|
بمناسبة أحداث غزة
محمد زكريا توفيق
الحوار المتمدن-العدد: 7803 - 2023 / 11 / 22 - 15:46
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
إلى كل من يهمه الأمر: هذا خطاب موجه للضمير الإنساني، إن كان هناك ضمير. فقتل الأطفال، ودفن الناس أحياء، بكل أعمارها، تحت الأنقاض، شيء مقزز وغير مقبول، ولا شيء في هذه الدنيا يعادل بكاء طفل فقد أمه، أو أب، فقد عائلته.
يا سيدي، إن كان السبب هو الدين، فليذهب الدين إلى الجحيم. وإن كان هو الرب المعبود، فتأكد أنه ليس رب، بل شيطان الرجيم.
يا عزيزي كلنا إخوة وأخوات، نعيش وحدنا كاليتامى على هذا الكوكب الفريد، الذي لا مثيل له في هذا الكون. فكلنا جنس واحد، هوموسيبيان، فقط لا غير يا أولي الألباب.
قتل الإنسان لأخيه الإنسان، هو عمل شنيع، فظيع. الأصابع المرتعشة، والنفوس المريضة، والعقول الخربة، والمعلومات الخاطئة، هي التي تضغط على الزناد، لتقتل وتهدم وتدمي وتبتر وتشوه، وتترك مرارة في الحلق وطعنة في القلب وجرحا غائرا في الضمير الإنساني، لا يندمل. فمن يفعل ذلك، كيف ينام ويغمض له جفن؟ لا أدري.
عندما وضعت أسماك الجوبي الصغيرة مع أسماك كبيرة مفترسة في بحيرة محدودة المساحة، بحيث لا تتمكن الأسماك الصغير من الهرب، كان دفاعها من أجل البقاء هو زيادة النسل، والبلوغ المبكر.
وعندم عزلت الأسماك الصغيرة عن الأسماك المفترسة الكبيرة وشعرت بالأمان لعدة سنوات قليلة، وجد أن نسلها قد قل، ومدة سن البلوغ لها قد طالت بنسب محسوسة. هذا يفسر لنا، لماذا نسبة المواليد عند الفلسطينيين تزيد بمعدلات أسرع من الإسرائيليين. السبب هو القهر.
الغزلان البطيئة تؤكل وينقرض نسلها. السريعة تنجو وتتكاثر وتستمر. الحيوانات المفترسة آكلة اللحوم، البطيئة تموت من الجوع وتنقرض. الحيوانات المفترسة السريعة، تصطاد الغزلان السريعة فتعيش لتتكاثر وتستمر.
من أين أتت سرعة الغزال وسرعة النمر؟ ما حدث هو الآتي: الغزلان زادت سرعتها جيلا بعد جيل للهرب، والحيوانات المفترسة زادت سرعتها جيلا بعد جيل للقنص، في نفس الوقت. من تخلف عن السبق في لعبة الحياة أو الموت هذه، فني غير مأسوف عليه.
هناك نوع من السحالي أحمر اللون. السحلية الواحدة بها سم يكفي لقتل عشرات الرجال الأصحاء. ما جدوى السم الزائد عن الحاجة، بينما عشر هذا السم أو أقل تكفي لحماية السحلية من الأعداء؟ السبب هو وجود ثعبان يستطيع أكل هذا النوع من السحالي دون أن يموت.
كلما أكل الثعبان هذا النوع من السحالي، كلما زادت كمية السم في الأجيال الجديدة من السحالي لمقاومة الفناء. فتقوم الأجيال الجديدة من الثعبان بزيادة مناعتها لسم السحالي، أيضا للبقاء ومحاربة الفناء. حرب من أجل البقاء. هذا يزيد السم، وذاك يزيد المقاومة.
تعالوا معي نطبق نظرية التطور على ما يحدث بالنسبة للقضية الفلسطينية. هل كانت المقاومة الفلسطينية بمثل هذه القوة والشراسة منذ البداية؟ فماذا حدث إذن؟
ما حدث هو أن إسرائيل تستخدم القوة المفرطة في كبح جماح الفلسطينيين وسرقة أراضيهم. فتأخذ المقاومة الفلسطينية مناعة، وتزيد وتتطور، وتصبح القوة في مواجهتها عديمة الفائدة.
القمع وحده، يجعل المقاومة تزداد عنفا. هذه معركة خاسرة، النصر فيها للمقاومة بدون شك. حدث هذا في كل مكان يهب فيه الشعب لكي يقاوم الظلم ويطلب الاستقلال، وهذا ما يحدث الآن في فلسطين وغزة.
ما معنى كل هذا؟ معناه أن القوة وحدها لا تستطيع القضاء على المقاومة الفلسطينية وطلب الحرية. قد نستطيع اخفاءه عن السطح، ولكن ستظل تنمو وتترعرع تحت الأرض إلى أن تحين الفرصة ثانية لكي تظهر أكثر شراسة وعنفا. القوة والعنف وحدهما، لا يستطيعان القضاء على المقاومة، وهما وصفة أكيدة للفشل والإخفاق.
إذن ماذا تفعل إسرائيل؟ وهل من الممكن إيجاد حل؟ نعم هناك حل. الحل هو إقامة دولة للفلسطينيين مثل باقي شعوب الأرض. عندها، ستختفي المقاومة، إذ لا حاجة لها. وقد تتحول إلى حزب سياسي سلمي، يعمل لما فيه خير البلاد.
بدون ذلك، لا أعتقد أنه يوجد هناك حل آخر. لقد حاولت أمريكا بمساندة دول الغرب، استخدام القوة المفرطة وحدها في فيتنام وأفغانستان والعراق، لكن النتائج كانت كارثية.
وصدقوني، إسرائيل يمكنها أن تحصل بالسلام، على أضعاف ما يمكن الحصول علية بالقوة المفرطة والتطهير العرقي والاستيلاء على الأراضي وبناء المستوطنات، باسم الدين لرضاء الرب الرحيم.
أخي في الإنسانية، هناك مكان متسع للجميع، وكرسي للحامل والعاجز، ومكان للطالب وسرير للمريض. وهناك أراض وصحاري وبحار وأنهار ومحيطات لم تستخدم بعد الاستخدام الأمثل.
فلما التكالب والتطاحن والقسوة والظلم؟ فليس هناك شعب، قد عانى من الظلم والقسوة، مثل الشعب الفلسطيني، في تاريخنا المعاصر.
عزيزي الإنسان، لا يزال لدينا أيضا، الحق والعدل والرحمة والحب. والورد والفل والزنبق والياسمين. والموسيقى والشعر والفن والأدب وعلوم الأولين.
لكن الحياة هي شيء آخر. أعلا وأغلى وأثمن من أي قيمة في الوجود. وهي الشيء الوحيد الذي لا نستطيع أن تعيده إن فقدناه. فلم لا نحافظ عليها؟
والحق والعدل، هما أعلا قيمتان نعرفهما، فلم لا نعطي للشعب الفلسطيني حقه في تكوين دولته المنشودة، لكي يعيش في سلام آمنا مثل باقي الشعوب؟
#محمد_زكريا_توفيق (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تاريخ إنجلترا – 17 تشارلز الأول وقصة إعدامه
-
فيلم زقزقة العصافير
-
تاريخ إنجلترا – 16 جيمس الأول
-
تاريخ إنجلترا – 15 إليزابيث الأولى الملكة العذراء
-
تاريخ إنجلترا – 14 إدوارد السادس، ماري الأولى
-
تاريخ إنجلترا – 13 هنري الثامن وزوجاته
-
تاريخ إنجلترا – 12 ريتشارد الثالث وهنري السابع
-
تاريخ إنجلترا – 11 إدوارد الرابع والخامس
-
تاريخ إنجلترا – 10 هنري الخامس والسادس
-
تاريخ إنجلترا – 09 ريتشارد الثاني وهنري الرابع
-
الله يخرب بيتك يا عبده، أيها الغبي
-
تاريخ إنجلترا – 08 إدوارد الثاني والثالث
-
تاريخ إنجلترا – 07 هنري الثالث
-
تاريخ إنجلترا – 06 ريتشارد قلب الأسد
-
تاريخ إنجلترا – 05 ستيفن وهنري الثاني
-
تاريخ إنجلترا – 04 ويليام روفوس وهنري الأول
-
تاريخ إنجلترا – 03 الغزو النورماندي
-
تاريخ إنجلترا – 02 غزاة الشمال
-
تاريخ إنجلترا - 01 الغزو الروماني
-
تاريخ فرنسا 33 – حرق باريس
المزيد.....
-
أعضاء يساريون في مجلس الشيوخ الأمريكي يفشلون في وقف صفقة بيع
...
-
شولتس أم بيستوريوس ـ من سيكون مرشح -الاشتراكي- للمستشارية؟
-
الأكراد يواصلون التظاهر في ألمانيا للمطالبة بالإفراج عن أوجل
...
-
العدد 580 من جريدة النهج الديمقراطي
-
الجبهة المغربية ضد قانوني الإضراب والتقاعد تُعلِن استعدادها
...
-
روسيا تعيد دفن رفات أكثر من 700 ضحية قتلوا في معسكر اعتقال ن
...
-
بيان المكتب السياسي لحزب النهج الديمقراطي العمالي
-
بلاغ صحفي حول الاجتماع الدوري للمكتب السياسي لحزب التقدم وال
...
-
لحظة القبض على مواطن ألماني متورط بتفجير محطة غاز في كالينين
...
-
الأمن الروسي يعتقل مواطنا ألمانيا قام بتفجير محطة لتوزيع الغ
...
المزيد.....
-
ثورة تشرين
/ مظاهر ريسان
-
كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي
/ الحزب الشيوعي السوداني
-
كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها
/ تاج السر عثمان
-
غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا
...
/ علي أسعد وطفة
-
يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي
/ محمد دوير
-
احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها
/ فارس كمال نظمي و مازن حاتم
-
أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة-
/ دلير زنكنة
-
ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت
...
/ سعيد العليمى
-
عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|