كامل الدلفي
الحوار المتمدن-العدد: 7787 - 2023 / 11 / 6 - 20:52
المحور:
الادب والفن
عاد يحلم بجلد طري، نادما لسوء المآل بعدما أبلت الفوضى نظارته... أُُوقف سنتين في خزانة الملابس، ولم يأبه للعزلة. لكنه أُُبعد من ترف الموبيليا إلى فوضى العربات ..فهو الآن حسير لسلوكه الفض ..
فقد أقدم ذات خلسة، وقاء أزراره بطرا لا لشيء سوى الجبن الذي أصابه من نوبات الكوي ..
إنه الآن في حالٍ ليس أقل قسوة من العزلة التي مر بها، فهو يواجه صياح البائع الرث الذي بلبل له ذاكرته، وانحدرت منزلته من واحد بألف الى اثنين، ثم الى عشرة بألف .. منذ شهرين يبات مكشوفا عاريا في الطرقات، بينما آلاف الزملاء من القمصان مروا، ونفقوا إلى أجساد أخرى، بينما نزلت قيمته ليرقد في الرصيف مع أكوام تصلح للمسح.. عشرات الأحذية تتقدم منه كل صباح ينزوي هاربا إلى الأطراف البعيدة هربا من الروائح المحملة فيها، إذ مرت أحذية المطاط بزرائب، وأوحال، وطرقات ترابية عفنة طويلة. صار بمنتهى السوداوية، والانعزال لولا تلك الخربشة التي حدثت بأبطه الأيمن، والصوت الأجش الذي تنسمته روحه المجدبة ذات صباح، وعرفت عن نفسها:
- أنأ فكرة ،افترش الرصيف منذ سنوات في مجلة منزوعة الغلاف.. أتعبني التناص، والتقمص، والرياء، تماما، كما أتعبك الارتداء، والغسل، والكوي.
- تشرفنا يا صديقة .. ثم أردفت :إن واقعنا يبدو أبديا فلا حاجة بنا إلى الذكريات، لكن، جماليات الأمر ليست محدودة، فلا أحد يمتلك صلاحيتنا في مراقبة العالم من أسفل.
- لولا هذه المتعة لكنت ميتا من زمان .
قالت: أنها مملكة الداخلين إلى عالم كان.
- أرجوك أنها جمهورية..
تباعدا .. تخاصما.. تشاجرا..
صار البائع يكتشف بعض عتاد يُعبئ في أكياس بضاعته .
#كامل_الدلفي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟