|
الأدب في دروب القومية
نبيلة الوزاني
الحوار المتمدن-العدد: 7807 - 2023 / 11 / 26 - 10:31
المحور:
الادب والفن
اﻷدب في دروب القومية متعمق الجذور أكثر مما نتصور ، إذ أشرق مع فجر العصر الجاهلي، ونجده جليا في شعر الحماسة والفخر حيث نجد الشاعر يفتخر بقبيلته وقومه - كما كان من عنترة العبسي وعمرو بن كلثوم وغيرهم - أليست تلك بذرة من بذور القومية التي نبحث عنها في حديثنا هنا ؟! مروراً بهذا نجد كم تغنى الشعراء بأيام العرب خاصة يوم "ذي قار" إذن الأدب القومي لم يظهر سفاحاً ، ولكنه أصيل الأبوين . وفي عروق ما بين الماضي السحيق والحاضر ، مروراً ببدايات الدولة الإسلامية الوليدة والتي خفتت بها جذوة ما يمكن أن نسميه القوميات الجاهلية وأصبح الدين هو المحور الوحيد الذي ترنو له الأرواح والأفئدة ولكن حَدثَ حدثٌ جلل في بدايات الدولة العباسية وهو انتشار ظاهرة الشعوبية من الأمصار غير العربية ، التي دخلت الإسلام، وبرز أدباء يمارسون نوعاً من الشغب الأدبي ومحاولة إيجاد واقع جديد يقلل من كل الثقافات والمعارف والتقاليد العربية، ورفع شأن ما كان من موروثات قضى عليها الإسلام - كما كان في كتابات بشار بن برد ، وأبي نواس، وعلان الشعوبي، وسهل بن هارون - وهنا كانت تلك الحركة بمثابة الريح التي أشعلت ما دثرهُ الرماد، وظهر الأدب القومي الذي يمجد كل ما هو عربي كما هو في شعر أبي فراس الحمداني وهكذا كان الأدب هو السلاح الذي حارب به العرب الشعوبية في هذا الوقت. ومن هنا نريد توضيح شيء، وهو أن الحاجة لرأب أيِّ صدعٍ كما تحتاج لجيوش عالية الهمة وفكر مستنير تحتاج أيضاً لبوق ومنبر إعلامي ، وكان الأدب هو هذا المنبر في عصر لم تُعرف به الصحف أو وسائل التواصل الاجتماعي. اسمحوا لي أن نشد الرحال سريعاً للعصر الحديث، ونتوقف عند حلقة مهمة من حلقات تاريخ الأمة وهي النصف الثاني من القرن العشرين وبداية الثورات العربية وبزوغ فجر التحرير وهناك مثال لا يمكن أن نهمله وهو الحقبة الناصرية التي كانت امتداداً طبيعياً لتلك القومية، ولكنها تعد الأكثر جدية حيث امتلكت أيدلوجيات عميقة الرؤى في عملية التغيير وخلق واقعٍ سياسيٍ واجتماعي جديدٍ ، وإن كان لكل فكر سلبياته فليس بيننا من يزعم أنه نبيّ ، ولكن هذا لن يكون تحت المجهر في هذا المقال ربما إن أسعدني القدر في وقت لاحق فسوف نتحاور ونتناقش فيه . المرحلة الناصرية لم تؤثر في مصر فقط ولكنها تمددت بسرعة في المنطقة العربية ككل، ولم تكن شخصية ناصر وحدها هي عصب هذا التمدد، ولكن أعلام عبد الناصر الذي كان بمثابة الذراع الطولى في بث هوية جديدة عن طريق الأدب الغنائي الذي انتشر بسرعة البرق ، يحثُّ الشعوب على الثورة والكرامة ووأد عصر العبودية وبداية الحرية ؛ فصدحت حناجر العندليب كأيقونة لتلك الثورة وجرنال عظيم الشأن، يحمل فكر شعراء أثروا في العقل الجمعي العربي أمثال صلاح جاهين والأبنودي ، ولن نتعجب عندما نقول أن قصيدة مثل: ( وطني حبيبي الوطن الأكبر) أو ( أمجاد يا عرب أمجاد) قد أثرتا في الوجدان العربي، وجعلتا من حلم الستينيات في مصر عبد الناصر حلماً في كل الأقطار العربية من المحيط للخليج وكان لليمن السعيد فصل كبير من فصول هذا الحلم مع اشتعال أول شرارة في طريق التحرر من عسف القهر ، ثم لا ننسى القضية الكبرى وهي فلسطين؛ فعقب النكبة واستيلاء الصهاينة على تلك الأرض العربية ظهر الأدب في صور عميقة الأثر نجدها في شعر درويش وأدونيس وغيرهما وكانت لأغنية (المسيح) لعبد الحليم و(زهرة المدائن) لفيروز - وهما من الأدب الغنائي وغيرها من الأغاني- الدور الكبير في إثارة الثورة في شريان وطننا العربي الكبير .. من هنا يجب أن نرى بعين الاهتمام لهذا الأدب الذي لن يندثر ، لأنه صوت الأمة وصوت من لا صوت له ، ومن لا يستطيع خوض السياسة ، كانت مشاعر صادقة انتزعت ندى الأحداق من محاجر أفئدة العرب في كل مكان وهم يشعلونها ثورة ضد الطغيان وضد كل قيد والآن نحن نرفع المشعل فيما يسمى بالأدب الإلكتروني، نهمس بنزفات النبض في أمداء الشبكة العنكبوتية ، نستصرخ الهمم ونرفض الشجب والتنديد ، وهذا العوار الذي أصاب مقلة الأمة ، ونحاول رأب صدع الربيع الذي ما يزال يكتنفه خريف يأبى الرحيل .
#نبيلة_الوزاني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كَفُّ المَعنَى
-
اِسْتْرَاتِيجِيّةُ اللُّعْبةِ
-
كَلمةٌ عن التّغيير
-
سَفَرٌ في الحُلُمِ
-
التّمرّد عند الشاعرة / الشاعر
-
أَطْفالُ السَّماءِ ...
-
وتَسْتَمِرُّ الحِكَايةُ
-
ظلٌّ عارٍ
-
سَيِّدَةُ الزَّيْتُون
-
عِندَ غَزّةَ الخَبرُ اليَقينُ
-
تَقاسيمُ طِفلٍ عَجوزْ
-
بُرجُ الشِّعرِ
-
إلى ... نَصٍّ ... ما
-
هَزّاتٌ اِرْتِدَادِيَّةٌ
-
قَتْلٌ اِرْتِدَادِيٌّ
-
ذَلِكَ الصَّوْتُ
-
خطٌّ مُستَقِيمٌ
-
طَوقٌ
-
أَخْضرُ في خَبرِ كانَ
-
أَوْقِفُوهَا
المزيد.....
-
تحذيرات من تأثير الشاشات على تطور اللغة والذكاء لدى الأطفال
...
-
الأطفال والقراءة.. مفتاح لبناء مجتمع معرفي متطور
-
هل تؤثر الشاشات على ذكاء طفلك؟.. كشف العلاقة بين وقت الشاشة
...
-
-سنجعله عظيما مرة أخرى-.. ترامب يعين نفسه رئيسا لمركز -جون ك
...
-
قناة RT العربية تعرض فيلم -الخنجر- عن الصداقة بين روسيا وسلط
...
-
مغامرة فنان أعاد إنشاء لوحات يابانية قديمة بالذكاء الاصطناعي
...
-
قتل المدينة.. ذكريات تتلاشى في ضاحية بيروت التي دمرتها إسرائ
...
-
في قطر.. -متى تتزوجين-؟
-
المنظمات الممثلة للعمال الاتحاديين في أمريكا ترفع دعوى قضائي
...
-
مشاركة عربية في مسابقة ثقافة الشارع والرياضة الشعبية في روسي
...
المزيد.....
-
أدركها النسيان
/ سناء شعلان
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
المزيد.....
|