىء : تذوق الحساء ، سيعجبك جداً . وعلى غير ما توقعت الأم ، فتح الفتى فمه ، ورشف الحساء ، وهو يتمتم : سأقتلها . وقالت الأم للفتاة الشابة متحمسة : إنه يأكل ، عجلي بملعقة أخرى من الحساء . وبسرعة غرفت الفتاة ، ملعقة أخرى من الحساء ، ودستها في فم الفتى ، فابتلع الحساء ، وهو يقول : تلك الفقمة .. لن تفلت مني . وبدل أن يستمر الفتى في ارتشاف الحساء ، همّ أن ينهض من فراشه ، لكن أمه طوقته بذراعيها ، وهي تقول بصوت باكٍ : لا يا بنيّ ، ابقَ في مكانك ، أنت متعب ، وبحاجة إلى الراحة . وتمدد الفتى في فراشه ، وأخذ يهدأ شيئاً فشيئاً ، وهو يهذي محموماً : سأقتلها .. تلك الفقمة اللعينة .. سأقتلها .. سأقتلها .. سأقتلها .
" 2 " ـــــــــــــــــــــ هذه الليلة ، جاءت الفتاة الشابة حوالي العشاء ، ورأت الأم تجلس على طرف فراش ابنها ، وهي تغالب النعاس ، فمدت يدها ، ولمستها برفق . وفتحت الأم عينيها الناعستين المتعبتين ، وقالت : آه بنيتي ، أهلاً ، أهلاً بكِ . وقالت الفتاة بصوت خافت : تبدين متعبة ، يا خالتي ، اذهبي إلى فراشك ، وارتاحي قليلاً ، سأبقى أنا إلى جانبه ، وسأوقظك إذا أفاق . ونهضت الأم متحاملة على نفسها ، وقالت بصوت خافت ناعس : أيقظيني إذا تأخرتُ في النوم ، حتى وإن لم يفق ، لتعودي إلى البيت . فهزت الفتاة الشابة رأسها ، وقالت بصوت خافت : حسن ، اذهبي وارتاحي . وذهبت الأم إلى فراشها ، في الغرفة المجاورة ، تكاد تتعثر بنعاسها ، وجلست الفتاة الشابة على طرف الفراش ، وراحت تتأمل الفتى ابن عمها . وتململ الفتى في منامه متأوهاً ، وخفق قلب الفتاة الشابة قلقاً وإشفاقاً ، وفتح الفتى عينيه ، وشيء من الرعب يلمع في أعماقهما ، فمالت عليه الفتاة الشابة ، وقالت : اعتدل قليلاً ، سآتيك ببعض الماء . ومدّ الفتى يده ، وأمسك يد الفتاة ، وهو يتمتم : لا ، لا أريد ماء ، ابقي إلى جانبي . وشدت الفتاة الشابة على يده ، وقالت : اطمئن ، إنني إلى جانبك ، وسأبقى إلى جانبك دائماً . ونظر الفتى إليها ، وقال بصوت محموم : في منامي ، رأيتُ الفقمة اللعينة . وقالت الفتاة الشابة : دعكَ من هذه الفقمة ، المستقبل أمامكَ ، ستصطاد أفضل منها . ولاذ الفتى بالصمت لحظات ، ثم قال : أبي كان صياداً ، لكن عمي ، أباكِ ، هو الصياد البارز . وابتسمت الفتاة الشابة ، وقالت : ستكون مثله ، بل وأفضل ، أنت ما تزال شاباً . ونظر الفتى إليها ، وقال : أبي قتلته فقمة .. وقاطعته الفتاة الشابة قائلة : قال أبي ، إنها كانت ضخمة وشرسة جداً . وقال الفتى : لعلها مثل الفقمة التي ضربت قاربي ، وقلبته في الماء ، وكادت أن تقتلني . وأبرقت عيناه ، فشعرت الفتاة الشابة بالخوف ، ثم تابع قائلاً : لن تفلت مني ، سأثأر لأبي ، فقد تكون هي نفسها ، التي قتلت أبي . ومن بين أسنانه ، راح الفتى يقول : سأطاردها ، حتى نهاية العالم ، وسأقتلها ، سأقتلها . وارتمى على فراشه ، وهو يئن متوجعاً ، وراح صوته يخفت شيئاً فشيئاً ، حتى غدا أنيناً متوجعاً ، ثم هدأ واستغرق في النوم .
" 3 " ـــــــــــــــــــ فزّت الأم صباحاً ، كأن أحداً هزها بقوة ليوقظها ، فأسرعت راكضة إلى غرفة ابنها ، وكاد قلبها أن يتوقف ، عندما وجدت فراشه خال ٍ . ترى أين ذهب ؟ وتلفتت حولها منصتة ، كانت الريح تعوي في الخارج ، كقطيع من الذئاب الجائعة ، إنه يوم يبقى الصيادون فيه ، أسرى بيوتهم ، فالبحر خطر للغاية ، خاصة وأن إله البحر يلهو بإثارة الأمواج ، يداعب بها الدلافين والفقمات ، والحيتان ، وكذلك الصيادين . وبحثت عنه عبثاً ، في أرجاء البيت ، وحين عرفت أن عدة الصيد قد اختفت ، أسرعت إلى بيت عمه ، لعلها تجده هناك . وفوجىء عمه بالأمر ، وتساءل ، وابنته تقف مذهولة أمامه ، ترى أين يمكن أن يكون قد ذهب ، في مثل هذا الجو العاصف ؟ وخطر له ، إنه ربما ذهب إلى البحر ، عندما أخبرته الأم باختفاء عدة الصيد ، وتأكدت ظنونه عندما لم يجد قارب الصيد في مكانه من الشاطىء ، يا للجنون ، أيعقل أنه ذهب إلى البحر ؟ وعلى الفور ، ورغم المخاطر الشديدة ، استقل العم قاربه ، يرافقه ثلاثة من أصدقائه الصيادين الأشداء ، وانطلقوا إلى عرض البحر . وعند منتصف النهار ، لاح لهم ، من بعيد ، قارب يطفو بين الأمواج المتصارعة ، التي يثيرها الإله ، فأسرعوا إليه ، يصارعون الأمواج المجنونة ، وإذا الفتى يقف محموماً وسط قاربه ، وإلى جانب القارب تطفو فقمة ضخمة جداً ، وقد انغرزت في ظهرها عميقاً حربة مشدود إليها حبل طويل وقويّ . ولاحظ العم ، في عنق الفقمة جرحاً عميقاً ، حديث العهد ، ترى أهذه الفقمة ، هي نفس الفقمة ، التي كادت تغرق الفتى قبل أيام ؟ من يدري . وقبيل المساء ، وقفت الأم والفتاة ، عند شاطىء البحر ، ورأتا الجميع يعودون سالمين من البحر ، ومعهم قارب الفتى ، وإلى جانبه تطفو فقمة ضخمة جداً .
3 / 6 / 2015
الساحرة
" 1 " ـــــــــــــــــــ فتحت ميزاتوم الباب بهدوء ، وعبرت العتبة ، وبهدوء أغلقت الباب ، رغم أنها واثقة ، أن سيدتها ايلي قد سمعت الباب يُفتح ثمّ يُغلق . صحيح إنها لا ترى ، لكن سمعها مرهف للغاية ، وكما تقول ، فإنها ترى بأذنيها ، حتى إنها ترى وتسمع النملة ، وهي تدب على مقربة منها . ومضت ميزاتوم تسير إلى السوق ، حاملة سلتها ، التي نسجتها بنفسها من الخوص ، لقد طلبت منها سيدتها ، قبل أن تأوي إلى فراشها ، ليلة البارحة ، أن تذهب مبكرة إلى السوق ، وتأتيها ببعض الحاجيات ، وها هي تلبي رغبة سيدتها ، وتذهب إلى السوق . وسارت في الطريق ، دون أن تتلفت حولها ، لكن أحاسيسها المرهفة ، كانت تترصد ما يدور حولها ، فريماني سيحاذيها كما يفعل كل يوم ، وكأن الأمر صدفة ، وسيهمس لها بصوته العذب الدافىء : طاب صباحكِ . وسترد وكأنها فوجئت : طاب صباحكَ . ويسيران معاً إلى السوق ، ويشتري كلّ منهما ما كلف به ، فتشتري ميزاتوم ما كافتها به سيدتها ايلي ، ويشتري ريماني ما كلفه به سيده الشاعر ، وغالباً ما يساعدها ريماني في حمل بعض حاجياتها ، ويوصلها إلى الباب ، ثم يودعها . وصلت السوق هذا اليوم ، دون أن يكون لريماني أثر ، من يدري ، ربما جاءت اليوم مبكرة ، فلتتباطأ في الشراء ، إنها ليست مستعجلة ، وكذلك سيدتها ، وكادت أن تتم شراء ما أرادت شراءه ، حين شعرت به يقف على مقربة منها ، ويهمس لها بصوته العذب الدافىء : طاب صباحكِ . جفلت ، وبدا وكأنها يئست من حضوره ، والتفتت إليه ، وقالت : طاب صباحك َ . وقال ريماني : يبدو أنكِ جئت اليوم مبكرة . فردت ميزاتوم قائلة : نعم ، جئتُ مبكرة ، وقد انتهيت من شراء ما أريده . ومدّ ريماني يده ، وأخذ بعض ما اشترته ، وهو يقول : دعيني أساعدكِ . ورمقته ميزاتوم بنظرة سريعة ، وقالت : لم تشتر ِ أنت شيئاً بعد . وردّ الفتى قائلاً : لن أشتري شيئاً اليوم ، هيا . وسارا جنباً إلى جنب ، مبتعدين عن السوق ، بخطى غير متعجلة ، وقال الفتى : عملك كثير ومتعِب ، مع هذه الساحرة العجوز . فقالت ميزاتوم : سيدتي ايلي ليست عجوزاً ، وهي تعاملني وكأني ابنتها الصغيرة . وتجاهل ريماني ما قالته ، وقال : زوجة سيدي الشاعر ، امرأة طيبة ، وهي تبحث عن خادمة شابة . وردت ميزاتوم قائلة : خادم سيدتي ، رجل عجوز مريض ، وسيترك العمل بعد أيام ، ويعود إلى قريته ، وقد تحتاج سيدتي إلى خادم شاب . وقال ريماني ، وهما يقتربان من البيت : ها قد وصلنا ، سأذهب إلى سيدي الشاعر . وعند الباب ، توقفت ميزاتوم ، وأخذت ما حمله عنها ريماني ، وقالت : أشكرك ، لقد أتعبتك . وردّ ريماني قائلاً : عفواً . ثم مضى مبتعداً ، بعد أن قال لها : أراكِ غداً .
" 2 " ـــــــــــــــــــ دفعت ميزاتوم الباب برفق ، الفناء خال ٍ ، هذا يعني أن سيدتها مازالت راقدة في فراشها ، فلتبقَ مرتاحة ، وتسللت إلى المطبخ ، ووضعت فيه ما اشترته من السوق من خبز ولحم وخضار . ثم مضت بخطوات خافتة إلى غرفتها ، واستلقت فوق فراشها ، وومض في داخلها ريماني ، كما يومض البرق ، وأضاء أعماقها الظامئة . كلا ، لن تترك سيدتها ايلي ، وتعمل عند زوجة سيده الشاعر ، فايلي ربتها منذ أن كانت طفلة صغيرة ، وهي لا تعاملها كخادمة ، بل ابنة صغيرة مدللة . لقد حدثها ريماني مراراً عن سيده الشاعر ، وقال لها مرة : إنه شاعر كبير معروف ، وقد ألف قصيدة طويلة مؤثرة عنوانها " المعذب والحكيم " . وردت ميزاتوم وقتها قائلة : هذه القصيدة تحبها سيدتي ايلي ، وهي تقرأ لي أحياناً مقاطع منها ، إنها حقاً قصيدة مؤثرة . ونظر ريماني إليها ، وقال : البعض لا يحبها ، بل إن أحد الكهنة هاجمها بشدة . وقالت ميزاتوم : لا أدري ، إن سيدتي نفسها تقول ، إنها تشكك في عدالة السماء . وابتسم ريماني ، وقال : ربما هذا صحيح ، وأنتِ ماذا تقولين ، يا ميزاتوم ؟ ونظرت ميزاتوم إليه حائرة ، وقالت : لا أدري ، لكني أظن أن الإلهة عشتار عادلة تماماً . وردّ ريماني قائلاً : لكن ليس من العدالة ، أن تعطيك عشتار هذا الجمال ، وتحرم الكثيرات منه . والتمعت عينا ميزاتوم ، لكنها قالت وكأنها تحتج بشيء من الدلال : ريماني . فنظر ريماني إليها ، وقال : أنت جميلة جداً . وبشيء من الدلال احتجت ثانية : ريماني . فقال ريماني ، وكأنه يدافع عن رأيه : بينما هناك الكثيرات متواضعات الجمال . وسحبت ميزاتوم الغطاء فوق وجهها المتورد ، تخفي في طياته ، التي تحمل عبقها ، ابتسامتها المشرقة ، وفرحتها التي أضاءت أعماقها .
" 3 " ــــــــــــــــــــ هذا الصباح ، هجست ايلي في داخلها ، ورغم عتمة الخارج ، بأن الباب الخارجي ، سوف يُطرق بعد قليل ، ورأت الطارق ، أو بالأحرى رأت الطارقة الشابة تقترب وتقترب وتقترب . وتلفتت حولها ، فخادمتها ميزاتوم ليست هنا ، فقد ذهبت إلى السوق ، ولن تأتي إلا حوالي منتصف النهار ، من سيفتح الباب للطارقة إذن ؟ وتحاملت على نفسها ، ونهضت بشيء من الصعوبة ، وتلمست طريقها إلى خارج الغرفة ، واجتازت الفناء بخطوات بطيئة حذرة ، وحين لمسست الباب ، رفعت السقاطة ، وواربت الباب قليلاً ، ثم قفلت عائدة ، وجلست تحت الشجرة ، وسط الفناء . وأرهفت سمعها ، ها هي الطارقة تقترب ، وتقف مترددة ، سيطرق الباب الآن ، وعلى الفور طرق الباب الخارجي ، فرفعت وجهها قليلاً ، وبدل أن تصيح ، من بالباب ، صاحت : ادخلي . وسمعت الباب يُدفع برفق ، وتناهى إليها وقع أقدام خجولة مترددة تقترب منها ، فقالت : تعالي ، إنني هنا تحت الشجرة . وتوقفت الفتاة أمامها مذهولة ، وقالت : كيف عرفتِ أنني فتاة ، يا سيدتي ؟ وردت ايلي بصوت متنبيء : وأعرف منذ أيام ، أنك ستطرقين الباب . ولاذت الفتاة بالصمت ، فتابعت ايلي قائلة : ترددتِ أياماً وأياماً ، حتى جئتني هذا اليوم ، أما هو فما زال متردداً ، لكنه سيأتي . وتساءلت الفتاة مذهولة : من هو ؟ فردت ايلي مبتسمة : من جئتِ من أجله . وتمتمت الفتاة : سيدتي .. ونظرت ايلي إليها ، بعينين جامدتين ، وقالت : اطمئني ، إنني أراه ، كما رأيتك ، أنت وهو تسيران يداً بيد ، على طريق محفوف بالأزهار . وهتفت الفتاة فرحة ، وهي تستدير ، وتمضي إلى الخارج ، سيدتي .. أشكركِ .. أشكركِ . سمعت الباب يُغلق ، ومعه هجست بقلبها ينقبض شيئاً فشيئاً ، فوضعت يدها المرتعشة على صدرها ، وتمتمت : آه .. عشتار .
" 4 " ــــــــــــــــــــ خلال الأيام القليلة الماضية ، لا تدري ايلي ، أكان ذلك في الحلم ، أم في الحقيقة ، رأت الإله تموز ، يهرب خائفاً ، يطارده سبعة من شياطين الكالا . ويوماً بعد يوم ، تزايد قلقها ليس على تموز فقط ، بل على زوجته الإلهة عشتار أيضاً ، فعشتار تحب تموز حدّ العشق ، وقد فضلته على المزارع انكمدو ، واختارته ليكون زوجاً لها . وعاشت معه حياة هانئة ، ولعل هذا ما أثار إلهة العالم الأسفل ، شقيقتها ايرشكيكال ، فأرسلت سبعة من شياطينها الكالا ، وطاردوه حتى القوا القبض عليه ، واقتادوه إلى العالم الأسفل . آه ، وتأوهت ايلي متألمة ، وقلبها يزداد انقباضاً ، لقد رأت بعيني بصيرتها ما جرى ، لكن يصعب عليها أن تصدق ذلك ، فهذا أمر خطير للغاية ، قد يهدد الحياة برمتها ، في كلّ مكان . وحوالي منتصف النهار ، سمعت الباب يدفع بهدوء ، وتناهى إليها وقع أقدام تعرفها جيداً ، فرفعت رأسها قليلاً ، وقالت : ميزاتوم . وتوقفت ميزاتوم أمامها ، وقالت بصوت باكٍ : تموز .. يا سيدتي .. تمتمت ايلي : أعرف .. وتابعت ميزاتوم قائلة : أخذته شياطين الكالا .. وتمتمت ايلي ثانية : أعرف .. وقال ميزاتوم باكية : أخذته إلى العالم الأسفل . وقالت ايلي : الويل لنا من الآتي . ومرت عدة أيام ، والباب صامت ، لا يطرقه أحد ، لا الفتاة عادت ، ولا الفتى اقترب من الباب ، لقد بدأ زمن القلق والصمت . وميزاتوم نفسها ، ولعدة أيام متتالية ، تذهب إلى السوق ، حتى ولو لم ترسلها سيدتها لشراء شيء ما ، لعلها ترى فتاها ريماني ، لكن دون جدوى . ومع سيدتها ، كانت ميزاتوم تتساءل : ترى ما الذي ستفعلع عشتار ، بعد أن اختطف شياطين الكالا السبعة ، الإله تموز إلى العالم الأسفل ؟
" 5 " ــــــــــــــــــــ على عادتها ، استيقظت ميزاتوم مع شروق الشمس ، ودخلت على سيدتها ايلي ، وكانت كالعادة في مثل هذا الوقت ، تتمدد مستيقظة في فراشها . فمنذ أن غيّب تموز ، في العالم الأسفل ، بدأ النوم يغيب عنها ، إلى ساعة متأخرة من الليل ، ويغادرها مبكراً ، قبل شروق الشمس . واقتربت ميزاتوم منها ، وقالت : طاب صباحك ، يا سيدتي . وردت ايلي قائلة : طاب صباحك . وقالت ميزاتوم : حان وقت ذهابي إلى السوق ، يا سيدتي . وبدل أن تقول لها كالعادة ، اذهبي ، أنصتت لحظة ، ثم قالت : ميزاتوم . فردت ميزاتوم : نعم ، سيدتي . فقالت ايلي : لا أسمع زقزقة العصافير . ونظرت ميزاتوم ، عبر نافذة الغرفة الصغيرة ، إلى الشجرة وسط الفناء ، وقالت : لعلها ذهبت إلى البساتين القريبة ، يا سيدتي . وهزت ايلي رأسها ، وقالت : لا ، إنه تموز ، آه عشتار ، قلبي معكِ أيتها الإلهة .. الزوجة . ولاذت بالصمت لحظة ، ثم قالت : اذهبي إلى السوق ، مادمتِ تريدين الذهاب . وتساءلت ميزاتوم : ماذا تريدين أن أشتري من السوق ، يا سيدتي ؟ فردت ايلي قائلة : اشتري ما تريدين ، اذهبي . ومضت ميزاتوم إلى السوق ، حاملة سلتها الخوص ، على أمل أن ترى ريماني ، لكنها ولليوم الثالث على التوالي ، لم تقع له على أثر ، لا في الطريق ، ولا في أي مكان من السوق . وهمت أن تنتقي بعض الخضار ، من البائع الذي تعودت أن تشتري منه ، لكن الخضار لم يعجبها ، ولاحظ البائع ذلك ، فقال لها : الخضار كله هكذا ، في السوق اليوم . وتساءلت ميزاتوم مندهشة : لماذا ؟ فردّ البائع قائلاً : هذا ما نسأله للبستانيين ، فيجيبوا بكلمة واحدة ، تموز . وصمتَ لحظة ، ثم قال : والآتي أسوأ ، أنصتي . وأشار إلى رجل ، يقف وسط الناس ، وهو يُنشد : كان قلبه يفيض أسى فهام على وجهه في المروج ومزماره يتدلى من رقبته وهو يبكي ، ويقول .. النواح .. النواح أيتها المروج لتذرف عيناي الدموع على المروج وأخذت ميزاتوم بعض الخضار ، رغم ذبوله ، ووضعته في سلتها البوص ، وقفلت عائدة إلى البيت ، وهي تتلفت لعلها ترى ريماني ، في مكان ما . وتراءى لها ، وهو يهمس لها ذات يوم ، وهما يقفان في السوق : حدثتُ سيدي الشاعر عنك ، فقال لي ،سأعطيك حريتك إذا أرادتك هذه الفتاة .
" 6 " ـــــــــــــــــــــ تمددت ايلي في فراشها ، هادئة ، كئيبة ، جامدة العينين ، وكما تذوي شجيرة ورد ، يشحّ عنها الماء ، بدأت تذوي ، وتذبل أزهارها شيئاً فشيئاً ، وتشحب ألوانها ، ويتلاشى شذاها . مع الأيام ، غدا كلّ شيء حولها صامتاً ، بعد أن كان يضجّ بالحياة ، الريح ساكنة ، الشجرة لا تتحرك أغصانها ، العصافير لا تزقزق ، والباب الخارجي نفسه ، ظلّ معظم الوقت مغلقاً ملفعاً بالصمت . ماذا يجري ؟ ميزاتوم تستيقظ كالعادة كلّ صباح ، لكنها تستيقظ كما الشمس في سماء غائمة ، شاحبة ، باردة ، كئيبة ، يلفها الحزن والصمت ، تأخذ سلتها البوص ، وتذهب كالشبح إلى السوق ، وكالشبح تعود إلى البيت ، وسلتها البوص تكاد تكون فارغة . وخلال ذهابها وعودتها ، وهي تسير ببطء ، لا تلتفت يميناً ولا يساراً ، لا يقترب منها أحد ، في الطريق أو في السوق ، ولا تسمع أحداً يقول لها بصوت دافىء : طاب صباحكِ . وتأوهت ايلي ، وهي راقدة في فراشها : آه .. لقد أخذوا تموز ، أخذه شياطين الكالا السبعة ، بأمر من ايرشكاكيل ، إلى العالم الأسفل ، إلى أرض اللاعودة ، حيث لا تشرق الشمس ، أخذوه من عشتار ، وذهبوا به إلى ايرشكاكيل ، إلهة العالم الأسفل . ترى أين عشتار ؟ وماذا تفعل الآن ؟ ورأتها ايلي بعيني بصيرتها ، وهي راقدة في فراشها ، يلفها الصمت والذبول ، رأت الإلهة عشتار ، بعد اختطاف تموز ، غاضبة ، منهارة . لقد غيّب عنها تموز ، غيب زوجها وحبيبها ، غيّبه شياطين الكالا ، وأخذوه إلى أختها ايرشكيكال ، في العالم الأسفل . فما العمل ؟ وسمعتها بعين بصيرتها ، تصيح بأعلى صوتها مستنجدة : ننشوبر . وننشوبر هذا هو وزيرها المخلص ، جاء في الحال ، وقال : مولاتي .. وحدقت عشتار فيه ، وهي لا تكاد تراه لشدة غضبها ، وقالت : سأذهب إلى العالم الأسفل . وردّ ننشوبر يحذرها قلقاً : لا يا سيدتي ، إنه عالم لا تشرق فيه الشمس ، ولا يعود منه من يدخله . وبإصرار تقول الإلهة عشتار : سأنزل مهما كلفني الأمر ، تموز في العالم الأسفل ، ولا حياة لي في الأرض دون وجوده . ويصمت ننشوبر ، فتقول عشتار : حين أنزل إلى العالم الأسفل ، اذهب إلى آبائي الآلهة انليل وننا وانكي ، واطلب منهم أن يعيدوني إلى الحياة ، ويخرجوني أنا وتموز من العالم الأسفل . فيقول ننشوبر بصوت تغرقه الدموع : أمرك يا مولاتي ، سأذهب إلى الآلهة ، وأنقل رسالتك إليهم . ونزلت عشتار إلى العالم الأسفل ، حيث لا تشرق الشمس ، وحيث تشرق الشمس ، وقد غابت عشتار ، بدأت الحياة تذبل ، وتميل إلى الأفول . وايلي نفسها ، التي ظلت في فراشها ، الصمت يلفها والذبول ، الريح ساكنة ، والشجرة لا تتحرك أغصانها ، والعصافير لا تزقزق ، والباب الخارجي نفسه ، ظلّ مغلقاً يلفه الصمت .
" 7 " ـــــــــــــــــــــ أشرقت الشمس هذا اليوم ، كما لم تشرق منذ أسابيع عديدة ، هذا ما هجست به ايلي ، وهي راقدة في فراشها ، وعيناها الجامدتان تتطلعان إلى أعماقها . ربما كان ضوء النهار ، أكثر دفئاً وسطوعاً ، هذا ما أبصرته ايلي في أعماقها ، وما تسمعه الآن ، شيء آخر ، لم تسمعه منذ فترة طويلة . وأرهفت سمعها المبصر جيداً ، الريح لم تعد ساكنة على ما يبدو ، إنها تهب محركة أغصان الشجرة ، وزقزقة العصافير ترتفع شيئاً فشيئاً ، يبدو أن لديها عرساً ، وهذا ما غاب فترة طويلة . ماذا جرى ؟ لا يمكن أن يجري هذا ، وتموز في العالم الأسفل ، وهذا ما لا يمكن أيضاً أن يجري أيضاً ، وعشتار بعيدة ، مغيبة ، في العالم الأسفل . آه إنه ننشوبر ، وزير الإلهة عشتار ذو الكلمات الطيبة الصادقة ، والآلهة العظام ، وخاصة الإله انكي ، وهذا ما تأكدت منه ايلي فيما بعد . لقد أمر الإله انكي ، أن يُنثر على عشتار ، التي علقتها ميتة ايرشكيكال على وتد ، ماء الحياة وطعام الحية ستين مرة ، فعادت إلى الحياة . وعلى الفور ، أخذت الإلهة عشتار ، زوجها الحبيب تموز ، وخرجت من العالم الأسفل ، إلى حيث تشرق الشمس ساطعة دافئة . وأشرقت الشمس ، كما لم تشرق منذ أسابيع ، وعادت الحياة إلى مجراها السابق ، وكأن تلك الأيام والأسابيع السابقة ، لم تكن في يوم من الأيام . وهنا دُفع باب الغرفة برفق ، ورفعت ايلي رأسها ، إنها ميزاتوم ، فبادرتها قائلة : خذي سلتك الخوص ، واذهبي إلى السوق . وتوقفت ميزاتوم مندهشة ، على مقربة منها ، فتابعت ايلي قائلة : اذهبي ، والتقي بالقمر . وابتسمت ميزاتوم حائرة ، وقالت : نحن في رابعة النهار ، يا سيدتي . فقالت ايلي : أنا أعرف ، وأنت تعرفين ، قمر النهار والليل ، اذهبي بسرعة . وبسرعة أخذت ميزاتوم سلته الخوص ، ومضت على عجل إلى السوق ، وبعكس الأيام المنطفئة الماضية ، كانت مشاعرها متوقدة ، تنتظر وتتوقع ما تحبه ، مع كلّ خطوة تخطوها على الطريق . وعلى مقربة من السوق ، سمعت قمرها بصوته الدافىء ، يقول لها : طاب صباحكِ . والتفتت إليه مبتسمة هذه المرة ، وردت قائلة : طاب صباحكَ . ومال ريماني عليها قليلاً ، وقال : ذكرتُ سيدي الشاعر بما وعدني مرة . وتوقفت ميزاتوم ، وعيناها متعلقتان بشفتيه ، تنتظر ما قاله الشاعر ، فتابع ريماني بصوته الدافىء الفرح : فقال أنا عند وعدي . وصاحت ميزاتوم بصوت جعل بعض المارة يلتفتون إليها : أنتَ حرّ ! ابتسم ريماني ، وقال : إذا كنتِ تريدينني . ومدت ميزاتوم يدها بشكل عفويّ ، وأمسكت يده مبتسمة ، وهي تقول : أريدكَ طبعاً . وتلفت ريماني محرجاً ، وقال : ميزاتوم ، نحن نقترب من السوق . فقالت ميزاتوم ، وهي تواصل السير ، ويده في يدها : ليعرف الجميع .. أنكَ قمري . وفي فراشها ، داخل غرفتها المغلقة ، ابتسمت ايلي ، رغم أن شعورها بالوهن ، لم يزايلها تماماً ، فهاهي ميزاتوم ، التي تحس أنها ابنتها ، تسير وسط السوق ، ويدها في يد قمرها ، و .. وسمعت طرقاً على الباب ، وأنصتت ملياً ، ونظرت جيداً بعيني بصيرتها الحادتين ، ثم شاعت ابتسامة فرحة ، في أعماقها ، التي بدأت الحياة تعود إليها ، كما لو كانت شابة في مقتبل العمر . فها هي ترى عند الباب ، تلك الفتاة ، ومعها فتاها هذه المرة ، وتنهض ايلي من فراشها ، لتفتح الباب الخارجي ، وتبارك لهما سعادتهما ، التي رأتها منذ أن طرقت الفتاة الباب أول مرة .
9 / 6 / 2015
#طلال_حسن_عبد_الرحمن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مسرحية للأطفال الفقمة الصغيرة طلال حسن
-
رواية للفتيان دلمون الأعماق
...
-
مسرحية ريم للاطفال
-
رواية للفتيان الغابة طلال حسن
-
رواية للفتيان دموع رينيت طلال حس
...
-
قصة للأطفال آتٍ مع الشمس
-
رواية للفتيان ايتانا الصعود إلى سماء آنو
...
-
رواية للفتيان بدر البدور
...
-
قصة للأطفال اليمامة البيضاء والجرافة قصة
...
-
دموع رينيت كتاب جديد للفتيان
-
رواية للفتيان الرحلة الثامنة
...
-
رواية للفتيان المعجزة
...
-
رواية للفتيان الغيوم السوداء طلال
...
-
رواية للفتيان صخرة آي طلال حسن
-
مسرحية للفتيان اورنينا
...
-
رواية للفتيان الغزالة
...
-
رواية للفتيان السندباد البحري طلال
...
-
رواية للفتيان دروفا ـ نارانا
...
-
رواية للفتيان سامو وسومو
...
-
رواية للفتيان النمر
...
المزيد.....
-
عرض جواز سفر أم كلثوم لأول مرة
-
مسيرة طبعتها المخدرات والفن... وفاة الممثلة والمغنية البريطا
...
-
مصر.. ماذا كتب بجواز سفر أم كلثوم؟ ومقتنيات قد لا تعلمها لـ-
...
-
أساطير الموسيقى الحديثة.. من أفضل نجوم الغناء في القرن الـ21
...
-
السعودية.. رحيل -قبطان الطرب الخليجي- وسط حزن في الوسط الفني
...
-
مصر.. كشف تطورات الحالة الصحية للفنان ضياء الميرغني بعد خضوع
...
-
-طفولة بلا مطر-: المولود الأدبي الأول للأكاديمي المغربي إدري
...
-
القبض على مغني الراب التونسي سمارا بتهمة ترويج المخدرات
-
فيديو تحرش -بترجمة فورية-.. سائحة صينية توثق تعرضها للتحرش ف
...
-
خلفيات سياسية وراء اعتراضات السيخ على فيلم -الطوارئ-
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|