أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - إيرينى سمير حكيم - محطات الموت وميكانيزمات النجاة














المزيد.....

محطات الموت وميكانيزمات النجاة


إيرينى سمير حكيم
كاتبة وفنانة ومخرجة

(Ereiny Samir Hakim)


الحوار المتمدن-العدد: 7803 - 2023 / 11 / 22 - 00:53
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


تمنحنا الحياة فرص الموت .. كي نحيا!

بداية مزعجة أليس كذلك؟!
أعلم .. ولكنّي جئت هنا لأقول .. الحقيقة المزعجة المُعيِنة وحسب.

والحقيقة هي أنَّ تعلُّم الحياة .. العَيش .. لا يأتي عادةً، إلا بالمرور على محطات الموت، فقطار الحياة لا ينتهي عند الموت الأخير وحسب، بل يَعلم كل منَّا جيداً، أنَّه قد اجتاز في الموت مرات عديدة، وأنَّ الحياة أتت به إلى وديان الموت المظلمة، في أوقاتٍ كثيرة.
لكن الحقيقة في وجهها الآخر أيضاً ، هي أنَّ هذه المحطات المُميتة، غير مُهلِكة، فهي غير قاصدة لموتنا نحن، بل "إماتة المُستحِق للموت فينا"!

حقاً هذا!

مثل ضعف سخيف .. أو قوة زائفة .. مشاعر قبيحة .. أو عاطفة وهمية غير صادقة!

وغيرها من الشوائب المُعطِلة للحياة .. تلك العيوب التي تُبطئ من مسار وجودك، كحيّ حقيقي على هذه الأرض، حيّ لا يدل على وجوده الأنفاس، وتفاعلات الحواس وحسب، بل ثمار إنجازاته في الحياة، إنجازاته المتمثلة في انتصاراته الداخلية على نفسهِ، وانتصاراته الخارجية على كل المعطيات المُعيقة لتقدمه، وترك بصمته الخاصة به فيها، مرتفعاً بكل معطيات المُساعِدة إلى تحقيق أهدافه، ومبتغاه الناضج في الحياة.

وبهذا فعلى المُجرَّب بالآلام في محطات الموت البائسة، أن يتحلى بالاستسلام الايجابي لهذا الموت الصديق، الذي تتبدى عذوبته، بمعرفة حقيقته، وهي أنَّه بوتقة لإعادة صياغة الإنسان المجرَّب من جديد، لتشذيبه وصقله، لتدريبه على ميكانيزمات متنوعة للنجاة، تجعل في نفسيته وروحه مهارات للتعايش والعَيش، لم يكن يحصل عليها سوى من خلال هذا الموت العابر، المؤقت.

حينها يستعلن هذا الموت عن ذاته، ليتضح أنَّه مجرد مَعبَر لضعفك، حتى يتثنى له التحول إلى قوة، والعجز إلى قدرة واستراتجيات للخلاص، والتعامل العملي مع المآسي والاحتياجات المُعطِّلة.

وميكانيزمات النجاة هذه، واستراتجيات الخلاص تلك، لا تتكوَّن ولا تتشكَّل، إلا بالمعرفة الحقَّة لمفاهيم الحياة والموت، والاقتيات اليومي الحكيم، لسُبل المساعدة السوية المُمكنة، الداخلية منها والخارجية، التي تعمل على تحفيز النفس وتطويرها، كما إنَّها تنمو من تبعيات الإدراك الواعي، لمدى سُلطة هذه المحطات الحياتية على الإنسان، والثقة بأنَّها مُقيدة ومحدودة، مهما زادت سطوتها، أو عَلى زئير حضورها، فما وضعه الله من سِر في روح الإنسان، قادراً على أن يتغلب وأن يتكيف، مع العوائق والمعطلات، حتى أنَّه منحه القدرة على تحقيق كثير من الأمور، قد بدت له سابقاً من المستحيلات.

لذا فالموت العابر في الحياة هذا، هو أيضاً محدود ومُقيَّد، طالما وثق الإنسان بمدى القدرة التي خُلق عليها وأودِعَت في روحه من خالقه، وأنَّ لا أحد يستطيع أن يجرده من قوة هذا السر الإلهي الساكن في روحه، إلا إذا تنازل هو عنها، وطمسها تحت سلبية الشفقة على الذات، وجلدات الخوف من محطات الموت في الحياة.

إذن فالمنوط به من العابرين في هذه المحطات، أن يُفعِّلوا ميكانيزمات النجاة، التي تتاح لهم بالفعل، في فرص الموت العابرة، من تجديد للذهن، وتطوير للقدرات النفسية والجسدية، والسعي نحو أعماق الحقيقة الروحانية، وممارسة النشاطات التحفيزية والمعلوماتية، التي تُغني بالمعرفة، وتَغني عن التلذذ بسُكنى دور الضحية، والثبوت غير المسؤول في أسرَّة سكرات الموت، حتى تُخلَق فيهم انتصارات على شوائب ذاتية، ما كانوا ليدركونها، أو يتغلبوا عليها، إلا في ظلال هذا الموت الرحّال، حتى يتمكنوا من أن يعيشوا في الحياة أحياء، مدركون لقيمة المحطات الأخرى، التي تمر حيواتهم بها، يتعلمون منها ويؤثرون فيها، فيحيون حقيقيون مثمرون، أصحاء بقدر ما أتاح لهم جهادهم النفسي، أن يُنتج لهم إتزاناً ورضاً، فيحيون بسلام صامدٍ أمام أهوال المحطات المؤلمة، وإن اهتز في حين سلامهم أو ارتبك، يكون واعٍ وعلى معرفة عملية، بكيفية التعامل بميكانيزمات النجاة، التي قد تعلَّمها مسبقاً، مع كل سهامٍ معنوية ومادية، تخترق صرح صموده، فيعود يُلملم ثغراته، ويرمم حصونه، مستمراً في جهاده السامي الأنيق، حتى المحطة الأخيرة حيث الموت الشريف!



#إيرينى_سمير_حكيم (هاشتاغ)       Ereiny_Samir_Hakim#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحجارة وأولاد إبراهيم
- لا تتركوا الحياة لقَتَلة الحياة
- يا صخرة جثسيماني
- تشابهات رصد المجتمع بسجن النساء في المسلسل المصري وفيلم شيكا ...
- المعمودية هي اللقاء .. فلاقينا!
- أحزمة العفة في القرون الوسطى أحد أقنعة ختان الأنثى!
- النسخة الأثقل منك ألقِها عنك!
- في مناخٍ آخر العجز يُصبح قدرة مُجدداً!
- الآلام والضيقات!
- المواطن الذي تُشرِق لأجلهِ الشمس!
- قاتل كارمن هو قاتل نيرة!
- نيرة تحت التهديد منذ قتل خوزيه لكارمن!
- دموع مريم!
- اتجاه عالمي لتعهير مظهر المرأة!
- الشمس لا تُشرِقُ لك وتَغرُبُ لي!
- لماذا يستحق محمد صفاء عامر لقب إمبراطور الدراما الصعيدية؟!
- هَلُم أيها البحر العَنيد!
- لعبة الاختيارات
- ليس كل شَعر بقوة شمشون يا أبشالوم!
- صليب هامان!


المزيد.....




- -نموت ولا حد يقرب من أرضنا-.. الجيش المصري يعيد نشر كلمات ال ...
- العلماء يكتشفون أول دليل على قتال الإنسان مع الأسد كنوع من ا ...
- تركيا لا تستحق عضوية نادي مقاتلات -إف-35- – مجلة نيوزويك الأ ...
- بريطانيا ترفع العقوبات عن وزارتي الداخلية والدفاع وهيئات رسم ...
- رفع العقوبات البريطانية على وزارتي الداخلية والدفاع بسوريا
- تجسس روسي يستهدف منظمات ألمانية تدعم علماء شرق أوروبا
- الجيش الإسرائيلي يصدر أوامر إخلاء جديدة لمنطقتي بيت حانون وا ...
- قطاع غزة.. المجزرة تلو المجزرة
- إعلام حوثي: 12 قتيلا في غارات أميركية على صنعاء
- البطريرك الراعي يتعرض لكسر في الورك خلال إحيائه قداس الفصح


المزيد.....

- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - إيرينى سمير حكيم - محطات الموت وميكانيزمات النجاة