أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - يعقوب بن افرات - زلزال سياسي يزعزع مكانة بوش















المزيد.....

زلزال سياسي يزعزع مكانة بوش


يعقوب بن افرات

الحوار المتمدن-العدد: 1739 - 2006 / 11 / 19 - 10:37
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


فوز الديمقراطيين الساحق في انتخابات الكونغرس الامريكي، كان انقلابا سياسيا اول منذ 12 عاما، وضربة ماكنة لسياسة "المحافظين الجدد" المتطرفة. بوش يضطر للعودة لسياسة والده، ويسارع لتشكيل اجماع امريكي جديد مع الديمقراطيين حول بناء خطة للانسحاب من العراق، اساسها حفظ المصالح الاستعمارية والشركات الامريكية.
يعقوب بن افرات

فوز الديمقراطيين الساحق في الانتخابات للكونغرس الامريكي، كان انقلابا سياسيا اول منذ 12 عاما. ورغم كل محاولات البيت الابيض انكار طبيعة الانتخابات، الا ان الواضح انها تحولت الى استفتاء عام حول الحرب على العراق. وجاءت النتيجة رسالة ساطعة الى الرئيس الامريكي، جورج بوش، بان الشعب الامريكي يريد تغييرا جذريا في السياسة الامريكية تجاه العراق.

وبهدف التوضيح ان الرسالة قد وصلت، عقد الرئيس بوش مؤتمرا صحفيا غداة الانتخابات للاعلان عن استقالة وزير الدفاع، دونالد رامسفيلد، وتعيين روبرت غيتس مكانه. وكان بوش قد أصر على ابقاء رامسفيلد في منصبه حتى اللحظة الاخيرة، وتجاهل النداءات المتكررة التي وجهها له ساسة ومحللون من كل الوان الطيف السياسي، تطالب بفصل رامسفيلد بسبب فشله في ادارة الحرب على العراق. وحمّل هؤلاء وزير الدفاع المستقيل مسؤولية تورط امريكا في البلد الذي انزلق للحرب الاهلية، دون اي افق لحل سياسي يتيح للقوات الامريكية الانسحاب.

ولكن الرأي الفصل كان لكارل روب، المستشار الرئيسي لجورج بوش. روب يعتبر شخصية عبقرية في ادارة الحملات الانتخابية منذ نجاح بوش في انتخابات عام 2000. واعتمادا على رأيه قرر بوش التعنّت في موقفه من الحرب، وبدل اجراء اصلاحات داخلية فضل اتهام الديموقراطيين بالجبن. وذهب للانتخابات متوكلا على حدوث "معجزة" انتخابية تنقذ حزبه، كالتي حدثت معه قبل عامين وأنقذته في المنافسة الشديدة على انتخابات الرئاسة مع المرشح الديموقراطي، جون كيري.

في انتخابات الرئاسة الاخيرة "هندس" كارل روب ائتلافا واسعا يشمل متدينين بروتستانت ورأسماليين كبار. اما المتدينون، ومعظمهم فقراء، فقد دعموا بوش الجمهوري لانهم محافظون مثله، يعارضون الاجهاض، واما الاغنياء فتأملوا ان يقوم بوش بسن قوانين تعفيهم من الضرائب على ارباحهم، الامر الذي يتطلب اجراء تقليصات في برامج التأمين الوطني، الامر الذي يعارضه الفقراء من مصوّتيه. وكان على هذا الائتلاف ان يضمن للحزب الجمهوري الاغلبية في الكونغرس لفترة طويلة جدا. ولكن بوش خذل كلا الطرفين وفشل في تحقيق اي من الاصلاحات والقوانين المنشودة، وبقي دون اجندة سياسية.

ولكن المشكلة الاساسية التي قادت لهبوط شعبية بوش، تتعلق بسياسته الخارجية في ادارة حرب العراق. بقاء رامسفيلد في منصبه رغم النقد اللاذع، تحول الى رمز الى انقطاع ادارة بوش عن الواقع. فرغم تدهور الوضع في العراق وانزلاق البلد نحو الحرب الاهلية، ورغم الخسائر البشرية المتراكمة للجيش الامريكي، والفشل في احقاق تقدم يذكر في اعادة اعمار البلد، أصر بوش على الحديث عن "تقدم" في العراق، ووعد بان امريكا ستبقى في العراق حتى النصر.

اعتقاد الجمهور الامريكي ان احقاق النصر في العراق بات مستحيلا، لم يغير قناعات بوش حتى عزل نفسه داخل حزبه ايضا. فالمعارضة لسياسته لم تقتصر على الحزب الديموقراطي، بل انتقلت الى الحزب الجمهوري، الذي دفع الثمن غاليا جدا في الانتخابات النيابية الحالية.

اشرنا في العدد السابق من "الصبار" الى تفكك الائتلاف "المنتصر" بين المتدينين واليمين الغني، بعد فشل بوش في تنفيذ ما وعدهم به وبقائه دون جدول عمل سياسي، الامر الذي قاد جمهورا واسعا من هؤلاء للتصويت للديمقراطيين. ولكن ليس هذا فحسب، بل لقد خرجت الطبقة الوسطى عن بكرة ابيها الى صناديق الاقتراع لتقول لبوش: "نريد تغييرا سياسيا فوريا في العراق".

الفترة الزمنية الماثلة امام بوش لا تعدو السنتين، وعليه ان يصحح طريقه تجاه العراق، استجابةً للمطلب الشعبي. ضمن المطالبين ضباط في الجيش والسياسة والصحافة والجمهور العام، الا ان هذا الامر ليس سهل التحقيق. فبوش ورفاقه "المحافظون الجدد" تطلعوا من خلال غزو العراق والاطاحة بنظام صدام حسين الى فرض الهيمنة الامريكية على العالم وبسط سيطرتهم المطلقة على الشرق الاوسط. ومن غير الواضح ماذا ستكون تبعات الانسحاب على امريكا بعد ان فشل الجمهوريون في تحقيق اهدافهم في العراق، بل وحصدوا ثمنا لذلك هزيمة سياسية موجعة في عقر دارهم.



القاسم المشترك

حرصا على مصالح امريكا ومكانتها في العالم، يكتفي الديموقراطيون اليوم بالمطالبة بصياغة سياسة للخروج من العراق، وليس الخروج الفوري منه مهزومة مجروحة. وقد افسح هذا الموقف المجال امام بوش للمباشرة فورا بتشكيل اجماع سياسي جديد حول كيفية مواجهة الازمة في العراق.

في هذا الصدد عمد الرئيس الامريكي الى خطوتين: الاولى استبدال رامسفيلد بروبرت غيتس. وقد شغل غيتس في زمن ولاية بوش الاب، منصب رئيس وكالة الاستخبارات المركزية سي.آي.ايه. ويعتبر بعيدا جدا عن آراء رامسفيلد "الثورية"، ومعروف بانه انسان عملي بعيد عن الايديولوجيات. اما الخطوة الثانية فكانت تعيين لجنة تحقيق في الشأن العراقي برئاسة جيمس بيكر، الذي شغل منصب وزير للخارجية ايام بوش الاب ايضا. بعد ست سنوات من "الثورة المحافظة" ضد بوش الاب، عاد الابن الى حضن والده ورفاقه المعتدلين لانقاذ الحزب وامريكا من الورطة.

وتضع هاتان الخطوتان الاساس للعمل المشترك بين الديمقراطيين الذين سيطروا على الاغلبية في مجلس النواب والشيوخ وبين الرئاسة الجمهورية. الهدف هو صياغة سياسة جديدة تضمن الخروج من العراق بأقل ضرر ممكن. فما يخشاه الامريكان هو تكرار تجربة فيتنام التي سببت ضررا فادحا لمكانة امريكا كقوة عظمى عالمية.

ان الانسحاب من العراق دون احراز "نصر" سيقوّي خصوم امريكا في العالم، وهؤلاء كثر عددهم منذ شن الحرب عام 2003. وليس الاسلام المتطرف وحده الذي يهدد امريكا اليوم، بل لقد باتت مصالحها الحيوية في امريكا اللاتينة، شرق اوروبا وشرق آسيا كلها مهددة. علامة في اتجاه تضعضع مكانة امريكا في العالم كانت مع صدور نتائج الانتخابات الرئيسية في نيكاراغوا التي فاز بها خصم امريكا اللدود دانيئل اورتيغا.

خسارة حزب بوش في الانتخابات الامريكية تأتي استكمالا للمصير الذي آل اليه كل من شارك في الائتلاف الحربي المغامر ضد العراق. وكان اول من دفع الثمن الرئيس الاسباني خوسيه ماريا اثنار، تبعه سيلفيو برلوسكوني الذي خسر الحكم في ايطاليا، ولم ينجُ صديق بوش الحميم طوني بلير من العقاب على نفس الخلفية، حتى اضطر للاعلان عن استقالته من رئاسة حزبه حتى شهر ايار القادم.

ومع كل ذلك يصعب ان نتوقع تغييرا جذريا في السياسة الامريكية. السبب الاساسي هو غياب بديل سياسي حقيقي للنظام الذي يدير شؤون امريكا ويخدم مصالح الشركات الضخمة التي تسيطر على السياسة سيطرة محكمة.

كل من يعول على فوز الحزب الديموقراطي بانه سيقود لتغييرات نوعية، عليه ان يهدئ روعه. فالحزب الذي فاز بالاغلبية بسبب فشل الحرب في العراق، يشاطر الحزب الجمهوري المسؤولية عما يحدث في العراق. فهذه الحرب التي لم تحظ بموافقة الامم المتحدة، ما كانت لتعلَن لولا قرار الكونغرس الامريكي دعمها بموافقة شبه كاملة، بفضل الديمقراطيين الذين فقدوا الجرأة السياسية لمواجهة المحافظين الجدد، الامر الذي كلّفهم تراجعا في مصداقيتهم وخسارة مرشحهم كيري في انتخابات الرئاسة. في الايام الاولى من الحرب تجند الشعب الامريكي وراء بوش مصدّقا اكاذيبه رغم استنكار العالم، لذا لا يمكن تبرئته من المسؤولية عما تقترفه حكومته من جرائم ومعاناة ليس في العراق فقط بل في العالم برمته.

في المؤتمر الصحفي الذي اعترف فيه بهزيمته، أوضح بوش انه رغم الخلافات الايديولوجية فان هناك قاعدة مشتركة واسعة جدا تجمع الجمهوريين والديموقراطيين، وهي الحفاظ على مكانة امريكا في العالم وهيمنة رأسمالها على الاقتصاد العالمي. ان دور الديموقراطيين ينحصر في انقاذ رأس المال الامريكي وليس الاطاحة به، ومن هنا ستكون سياستها الهروب من المسؤولية تجاه العراق وتجاه شعوب المنطقة. لقد دمرت امريكا العراق ودفعته الى الهاوية، وبدل التفكير في حل العقدة الدموية التي خلقتها هناك، تبحث عن سبل الخروج دون اذى، ولكن هيهات.

ان العالم الذي حكمه بوش اصبح اكثر خطورة واكثر فقرا واتساعا في الفجوات بين الاغنياء والفقراء. الكثير من الدول، وتحديدا في الشرق الاوسط بدءا بالعراق مرورا بفلسطين، لبنان وشمال افريقيا، كلها تمر بحالة من التمزق السياسي الشامل على اساس طائفي او بين تيارات فكرية وسياسية.

نتائج الانتخابات الامريكية كشفت ان امريكا تعيش في مأزق حقيقي، وكذلك العالم برمته. ولكن للأسف ليس هناك برنامج ولا استعداد لاحداث تغيير جذري. لقد بدأت الازمة في عهد الرئيس الديموقراطي، بيل كلينتون، وجاءت سياسة المحافظين الجدد وبوش كرد فعل وانقلاب متطرف عليها. فماذا يمكننا ان نتوقع من العودة الى نفس السياسة التي جلبت بوش وأمثاله؟ لا شيء سوى استفحال الازمة حتى يعي الشعب الامريكي ومعه شعوب الدول المتطورة ان عليها إحداث نظام سياسي جديد على انقاض النظام الحالي الذي بات يلتقط انفاسه الاخيرة.



#يعقوب_بن_افرات (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انقلاب سياسي محتمل في امريكا
- حرب بوش الخاسرة
- حرب جديدة لماذا؟
- فتح - حماس: صراع على السلطة
- عنوان سياسي للعمال
- حزب دعم العمالي - لماذا الآن؟
- شارون يورّث حكمه لاولمارت
- كاديما: اجماع اسرائيلي جديد
- باريس تشتعل مرة اخرى
- حرب اهلية فلسطينية على الابواب
- كاترينا تعصف بشعبية بوش
- نشوء وسقوط الامبراطورية الرأسمالية
- شارون يرسم الحدود وحده
- شرق اوسط جديد؟
- امريكا:مجتمع المُلكية ينقلب على دولة الرفاه
- هبوط الدولار يهز العالم
- الانتخابات الامريكية الدين يلعب لصالح بوش
- بين الواقع وعدم الواقعية
- عرفات ودحلان لا يلتزمان حتى النهاية
- الفوضى تستبدل الانتفاضة


المزيد.....




- السعودية تعدم مواطنا ويمنيين بسبب جرائم إرهابية
- الكرملين: استخدام ستورم شادو تصعيد خطر
- معلمة تعنف طفلة وتثير جدلا في مصر
- طرائف وأسئلة محرجة وغناء في تعداد العراق السكاني
- أوكرانيا تستخدم صواريخ غربية لضرب عمق روسيا، كيف سيغير ذلك ا ...
- في مذكرات ميركل ـ ترامب -مفتون- بالقادة السلطويين
- طائرة روسية خاصة تجلي مواطني روسيا وبيلاروس من بيروت إلى موس ...
- السفير الروسي في لندن: بريطانيا أصبحت متورطة بشكل مباشر في ا ...
- قصف على تدمر.. إسرائيل توسع بنك أهدافها
- لتنشيط قطاع السياحة.. الجزائر تقيم النسخة السادسة من المهرجا ...


المزيد.....

- قراءة ماركس لنمط الإنتاج الآسيوي وأشكال الملكية في الهند / زهير الخويلدي
- مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومة: طريقة لخروج الرأسمالية م ... / دلير زنكنة
- عشتار الفصول:14000 قراءات في اللغة العربية والمسيحيون العرب ... / اسحق قومي
- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - يعقوب بن افرات - زلزال سياسي يزعزع مكانة بوش