الفلسفة الحديثة (2): جيوردانو برونو

إلياس شتواني
باحث وشاعر

الحوار المتمدن-العدد: 7785 - 2023 / 11 / 4 - 22:58
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    

يعتبر جيوردانو برونو (1548-1600 م) بحق من أعظم فلاسفة القرن السادس عشر. ولد في نولا (Nola) بالقرب من مدينة نابولي. كان برونو من أوائل المفكرين الذين تبنوا فكر كوبرنيقوس القائل أن الشمس ثابتة و كل الكواكب في المجموعة الشمسية بما فيها الأرض تدور حولها. تم إتهامه بالهرطقة و عاش سنوات كثيرة باحثا بلا جدوى عن مكان يؤويه و يقيه شر الفقر المدقع. تم إعدامه حرقا بالشد على الخازوق عام 1600، لكنه واجه المحنة بشجاعة منقطعة النظير.

طور برونو أفكار كوبرنيقوس و إعتقد أن نفس الرؤية يمكن أن تنطبق على بقية الكون. إن كل نجم هو في حقيقة الأمر شمس، تدور حوله الكثير من الكواكب، كما تدور الأرض حول شمسنا. و من المحتمل جدا أن توجد عوالم أخرى لا تعد و لا تحصى، تسكنها موجودات حية و ذكية. يعتمد برونو على أدلة و إستنباطات إسكولائية لتقوية موقفه. من أبرز هذه الحجج أن الله لامتناه، و بما أنه هو العلة الأولة اللامتناهية لكل الموجودات، فلا مندوحة أن يخلق كونا لامتناهيا و لامحدودا.

فكل معرفتنا، في نظر برونو، هي عبارة عن إدراك حسي يرتبط حصرا بوضع الملاحظ. هذا يعني أن الحركة في أصلها نسبية و لا وجود لمقياس مطلق للأشياء، أي لا وجود لمكان و زمان و حركة مطلقة. لقد رأى برونو في هذا الصدد أن وجهة النظر الجديدة للعالم تستدعي تصورا جديدا لله. فالله هو العلة الفاعلة للعالم و مبدأه الجوهري الداخلي. هنا يعارض برونو منظور المسيحية التقليدي عن الله و الخلق، حيث يقول بأن الله علة فاعلة و هو متميز عن مخلوقاته. الله مبدأ باطني و شيء إلهى (Casa Divina)، موجود بداخلنا و قريب جدا من تجربتنا الإنسانية. فالله هو أساس الواقع و الجوهر اللامتناهي للعالم المادي و الروحي في وقت واحد.

أمن برونو بمذهب التعدد (Pluralism) الذي يفيد أن العالم ممتلئ بالعديد من المكونات و الأشياء التي لا يمكن إختزالها أو ردها إلى أي واحد منها. فالعالم يتكون من مجموعة لامتناهية من الوحدات الفردية أو "المونادات" (Monads) ذات الطبيعة المادية و الروحية في نفس الوقت. فكل شخص و شيء عبارة عن تلك الوحدة أو الموناد.

#إلياس_شتواني (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات