أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد المحسن - قراءة جمالية في قصيدة الشاعر التونسي الكبير د-طاهر مشي -قصيدٌ كهذي أفيهَا امتيازْ؟















المزيد.....

قراءة جمالية في قصيدة الشاعر التونسي الكبير د-طاهر مشي -قصيدٌ كهذي أفيهَا امتيازْ؟


محمد المحسن
كاتب


الحوار المتمدن-العدد: 7789 - 2023 / 11 / 8 - 10:34
المحور: الادب والفن
    


"الشعر ديوان العرب..وفلسطين قضيتهم الأولى" (الناقد)

-شعر الشاعر التونسي الكبيرد-طاهر مشي بعيدًا عن الإعلان والإعلام،وأقوى من نباح الرشاشات،وأصدق من نعيق المدافع.(الناقد)

تقديم : القضية الفلسطينية مرتبطة بتاريخنا،بإنسانيتنا،بديننا،بكرامتنا العربية،وأي شكل من أشكال التنصل منها يعني التنازل عن مكون رئيس في كل ذلك،وصرف النظر عما تشهده فلسطين من أحداث يسبب خللا في إنسانيتنا،بل يؤكد وجود تخشب وتكلس في مفاصل هذه الإنسانية.

ليس الشاعر هو من يستطيع أن يمنح شعره بُعدًا إنسانيًّا يتجاوز عبره إطار الجغرافيا ليصبح حاضرًا في التاريخ.
لدى قرَّاء الشعر في العالم سجل حافل بأسماء الشعراء الذين حملوا راية التعبير عن قضاياهم الوطنية،لكن شعرهم اتسع في نفس الوقت ليحمل سمة إنسانية أعمق،ومن ثَمَّ يمكن لقرَّاء أشعار لوركا وبول إيلوار وبريخت وبابلو نيرودا،أن يشعروا اليوم بالكثير من الامتنان لما تمنحه أشعار هؤلاء من مشاعر تفيض بالتضامن الإنساني،وتعزز من حضور القيمة الجمالية بوصفها المعيار الأهم في الحكم على جدارة النص الأدبي.
في مسيرته الإبداعية التي تعبق بعطر الشعر وأريج الكلمة سعى الشاعر التونسي الكبير-د-طاهر مشي ليأخذ شعره إلى فضاء إنساني أعمق من دائرة الالتزام الإنساني اليومي.
وتجسد قصيدته"قصيدٌ كهذي أفيهَا امتيازْ؟" التي كتبها مؤخرا هذا المسعى بوضوح فقد كتب:
قصيدٌ كهذي أفيهَا امتيازْ؟
يقولون شِعري كنَزفٍ بِغزّا
وقصْفٍ (بِقُدسٍ)بِكلِّ ابْتِزازْ
وإني كَما الطّيْفِ أغزُو البَراري
وأشدو بِنَصْري بِكُلِّ اعتزازْ
فيَغدو قصيدي بكُلِّ البيوتِ
فيجري عميقاً تعدّى المجازْ
وبات كَسَيْفٍ بِصدْرِ العدُو ِّ
يدكُّ الحُصونَ بِدونِ انْحِيازْ
فلسطينُ صوْتي إذا هبّ شِعري
وهزَّ المخاضُ لِنبضِي اهتزازْ
أريحا وعكّا جِنينُ وغزّا
وقدسي بأقصى كأرضِ الحجاز ْ
وَكلٌّ بِقلبي عزيزٌ (كتونس)
حبيبٌ إلَيّ بِعُربِ الجَوازْ
إليْكَِ أغُنّي بعَذبِ القوافي
بَيَومٍ لِنَصرٍ على الكلِّ فازْ
وكيف قصيدٌ بِكلٍّ تغَنّى
ولا يحظَى منكم بِكلِّ امتِيازْ ؟!
إذا كان من صفات الأدبي أنه ورشة لصناعة الجمالية،فإلى متى يرضى الإنساني فينا بهذه المفارقة التي تحوِّل "الجرح إلى وردة"؟
لقد عوَّدتنا الحياة على تقديم الفاعلية على الجمالية؟ لكن الأدب يقدم فاعليته من حيث هو أدب،ذو فاعلية،لا من حيث هو فاعلية.
تحرر شعر الشاعر التونسي القدير د-طاهر مشي من المعنى السياسي المباشر،وراح باتجاه صيد التفاصيل الصغيرة،عمل على صياغة مفهوم إنساني للهوية الفلسطينية،منطلقًا من قراءة الأمكنة،متقدمًا على التعريفات التي جعلت من الفلسطيني تابعًا لقضيته وحدها،أو لتوصيفات اللجوء فقط.
قدَّمت في بعض مقارباتي لهذه القامة الشعرية الشاهقة د-طاهر مشي كشاعر رومانسي،لكن بألم مضاعف.فهو مكسور بين الحب والبلاد،الحضور والاغتراب،الذاكرة والحاضر،والنسيان والتمدد في مكان متخيل.لكن نبرته على الرغم من هذه الأثقال،ظلت غنائية،عذبة تدغدغ المشاعر وتداعب الوجدان.
في حوار لي معه يقول "الطاهر": "لم أعد أعبر عن اللحظة السياسية الفلسطينية،بل عن إنسانية الفلسطيني،وانتقلت بالتالي من النمط إلى الإنسان،أي إنني أطرد من صياغتي الخطاب السياسي،وأتعمق في تراجيديا الشرط الإنساني،فقد انتقلت إلى أنسنة الموضوع الفلسطيني، وصرت أربط السؤال الوطني بالسؤال الوجودي العام.."
وعلى الرغم من قدرته المذهلة على صياغة الهم الإنساني في شكل لوحات شعرية ذات سمة جمالية راقية،فإن-الطاهر-ظل يستجيب إلى ألم عميق لا يتوقف عن حفره عميقًا،هو ألم فلسطين في جرحها الدامي،وفي صمودها المذهل،ويؤكد في عدد من قصائده على مفهوم منفتح للعروبة،لا بصفتها هوية مغلقة على نفسها،وإنما مفهوم منظور إليه عبر اللغة بصفتها أداة لهذه التعددية،لذلك ظل يتحاور في شعره مع هويات متعددة وإرث إنساني متنوع..
في هذا السياق لي رأي في التقنيات الأدبية التي يجب أن تتناول تاريخ تلك القضية التي طوّقها التغريب من كل حدب وصوب حيث أقول : أرى أنّ الصورة أسهل وأوضح في التطواف حول العالم،فالتصوير والفنون التشكيلية والموسيقى والفن السينمائي إضافة إلى وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة،هي الأسرع وصولًا كتقنيات حديثة واسعة الانتشار يستخدمها الشاعر والأديب والمبدع عمومًا لإيصال صوته وقضيته التي يتبنّاها،والحقيقة أنّ إسرائيل حاولت طمس القضية ودمج فلسطينيي الداخل وتذويبهم داخل الكيان المحتل،لكن هذه الحرب الدموية الأخيرة (حرب غزة..أرض العزة)أوضحت أنّ محاولات الكيان مجرد أوهام لن تتحقق طالما هناك مَن يطالب باسترداد أرضه وحقه.
وللشعر دور كبير في توعية الآخر بالقضية خاصة عندما يكون الشعر هادفًا وراقيًا.كما يتجلى في الأبيات التالية لشاعرنا الفذ د-طاهر مشي :
فلسطينُ صوْتي إذا هبّ شِعري
وهزَّ المخاضُ لِنبضِي اهتزازْ
أريحا وعكّا جِنينُ وغزّا
وقدسي بأقصى كأرضِ الحجاز
أؤكد أن «الشعر ديوان العرب..وفلسطين قضيتهم الأولى»
إذا كان الشعر هو ديوان العرب فإنّ فلسطين هي قضيتهم الأولى،القضية التي يجب وجوبًا حادًا وصارمًا أن تشغل الجميع بشكل يدفع بها للعلن دائما،والشاعر التونسي الكبير د-طاهر مشي بروحه المتحدة مع الكون وضميره اليقظ بالعدالة والإنسانية والمساواة لا تستطيع روحه إلا أن تتجلى فيما يكتب،ولا يستطيع تجاهل قضية عادلة وإنسانية كفلسطين،فالإنسان التونسي الحر ليس بعيدًا عن هذا الجرح النازف وعن هذا الألم الدافق وعن التاريخ الذي يرام له الدفن،وعن الوطن المُغتصَب،والشاعر هو إنسان قبل وبعد كل شيء،إنسان متجذر في الأرض كنسغ وماء يمتص لهفة الكون وأحزان الأرض ووجعها..
الشاعر قضية تمشي على قدمين وجرح يكتب نزفه،لذا لا يمكن له إلا أن يجعل (فلسطين) قضيته ولغته وشعره،يكتب عنها ولها،يكتب فيها كعاشق أضناه البعد وحبيب فُرق بينه وبين محبوبه.وشاعرنا الفذ د-طاهر مشي-يكتب بحب عن الحب،وبلهفة عن الضياع،وبحلم عن العودة،يكتب القضية شعرًا وإنسانًا "وَكلٌّ بِقلبي عزيزٌ (كتونس)/حبيبٌ إلَيّ بِعُربِ الجَوازْ/إليْكَِ أغُنّي بعَذبِ القوافي/بَيَومٍ لِنَصرٍ على الكلِّ فازْ"
فالقصيدة لا تنتهج منهجًا،ولا تستطيع توثيقًا ولا تروم تحقيقًا دقيقًا،الشاعر"الطاهر"هنا ككل شاعر في كل زمان ومكان يُلبِس القضية فتنة الحب واللغة لتكون حاضرة وخالدة..
وهكذا يصبح شعر هذا الشاعر التونسي الكبيرد-طاهر مشي بعيدًا عن الإعلان والإعلام،وأقوى من نباح الرشاشات،وأصدق من نعيق المدافع.
والشعر هو صيغة الخلود لكل شيء يمسّه،ولكل قضية يطرقها من الداخل للخارج ومن الخارج للداخل.
ختاما أقول : الشاعرالتونسي الكبير د-طاهر مشي بتحديده الإقليمي وضميره الكوني كما كل شاعر على هذه البسيطة،يبتكر دائما صورته الخاصة ليشعل قصيدته بالرؤى الجديدة،ويصبّ ملحا على جراحه الوجودية ليكتب بحبر الروح تماما متفنّنا في التقنيات التي تتناول القضية التاريخية ليجعلها حيّة نابضة،كما يجتهد ليجعلها هويّة لكل ضمير حي.
لك مني-ياشاعرنا الفذ-باقة من التحايا..وسلة ورد،فقد اتخذت من النضال الفلسطيني رمزا، ومن الأحداث رواية،ومن المقاومة عنفوانا،ومن الشهادة شعرا،ومن البكاء نشيدا.
قبعتي..يا "الطاهر"



#محمد_المحسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة متأنية في-قصة قصيرة-جدا منبجسة من ثقوب الوَجَع..-حدث ذ ...
- غزة-مدينة أسطورية-تروي لنا بطولات الأجداد وملاحم الأحفاد..وت ...
- على هامش ملحمة العزة بقطاع غزة-غزة-مدينة أسطورية-تروي لنا بط ...
- -أليس بإمكان الشاعر الآن..وهنا..تطريز المشهد الشعري بزلازل م ...
- تحايا مفعمَة بعطر الزهور..إلى مربية فاضلة
- (صلوات..في محراب العشق) قصائد الشاعر التونسي الكبير د-طاهر م ...
- جمالية الخطاب الشعري التقدمي..قصائد نخبة من الشعراء العرب (ب ...
- تَمَثُّلات الوَجَعِ في قصيدة الشاعر التونسي الكبير د-طاهر مش ...
- اطلالة سريعة على قصيدة الشاعر التونسي الكبير د-طاهر مشي -حدي ...
- إشراقات المشاعر الوطنية في قصيدة الشاعر التونسي الكبير د-طاه ...
- مواجع الحرف..وأوجاع الكلمة..في ابداعات القاصة/الشاعرة التونس ...
- قراءة متعجلة في قصيدة-أنا العاشقة-للشاعرة التونسية السامقة أ ...
- قصيدة الشاعر التونسي الكبير د-طاهر مشي الموسومة ب-لنحْمِي ال ...
- تجليات فلسطين في النص الشعري عند الشاعرة التونسية السامقة فا ...
- عندما يستدرج الشاعر التونسي القدير د. طاهر مشي الشعرَ إلى جم ...
- تجليات العشق والإنعتاق..في قصيدة الشاعرة التونسية السامقة أ- ...
- من لا يعرف الشاعر التونسي القدير جلال باباي..أقول..
- قراءة تأملية-متعجلة-في قصة قصيرة جدا للكاتب والشاعر التونسي ...
- الشاعر التونسي الكبير د-طاهر مشي..شاعر مختلف..فريد في تعاطيه ...
- حين تتجلى بوضوح لا تخطئ العين نوره وإشعاعه..الرؤيا الإبداعية ...


المزيد.....




- بريطاني يدهش روّاد مواقع التواصل بإتقانه اللغة العربية.. ماذ ...
- سنتكوم: دمرنا زورقين ومحطة تحكم أرضية ومركز قيادة للحوثيين
- نزلها الآن وشاهد اجمل أفلام كرتون القط والفار.. تردد قناة تو ...
- نصري الجوزي رائد الكتابة المسرحية في فلسطين
- كوريا الجنوبية تُطلق تأشيرة للأجانب للتدرّب على ثقافة -كي بو ...
- شغال.. رابط موقع ايجي بست 2024 Egybest فيلم ولاد رزق 3 القاض ...
- أحداث مسلسل صلاح الدين الايوبي الحلقة 29 مترجمة للعربية وال ...
- قيامة عثمان الموسم السادس.. الان عرض مسلسل قيامة عثمان الجزء ...
- السعودية تدشن مشاركتها في معرض بكين الدولي للكتاب 2024
- وثائق قضائية جديدة تكشف تفاصيل عن سلوك بالدوين قبل الحادث ال ...


المزيد.....

- خواطر الشيطان / عدنان رضوان
- إتقان الذات / عدنان رضوان
- الكتابة المسرحية للأطفال بين الواقع والتجريب أعمال السيد ... / الويزة جبابلية
- تمثلات التجريب في المسرح العربي : السيد حافظ أنموذجاً / عبدالستار عبد ثابت البيضاني
- الصراع الدرامى فى مسرح السيد حافظ التجريبى مسرحية بوابة الم ... / محمد السيد عبدالعاطي دحريجة
- سأُحاولُكِ مرَّة أُخرى/ ديوان / ريتا عودة
- أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة / ريتا عودة
- صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس ... / شاهر أحمد نصر
- حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا / السيد حافظ
- غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا ... / مروة محمد أبواليزيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد المحسن - قراءة جمالية في قصيدة الشاعر التونسي الكبير د-طاهر مشي -قصيدٌ كهذي أفيهَا امتيازْ؟