أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض قاسم حسن العلي - سقوط الغرب الأخلاقي















المزيد.....

سقوط الغرب الأخلاقي


رياض قاسم حسن العلي

الحوار المتمدن-العدد: 7800 - 2023 / 11 / 19 - 20:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


منذ مدة أتابع وبشغف كبير التحولات الأخلاقية في الغرب وخاصة في أوربا والتي هي المحور المركزي للفكر الغربي من ناحية الفلسفة وأنتاج الأفكار ومختلف النزعات ولكن ثمة أشياء أثارت انتباهي منها شيوع وتشجيع المثلية بل عد كل من يقف ضدها بمثابة ضد الطبيعة البشرية وكذلك أن النظرة الغربية المتعالية تجاه الشعوب الأخرى لم تتغير بل تصاعدت وتيرتها وأشياء أخرى كثيرة مما يؤدي إلى اتخاذ أحكام متناقضة إزاء قضايا متشابهة.
ويبدو أن أفكار عصر النهضة والتنوير والحداثة كانت موجهة بالدرجة الأساس إلى الفرد الأوروبي وليس لها أي طابع كوزموبوليتي وبالمناسبة هذه هي نفسها نظرة الدولة الرومانية للشعوب الأخرى ويبدو أنها لم تتغير هذه النظرة إلى اليوم.
وهذا يعني أن كل أفكار الحداثة كانت أفكار ذات طابع محلي موجهة إلى المواطن الأوربي وكانت نتيجة هذه الأفكار (الإنسانية) أن الأوربيين اتجهوا إلى احتلال واستعباد كل شعوب الأرض وسلب ثروات الشعوب وقتل كل من يقف ضدهم بل وصل الأمر إلى الإبادة الجماعية كما حدث في أمريكا الشمالية وأستراليا وأفريقيا.
ففرنسا مثلا التي قدمت نفسها كراعية للديمقراطية وحقوق الإنسان والحرية والعدالة بعد الثورة بنت كل مجدها على استغلال الشعوب الأفريقية وسرقة كل ثرواتها، وما حدث في فترة ديغول ما هو إلا سياسة قبول الأمر الواقع وليس تغييرا في السياسة الفرنسية، وليس غريبا أن أضواء باريس مضاءة بفضل يورانيوم النيجر الذي تسيطر عليه شركة أورانو الفرنسية، وربما الهيمنة الثقافية هي البارزة في الاستعمار الفرنسي من خلال فرنسة المجتمع المستعمر وهو هدف بعيد المدى الغرض منه خلق قبول نفسي للوجود الفرنسي من خلال التشبع بالثقافة واللغة الفرنسيتين وهذا ما نلاحظه بشكل جلي في أفريقيا وجزء من كندا.
والكل يعرف أن سبب تفوق الإنكليز يعود إلى سيطرتهم على الهند وربما تراجع بريطانيا بعد الحرب العالمية الثانية يعود إلى خسارتها لمستعمراتها وخاصة الهند، والإنكليز حينما يغادرون يتركون ورائهم وسائل للسيطرة منها زرع بذور الفتنة والانشقاق وكذلك رجال يدينون بالولاء للغرب وهذا واضحا في أغلب الدول التي كانت تابعة للتاج البريطاني في مرحلة الاستقلال الوطني (الشكلي) بل إن بعض الدول ما زالت تابعة لهذا التاج لحد الآن وهي الدول التي تعرف بالكومنولث، وكل دول الخليج هي الآن خاضعة للنفوذ الغربي بل إن حكامها تحت حماية الغرب ومتى ترفع هذه الحماية عنهم ترهم يسقطون كقطع الدومينو، ربما الإنكليز كانوا أكثر من غيرهم في إدخال مظاهر الحداثة في مستعمراتهم ولكن هذا محكوم بالنزعة الاستعمارية نفسها ولا يخرج منها، فهم يريدون الهيمنة الحضارية بنفس قدر الهيمنة الاقتصادية التي هي الحالة المركزية لكل تحرك استعماري.
واذا كنا يمكن فهم ان النزعات ذات الطابع الشاذ لها واقع محلي اوربي فكيف يمكن فهم ان الكثير من شعوب العالم مازالت تحت الهيمنة الانكلوسكسكونية لحد الأن بحيث يتاح لهذه الدول ان تتدخل عسكرياً في أي دولة وبذرائع شتى والغطاء القانوني لذلك التدخل هو مجلس الأمن المكون اساساً من الفائزين بحرب اندلعت في الغرب والتي مثلت أكبر سقوط اخلاقي له.
فالعالم الذي رفض تدخل روسيا في أوكرانيا هو نفسه الذي شجع أسرائيل منذ نشوئها على قمع السكان المحليين فالكيل بمكيالين هو الظاهرة الواضحة في السياسة والفكر الغربي.
ومن الأمثلة الأخرى على سقوط الغرب الأخلاقي هو الهيمنة الثقافية من خلال بث النظريات المختلفة وشكل الحكم السياسي والنظريات الأكاديمية والفلسفية وجعل الثقافة الغربية هي الأساس والمركز وماعداها مجرد هوامش تدور في فلك المتن الغربي، فغير مسموحا لأي نظرية تظهر خارج هذا المتن وحتى لو ظهرت فإنها تقمع بواسطة أدوات الهيمنة والسطوة وبالقوة غالبا، وتتجلى الهيمنة والسطوة الثقافية في الوقت الحاضر بوسائل التواصل الاجتماعي والمحكومة بضوابط ومعايير غربية بالدرجة الأولى من خلال خوارزميات تمنع الرأي الأخر، ويمكن قراءة كتاب (من يدفع للزمار) للباحثة البريطانية ف. س. سوندرز والذي بينت فيه الجانب المظلم من تاريخ أميركا الثقافي معتمدة على عدد كبير من المقابلات الشخصية، وفحص عدد كبير من الوثائق الرسمية التي أفرج عنها مؤخرا.
بل إن ما يدور في أذهان البعض حول نظرية المؤامرة يمكن فهمه بشكل واضح من عدم استعداد الغرب لرؤية أي شعب من شعوب العالم ينجح في التقدم الاقتصادي أو السياسي أو الثقافي، فعلا سبيل المثال نجد أن العراق في السبعينيات استطاع أن يحقق الكثير من المنجزات وثمة تقرير ذكر أن العراق من الناحية الاقتصادية وبفعل ما يمتلكه من ثروة بشرية ومالية كان يتقدم على الكثير من الدول الأوروبية ومنها أسبانيا واليونان في مجالات التعليم والصحة، فكيف يمكن كبح جماح هذا التقدم؟ من خلال تسليط شخص سايكوباثي ديكتاتور يقمع شعبه ويدخله في حروب وصراعات فكان ما أراده الغرب بالضبط من تحطيم البنية التحتية للعراق وكسر الشخصية العراقية وفي النهاية كان لا بد من السيطرة المباشرة وجعله أضعف دول العالم.
ومن تجليات نظرية المؤامرة هو دور الغرب في إنشاء الجماعات الإسلامية المتشددة ومساعدتها في السيطرة على عقول المواطنين وبالتالي تقديم نموذج غير صحيح للدين ومن ثم التدخل المباشر من قبل الغرب في مساعدة تلك الدول أو التدخل العسكري للقضاء على تلك الجماعات ثم خلق جماعات أخرى وهكذا.
وعلى الرغم من التفوق الاقتصادي الصيني مثلا إلا أن هذا التقدم مرهون هو الآخر بالمركزية النقدية الغربية وما حدث لشركة هواري الصينية في عهد ترامب خير دليل على ذلك، لكن هل يمكن لمنظمة بريكس أن تتحدى هيمنة أوربا والولايات المتحدة على الحركة الاقتصادية العالمية؟
فمن المعروف أن أوربا وبعد الأزمات الكثيرة التي عانت منها لم تعد نفسها أوربا القرن العشرين ومما هو واضح أن الولايات المتحدة هي السبب في تباطؤ الاقتصاد الأوربي فبريطانيا مثلا تمر هذه الأيام بأسوأ حالاتها، لذا فأنه يمكن لبريكس أن تحطم الهيمنة الغربية على المدى البعيد لكننا هنا سنكون أمام هيمنة جديدة تقودها الصين وروسيا والهند والبرازيل وجنوب أفريقيا.
يبدو اننا بحاجة ماسة الى أعادة قراءة كتاب ( تدهور الحضارة الغربية ) لشبينغلر.
-------------



#رياض_قاسم_حسن_العلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المسيري وكشف التزييف الصهيوني
- إشارات عابرة 23
- إشارات عابرة 22
- إشارات عابرة 17
- إشارات عابرة 21
- اشارات عابرة 20
- إشارات عابرة 15
- إشارات عابرة 18
- إشارات عابرة
- إشارات عابرة 14
- إشارات عابرة 13
- إشارات عابرة 12
- إشارات عابرة 11
- إشارات عابرة 10
- إشارات عابرة 9
- اشارات عابرة 8
- اشارات عابرة 7
- في المغرب العربي/ عذرا من السياب
- إشارات عابرة 6
- إشارات عابرة 5


المزيد.....




- الجزائر: بدء حملة الانتخابات الرئاسية وسط تساؤلات حول مدى ال ...
- حماس تعلق على تصريحات أسامة حمدان بوجود -صعوبات- في التواصل ...
- مديرة -بتسيلم- لـCNN: سجون إسرائيل تحولت لمعسكرات تعذيب.. وح ...
- تدربوا في معسكر سري.. قضاء جنوب إفريقيا يسحب الدعوى المرفوعة ...
- سلطات غزة الصحية: عدد قتلى الحرب الإسرائيلية يتجاوز 40 ألفا ...
- اليونسكو: طالبان حرمت 1.4 مليون فتاة أفغانية من التعليم
- 51.4% من قتلى الحرب على غزة هم أطفال ونساء.. ومفاوضات جديدة ...
- دعوات لتغليظ العقوبات ـ نشطاء المناخ يقتحمون مطارات ألمانية ...
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 1845 عسكريا أوكرانيا وتحرير ب ...
- لبنان.. قتيل و9 جرحى بغارة إسرائيلية على مرجعيون وحالات اختن ...


المزيد.....

- الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ / ليندة زهير
- لا تُعارضْ / ياسر يونس
- التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري / عبد السلام أديب
- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض قاسم حسن العلي - سقوط الغرب الأخلاقي