أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس الحسيني - الهـــام المدفعـــي بين شجون الكيتار واسلهام التـــراث















المزيد.....

الهـــام المدفعـــي بين شجون الكيتار واسلهام التـــراث


عباس الحسيني
شاعر ومترجم وكاتب معرفي

(Abbas Alhusainy)


الحوار المتمدن-العدد: 517 - 2003 / 6 / 13 - 07:08
المحور: الادب والفن
    


 
 
طالعتنا صحيفة القدس العربي في عددها  29 يناير، بتقديم من لدن الشاعر والكاتب العراقي حكمت الحاج – المقيم في تونس ، لرائد من رواد ومبدعي الموسيقي العراقية والعربية،  وهو العازف الشهير والمؤدي الشاعري ( الهام المدفعي ) .
ان اول صورة تتناولها ذاكرة المستمع او المشاهد لهذه الشخصية التي ظلمتها الإقلام الناقدة ، هو روح  التراث والأصالة، ولأن الشاعر حكمت الحاج تحدث عن الحفل الموسيقي الذي احياه الفنان الهام المدفعي على الفضائية التونسية – فان مقالته الطيبة وان ذهب الى بعض من التاريخ فيها جاءت وصفية وسريعة ، وهو ما جعلني اكتب هذه السطور التي كانت في ذاكرتي لولا السبق الجميل الذي حققه الشاعرحكمت الحاج ..
والحق ان الفنان الهام المدفعي رمز ارتبط اسمه بآلة الكيتار الغربية ، عزفا وأداء صوتيا ، غير ان ملامح الأداء التي سار الفنان الهام المدفعي عليها وطورها  خلال  سني مسيرته الفنية ، انما  تمثل عملا خلاقا ورائعا  تجسد في السعي الدؤوب الذي قام به الفنان في نقل وتوزيع معالم ومفردات موسيقى التخت الشرقي  الى آلات  (  الباند الغربي ) ، ولأنني ممن امتهن  شخصيا  العزف على آلة الكيتار ، فإن بعض الإيقاعات التي تؤدى في النمط الغربي كانت من ابداعات الفنان ذاته ، ويتناولها الموسيقييون بـإسم الهام المدفعي ، ومنها الإيقاع الذي يؤدي الفنان عليه الاغنية المقام العراقي التراثية ( يا زارع البزرنكــوش – إزرع لنــا حنـّة ) حيث يطلق على إيقاعها ( إلهامي ) ،وهو ما أغضب الفنان والملحن العراقي عباس جميل ، حين أدى معنا في جمعية الفنانين في المنصور أغنية  ( يازارع البزرنكوش ) ، حيث قال ما الذي تعنونه بـ ( إيقاع الإلهامي)  وحين استمع الملحن الكبير اليه ، وجد فيه بعض الإختلاف في الدوران الذي تؤديه الطبول الغربية مع جزئي الصنوج المصاحبة ، فأثنى عليه .
 وللأمانة التأريخية فقد أدى الهام المدفعي هذه الأغنية  وأغان تراثية أخرى مثل ( ون يا كلـب ) وأغنية ( النوم محرم على الأجفان – لما حبيبي جافاني ) وأغنية ( واعله جبـين الترف – لوكـي يمكرونـه ) و ( ما رابض ) و(جل جل عليه الرمان ) و ( آنه إمنين وإنته إمنين- حادك حادك زماني )  وكلها من الوان المقام العراقي الرائع ، وقد اضاف اليها جملة من الفنانين أغان أخرى مثل اضافة الفريق البغدادي ( ديفلز ) لأغنية ( تانيـني صحت عمي يجمـال ) من التراث الريفي المتأخر ، وهي من كلمات والحان وغناء الفنان عبد الجبار الدراجي وأغنية ( يا ناس ولفي شماله ) للمطرب الكبير ( ناصر حكيم ) وأغنية ( علليالي ليالي ليالي ) للمطرب الريفي المشهور _ ( داخل حسن ) .
 اما في تحليل إيقاع الجورجينا العراقي الخالص  ، فهو إيقاع  تنفرد بتأديته الموسيقى العراقية لوحدها ،  وكما أدت ذلك المطربة العراقية الرائدة ( عفيفة اسكندر ) اغنية – ( شدعيلك يللي إحركت كلبي ) و( يم عيون حراكة ) لزهور حسين وأغنية ( للناصرية ) و ( الليلة اسافر للهند واشوف حبيبي ) ( نوحي على العافوج يا روحي نوحي ) من المقام العراقي الأصيل ، حيث أدى الفنان الهام المدفعي أغنية ( يحمام  يحمام ) للمطرب رضا الخياط على ذات الإيقاع ، علما بان إيقاع الجورجينا الثقيل ،  إذا ما سُـــرّع الزمن فيه ( التامــبو )  فإنه سيقترب من إيقاع ( الهيـوه ) الخليجي – الأفريقي الجذر ، و حين سمع موسيقار الأجيال الملحن العربي محمد عبد الوهاب  إيقاع الجورجينا العراقي ، فقد قال  قولته الشهيرة : " ان مجمل الموسيقى العربية تدور في فلك واحد ، بإستثناء  الموسيقى العراقية ، فانها تدور في فلك خاص بها "   .
    لقد كانت اسهامات العام المدفعي في مجال توزيع الجمل اللحنية إبداعا آخرا ، يضاف الى ابداعاته في العمل في مجال التراث الموسيقى العراقي الأصيل ، حيث أصبحت آلة ( الباص كيتار ) ، بديلة لآلة ( الكونترباص) في التخت الشرقي ، ولكن بأسلوب ( الجمل المكررة – الدبــلات ) ومن الذين أبدعوا في ذلك الفنان العراقي عازف الباص كيتار الرائد ( آرميــن ) ، وهو نهج جعل الأغنية تتماهى مع النغم المهيأ والجديد من مزاوجات الحروف الموسيقية داخل ذات الإستقرار اللحني ، وهو جمال متموسق لم تألفه الأذن الشرقية من قبل ، لكنه وبمصاحبة الخلفية الموسيقية لآلة الكيبورد ( الأورغ ) للفنان ( سعد هرمز ) ، والأداء الشاعري لآلة وصوت الفنان الهام المدفعي مع الترديد الهاروموني لفرقته المؤديه والمغنية معا ، تكون النتيجة فنا أصيلا و مبدعا ، لا يتضارب وشرائط الأداء اللحني العربي ، وان احتج البعض من النقاد والموسيقيين ومن هم الملحن العراقي فاروق هلال ، على ان هذا الأداء انما  يمثل تغريبا وابتعادا عن الجذر الموسيقي الشرقي ، في تقليد الآلة الغربية لحرف وروح الآلة الشرقية ، وهو رأي يحمل الكثير من الصحة عند التذوق العالي لما يطلق عليه الملحن العراقي المعروف طالب القره غولي ( روح الأداء في الآلة والصوت المؤدي – المطرب - ) .
 
ان الهام المدفعي في توزيعاته التي اختلفت ما بين المقام العراقي كما في الأغان التي اشرنا اليهن ، أو اغاني المعاصرين له ، والمطربين العرب ، انما يمثل حالة من حالات تمثيل الأغنية الشرقية لكي يثبت انها حية ، ويمكن تؤدى على مختلف الثقافات الموسيقية ، ففي الوطن العربي ما من مستمع نهم إلا ويتغنى بـ ( مالي شغل بالسوك مريت اشوفك ) و ( فوك النخل ) و( خطار عنده الفرح نعلك صواني شموع ) .
والشيء الأهم الذي فات الشاعر حكت الحاج ان الهام المدفعي وان كان من الرواد  في مجال تأدية الأغنية غربيا ، الا انه لا يعتبر عازف الكيتار الأول في العراق وهناك عدة اسماء سبقته في هذا المجال ومنهم الفنان المعروف ( فؤاد مسعود) والفنان ( رهــرانت ) الذي وزع للمطربة العراقية المعروفة  سيتا هاكوبيان أغنيات مثل ( شـــوكي  ) و (عَـلــشواطي عيوني تِـربي ) و غيرها ، ومن الجيل الثمانيني الجديد الفنان ( هيثم كنار ) والفنان ( رعد بركات) والعازف العراقي المعجزة ( توني ) الذي يرأس معهدا في الأردن لتدريس آلة الكيتار ، وهناك العازف والمؤدي (  ديلورعيسى ) باغنيته التي اشتهرت في حينها ( خاله شيسوي وياج ؟) وتعد من التراث القديم ، وهناك من الأسماء التي جاءت بعد الهام بفترة وجيزة ، ومنها الباند الغربي ( الأجراس ) و( شيراك ) ، و غيرهم ،  غير ان المميز في عمل الهام المدفعي هو الثقافة العالية في التذوق والأداء والإبتعاد عن الخطوط التجارية والأنماط  المستهاكة ، وعمله الدؤوب في احياء معالم التراث الغنائي ، وهناك اللمسـة الشاعرية في صوته الحنين الذي يشعرك برومانسية حقيقية كما في يا ( عذولي لا تلمني، فالهوى غدار  ) و ( عسنك هله ويبه يا شط عسنك – محضي من شوف الماي ) من المقام العراقي والتي اداها مطلع السبعينيات واغنية (  يضربني طول أنا بالخيزرانه...  ) و( آنا يـسوادي ) على إيقاع الهجع الراقص – وهي من التراث الريفي و( طلعت يا محله نوره... ) للموسيقار العربي سيد درويش ( تحت الرمانه ) وغنيتها المطربة العربية المبدعة ( فيروز) ، حيث اعجبت المطربة الإيرانية الكبيرة كوكوش بأداء تحت الرمانه ، فأدتها في بغداد .
ان خط الموسيقى الغربية يحمل جذورا عميقة في العراق ، وذلك ان العراق ، وهو بلد متعدد الأعراق والإنتماءات ، يحمل الكثير من اناشيد وطقوس الأقوام التي كانت وما زالت تعيش على أرضه ، حيث أثرت تراتيل الكنائس واناشيدها في القداسات وبما جعل شريحة كبيرة من المسيح - الآثوريين والأرمن والسريان في العراق – يؤدون مقاطع في أغنيات الأعراس والتوليفات الشخصية ذات طابع كنائسي ابرالي رائع ، والأروع من ذلك ان النغم المؤدى يحمل طابعا شرقيا اخاذا كما في صوت المطرب ( جنان ساوى ) و ( سركون هرمز ) و( خبات ) و ( ديلورعيسى ) وغيرهم .
لقد عمل الفنان الهام المدفعي ، على مزج التراث بآلة الشجن الحديثة – الكيتار- وهو أمر يعد تطويرا وابداعا ، حيث الشمولية ( بسبب من سعة انتشار هذه الآلة وبساطتها وشاعريتها ) في الاستماع الى الأغاني التي يعاد احياءها وبروح جديدة محدثة ، لا تقترب إلا من روح ونسق الإبداع عند الإثنين ( هم المستمع)  و( وله المؤدي ) ، كما قام الفنان العراقي الموصلي ( سيف شاهين ) - بتقديم أغان عراقية على نمط ( البلــوز الغربي ) في أغنية ( حتى انتِ اللــي أحبه ) ومن قبل اغنية ( ما ريدك ما ريدك ) .
تحية خالصة الى الفنان المبدع الهام المدفعي ،  والى مزيد من الإبداع والأستلهام الشعري الذي نوه اليه كاتب المقال في قصيدة ( الجراح ) – ( الصباح الجديد ) للشاعر التونسي الرائع  ابو القاسم الشابي ، وهو عمل اداه الفنان الهام المدفعي في مطلع السبعينيات ، ثم اعاد تسجيله بأسلوب حديث ، ولألهام المدفعي اغنية اخرى من قصائد الشاعر الراحل عبد الوهاب البياتي ، وقصائد أخر تضمنتها حفلاته الخاصة .
تحية من القلب الى واحد من اعمدة الهم الموسيقي العراقي والعربي ، شاخت الآلة يديه ، وهو ملتزم ومبدع لا يشيخ ،
حيث عمل على اللحن والعزف والتوزيع والأداء معا ، مع الوفاء الرائع لأحياء جذور التراث من المقام والأغنية الريفية والمتداولة ، تحية الى الهام المدفعي .
 



#عباس_الحسيني (هاشتاغ)       Abbas_Alhusainy#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- باول ملدون- جائزة البوليتزر في الشعر الإنسان في شعري : ثروة ...
- فاضـل العزاوي مغبـّة الوصول الى النهــر
- مالذي جــرى يـــا عبد الأمير جرس
- احنّ اليـــك
- انهم يقتلون قمـــر الثــوار
- سيناريو العقاب المؤجل
- الفاتحون محررون
- الى دجلة والشهداء مع التحية...
- يـَــأتي ، وقَـَــدْ تـَـوّجـَـتـْـهُ الجـِـهـاتْ
- لـــــك المجد
- الإستنماء تأريخ إكتشاف لذة
- أكذب دماء المسرح
- انــوه لعزلـي ؟؟
- العولمــــة في خطــاب الحاضـــر الثقـافــــي
- عراق لنا ، عـــراق هناك
- الى فهد الأرض - الى فقيد الحزب الشيوعي الباسل ، وكل رفاق الح ...
- زفـــــرة البراق الأخـــير
- نشيد الذبول
- احنّ اليـــك
- ثمة فراســـخ عن الغد


المزيد.....




- بعد دفن 3000 رأس ماشية في المجر... تحلل جثث الحيوانات النافق ...
- انتقادات تطال مقترح رفع شرط اللغة لطلاب معاهد إعداد المعلمين ...
- -روحي راحت منّي-.. أخت الممثلة الراحلة إيناس النجار تعبّر عن ...
- -عرافة هافانا- مجموعة قصصية ترسم خرائط الوجع والأمل
- الفنانة ثراء ديوب تتحدث عن تجربتها في -زهرة عمري-
- إلتون جون يعترف بفشل مسرحيته الموسيقية -Tammy Faye- في برودو ...
- معجم الدوحة التاريخي ثروة لغوية وفكرية وريادة على مستوى العر ...
- بين موهبة الرسامين و-نهب الكتب-.. هل يهدد الذكاء الاصطناعي ج ...
- بعد انتهاء تصوير -7Dogs-.. تركي آل الشيخ يعلن عن أفلام سعودي ...
- برائعة شعرية.. محمد بن راشد يهنئ أمير قطر بفوز «هوت شو» بكأس ...


المزيد.....

- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس الحسيني - الهـــام المدفعـــي بين شجون الكيتار واسلهام التـــراث