عزالدين مبارك
الحوار المتمدن-العدد: 7798 - 2023 / 11 / 17 - 15:48
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
المجموعات البشرية بالضرورة لها تاريخ لا يمكن التخلي عنه والعيش بلا ماضي. فكيف للإنسان أن يعيش بلا ذاكرة وبلا هوية تشده للأرض والجماعة. فالهروب للتاريخ ردة فعل طبيعية لمواجهة المخاطر الوجودية, فالتاريخ جزء من هوية الإنسان فهل يمكنه أن يتخلى عن وجهه ويبقى بلا ملامح فمن سيتعرف عليه. مشكل التارخ هو أن نقدسه ونبقى سجناء الماضي ولا نتطور ولا نتفاعل مع الحاضر لنتقدم ونبني كيانا مستحقا لذواتنا ومستقبلا أرقى وأحسن.فعبادة التاريخ وتقديسه هي المشكل الأساسي لتخلفنا الحضاري وليس دراسته ونقده لأخذ العبرة منه. فالمشكلة ليس في التاريخ في حد ذاته بل في من يقرأه ويدرسه ويجعله دينا مقدسا ويبقى يتغنى به ولا ينظر في أحواله ومشاكله الحالية ورهاناته المستحدثة والمعاصرة. فنحن من نتحمل المسؤولية كذوات عاقلة وليس التاريخ كأحداث فالمتخلفون وحدهم يذهبون للتاريخ للإجابة عما يطرح أمامهم من استحقاقات وجودية حالية فلا يجدون جوابا مقنعا يتماشى مع الحداثة والمعاصرة فهل يمكن استعمال السيف والترس والخيل أمام الدبابة والصاروخ والمدفع ؟ ولهذا فعلينا التحول من عبادة التاريخ وتقديسه ومحاولة إحيائه بعد موته وانتهاء مدة صلوحيته إلى صنع التاريخ بأنفسنا وذلك بالدخول لعصر العلم وتأسيس المجتمع العلمي وبناء القوة حتى لا نبقى عبيدا في عالم لا يرحم الضعفاء ولا يقدرهم وفي زمن لم تعد للخرافات والأساطير معنى ولم يعد الدعاء لتحريك القدر الغيبي فائدة تذكر.
#عزالدين_مبارك (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟