خطط برنارد لويس و الصهاينة والغرب لتقسيم الشرق الأوسط وباكستان. كيفية مواجهة هذه الخطط المعادية للمسلمين؟ ترجمة محمد عبد الكريم يوسف

محمد عبد الكريم يوسف
مدرب ومترجم وباحث
(Mohammad Abdul-karem Yousef)

الحوار المتمدن-العدد: 7798 - 2023 / 11 / 17 - 07:29
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

خطط برنارد لويس و الصهاينة والغرب لتقسيم الشرق الأوسط وباكستان. كيفية مواجهة هذه الخطط المعادية للمسلمين؟
ترجمة محمد عبد الكريم يوسف

إن الاضطرابات الحالية في العالم الإسلامي والتي تؤثر على السلام العالمي تشكل مصدر قلق خاص لباكستان باعتبارها دولة متأثرة بشدة. لقد فقدت باكستان أكثر من سبعين ألف شخص في الهجمات الإرهابية بينما تقدر التكلفة الاقتصادية بأكثر من 100 مليار دولار. لقد قصم الجيش الباكستاني ظهر إرهابيي طالبان أولا عن طريق طردهم من سوات وتحييدهم بسهولة في شمال وزيرستان، في حين أن تحالف العديد من الدول بقيادة الولايات المتحدة يقاتلهم في أفغانستان والشرق الأوسط. لقد أدى الغزو الأمريكي للعراق وأفغانستان إلى زعزعة استقرار المنطقة
لقد تم تمزيق العراق وسوريا، في حين أن تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) الذي ظهر كلاعب ليس "إسلاميا" ولا "دولة" غير معترف به من قبل أي بلد في العالم. لقد صدم الظهور المفاجئ لتنظيم داعش العالم. هناك أسئلة كثيرة تحتاج إلى إجابة، مثلا:
 من قام بتمويل تنظيم داعش الإرهابي؟
 من قام بتزويد الأسلحة؟
 من هو المستفيد النهائي من بلقنة الشرق الأوسط؟
 من المستفيد من زعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط وأفغانستان وباكستان؟
 الولايات المتحدة الأمريكية هي التي أنشأت تنظيم القاعدة وتنظيم داعش الإرهابي .....[….]

والحقيقة هي أن إسرائيل برزت كقوة مهيمنة في الشرق الأوسط. لقد ساعد التهديد الذي تفرضه إيران إسرائيل على تعزيز قاعدة قوتها، لتصبح حامية للأنظمة العربية ضد الهيمنة الإيرانية المزعومة. وهكذا قبلت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وعمان وغيرها بالهيمنة الإسرائيلية في الشرق الأوسط [قد نحب أو لا نحب]. ومن الممكن مواجهة ذلك إذا غيرت إيران طموحاتها في مجال القوة، وقامت بمشاريع عسكرية في الخارج، ولجأت إلى الحوار مع القوى الإسلامية الإقليمية. يتعين على المملكة العربية السعودية وحلفائها أيضا إعطاء مساحة لإيران، بما يتوافق مع وضعها، ويجب عليهم معالجة المخاوف الإيرانية الحقيقية بشأن السكان الشيعة العرب. يمكن لباكستان أن تلعب دور الوسيط بين الدول الإسلامية الشقيقة من أجل السلام والاستقرار.

لقد توصل العديد من علماء السياسة والمحللين والمفكرين والمثقفين إلى العديد من الإجابات المحتملة. ولكن لسبر أغوار الموضوع من زاوية أخرى، دعونا نعود بالزمن إلى الوراء، قبل 22 عاما ورقة بحثية بعنوان؛ تم نشر "خطة برنارد لويس الجديدة ستقسم الشرق الأوسط". من المثير للدهشة أن جذور الاضطرابات الحالية في العالم الإسلامي يمكن إرجاعها بسهولة. يبدو أن الأحداث التي اقترحها برنارد لويس قبل 22 عامًا يتم تنفيذها بشكل منهجي مع بعض الاختلافات. تصميم إمبريالي للسيطرة على العالم من خلال المؤامرات والعمليات والحروب السرية والعلنية.
برنارد لويس:
=======
برنارد لويس، ( إف بي أ 31 أيار 1916 - 19 أيار 2018) كان مؤرخا بريطانيا أمريكيا متخصصا في الدراسات الشرقية. كان معروفا أيضا بأنه معلق فكري وسياسي عام. كان لويس أستاذا فخريا لدراسات الشرق الأدنى في جامعة كليفلاند إي دودج في جامعة برينستون. وكانت خبرة لويس في تاريخ الإسلام والتفاعل بين الإسلام والغرب. كما اشتهر في الأوساط الأكاديمية بأعماله عن تاريخ الإمبراطورية العثمانية.
خدم لويس كجندي في الجيش البريطاني في سلاح المدرعات الملكي وفيلق المخابرات خلال الحرب العالمية الثانية قبل إعارته إلى وزارة الخارجية. بعد الحرب، عاد إلى كلية الدراسات الشرقية والأفريقية بجامعة لندن وعُين رئيسا جديدا لقسم تاريخ الشرق الأدنى والأوسط.
في عامي 2007 و1999، على التوالي، أُطلق على لويس لقب "المترجم الغربي الرائد للشرق الأوسط" و"المؤرخ الأكثر تأثيرا للإسلام والشرق الأوسط في فترة ما بعد الحرب". وكثيراً ما طلب صناع السياسات من المحافظين الجدد نصيحته، بما في ذلك إدارة بوش. ومع ذلك، فإن دعمه لحرب العراق ومُثُل المحافظين الجدد أصبح منذ ذلك الحين تحت المجهر.
كان لويس معروفا أيضا بمناظراته العامة مع إدوارد سعيد، الذي اتهم لويس وغيره من المستشرقين بتحريف الإسلام وخدمة أغراض الهيمنة الإمبريالية، والتي رد عليها لويس بالدفاع عن الاستشراق باعتباره وجها من وجوه الإنسانية واتهام سعيد بتسييس الموضوع. جادل لويس بأن الوفيات في الإبادة الجماعية للأرمن نتجت عن صراع بين حركتين قوميتين وأنه لا يوجد دليل على نية الحكومة العثمانية لإبادة الأمة الأرمنية. دفعت هذه الآراء عددًا من العلماء إلى اتهام لويس بإنكار الإبادة الجماعية وأسفرت عن دعوى مدنية ناجحة ضده في محكمة فرنسية.
في عام 1980، تم التحذير من أن الاستراتيجية التي كانت وراء "قوس الأزمة" الذي وضعه مستشار الأمن القومي الأميركي آنذاك زبيغنيو بريجنسكي كانت عبارة عن خطة بريطانية لتدمير الدولة القومية. مثل أي خطة استراتيجية، هناك اختلافات وتعديلات حسب التطور على الأرض. إلا أن الأهداف تظل كما هي. المخطط هنا :-

1.
الجزائر: الحرب الأهلية الأنجلو-فرنسية، التي تضع الحركة الإسلامية ضد الحكومة، تهدد بالانتشار إلى تونس والمغرب.
2.
مصر: شروط صندوق النقد الدولي تغذي احتمالات نشوب صراع أهلي بين المسلمين والأقباط والحرب مع السودان.
3.
مصر-السودان: خطط لإنشاء "ناميبيا" المسيحية القبطية المصطنعة، والتي تم اقتطاعها من المنطقة الحدودية، تهدف إلى إثارة الحرب بين مصر والسودان.
4.
جنوب السودان: يحاول الجيش الشعبي لتحرير السودان المدعوم من بريطانيا تحويل المنطقة إلى منطقة
دولة منفصلة.
5.
إثيوبيا: مع موافقة دستور جديد على أي انفصالات مرغوبة، من المقرر أن يتم تقسيم إثيوبيا على أسس قبلية وعرقية، كما حدث بالفعل مع إنشاء إريتريا.
6.
الصومال: الانقسام إلى العديد من العشائر والمناطق المتحاربة، مع انتشار الحروب العشائرية إلى المناطق العرقية ذات الأغلبية الصومالية في شرق إثيوبيا وشمال كينيا.
7.
كينيا: الجهود البريطانية للإطاحة بالرئيس دانيال وتدمير ائتلافه الحاكم غير القبلي، تهدف إلى إثارة حروب قبلية بين قبيلتي لو وكيكويو.
8.
رواندا - بوروندي: تم تصميم مذابح التوتسي المدعومة من قبل أوغندا ضد الهوتو في كلتا الولايتين لجعل كلتا الدولتين تابعتين لأوغندا الكبرى.
9.
إسرائيل-فلسطين: التخريب البريطاني والبنك الدولي للاقتصاد يهدف إلى إثارة حرب أهلية بين حماس ومنظمة التحرير الفلسطينية من شأنها أن تدمر الاتفاق بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية، وتهيئة الظروف لحرب عربية إسرائيلية جديدة.
10.
المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة: العائلات المالكة والشيوخ التي تديرها بريطانيا والتي فقدت مصداقيتها سياسيا على وشك التخلص منها، واستبدالها بالشبكات التي يديرها ولي العهد الأمير عبد الله.
11.
اليمن: استمرار الجهود لتجديد الحرب الأهلية وامتدادها إلى السعودية.
12.
سوريا الكبرى؛ دمج لبنان، تم توحيده إلى حد كبير؛ ولا تزال الحرب الإسرائيلية السورية على جدول الأعمال.
13:
وقد تم تفجير المنطقة الكردية الممتدة بين العراق وتركيا وإيران من قبل البريطانيين، مما أدى إلى نشوب حرب تركية إيرانية محتملة.
14.
تركيا: الصراع العرقي والطائفي والسياسي يهدف إلى خلق "جزائر" جديدة، وتدمير آخر اقتصاد حديث في المنطقة.
15.
البلقان: الغزو الصربي للبوسنة والمخططات بشأن كوسوفا قد تؤدي إلى صراع مع ألبانيا وتركيا؛ اليونان سوف تتحالف مع صربيا.
16.
وقد تؤدي مطالبة أذربيجان بإعادة توحيدها مع أذربيجان الإيرانية، التي انفصلت عنها في أوائل القرن التاسع عشر، إلى إشعال حرب تركية إيرانية.
17.
أرمينيا وأذربيجان: استمرار الحرب على ناجورنو كاراباخ يخلق الظروف الملائمة لصراع واسع النطاق في القوقاز، مما يجذب روسيا وتركيا.
18.
الشيشان: أدى الغزو الروسي وتدمير المنطقة العرقية إلى إطلاق حرب عصابات ذات مدة غير محددة.
19.
ويتعرض العراق لمحاولات متواصلة لتقسيمه إلى منطقة كردية شمالية، ومنطقة شيعية جنوبية، ومنطقة وسط بغداد.
20.
غرب إيران: هناك خطط جارية لتوحيد المنطقة العرقية التركمانية في شمال غرب إيران مع تركمانستان المجاورة.
21.
أفغانستان: ستؤدي الحرب الأهلية إلى تقسيم البلاد إلى ثلاثة أجزاء: كيان طاجيكي في الشمال، وكيان أوزبكي مركزي، وكيان بوشتوني في الجنوب، ليضم جزءا من باكستان.
22.
طاجيكستان: الحرب الأهلية التي تلاعبت بها روسيا قد تساعد الجهود البريطانية المنفصلة لتنظيم الصراع الإقليمي بين الطاجيك الإيرانيين والأوزبك الأتراك.
23.
الصين: المقصود من الدعم التركي للانفصالية العرقية التركية في مقاطعة شينجيانغ هو مساعدة الجهود البريطانية لفصل التبت المجاورة (غير الصينية عرقيا)، وتفتيت الصين عموما.
24.
باكستان: أعمال الشغب في كراتشي تهدف إلى تقسيم منطقة السند؛ ومن المقرر تقسيم باكستان إلى ولاية بلوشية جنوبية تضم أيضاً جزءا من إيران المجاورة، ودولة بنجابية، وإعادة توحيد منطقة البشتون في بوشتونستان جديدة مقتطعة من أفغانستان.
25.
كشمير: تتفاقم المطالبات الهندية الباكستانية المتضاربة منذ فترة طويلة بشأن كشمير بسبب حركة استقلال كشمير المدعومة من بريطانيا، وتغذي الخطط لتعزيز حرب نووية هندية باكستانية.
26.
سريلانكا: جدد نمور التاميل، الذين حصلوا على صواريخ من نوع ستينغر من خلال علاقات المخدرات الدولية، الحرب من جديد من أجل انفصال شمال سريلانكا. (تم حل النزاع).


خطة برنارد لويس:
===========

كانت "خطة برنارد لويس"، كما أصبحت تُعرف، تهدف إلى تقسيم كافة دول المنطقة، من الشرق الأوسط إلى الهند، على أسس عرقية وطائفية ولغوية. كانت هذه هي خطة اللعبة الإستراتيجية وراء إطاحة الولايات المتحدة بشاه إيران عام 1979 واستبداله بآية الله الخميني، واغتيال رئيسة الوزراء الهندية أنديرا غاندي في 31 تشرين أول 1984.

وفي عام 1974، تم انتداب لويس إلى جامعة برينستون، حيث أصبح مستشارا لمؤسسة السياسة الخارجية الأمريكية. وقد باع لويس خطته لإدارة كارتر بحجة مفادها أن محاصرة الاتحاد السوفييتي بدول أصولية إسلامية من شأنها أن تؤدي إلى تفكك الطبقة الجنوبية للاتحاد السوفييتي. ومن هذا الموقع، نشر أيضًا تحديثا لأطروحته، والتي تظهر في عدد خريف 1992 من مجلة فورين أفيرز، وهي مجلة ربع سنوية لمجلس نيويورك للعلاقات الخارجية، الوكالة الشقيقة للمعهد الملكي البريطاني للشؤون الدولية (RIIA).

تم تصميم خطة لويس على غرار الأساليب الإمبراطورية للإمبراطورية الرومانية: منح الحكم الذاتي المحلي لعدد لا يحصى من الجيوب العرقية المتناحرة والعاجزة سياسيًا والتي يمكن لروما أن تمارس قوتها العسكرية عليها دون صعوبة. للجيوب الخاضعة مقود طويل، طالما يتم دفع الجزية لروما.

كان الهدف الجيوسياسي لخطة برنارد لويس هو تفكيك حدود العالم

الإمبراطورية السوفيتية أنجزت الآن. وتوقع لويس أن يخضع الشرق الأوسط بأكمله لعملية "لبننة" في إشارة إلى الحرب الأهلية التي اندلعت في لبنان عام 1975 على يد وزير الخارجية الأمريكي آنذاك هنري كيسنجر.

حرضت الحرب سكان لبنان الكاثوليك، والفلسطينيين، والمسلمين الشيعة، والمسلمين السنة، والدروز، والأرثوذكس اليونانيين ضد بعضهم البعض. ومع إمداد ثابت من الأسلحة لجميع الأطراف، أدت الحرب إلى تقسيم لبنان فعليا بين إسرائيل وسوريا.
واليوم، لم تعد دولة لبنان القومية، التي كانت تعتبر ذات يوم جوهرة الشرق الأوسط، موجودة. وكتب: "معظم دول الشرق الأوسط حديثة البناء ومصطنعة، وهي معرضة لمثل هذه العملية. وإذا تم إضعاف السلطة المركزية بالقدر الكافي، فلن يكون هناك مجتمع مدني حقيقي يحافظ على تماسك النظام السياسي، ولا يوجد إحساس حقيقي بالهوية الوطنية المشتركة أو الولاء المطلق للدولة القومية. ومن ثم تتفكك الدولة – كما حدث في لبنان – إلى فوضى التناحر والتناحر والطوائف والقبائل والمناطق والأحزاب المتقاتلة".

نهاية القومية العربية:
============
إن عملية تفكك الشرق الأوسط، التي توقعها لويس، لم يسهلها انهيار الاتحاد السوفييتي فحسب، بل ما يسميه لويس "زوال القومية العربية". يقول لويس إن الضربة القاضية للقومية العربية كانت الحرب التي قادتها الولايات المتحدة ضد العراق. ويؤكد لويس أن الحرب كانت في المقام الأول حربًا بين الدول العربية، ولم تشارك فيها الولايات المتحدة إلا "على مضض". إن اصطفاف الدول العربية ضد العراق كان بمثابة التخلي الرسمي عن حلم القومية العربية الذي طال انتظاره، أو دولة عربية موحدة أو حتى كتلة سياسية عربية متماسكة. أما في السياسة الحالية وفي المستقبل المنظور، فلم تعد [القومية العربية] تعتبر قوة سياسية. وهو ليس عاملاً في السياسة الدولية أو العربية أو حتى العربية الداخلية.

ويقول لويس إن الإشارة الإضافية إلى العجز السياسي للعالم العربي هي "النهاية، على الأقل في الوقت الحالي، لفعالية النفط كسلاح في أيدي الدول المنتجة. وهذا السلاح، الذي كان قوياً للغاية كأداة سياسية في الأزمات الماضية، كان في هذه الأزمة بالذات غير فعال على الإطلاق.

تمثل هاتان المرحلتان من التغيير في سياسة الشرق الأوسط إنجازا كبيرا للويس، الذي يُنظر إليه على أنه عميد المتخصصين في منطقة الشرق الأوسط داخل النخبة الأنجلو-أمريكية. بالنسبة له، فإن انهيار القومية العربية يزيل تهديد التنمية الصناعية والاستقلال الوطني في الشرق الأوسط. إن الافتراض غير المعلن لجميع تأملات لويس هو الحفاظ على الوضع الاقتصادي الراهن؛ ولن يتم تطوير الشرق الأوسط، إذا حدث ذلك، إلا في ظل ظروف تسيطر عليها قوى من خارج المنطقة.

لا يتقن لويس الكلمات عندما يتعلق الأمر بالقوة العسكرية لمثل هذه القوى الخارجية. ويعلن لويس أن "الدرس الأكثر أهمية من الحرب هو أن" الهزيمة السريعة والساحقة للقوات المسلحة العراقية ذكّرت العالم بشيء بدأ ينساه: التفوق التكنولوجي والعسكري الذي حققه الغرب الحديث على مر التاريخ. بقية العالم، والتي مكنت في الماضي حتى الدول الأوروبية الصغيرة مثل هولندا والبرتغال من غزو وحكم إمبراطوريات شاسعة في آسيا وأفريقيا.

لن يتم استخدام هذه القوة العسكرية الخارجية إلا لإحباط التهديدات التي تواجهها، كما يشير لويس، لكن القوى الغربية لن تحكم المنطقة بشكل مباشر. "بسبب بعض التشابه في اللغة والمؤسسات، هناك اعتقاد واسع النطاق في الشرق الأوسط بأن الولايات المتحدة هي الإمبراطورية البريطانية التي عادت إلى العمل مع إدارة جديدة واسم تجاري جديد وعنوان جديد. الأمر ليس كذلك. . . ."

لن يتم استخدام هذه القوة العسكرية الخارجية إلا لإحباط التهديدات التي تواجهها، كما يشير لويس، لكن القوى الغربية لن تحكم المنطقة بشكل مباشر. "بسبب بعض التشابه في اللغة والمؤسسات، هناك اعتقاد واسع النطاق في الشرق الأوسط بأن الولايات المتحدة هي الإمبراطورية البريطانية التي عادت إلى العمل مع إدارة جديدة واسم تجاري جديد وعنوان جديد. الأمر ليس كذلك. . . . ستسعى الولايات المتحدة بلا شك إلى البقاء القوة الخارجية المهيمنة في الشرق الأوسط، لكن الكلمة المستخدمة هي "الخارج". وبدلاً من ذلك، يقول لويس، الولايات المتحدة
السياسة هي أسلوب "توازن القوى" المرتبط بكيسنجر. ويقول إن السياسة الأمريكية "تتمثل في منع ظهور هيمنة إقليمية لقوة إقليمية واحدة يمكنها السيطرة على المنطقة وبالتالي فرض سيطرة احتكارية على نفط الشرق الأوسط". وهذا القلق المهيمن يفسر التقلبات الأميركية بشأن إيران والعراق.

والاستثناءات الواضحة لمثل هذه الترتيبات التكتيكية هي اعتماد الولايات المتحدة على "صمود الطبقة الشمالية"، أي تركيا؛ و"وجود قوة ديمقراطية قوية ومعتمدة على نفسها ومستقرة في المنطقة" - إسرائيل. لويس معروف في مجتمع الاستخبارات بحبه لتركيا. نشر كتابا بعنوان ظهور تركيا الحديثة. حيث ركز على الاستخدام المحتمل للاختلافات الدينية والطبقية والعرقية لوضع حد لسياسات التصنيع التي اتبعها مؤسس تركيا الحديثة، مصطفى كمال أتاتورك.

وفي حالة إسرائيل، يقول لويس، فإن الأميركيين يدركون أن الولايات المتحدة لديها "روابط أقوى، وولاءات والتزامات متبادلة أقوى وعلاقات أكثر قوة".

هناك علاقة دائمة." وبخلاف ذلك، فإن الولايات المتحدة ليس لديها ولاءات لأي دولة في المنطقة: "من الواضح أن الولايات المتحدة شعرت بالحرية في التخلي عن هؤلاء الحلفاء، إذا أصبح التحالف مزعجًا للغاية أو توقف عن كونه فعالا من حيث التكلفة - كما حدث، على سبيل المثال، في فيتنام الجنوبية، كردستان ولبنان".

إن استراتيجية لويس- كيسنجر لتوازن القوى تحظر مفهوم "مجتمع المبادئ" - تحالفات الدول القومية ذات السيادة على أساس الالتزام بالتنمية الاقتصادية المتبادلة. وفي ظل الافتقار إلى مثل هذا المجتمع المبدئي ونظرا للانهيار الاقتصادي العالمي الذي فرضته وكالات مثل صندوق النقد الدولي، فمن المتوقع أن تنفجر بلدان القطاع المتخلف في صراعات أهلية وحروب. ويوضح لويس أنه طالما أن استخراج النفط والغنائم مضمون، فلا ينبغي لأحد أن يتوقع تورط القوى "الخارجية" في مثل هذه الفوضى. يقول لويس بوضوح:

"لن يكون الغرب قلقا بعد الآن، بل سيبقى غير مبال بما يحدث، بالحروب والكوارث والاضطرابات، طالما استمر النفط في التدفق".

ولا ينبغي الاستهانة بقدرة الغرب على غض الطرف، والتي تجلت بالفعل في جوانب أخرى. في الماضي، كانت القوى الخارجية تتدخل في بعض الأحيان لمنع أو الحد من أو إيقاف الحروب العربية الإسرائيلية. ولن يكون من الحكمة للعرب والإسرائيليين على حد سواء الاعتماد على مثل هذه التدخلات في المستقبل.

وفي هذا الصدد، ينظر لويس بعين التفضيل إلى شكل معين من الحركات المتنوعة والمتنافسة في كثير من الأحيان والتي يطلق عليها بشكل مضلل "الأصولية الإسلامية". إن النسخة البريطانية التي يفضلها تعارض العلوم والتكنولوجيا الحديثة، وتتعارض مع تعاليم الإسلام التي تحرم الربا، وهي ملتزمة بإخلاص بسداد ديون صندوق النقد الدولي. وعلى هذا النحو، يرى لويس أن هذا التنوع من الأصولية هو بمثابة أداة ضاربة ضد الدولة القومية.

"إن كسوف القومية العربية،" كما يكتب، "ترك الأصولية الإسلامية باعتبارها البديل الأكثر جاذبية لجميع أولئك الذين يشعرون أنه يجب أن يكون هناك شيء أفضل وأصدق وأكثر أملاً من الطغاة غير الأكفاء لحكامهم والأيديولوجيات المفلسة التي تم فرضها". عليها من الخارج." ويشير إلى أن الحركات التخريبية البريطانية التي تعمل تحت هذا الغطاء تتمتع بميزة عملية في مجتمعات مثل الشرق الأوسط. "يمكن للديكتاتوريين أن يمنعوا الحفلات، ويمكنهم أن يمنعوا الاجتماعات، ولا يمكنهم منع العبادة العامة، ولا يمكنهم التحكم في الخطب إلا إلى حد محدود". وعلى هذا النحو فإنهم يمثلون "شبكة خارج سيطرة الدولة، فكلما زاد قمع النظام، زادت المساعدة التي يقدمها للأصوليين من خلال القضاء على المعارضة المتنافسة".

ويضيف متوسعا في الحديث عن القدرات التخريبية لهذا النوع من الأصولية التي تنطلق من بريطانيا: "في برنامج العدوان والتوسع، ستتمتع هذه الحركات، مثل أسلافها من اليعاقبة والبلاشفة، بميزة الطابور الخامس في كل بلد ومجتمع ينضمون إليه. إنهم يشتركون في عالم مشترك من الخطاب. هناك أيضًا احتمال أن يكون لديهم أسلحة نووية، إما للاستخدام الإرهابي أو العسكري العادي. ومن شأن هذه التطورات أن تؤدي إلى العملية التي يسميها "اللبننة" لـ "معظم دول الشرق الأوسط. . . وهي حديثة البناء ومصطنعة وهي عرضة لمثل هذه العملية. " و إذا تم إضعاف السلطة المركزية بالقدر الكافي، فلن يكون هناك مجتمع مدني حقيقي يحافظ على تماسك النظام السياسي، ولا يوجد إحساس حقيقي بالهوية الوطنية المشتركة أو الولاء المهيمن للدولة القومية. ثم تتفكك الدولة كما حدث في لبنان، إلى فوضى التناحر والتناحر والطوائف والقبائل والمناطق والأحزاب المتقاتلة".

مرحلة جديدة من الحروب
==============

إن نظرة إلى منطقة العالم التي يسميها لويس منطقة الشرق الأوسط تظهر أن تصريحات لويس تمثل سياسة أنجلو أمريكية نشطة. لنأخذ حالة العراق. وكان فرض منطقة "حظر الطيران" الأنجلوأميركية/الفرنسية فوق جنوب العراق سببا في التعجيل بتقسيم تلك الدولة إلى ثلاث مناطق: شمال كردي، ومنطقة وسط بغداد، وجنوب شيعي. وبسبب وجود طائفة مشتركة، وهي المذهب الشيعي، فضلا عن عوامل جغرافية وتاريخية متنوعة، فإن الدويلة الشيعية المنحوتة في جنوب العراق تميل إلى الوقوع تحت سيطرة إيران المجاورة.

هذه الحقيقة، بالإضافة إلى الطموحات الإيرانية تجاه مشيخات الخليج العربي الأخرى، سوف تميل إلى تعزيز الظروف لحرب إيرانية عربية جديدة. إن الدويلة الكردية التي تم اقتطاعها من شمال العراق سوف تميل إلى الوقوع تحت سيطرة تركيا الطموحة بشكل متزايد. وكانت السيطرة على كردستان العراق الغنية بالنفط أحد الوعود التي قدمت للمؤسسة التركية لحثها على دخول الحرب ضد العراق. لكن إنشاء كردستان مستقلة ولو اسمياً من العراق من شأنه أيضاً أن يؤدي إلى تأجيج المناطق الكردية المجاورة في إيران، وفي تركيا نفسها، حيث تدور حرب وشيكة بين الجيش التركي والأكراد. ولهذه الأسباب فإن تقسيم شمال العراق سوف يؤدي إلى إثارة حرب إيرانية تركية. أصبحت مثل هذه الحرب أكثر احتمالا لأن جمهورية أذربيجان السوفيتية السابقة المتحالفة مع تركيا تطالب بأذربيجان الإيرانية.

وفي البلقان، تجتذب الحرب في يوغوسلافيا السابقة القوى المجاورة بسرعة. فإذا غزت صربيا كوسوفو كما هو متوقع، فإن ألبانيا ثم تركيا سوف تنضمان إلى الحرب ضد صربيا، في حين ستقف اليونان إلى جانب صربيا.

وفي آسيا الوسطى، يحاول المخططون الأنجلوأميركيون تأليب طاجيكستان، وهي جمهورية إيرانية العرق، ضد أوزبكستان، وهي جمهورية تركية. ومن الممكن أن تمتد الحرب إلى أفغانستان المجاورة، التي تشهد حربا أهلية بالفعل، بل وحتى إلى تركستان الصينية المجاورة، والتي يبلغ عدد سكانها عرقياً نفس عدد سكان جمهوريات آسيا الوسطى الجديدة.

وفي حين يثيرون الحروب، فإن الأميركيين الأنجلوأميركيين يعملون جاهدين على تجميع تحالفات إقليمية لإدارة المنطقة نيابة عنهم، وأبرزها المحور السعودي الإسرائيلي والمحور التركي الإسرائيلي. وكجزء من هذه الجهود، يعمل الأنجلوأميركيون على تعزيز اتفاق سلام منفصل على طراز كامب ديفيد بين سوريا وإسرائيل.

وبموجب ترتيبات سابقة، التهمت سوريا وإسرائيل لبنان. والآن، يبدو أن الأردن قد أصبح في طريق "اللبننة".

منذ عام 1990، بدأ مخططو البنتاغون إعادة النظر في خطة قديمة للإطاحة بالأسرة الهاشمية في الأردن وإقامة "دولة فلسطينية" تدار بشكل مشترك من قبل إسرائيل وسوريا. كان اعتقال النائب الأردني ليث شبيلات بناء على أوامر أميركية سبباً في زعزعة استقرار البلاد، وخاصة في ضوء حقيقة أن شبيلات كان مرتبطا بسياسة مؤيدة للعراق. وكما حذر ليندون لاروش، فمن الممكن توقع تحرك إسرائيلي لتفجير الأماكن الإسلامية المقدسة في القدس. لقد قام متعصبون يهود بمثل هذه المحاولات من قبل، تحت الهدف المعلن المتمثل في تمهيد الطريق لبناء الهيكل الثالث لسليمان. ومن شأن أعمال الشغب التي تلت ذلك أن تمهد الطريق لحرب دينية أوسع في المنطقة.

خاتمة:
====
من الشائع تجاهل نظريات المؤامرة. ومع ذلك، إذا قام المرء بدراسة نقدية للخطط التي تم وضعها منذ عقود من قبل الباحثين أو المجموعات ذات الارتباط الوثيق مع صانعي السياسات في الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة وكانت الأحداث على الأرض تحمل تشابهًا وثيقًا، فمن الصعب رفضها بشكل صحيح. ويجب على حكومات الدول الإسلامية أن تأخذ هذه الجوانب على محمل الجد، وبدلاً من الاستثمار في تشييد المباني الشاهقة وغيرها من رموز الرفاهية، يجب عليها الاستثمار في التعليم، وإنشاء مراكز بحثية تضم مثقفين ومحللين ومفكرين حقيقيين. وعليهم أن يراجعوا باستمرار المخططات والمؤامرات الدولية، وأن يقترحوا إجراءات مضادة ملموسة من أجل بقاء الوطن وتعزيز السلام والاستقرار. لمزيد من المعلومات يمكن الرجوع للموقع التالي:

https://salaamone.com/greater-israel-plans/
https://salaamone.com/wp-content/uploads/2023/10/What-went-Wrong.pdf

النص الأصلي:
Bernard Lewis, Zionists and Western Plans to Carve up Middle East and Pakistan. How to Counter these Anti Muslim Plans?
https://salaamone.com/bernard-lewis-plan/

#محمد_عبد_الكريم_يوسف (هاشتاغ)       Mohammad_Abdul-karem_Yousef#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات